ثلاثة نماذج قرآنية لخداع المظاهر
اجنادين نيوز / ANN
بقلم المحامي علاء صابر الموسوي.
القرآن يرصد لنا ظواهر ثلاث هي :
1_ الظاهرة الفرعونية :
قوة .. سلطان .. جاه .. بطش .. فتك .. استضعاف .. تقتيل .. واستحياء للنساء .. بذخ بالمال والقوة. يقول تعالى عن فرعون : (فأستخلف قومه فأطاعوه ) .
خداع من لون آخر .. صاحب السلطة والجبروت يوحي أنه (الرب الأعلى ) فيصدقه الهمج الرعاع فينعقون معه ويقدمون له فروض الطاعة.
لو سرعنا حركة الفيلم لنطوي كافة اللقطات الجزئية .وأتينا إلى المشهد الختامي لرأينا كيف
يتهاوى الخداع ومكر الليل والنهار. ويتلاشى كل ذلك بابتلاع الماء له. كما ينهار تمثال رملي ضخم إثر موجه كاسحة تسويه برمل الشاطيء فلايعود له أثر.
2_الظاهرة القارونية :
أبهة .. وثراء .. وفخفخة .. وزينة .. وتفاخر .. وتكاثر .. وبريق .. وزهو .. وأستعراض . يستهوي أؤلئك المعدمين الذين يرون في ظاهر الثراء حقيقة السعادة :((فخرج على قومه في زينته. قال الذين يريدون الحياة الدنيا : ياليت لنا مثل ماأوتي قارون إنه لذة حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولايلقاها إلا الصابرون )).
هذا الاستعراض هو من جنون العظمة وهوسها .. إزاءه ينقسم الناس قسمين غير متساويين :
القسم الأعظم (الرعاع) أصحاب الأفق الضيق الذين يخدعهم المظهر ولايهمهم الجوهر.
والقسم القليل النادر. وهم أصحاب الأفق الواسع الذين لايقرأون السطور فقط. بل يقرأون مافوقها وماتحتها ومابينها .. فيغوصون إلى العمق فتختلف لديهم (النظرة ) . وبالتالي يختلف (التقييم )أيضا.
3_ الظاهرة السامرية :
لعب .. لهو .. تحايل .. صنعة يدوية. .. تلاعب بالعقول .. من خلال الخداع الحسي : السمعي والبصري .تماما كما يفعل السحرة حين يسترهبون أعين الناس ويخلبون مشاعرهم للحظات :(فكذلك ألقي السامري. فأخرج لهم عجلا جسدا له حوار. فقالوا :هذا الهكم واله موسى فنسي) .
جسد وخوار .. العين يفتنها (الجسد ) والسمع يفتنه (الصوت ) .وإذا لم تتحول الرسائل الملتقطة من المرصد البصري أو المرصد السمعي إلى الجهاز المركزي (العقل) يحصل تشويش في الرؤية .. تغيم وتضبيب .. ولذلك (واضلهم السامري ) .
المظاهر في النماذج الثلاثة سواء كانت مالية أو سلطوية أو تمويهية (فتنة ) تعطل العقل وتترك للعين وللسمع أن يفكرا بدلا منه. وليس بالعين ولا بالسمع يفكر الإنسان .. هما كالاسلاك الموصلة .. أما الكهربائية المتجسدة ضوءا أو حركة أو حرارة فمهمة المولدة الضخمة (العقل ) .
مآل تلك النماذج المظهرية الخادعة كما يلي :
(خسف ) لقارون .. ابتلاع الأرض له .. (غرق ) لفرعون .. ابتلاع البحر له .. (لامساس )أي لاتقربوا السامري لأنه شر ونجس وخبث وغدر .. ابتلاع الصحراء له.
أجهزة الإعلام اليوم ومن يقف وراءها من سلطات الحكم والمال تمارس الدور نفسه سامريا وقارونيا وفرعونيا .. يخطفون سمعك وبصرك بسحرهم …..فقط أولئك الذين يحتفظون بعقولهم حية نابضة يقظة هم الذين لايفوتهم قراءة ما وراء الضوء الملون الذي تسطع به الشاشة الفضية أو البلورية أو أي شاشة أخرى .. وما وراء السطور التي تعدو على شاشة الأنترنيت أو فوق عجلات المطابع .