بيونغيانغ تُكرِّمُ مُعلِمِيهَا وعُلمَائِهَا بمسَاكن فَخْمَة ومَجَانيَّة

اجنادين نيوز  / ANN

الأنباط

يلينا نيدوغينا

نادرًا ما نقرأ أنباء عن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه الدولة التي تقع في أقصى شرق آسيا، ما تزال تتعرض منذ استقلالها لحصارات وهجمات إعلامية وسياسية متواصلة ولا يَخبو أُوارها، برغم من أنها تعلن دومًا عن عدم تدخلها في الشؤون الداخلية لأية دولة، كونها تهتم بأوضاعها الداخلية فقط، وتطوير علاقاتها مع كل مَن يرغب بذلك من دول الدنيا. لدى كوريا صِلات وتنسيق وتفاهمات طيِّبة مع القيادتين الروسية والصينية. رئاسة الزعيم الصديق، القائد كيم جونع وون، تعمل منذ سنوات طويلة بهدوءٍ وَرَويَّة ودون توقف على برنامج غزو الفضاء، ليتحول وطنه الصغير مساحةً والكبير تقدمًا وعِلمًا وحضارةً واهتمامًا بشعبه ومصائره في مختلف الشؤون إلى قوة عُظمى، تحوز على العُلوم الأرفع، وتعمل على تطبيقها وتفعيلها في الحياة اليومية لمواطنيها وأهداف الدولة.
كتبتُ هذه المقالة عن الدولة الكورية التي زُرتها بدعوات رسمية عدة مرات، ونِلتُ من قادتها العُظَماء والأَحِباء الهدايا والأوسمة، فهي الدولة التي قاتل أقاربي للدفاع عنها وعن الصين في الحروب لتحريرها من الاستعمار والموت، ولهذا وَرِثتُ عنهم احترام كوريا والتضامن معها والتعريف بحقائقها والأن بالذات، حين عَلمتُ بما لم ينشر حتى اللحظة لا في وكالات الأنباء العربية والعالمية، ولا في أيِّ من وسائل الإعلام في الكرة الأرضية. خلاصة الخبر أن كوريا الديمقراطية مَنَحَت العُلماء ورجالات العِلم والتعليم الكوريين مَساكن حديثة وفخمة ورائعة وجميلة تليق بهم وبتخصصاتهم. والأهم هو أن هؤلاء المُبدِعين حصلوا على هذه البيوت “مجانًا تمامًا”، وبلا أي مقابل مادي من وطنهم الكوري الذي يتبادلون معه الإخلاص الشعبي بمثله، وهذه ظاهرة عميقة المعاني بلا شك في عالم اليوم، ذلك أن حدوثها في غير “كوريا زوتشيه وسونغون” مَعدومًا، ولا تَظهر في أيِّ من الأقطار والقارات غير كوريا كيم جونغ وون الإشتراكية.
إلى ذلك، نقرأ أيضًا عن حدثٍ أخر مشابه، ومُلخَصهُ يُشير إلى إنشاء شارع “وونها” الشهير في العاصمة “بيونغيانغ”، الذي تم تكريسه لهؤلاء العُلماء المُبدعين، ولهذا تم استحداثه من أجلهم ولمصلحة عُموم الباحثين في “أكاديمية الدولة للعلوم”، وبعد الانتهاء منه أُقيمت بيوت سكنية “بالتتالي” من أجل العاملين في فضاء العلوم والتعليم، ومنحت لهم مجانًا.
في كوريا اعتاد الشعب على تلقي التسهيلات المَجَانيَّة والتي مثيلاتها مُكلفة جدًا في المجال المالي في الدول الأخرى. تقديم البيوت وتجهيزها مجانًا ومنحها للمواطنين في كوريا أصبح تقليدًا يؤكد متانة التآخي في المجتمع الكوري الذي يُعاِضد بعضه بعضًا. المساكن وغيرها يتلقاها أبناء الشعب مجانًا، وهو نهج يعكس بجلاء اهتمام القيادة الكورية بمواطنيها صَغيرهم وكَبيرهم، كذلك تنعكس فيه إرادة حزب العمل الكوري الحاكم السامِيَة لتوفير أفضل الظروف الحياتية للمُعلمين والباحثِين والعُلماء الذين يُكرِّسون حياتهم للأبحاث العِلمية، وتأهيل أصحاب المواهب لإغناء البلاد وتقويتها وتطويرها.
في حَدثٍ مشابه تم بمناسبة حلول اليوم التذكاري لتأسيس حزب العمل الكوري، جرى تدشين مساكن لرجال التعليم في “جامعة كيم ايل سونغ”، وتشتمل على 44 – 36 طابقًا، وَزُوِّدَت بأرقى الخدمات الحياتية. وبعد سنة واحدة على ذلك، تم بناء عَمَائِر شاهقة ومجانيَّة لرجال التعليم العالي لـِ”جامعة كيم تشايك للصناعات الهندسية” (على شكل مركب شراعي)، على ضفة “نهر دايدونغ” الشهير، وكذلك منطقة “ويسونغ” السكنية للعُلماء في منطقة “وونزونغ” الخاصة بالعلوم. وفي نوفمبرعام 2015، تم تأسيس شارع “ميراي” للعُلماء من أجل المُعلمين والباحثين في الجامعات والمعاهد العالية في “بيونغيانغ”. وفي عام 2016، أُعلن عن بناء شارع “ريوميونغ”، ويشتمل على أكثر من 4800 شقة سكنية من ناطحات السحاب والمساكن الشاهقة وذات الطوابق المتعددة وأكثر من 40 عَمارة عامة، وإعادة بناء أكثر من 70 عمارة على رقعة أرض واسعة تبلغ مساحتها أكثر من 90 هكتارًا “فقط!”.
وأمَّا شارع “ريوميونغ” الذي تم تدشينه في أبريل عام 2017، فقد شَهد على نقلة نوعية في انتقال كثير من العُمال والشغيلة والمعلمين والباحثين في “جامعة كيم إيل سونغ” وغيرهم من المواطنين إلى مساكن جديدة. ولهذا نلمس إخلاص العُلماء ورجال التعليم في كوريا لبلادهم وبذلهم قصارى جهودهم في تخليق الأبحاث العِلمية المُتفرِّدة في أهميتها، وتعليم الشبيبة والأجيال الصاعدة ليتمتعوا بالاستقرار وليبذلوا المزيد من الجهود لخدمة وطنهم.

*إعلامية وكاتبة أردنية / روسية.

زر الذهاب إلى الأعلى