“الكوري الفرطصوتي”..!
اجنادين نيوز / ANN
الأكاديمي مروان سوداح
انشغلت وسائل الإعلام الغربيَّة والموازيِة لها في مختلف البلدان، بنشر الأخبار والتعليقات الحادة في غالبيَّة الآحايين، ومرفقة بنمطٍ عدائي للتجارب الصاروخيَّة الكوريَّة “الفرطصوتية”، التي أجرتها بيونغيانغ وعَمَّقْت؛ كما يَدَّعي البعض زورَاً؛ مشاعر يُسمّونَها عادة “رُهاب كوريا”، وهو وَصْفٌ تلفيقي ولا مُبَرَّر له البَتَّة، يُراد منه استحداث المَزيد مِن المُغَالطَات والتشويهَات بحق كوريا الاشتراكية وتحالفاتها العربية والدولية، ولكنهم لم ولن يُفْلِحوا بمغالطَاتِهم ومَكائِدهم، فقد عفَا عليها الزَّمَن وتجاوزتها الأحداث، وسنبقى في العَالم العربي نستذكر بالإجلال والتقدير شهداء كوريا العسكريين الذين سقطوا في الدفاع عن سورية ومِصر في حرب 1973، ودفنوا في مَقابر الشهداء الكوريين في ضواحي القاهرة ودمشق.
في الحقيقة، أنا لا أرَ أي مشكلة دوليَّة في التجارب الصاروخيَّة الكورِيَّة، فهي مشابهة تماماً للتجارب العسكريَّة التي تقوم بها يوميَّاً وشهريَّاً بلدان كثيرة ضمنها القوى العُظمى، بغية تطوير ترساناتها وقُدُراتِها القتاليَّة، وتأمين حدودها، وصيانة سيادتها، وهو حقٌ مشروع يتمتع به كل نظام سياسي ويتَّسِق مع بنود القانون الدولي.
الذين هاجموا كوريا أو استغربوا إجراء التجارب الكورية، لم ينبسوا ببنتِ شفة بشأن التجارب على السلاح “الفرطصوتي الأقصى” التي تُجرِيها دون توقف عواصم عالمية. ففي أكتوبر 2021م أكد تقرير نشرته خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي، أن الولايات المتحدة “ستكون قادرة على إدخال الأسلحة “الفرطصوتية” الخدمة في موعد لا يتجاوز عام 2023″. مُفردة “الخدمة” هنا لا تعني نشر هذه الأسلحة الضاربة فقط، بل وإمكانية استخدامها ضد “العدو”، أيِّ عدوٍ يجري تصنيفه على أنه يُشكّل خطراً على تلك الدول.
يُعرَّف السلاح الـ”فرطالصوتي”، على أنه صاروخ يتمتع بقوة انطلاق مذهلة، إذ تبلغ سرعته “خمسة 5 ماخ”، أي أسرع خمس مرات من سرعة الصوت “على الأقل!”، وهو ما يَعني أن بإمكانه اجتياز مِيلٍ واحِد في الثانية الواحِدة!، ويستطيع هذا النوع من الأسلحة العابرة للقارات حَمل رؤوس نووية، أو رأس حربي تقليدي، ينطلق بسرعات هائلة لتدمير الأهداف بدقة شديدة دون الحاجة لوقودٍ دافع، بل باستخدام الطاقة الحركيَّة فقط. شيء مُذهل حقاً.
الجنون الذي أصاب بعض المَجامِيع الصناعية العسكرية لدى دولٍ كُبرى، هو أن جمهورية كوريا الديمقرطية الشعبية قد “افتتحت” صفحة العام الجديد 2022م، وودعت السنة القديمة 2021م في يوم الخامس من يناير/كانون الثاني، حين بادرت أكاديمية علوم الدفاع الوطني الكورية بالإطلاق التجريبي للصاروخ “الفوقصوتي الأقصى”. كان ذلك مفاجأة غير متوقعة وصَدْمَة عنيفة لقوى الشرق والغرب غير المتصادقة مع بيونغيانغ، إذ كان هؤلاء يُعِّولون على تراجع الخبرات العسكرية الكورية بسبب الحِصار الجائر المُستمر على هذه الدولة منذ تأسيسها بعد انتهاء الحرب الكونيَّة الثانية، والذي يَمنع وصول الخبز حتى إلى بيونغيانغ، لكن كوريا كيم أيل سونغ، كانت قد بدأت فور استقلالها بتطوير طاقاتها التسليحية، واكتساب الخِبرات العلميَّة والعسكريَّة، ورَكَّزتْ جهودها على تأهيل الكوادر القتالية ورفع مستوياتها في مجالين رئيسين هما الصناعة الدفاعية وقُدرات الأفراد العسكريين، برعاية وإشراف ومساندة من اللجنة المركزيَّة لحزب العَمل الكوري وقطاع علوم الدفاع الوطني، فَمَا بالُكم بكفاءة كوريا “السونغونيَّة” اليوم وهي تتألق بتطورها التقني الأرفع، الذي لم تبلغه أيَّةُ دولة صغيرة المساحة ككوريا العظيمة والشامخة بقادتها وببُعدِ بصيرة وذكاء رئيسها الجليل الرفيق والصديق كيم جونغ وون.
تستأثر نجاحات التجارب الكورية المُتتالية في قطاع الصاروخ “الفرطصوتي الأقصى” بالأهمية الإستراتيجية. ولهذا، يتم في كوريا تسريع الأعمال لإنجاز المهمة الخاصة بتحديث القوات الإستراتيجية للدولة، وإستكمال أهم “مهمة نواتية” من المَهام الخمس الأكثر خطورة في قطاع الأسلحة الإستراتيجية لخطة السنوات الخمس التي طرحها المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري. إلى ذلك أيضاً، أثبتت أكاديمية علوم الدفاع الوطني مُجدَّداً خَصائص التحكّم بطيران الصاروخ وأمانهِ في المسافة الناشطة خلال طيرانه، وقُدُرات طاقة أداء تقنية الحَركة الجانبية التي تم إدخالها حديثاً في الرأس الحربي المنفصل القادر على الطيران الشراعي بالسرعة “الفرطصوتية / الفوقصوتية القصوى”.
انفصل الصاروخ بعد إطلاقه، وحُرِّكَ جانبياً بـ 120 كيلومترا من “زاوية السمت” للإطلاق البدائي إلى “زاوية السمت” للهدف في مسافة الطيران للرأس الحربي القادر على الطيران الشراعي بالسرعة الفوقصوتية القصوى، وأصاب الهدف المُحَدَّد له على بعد 700 كيلومتر دون وقوع إي خلل، كما تأكدت الثقة بأجهزة الوقود على نمط الأمبولة في ظروف المناخ الشتوي، من خلال الإطلاق التجريبي، وقد تجلَّت خلال الإطلاق خصائص التحكم والأمانة للرأس الحربي القادر على “الطيران الشراعي” بالسرعة الفوقصوتية القصوى، والذي يربط ما بين “طيران القفز الشراعي” على المراحل، والحركة الجانبية القوية، وهي آلية تقنية حربية متقدمة تتيح لكوريا الدفاع عن نفسها وضمان أمنها ومستقبلها، لكنه أمر ترفضه القوى التي تتأبط شراً بكوريا الاشتراكية، لكونها تدرك بعمق مهني، سرعة مديات التطور الصناعي الكوري، ونجاح بيونغيانغ ومأثرتها بتدعيم دفاعاتها الضاربة والإستراتيجية على وجه التحديد، وتخليق الجديد من أنواع الأسلحة التي يمكنها قَصْم ظهر المُعتدي بثانية واحدة أو اثنتين “على أكثر تعديل”، كما في السلاح الكوري المُسَمَّى “النبضة الكهرومغناطيسية”، الذي يَقضي على كل الشبكات الكهربائية والالكترونية، ويجعلها مشلولة تماماً.
في خواتم كل هذه النجاحات، التي سيعقبها أخرى، عَبَّرَت لجنة الحزب المركزية عن رِضاها الكبير عن نتيجة الإطلاق التجريبي للسلاح “الفرطصوتي”، وأهدت تهانيها الحارة إلى قِطَاع أبحاث علوم الدفاع الوطني المَعنِي، والتي عَرضت أمام أمم وشعوب العالم الإمكانيات الضخمة التي تختزنها كوريا كيم جونغ وون.