الكورد فی احضان الصين
اجنادين نيوز / ANN
الكاتب و الصحفي الكوردي: مشخل الكولوسي
منذ ما يقارب 10 سنوات, المحافل الدولية و مراكز الدراسات حول العالم, منشغلون بالبحث عن سؤال يدور في اروقة العالم, اصبح الأعتقاد السائد لدى الخبراء أن مستقبل العالم, وطبيعة العلاقات الأقتصادية و السياسية بين الشعوب يتوقف على نتيجة السؤال.
والسؤال بكل بساطة يقول: هل نحن نسير نحو العالم الصيني؟ أي العالم الذي يسود فيه الصين؟ أن هذا السؤال بحد ذاته, مرتبط بالكثير من الملفات العالمية الكبرى.
صعود الصين و قدراتها في هذا العصر, ليس مسألة طارئة مؤقتة, بل تغير شامل و متجذر و راديكالي بأمتياز، يأتي النموذج الصيني في الوقت الذي أصبح التكنولوجيا و الذكاء الصناعي في صراع مرير مع الأنسان, و هذان العنصران سوف يميزيان العصر الصيني!.
الذكاء الصناعي يصارع الأنسان من اسواق العمل, مرورا بالمعاني الأنسانية, وصولا الى استغناء عن الأنسان حتى في ادق امور الدفاع عن الأوطان, كالمحاولات التي تبذلها الدول لتأسيس الجيوش الألكترونية. ففي الوقت الذي نحن نكتب هذه السطور, نرى الدول المتقدمة امريكا و الصين, شرعتا في تأسيس الجيوش الألكترونية, كمرحلة اولية للأستغناء عن الأنسان في الدفاع!.
يقول الخبراء: سوف تعاد صياغة المفاهيم الأقتصادية و الأنسانية بناءا على هذه المعطيات العلمية و القفزات التكنلوجية التي كانت حتى السنوات القليلة السابقة تعتبر من وحي الخيال العلمي لا اكثر و لا اقل.
الذكاء الصناعي وصل الى مرحلة, اجبر المفكرون و الخبراء أن يفكروا في بلورة افكار جديدة حول الأقتصاد, فمثلا: كانوا يقولون أن الأقتصاد عبارة عن ( السلع و الخدمات)! لكن في العصر الصيني سوف يقوم الروبوت الذكي بكل ما يسمى بالخدمات! في هذا العصر, سوف نرى أن المهن: السياقة, المهن الصحية, حتى المهن العسكرية, يتولاها الروبوت! بل يذهبون إلى ابعد من ذلك عندما نراهم يقولون: أن المحاكم سوف تكون ذكية ايضا! الطواقم العدلية, كالقاضي و المحامي و الأدعاء العام, سوف يتحولون الى نظام الذكاء الصناعي! وفي هذا الشهر تم تطبيق هذا النموذج في احدى المحاكم مدينة شنغهاي, حسب ماجاء في التقارير الخبرية من هناك!.
إذا, التحول نحو العصر الجديد و النموذج القادم, ليس مسالة تخمينات و لا توهمات! بل حقيقة قائمة نتلمسها يوما بعد يوم. لذا يجب دراسة الوضع و عدم اهمال اية خطوة, بغض النظر عن حجمها.
بالنسبة للكورد, المرحلة آتية, لايستطيع الكورد ايقاف عجلتها, و ليس في وسعه تغير مسارها, بل من الأفضل دراستها و محاولة فهمها و التعامل الأيجابي معها.
فنحن نرى أن الصين قامت مؤخرا بأنشاء القواعد العسكرية في افريقيا و بحر الصين الجنوبي, وهذا إن دل, فأنه يدل على جدية التحول نحو العصر الصيني بكل معاني الكلمة.
في الوقت الذي نرى العالم كله مشغول بالموجة الرابعة للجائحة المسمى ب(اوميكرون) و بالرغم من ان الصينيين انفسهم, قد قيدوا في السنتين الأخيرتين كل النشاطات الدبلوماسية و لجأوا الى المناظرات و اللقاءات الأفتراضية, لكنهم قاموا في الأسبوع المنصرم بخطوتين مهمتين للغاية:
اولا: وانغ يي, عضو مجلس الدولة و وزير الخارجية الصيني, قام بأستقبال نظيره الأيراني ( أمير حسين عبداللهيان) وتم في هذا اللقاء الأتفاق على البدأ بخطوات العملية لتطبيق الأتفاقية الأستراتيجية بين الدولتين المبرم في 2018 و الذي سيمتد الى 25 سنة قادمة. وهذا التحول كبير جدا, لدرجة يستدعي التوقف عنده!.
ثانيا: وزير الخارجية الصيني, قام بأستقبال كل من وزراء خارجية (تركيا, الكويت, البحرين, المملكة العربية السعودية, رئيس دبلوماسية مجلس التعاون الخليجي) وتم التباحث حول الدور الصيني في المنطقة و خصوصا في المجالين التجارية و السياسية!.
وإذا نظرنا بتمعن الى جغرافية هذا التغير, نرى أن كوردستان قد تم تطويقها بحلفاء الصين! فمن الشرق ايران اصبحت شريكة استراتيجية للصين, و من الشمال تركيا تميل نحو الصين و هي مشاركة في لقاء (وانغ يي) الأخير, وكذلك من الجنوب دول الخليج العربي كلهم وفدوا وفودهم الى بكين! أما عن سوريا و العراق, لايخفى على احد أن الصين حليفة قديمة لسوريا فقد استخدمت مرارا حق الفيتو للدفاع عن سوريا في مجلس الأمن, و العراق مرتبط بأتفاق استراتيجي مع الصين ابرمه السيد ( عادل عبدالمهدي).
خلاصة القول هي: العصر الصيني قد بدأ, من حيث التكنلوجيا و الأقتصاد و صولا الى السياسة و الأمن, و الكورد قد وقع في حضن الصين جغرافيا و جيوبولوتيكيا. أي أن هيمنة العصر الصيني قد دقت ابواب كوردستان.
و السؤال المطروح للقيادة السياسية و النخبة الثقافية الكوردية هو: ماذا يفعل الكورد؟ كيف يتصرف؟ كيف يتفاعل مع العصر الجديد؟ كيف يفكر و يقرر؟.