الحزام والطريق ودور الجزائر في شمال أفريقيا
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: عبدالقادر خليل
خريج أكاديمي من الاتحاد السوفييتي، وصديق قديم للصين، ورئيس الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين والمدير-رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية بالجزائر
الجزائر دولة صديقة للصين، والتاريخ يشهد على هذه الحقيقة بكل نقلاتها المحورية في السياسة والدبلوماسية والعسكرية والاقتصاد في القارة السمراء، ومن خلال علاقات الصين العربية والتي تتسم بالثقة والتطور الإيجابي والمتبادل النفع.
علاقة الجزائر بالصين “ممتازة” كما توصف شعبياً ودولياً، ولقد كان لها الأثر الإيجابي الكبير والفاعل لتجعل منهما شريكين عميقين ومخلصين لبعضهما البعض، وعازمين على تنمية وتعزيز تلك الأواصر إلى أبعد الحدود، وعلى أشمل نطاق، بخاصة بعد توقيعهما على اتفاقية “التعاون الاستراتيجي” الشامل، وانظمام الجزائر لمبادرة العصر الجديد “الحزام والطريق”.
ولا يمكننا الحديث عن العلاقات بين البلدين، دون التنويه ولو بسرعة إلى جوانب مضيئة في تاريخهما المشترك، فقد أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر في يوم 20 من ديسمبر عام 1958. ومنذ استقلال بلادنا الجزائر في القرن الماضي وبالتحديد في عام 1962، وإلى يومنا هذا، تمكّن البلدان من التوقيع على عدد من الاتفاقيات التي تغطي كامل المجالات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، والتي نقطف ثمارها اليوم بلا توقف. وكان للجزائر دور هام ومسعى هادف قل نظير جوهره عالمياً لتدعيم مرامي عودة الصين إلى هيئة الأمم المتحدة عام 1971، كما تمسّكت الجزائر دائماً بدعم حقيقي للصين في مختلف المواقف والازمات والتقلبات العالمية وفي المحافل الدولية، لذا تتسم علاقات بلدينا بالصدق والمصارحة واستهداف المنافع العميقة المشتركة لهما بحصاد وفير، وهو ما يؤكد للقاصي والداني أن علاقاتهما تتسم بأنها نموذجية وضمن روابط جنوب ـ جنوب أيضاً يُحتذى بها.
وفي قرننا الحادي والعشرين أيضاً، تولي الجزائر لعلاقاتها مع جمهورية الصين الشعبية أهمية بالغة، إيماناً منها بالدور العالمي الجديد للصين من أجل إحلال السلام الشامل، وتحقيق التوازن الاقتصادي الدولي بمعادلة صينية ذكية وهي “رابح رابح”، أي استفادة الجميع من الفوز المشترك. فبعد إطلاق الرفيق شي جين بينغ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية لمبادرته التاريخية الحزام والطريق، منذ عام 2013، وهي تعمل باستمرار على إعادة رصف طريق الحرير القديم، في حلّةٍ جديدةٍ هادفةٍ، ومربحة للجميع، ولقد رحّبت الجزائر دولةً وقائداُ وشعباً ومؤسساتٍ مدنيةٍ وسياسيةٍ بهذه المبادرة أيّما ترحيب.
والمعلوم أن مبادرة الحزام والطريق، هي عبارة عن حزام أرضي يربط الصين بآسيا وأوروبا، عبر حدود الحرير في آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يتيح لها الوصول إلى أفريقيا أيضاً، عبر بحر الصين والمحيط الهندي. ولن تقتصر التبادلات والتعاون بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام و الطريق، على الاقتصاد والتجارة فحسب، بل يتعداها إلى مجالات عديدة كالعلوم والثقافة وغيرها. ومن دون شك، تعتمد الحكومة الصينية على الجزائر للعب دور قيادي لنجاح هذه المبادرة، نظراً لموقع الجزائر الاستراتيجي، حيث تقع دولتنا في أقصى شمال إفريقيا، وهي مطلة على البحر الأبيض المتوسط، في جهاتها الثلاث، من الشمال والغرب والشرق، كما لديها شريط حدودي كبير مع دول الساحل الافريقي، مما يجعل الصين تمنح الجزائر ومن خلال الحزام و الطريق، دورا محورياً واستراتيجياً في المنطقة، ولتكون رابطاً مهماً مع إفريقيا وأوروبا. وفي هذا الاتجاه، تصب أهداف الاتفاقيات الجديدة المبرمة بين البلدين، وبخاصة الاقتصادية منها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى المشروع الضخم الذي أنجزته الشركات الصينية في الجزائر، ألا وهو الطريق السيار “شرق-غرب” والمشروع العلملاق والاستراتيجي الذي ستنجزه الصين في الجزائر، وهو مشروع الميناء الكبير الذي يتموقع غرب الجزائر العاصمة وبالتحديد في منطقة الحمدانية، بمدينة شرشال التابعة لمقاطعة تيبازة، والذي من شأنه توفير نحو 200 ألف منصب شغل فعلي.
وسوف يكون لهذا الميناء دور فعّال في تفعيل شريان الصادرات والواردات وبخاصة الصينية والجزائرية، ويمكن للصين إعتباره نقطة رئيسية وهمزة وصل فعالة لأفريقيا واوروبا الغربية، للانطلاق السلس من الجزائر نحوها من خلال طريق سهل. والمعلوم أن الصين تُعتبر الشريك التجاري الأول لإفريقيا والجزائر، حيث أن أكبر نسبة وحصة للواردات الخارجية هي للجزائر وبالذات من الصين، وتأتي بعدها فرنسا وعدد من الدول الغربية الأخرى، ما يتيح أن تتبوأ الجزائر عرش العلاقات الأفريقية مع الصين.