متى يرقد الرازي بسلام في قبره ؟
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: كاظم فنجان الحمامي
هل انتهت مشاكل العرب والمسلمين كلها الآن، ولم تعد لديهم أي مشكلة سوى مشكلتهم الأزلية مع الرازي الذي انتقل الى جوار ربه عام 925 ميلادية ؟، لأنهم اتفقوا على تكفيره مع ابن تيمية الذي ولدته أمه بعد وفاة الرازي بنحو 338 سنة، لكن فتاواه بتكفير هذا العالم الكبير ظلت تتجدد حتى يومنا هذا. وما أطول القائمة التي شملت العلماء الذين جرى تكفيرهم واتهامهم بالزندقة عبر التاريخ، نذكر منهم الرازي وابن سيناء والخوارزمي والبيروني والفارابي والكندي والمجريطي والزهراوي وابن الهيثم وابن البيطار وابن النفيس والادريسي وجابر بن حيان وغيرهم. .
ولكن دعونا نحصر موضوعنا اليوم بالرازي، الذي تزينت باسمه المدارس والمعاهد والسفن والمراكز العلمية والأدبية في شرق الأرض وغربها، والذي برع في الطب والكيمياء والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك، ووصفته سيغريد هونكه في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) بأنه أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق، ويشهد له كتابه (الحاوي في الطب)، الذي كان يضمُّ كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925 م. .
ولكن شاءت الاقدار ان يكون مصيره التهميش والاستبعاد على يد رجل لم يعاصره، وربما لم يقرأ مؤلفاته في العلوم التطبيقية. فجاءت فتاوى ابن تيمية لتنسف تاريخ هذا العالم الكبير وتصادر إنجازاته، على الرغم من أن الإسلام أول الأديان التي جعلت العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة, وحثت المسلمين على شد الرحال لطلب العلم ولو كان خلف أسوار الصين. .
لا شك إن تاريخ حروب بعض رجال الدين للعلم والعلماء طويل ومرير. وما أكثر القصص المحزنة التي تعكس صورة الصراع بين العلم والفهم الخاطئ للدين. وهى ليست مقصورة على دين واحد أو زمان واحد. .
اما الآن وبعد مضي قرون وعقود على وفاة الرجلين (الرازي وابن تيمية)، فنقول: أما آن الأوان أن تتوقف الحملات التي انتشرت هذه الأيام على اليوتيوب ضد الرازي ؟، وهل قرأ المتحاملون عليه مؤلفاته في الطب والكيمياء ؟، وما الذي نستفيده الآن من هذه الحملات التكفيرية الموجهة ضد عالم قال عنه ستابلتون الإنجليزي بأنه (بقي بلا ندّ حتى بزوغ فجر العلم الحديث بأوروبا)، وعلقت مدرسة الطب بباريس صورته إلى جانب ابن سينا وابن رشد، وخصصت جامعة برنستون الأميركية أفخم ناحية في أجمل مبانيها لعرض مآثره، وقال فيه القفطي في (تاريخ الحكماء): انه من ألمع مشاهير علم المنطق والهندسة. وكان يُلقب بجالينوس العرب، وأبو الطب العربي، وكان رائداً في علاج الأمراض العقلية، وقد أنشأ قسماً في بغداد لعلاج المرضى النفسيين. لكن العرب وضعوه من جديد في قفص الاتهام بمذكرة قضائية حررها ضده ابن تيمية في مركز شرطة التكفير قبل أكثر من 800 عام. .