*بهلوليات*
اجنادين نيوز / ANN
ا.د.ضياء واجد المهندس
دخلت امرأة برمكية على الخليفة هارون الرشيد وعنده البهلول وجماعة من وجوه أصحابه فقالت له:
يا أمير المؤمنين أقرّ الله عينك ،وفرّحك بما أتاك ،وأتمّ سعدك ،لقد حكمت فقسطت..
فقال لها الرشيد: من تكونين أيتها المرأة..
قالت: أنا من آل برمك ،ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم ،وسلبت نوالهم..
فرد هارون الرشيد :أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله ،ونفّذ فيهم قدره ،وأما المال فمردود اليك..
ثم التفت الى الحاضرين من أصحابه فسألهم أتدرون ما قالت المرأة البرمكية؟؟!!..
فقالوا: ما نراها قالت الا خيراً… فتدخل البهلول، (
وقد كان معهودٌ عنه الحكمة والبلاغة )،قائلا”:ما أظنكم فهمتم مقصدها.. فأما قولها «أقرّ الله عينك» أي أسكنها عن الحركة ،واذا سكنت العين عن الحركة عميت..
وأما قولها «فرّحك بما أتاك» فأخذته من قوله تعالى {حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة}..
وأما قولها «أتم الله سعدك» فأخذته من قول الشاعر
اذا تمّ شيئا بدا نقصه
ترقّب زوالا اذا قيل تم..
وفي قولها «لقد حكمت فقسطت»
فأخذته من قول الله تعالى
«وأما القاسطون فكانوا لجهنّم حطبا»..
فتعجّب الخليفة العباسي هارون الرشيد وأصحابه من بلاغة المرأة البرمكية وعلم كلامها الغزير ،فلقد كانت تدعو عليه بدل الدعاء له من دون ان يلاحظ فقهاء القوم وأبلغهم
وأما العجب الأكبر فكان حنكة البهلول وذكاؤه في فهم مقصد المرأة البرمكية ومطلبها حيث كان ذو فراسة معها فيما قالت ،وفهم بالضبط ما كانت ترمي اليه فكم بهلول في هذا الزمان ليفسر لنا كلام الامريكان و الغرب ومقصدهم..؟؟؟!!
وكيف لنا ان نعلم ولأتنا و وعاظهم البلاغة والحنكة والفراسة ؟؟؟!!!…
نحتاج إلى ورش في فن الحوار و التفاوض وتحليل الشخصية بالإضافة الى القراءة والتعلم ومجالسة أهل الحكمة والخبرة والصبر والتصبر،، وكما قيل في الامثال:
« *لا تجادل الأحمق، فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما* »
البروفيسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي