طريق الحرير الصيني…. ماضي العراق الاقتصادي المشرق مع جمهورية الصين الشعبية…. الجزء الثالث عشر
اجنادين نيوز / ANN
الحدث بين مستويين
باسم حسين غلب / باحث وصحفي
في الوقت الذي ترى فيه جهورية الصين الشعبية، من ان طريق الحرير الجديد ، أملها الكبير في استعادة دورها التاريخي في الاقتصاد العالمي، مقابل ذلك ترى الولايات المتحدة الأمريكية ، في التحركات الصينية، خطراً يهدد أمنها الاقتصادي. وقد بينا خلال البحث، طبيعة التجاذبات والتقاطعات، وبالتالي التصعيد السياسي المستمر بين البلدين، وما يمكن ان يؤول اليه الأمر من أزمة قد تصل في مرحلة من المراحل إلى المواجهة العسكرية، بينهما.
بموازاة ذلك ، فإن الموقف العراقي الرسمي ، يبقى مثار تساؤل، عن الاسباب التي ادت إلى تأخر انضمام العراق، لهذا الحدث الاقتصادي الكبير. في وقت انتهزت بعض الأطراف الإقليمية ، فرصة الانضمام إلى الحراك الذي تقوده وترعاه بكين، للدفع بمصالح بلدانها نحو الازدهار والتقدم.
ان العراق غارق بالفساد الاداري والمالي في جميع قطاعات الدولة العراقية، باعتراف القيادات العراقية نفسها، وما يمكن ان يشكله من مخاطر على الوضع الاجتماعي العراقي، ممثلاً بارتفاع معدلات البطالة وبالتالي الفقر. ومن ثم بروز ظواهر اجتماعية سلبية، لم تكن معهودة من قبل، منها: ارتفاع كبير في نسبة المتعاطين والمتاجرين بالمخدرات. كذلك ارتفاع غير مسبوق بمعدلات الانتحار. بالاضافة إلى ارتفاع ملموس في معدلات الجريمة المنظمة . لقد بينا بالأرقام، مدى التراجع في المستوى الاجتماعي والانساني، الذي تعود اسبابه إلى الوضع الاقتصادي الراهن في العراق ، مما يتطلب وضع حلول سريعة وجذرية على المستويين المتوسط والبعيد، لحالات البطالة والفقر، ومن ثم وضع جدول زمني للقضاء على كل الظواهر الدخيلة التي الحقت بقيم وعادات وتقاليد الشعب العراقي، ضرراً بالغاً.
لقد كان الموقف الرسمي، فيما يتعلق بطريق الحرير الجديد، مخيباً للآمال، لكون من يتولى المسؤولية العليا في ادارة الدولة، قد اضاع فرصةً تاريخيةً، في اللحاق بمشروع اقتصادي يمكن ان ينتشل الشعب العراقي، من حالة الفقر التي يعاني منها منذ عقود من الزمن .
اما الموقف الشعبي، فقد كان هو الآخر خجولاً ، إذ اكتفى المدونون بأطلاق (هاشتاكَات) ، على مواقع التواصل الاجتماعي، وبمقاطع فيديوية، اصر صانعوها، على مخاطبة جماهيرهم عبر البحار والمحيطات. اما بخصوص الندوات والجلسات الحوارية المتعلقة بطريق الحرير، فتبقى حدود تفاصيلها، محصورةً بين جدران القاعة الأربعة. اما فيما يتعلق بالتجمعات الصغيرة التي تشكلت هنا أو هناك، فلم ترتقِ إلى مستوى تظاهرة شعبية، انطلقت في هذه المدينة أو تلك، قد تحفز المحافظات الأخرى على الحذو حذوها في المطالبة بحق العراق التأريخي المتمثل بالانضمام إلى طريق الحرير الجديد.
دور منقوص
” يعتبر الاعلام احد اهم ركائز بناء التنمية السياسية المستدامة التي تعتبر الأساس لجميع انواع التحولات في تحقيق الاستقرار بكل مفاصله ومستوياته، وبالتالي امتلاك الوعي السياسي الذي يساعد على معرفة الحقوق والواجبات وصولاً لتحقيق كافة مجالات الرفاهية اضافة إلى بناء العلاقات الانسانية ونموها الشامل” (1). ايضاً هو ” المرآة العاكسة لتنوع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية” (2). بالرغم من كل هذه المفاهيم الحيوية، التي يجب ان يكون الاعلام الحقيقي، ضمن هذا الاطار ، في تحمل مسؤولياته تجاه بيان الحقائق وتوعية الشارع العراقي، بما ينسجم وثقل العراق الجغرافي والاقتصادي. إلا أن الذي يؤسف له إن الاعلام العراقي، بكافة تصنيفاته وتوجهاته وانتماءاته، لم يأخذ دوره بشكل جيد في طرح موضوع طريق الحرير. فقد اكتفت الصحافة المحلية بنقل اخبار وتصريحات المسؤولين السياسيين ، دون تخصيص مساحة اعلامية، لإجراء روبرتاجات، أو لنشر مقالات، لمختصين في الشأن الاقتصادي، مع اعطاء مساحة واسعة لبيان رأي المواطن بهذا الخصوص. كما ان القنوات الفضائية العراقية، لم تهتم هي الأخرى بالموضوع بشكل كافٍ، عبر استضافتها لخبراء متخصصين في المجال الاقتصادي، وبذلك ضيع الاعلام العراقي فرصة تأريخية للشعب العراقي لفهم اهمية ودور طريق الحرير، في بناء وتنمية وتطوير العراق.
المصادر
(1)، (2) جريدة الزمان – العدد ( 7173) – الأثنين / 17 / كانون الثاني / 2022 – ص 5 (إتجاهات الرأي).