دراسة تاريخية للمصلح كونفوشيوس
دراسة تاريخية للمصلح كونفوشيوس
احمد محمد علي
تدقيق بهاء مانع شياع
اشتهر كونفوشيوس بحكمتة ونشأته في ظروف صعبة وازدادت معاناته بعدما توفى والده وهو في الثالثة من عمره وتولت والدته تربيته ، وكان كونفوشيوس يعمل بعد الفراغ من المدرسة لإعالة والدته .
عندما تحول ملوك تشو إلى دمى يسيطر عليها تحالف الحكام الإقطاعيين ، الذين تصادف وجودهم في السلطة في ذلك الوقت ، تغلبت المنفعة الذاتية الأنانية على الأخلاق والمنفعة العامة
وقد نجمت عن هذا الفوضى ، مما يتجاوز القدرة على التخيل ، والتي تمثلت في الفقر والمعاناة.
وقد انزعج كونفوشيوس لما شهده من مشاهد الحرب بين الـولايات المتحاربة، كما سائه ما انتشر في طول البلاد وعرضها من صنوف الحكم السيىء فأبدي بحرارة رغبته في تغيير الحاضر وبناء المستقبل.
حرص كونفوشيوس على معاملة الأمير والفقير على حد سواء بالأدب واللطف ، الأمير لجلاله المركز الذي يشغله ، والفقير للبؤس الذي يعانيه ودعى كونفوشيوس إلى ” التسامح و عـدم فـرض مـا لا يحبه النفس على الغير.
وعمل كونفوشيوس في تحويل المعرفة المحتكرة في معبد الأجداد الاستقراطية قديما إلى علوم يتقاسمها المجتمع البشري بأكمله .
كان كنفوشيوس يتوقع من تلاميذه أن يلعبوا دورا مهما في احداث ثورة في أية حكومة قد يشتركون فيها ويخضعونها لخدمة احتياجات الشعب.
وتتجسد الفكرة الرئيسة لكونفوشيوس في معارضة النزعة الفردية ، فالفرد جزء لايتجزأ مـن المجتمع ، ولايوجـد بصـورة مستقلة وانه موجود بدرجة اندماجية في المجتمع .
فالحكمة تبدأ من أصغر وحدة في المجتمع، ألا وهي البيت والعائلة وأن المجتمع يقوم بأفراده، يصلح بصلاحهم وينهض بنهضتهم ويستقيم .
بحكم أن أفعال الفرد تؤثر في الآخرين وان الأخلاق الفرد الذي تعلمها من أسرته، ثم من الأسرة إلى المجتمع، ومن ثمَّ إلى الإنسانية كلها.
اولى كونفوشيوس أهمية كبيرة لدور الأخلاق في السياسة، ويطالب الحاكم بأن يعطي القدوة الأخلاقية للناس، حيث يقول في هذا الجانب: “السياسة هي الإستقامة، فإذا كان الحاكم مستقيما، هل سيجرؤ المحكوم على أن لا يستقيم..
و حرص في نظامه السياسي والاجتماعي على الربط بين السياسة والأخلاق ، واتخاذ الأخلاق أساسا لهذا النظام . إذ إنّ الفكرة السياسية عنده لا يمكن عزلها عن المعنى الحقيقي للأخلاق.
و يرى كونفوشيوس بأن لإقامة نظام حكم مستقر يجب توزيع الثروة بصورة عادلة و عدم تركيزها في أيدي فئة قليلة مما يحمل الأفراد الفقراء على الهجرة إلى المدن و ترك الزراعة في الريف.
فكان يرى كونفوشيوس أن الدولة يجب أن تكون مثالاً يحتذى به من الأخلاق أمام المواطنين، فأوجب عليها خدمة الشعب وتحسين معيشتة وتحقيق متطلباته لأن هذا هو أساس نشأتها وقيامها.
وكان كونفوشيوس يرى أن على الحاكم أن يكسب ثقة شعبة ويوفر احتياجاتهم وان وجود الحاكم في السلطة مرتبط بأرادة الناس ويكون الشعب مصدر السلطة
يشدد كونفوشيوس أنه يجب على المسؤولين التمسك بالفضائل الخمس المتمثلة في المنفعة دون نفقة ، والعمل بدون استياء ، والرغبة بدون جشع ، والكبرياء بدون غطرسة .
ودعى كونفوشيوس إلى عطاء الحياة أكثر اهتماما من أجل المثل الأخلاقية ، وعدم اعتبار الموت قضية مهمة والانشغال به،و لا يجب أن تفكر المجتمعات في القضايا اللاحقة ، ويمكن تجاهل الحياة وبناء مجتمع يتسم بالاخلاق الفاضلة والحسنة.
تعرّض كونفوشيوس خلال حياته إلى التهجير والنفي بسبب أفكاره، لأنه كان يرى مالاتراه الطبقة الحاكمة.
و مارس كونفوشيوس رسالته الحكيمه في الاصلاح الاجتماعي والإعلاء من شان الأخلاق في المجتمعات جميعا وكانت لفلسفته بالغ الأثر في الصين.
وفي هذا السياق في أهمية دراسة التراث الماضي قال الرفيق ماو تسي تونغ:
«إن مهمتنا هي دراسة تراثنا التاريخي وتلخيصه بصورة ناقدة باستخدام الأسلوب الماركسي . إن لأمتنا تاريخاً يعود إلى آلاف من السنين ، فهي أمة لها خصائصها وأمة تملك ثروة غنية من التراث النفيس . بيد أننا لا نبرح مجرد تلامذة صغار في كل ذلك .
إن الصين المعاصرة قد تطورت من الصين الماضية ، ولما كنا من أنصار النظرة الماركسية إلى التاريخ ، فإنه لا يجوز لنا أن ننفصل عن تاريخنا الماضي، إن من واجبنا أن نلخص كل ماضينا من كونفوشيوس حتى صن يات صن ، وأن نرث هذا التراث الثمين . ولسوف يساعدنا ذلك كثيراً في توجيه الحركة العظيمة الراهنة»