من الراغب بالتغيير؟
اجنادين نيوز / ANN
الربان/ ضجر البدران
1. الحقيقة المرة تظهر لو عرضت هذا السؤال على أي طرف سواء من الأحزاب الحاكمة أو الغير حاكمة … من جاء مع المحتل أو من كان مقاوما بالداخل … لكانت الإجابة … نعم نرغب بالتغيير! لكن لو امعنت النظر بالطرح لوجدت هذا التغيير المطلوب مشروط كل حسب رؤياه وتطلعاته، والتي بالغالب لا تلتقي بمشروع وطني واعد بل تلتقي بالتوافقية والمحاصصة كي يبقى الحال على ما هو عليه، أو الاستفراد بالسلطة! … وليذهب الشعب والوطن الى الجحيم! لان هذه الرؤى والتطلعات تختلف من حزب الى آخر … بمعنى لا وجود للمصلحة العامة كونها مبنية على الفائدة الشخصية والفئوية وتهميش الاخر … فلن يكلف نفسه بان يجد مخرجا لتوحيد أو استيعاب التنوع الطبقي والمذهبي، فهو أصلا غير مستعد للتضحية حتى لسن قوانين وطنية خالصة! بمعنى لا يحمل مشروع دولة!
2. عامة الجمهور الغير منتفع من العملية السياسية وهم الغالبية العظمى … الا أنهم لا يمتلكون أدوات التغيير، سوى انهم رافضون ومنكرون لما يجري، معبرون عن ذلك بطرقهم السلمية كالتظاهر الحضاري وعقدهم حلقات وندوات ثقافية او من خلال طرح أفكارهم من خلال الاعلام الحر وبحذر شديد كونهم فريسة ضعيفة لجميع الأحزاب الفارغة والنفسيات المهزوزة، فضلا إذا ما تم التعرض لفئة مسلحة ولها التواجد بالشارع من غير حرج!
3. المحيط الإقليمي … نعم هذا المحيط الإقليمي مختلف الاطوار، منهم من يتبع اسياده ومنهم من لديه الرغبة بالسيطرة والتوسعة ومنهم من يكره العراق حسدا وبغضا … وما العراق الا جبهة لهذه الاطوار أو عبارة عن منطقة انتقالية (رمادية)! لما يمتلكه من إمكانات وتنوع ثقافات … مثلا:
أ- إيران الإسلامية الشيعية! … ترغب بان يكون العراق تحت ولاية الفقيه أو دولة شيعية كونه الامتداد الطبيعي لشيعة إيران نفسها، ولما لديه من غالبية شيعية وتهديدات الطرف الاخر المنسجم مع المحور الامريكي الداعية لجعل العراق المواجه الوحيد للتمدد الإيراني … كما لإيران أهداف غير مخفية للسيطرة على المنطقة الامر الذي يتطلب التواصل من خلال العراق الى باقي الدول العربية مثل سوريا، لبنان وتطمح للولوج في السعودية والكويت أيضا من خلال العراق! فمن البديهي أن تسعى إيران وتشجع التغيير نحو حكومة اغلبية شيعية، لان استقرار وامتداد وقرار وحدة العراق من مهام الامن القومي الإيراني!
ب- السعودية الوهابية ومحورها! … باتت السعودية اليوم هي التي تقود العالم السني ولها تحالفاتها وخططها ونشاطاتها، ولعل اليمن أول تطبيقاتها … فهي أيضا راغبة بان تقضي على التمدد الشيعي الإيراني / العراقي بأي ثمن، سيما وجربت طالعها بأرسال ومساندة مقاتلي القاعدة وداعش … فأيقنت عدم تحقق ذلك الا بتسليم السلطة كاملة بيد قيادة سنية صريحة وكما كانت بيد المقبور صدام حسين.
ت- تركيا الاخوانية وحلم عودة الحكم العثماني! … الحكومة التركية الحالية بعدما انعمت بالاستقرار السياسي من خلال القضاء على المعارضة ومحاصرتها في جبال شمال العراق وتحويل النظام الى رئاسي، بانت توجهاتها التوسعية بمسك العصى من المنتصف! فهي إسلامية، مسيحية، علمانية! التحقت بحلف الناتو فكسبت قوة أكبر تحالف عسكري بالعالم، سمحت للتحالف نفسه باحتلال العراق في 2003 وجعلت من قواعدها منصات للهجوم على العراق، أقامت علاقات مع إسرائيل وسارت بخطى دول الخليج واسرائيل لغلق المياه عن العراق فأقامت أكثر من 564 سد على كل منابع المياه لتعطيش الشعب العراقي ومنعه من الزراعة والاكتفاء الذاتي كي ينصاع لأوامرها واعلنتها جهارا نهارا (مقابل كل برميل ماء = برميل نفط) … فهي ترى من خلال بوابة العراق الضعيف اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ودوليا … المطالبة بثلاث محافظات عراقية، دهوك والموصل وكركوك وإلغاء معاهدة لوزان! والخلاص من حكومة كردستان الداعية للانفصال والاستقلال بدولة كردية تجمع أكراد إيران والعراق وسوريا معا، فنصبت نسفها الراعية للحقوق الإسلامية والداعية لعودة حكم الخلافة الإسلامية وتوحيد العالم الإسلامي تحت رايتها!
ث- إسرائيل وحلم الدولة من الفرات الى النيل! … بات هذا الحلم أن يقترب من التحقق الكامل من خلال المكاسب التي جنتها إسرائيل خاصة بعد احتلال العراق في 2003 وذلك من خلال تحييد دور العراق وجعله منشغل بنفسه بالإضافة الى مزيد من التشرذم والخروج عن جادة الطريق الداعي لتحرير فلسطين وانهاء بما يسمى بالكيان الصهيوني الغاصب لأرض العرب والمسلمين … فهي الراعي الأكبر لمخطط تدمير العراق, كونها تعلم جيدا بان قوة العرب والمسلمين من قوة وتماسك العراق وتعلم أيضا بان اسقاط دولتها سيكون على يد العراقيين, كما صرحت بها الكتب السماوية التورات, الانجيل القرآن … فهي تعلم جيدا صلابة وتضحية المقاتل العراقي, سيما وعقيدته بالأمام المهدي المنتظر وتعلم إمكانية العراق من الموارد المادية والبشرية وطاقات لا يمكن ان تنتهي … فحسب رؤيتها: يجب ان لا يكون استقرار في العراق ابدا , حتى لا يتم بناء الانسان الجديد المنعم بالوطنية الثورية والعمران والتقدم العلمي لبناء قدرة عسكرية قادرة على الدفاع والهجوم … فإذن التغيير مطلوب باستمرار وبصورة ملحة كي يتحقق الحلم اليهودي!
ج- أمريكا ومحورها الغربي! … ينطلق هذا المحور من جانب السيطرة الاستعمارية على العالم وتضييق المساحات على المحور الشرقي وجمع أكبر عدد من الحلفاء أو على الأقل تحييدهم من غير الميل للطرف الآخر المنافس لأمريكا، ومن باب آخر السيطرة على مصادر الطاقة والدعم الغير محدود لدويلة إسرائيل ربيبتهم ومشروعهم التوسعي بالمنطقة! … اذن الأهداف معلنة وواضحة ولعل هذا المحور ابتدأ بالعراق الأقوى بالمنطقة، لإيقافه عن دوره العروبي وأن يصطف مع المحور الأمريكي والا سيكون ساحة للتصفية مع الخصوم أو يقسم الى دويلات مذهبية يسهل انقيادها … فالتقت هذه الأهداف مع الأهداف الإسرائيلية ودول الخليج كي ينزاح كابوس سيطرة العراق ذو التاريخ العظيم الذي يستمد منه قوته وعنفوانه … فإذن التغيير مطلوب وعلى الطريقة الامريكية شاءوا العراقيين ام لم يشاؤوا!