بلوسي: (زيارة) الاستفزاز وحكمة التنين الصيني
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: علي سلمان العقابي.
– تدقيق ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح.
لم تكن زيارة رئيس مجلس النواب الامريكي نانسي بيلوسي الى تايوان المحتلة زيارة عادية في نظر الجميع، انما كانت زيارة استفزازية للغاية، منها إثارة غضب التنين الصيني ظنا ً منهم ان هذه الزيارة ستفتح الباب امام ما تسعى امريكا إليه في خلافاتها الدولية مع الصين بعد ان انكشفت العديد من الاسرار خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وما تم كشفه ووضع اليد عليه من معامل الحرب البيولوجية التي تدار بيد المخابرات الامريكية.
الزيارة التي اثارت الرأي العام العالمي انقسم المراقبون بشأنها الى قسمين، منهم من رحب بهذه الزيارة وهم طبعاً من يكنون الولاء لأمريكا، ومنهم من رفض الزيارة كونها تعد زيارة استفزازية لا اكثر. فمصالح تايوان لا يمكن لأمريكا ان تحققها، وبالتالي ستؤثر هذه (الزيارة) على تايوان من جانب الصين، لكون الجزيرة الجزء من الكل للبر الصيني الكبير، بينما توهم عشاق امريكا ان هذه الزيارة(ارعبت الصين حكومة وشعباً!!!)، بينما يراها الاخرون ومنهم المحايدون، ان الصين وظفت رباطة الجأش لكسب المعركة ودياً من الناحية الاعلامية والسياسية.
المواقف الرسمية لعدد كبير من الدول برز برفض هذه الزيارة واعتبرتها عواصمها تدخلا في الشأن الداخلي الصيني، وهذا مايرفضة القانون الدولي والشرعية الدولية، لكن حكومة البيت الابيض تمادت كثيراً في انتهاك الحقوق والقانونين الدولي والانساني، إتجاه عدد من الدول دون موقف واضح وصريح من قبل الامم المتحدة او مجلس الامن.
عشرات الدول الاسيوية وفي مختلف القارات رفضت هذه الزيارة، واعلنت مساعدتها لبكين، وطالبت وزاراتها الخارجية بحل القضايا بالطرق السلمية بعيدا عن التوتر العسكري، الذي سينعكس على المنطقة سلباً، فمضيق تايوان اصبح معلما اقتصاديا مهما لهذه المنطقة، ولابد بالتالي ان يكون هناك سلام فيها لتلافي الحروب والخسائر الاقتصادية.
بينما جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية فقد وصفت الزيارة ب”التدخل الوقح” في خطوة جسورة منها لدعم موقف بكين سياسياً وعسكرياً، محملة واشنطن اي تبعات وتوترات تحدث في المنطقة، وتأكيد بيونغ يانغ على أن تايوان هو الجزء الذي لا يتجزأ من الصين، وانها قضية داخلية لايحق لواشنطن التدخل بها.
الكل كان ينتظر ردأ من قبل الصين يسمح لأمريكا النزول في تايوان بحجة ما، إلا أن العقل الصيني اكتفى بمناورات داخل كل المياه المحيطة بتايوان، ارعبت الإدارة التايوانية واثارت حفيظة المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي مشيرا الى تواصل الصين في: “الرد على مدى أفق أطول أجلا” حتى بعد انتهاء زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان.
استخدام العقل ورجاحته في بعض المواقف المفصلية الصعبة يكسبك اكثر مما لو كنت متهوراً برد تخسر فيه الكثير، وهنا تألقت حكمة التنين الصيني وانتصر بالمواقف بعيداً عن التوتر والعصبية، ليكون الرد في حينة افضل بكثير، وهذا ما يزعج إدارة تايوان الانفصالية التي تسعى لكسب تدخل امريكي لأراضيها، ولتسييد الاحتلال الأمريكي بحجة دعم شرعية الاستقلال المزعوم.
الرفض والادانة لزيارة بلوسي لتايوان كشف عن مواقف واشنطن وتدخلها بشؤون داخلية لعدد من الدول، وانها حكومة تشجع على الارهاب وعدم الاستقرار ومناهضة للسلام، فما اقترفته في حوض المتوسط والخليج العربي كان رسالة بشعة عن سياسة عدوانية تنهجها الادارات الامريكية تجاه الشعوب التي تسعى لتحسين مستواها الاقتصادي وبناء اقتصادات قوية لتكون هي المهيمن الوحيد الذي يتحكم بالسياسة الاقتصادية العالمية، وماجرى في العراق وسورية خير دليل على ذلك.
لن تقف بكين مكتوفة الايدي امام هذه الزيارة، ويتوقع الخبراء والمراقبون أن الصين سترد ولو بعد فترة، لكن سيكون الرد هذه المرة قاسيا على الادارتين في تايوان وامريكا، وسيكون (الجواب) بطريقة تحفظ الامن والسلام في مضيق تايوان الذي تعتبره الصين ممراً اقتصادياً مهماً، بينما يعتبر البعض ان الزيارة المشار إليها ستفقد تايوان سيطرتها على الجزيرة وستكون زيارة شؤم وليس دعم، فالتنين الصيني قرر الرد لكن بطريقته الدبلوماسية.