الزيارة الاسفزازية لتايوان الصينية
اجنادين نيوز / ANN
بقلم / الدكتورة كريمة الحفناوي
فى صباح يوم الخميس الحادى عشر من شهر أغسطس 2022، عقدت سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى القاهرة، مؤتمرا صحفيا حول مسألة تايوان بحضور السيد لياو ليشيانج سفير دولة الصين لدى القاهرة والسادة أعضاء السفارة وعدد من السادة والسيدات أصدقاء الصين من الأحزاب والسفراء المصريين السابقين، وممثلين عن جمعية الصداقة المصرية الصينية، وبيت الحكمة، والأكاديميين والإعلاميين.
استهل السيد السفير كلمته بالترحيب بالحضور والإشادة والتقدير للشعب المصرى والرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى على وقوفهم فى أزمة “تايوان” بجانب دولة الصين وتأكيدهم على حق الصين فى مبدأ “صين واحدة” من أجل السلام والاستقرار فى منطقة بحر الصين الجنوبى والمحيطين الهادى والهندى، وأكد السفير لياو ليشيانج على “الحلم الصينى حلم يتقاسمه الشعب الصينى على ضفتى مضيق تايوان”.
وأشار السيد السفير إلى صدور “الكتاب الأبيض بشأن مسألة تايوان وإعادة التوحيد فى العصر الجديد” وذلك فى يوم الأربعاء 10 أغسطس 2022 من مكتب شئون تايوان التابع لمجلس ومكتب الإعلام بمجلس الدولة بجمهورية الصين الشعبية.
ومن أهم ماجاء فى فقرات الكتاب “إن تايوان تنتمى إلى الصين منذ العصور القديمة وهذه حقيقة يدعمها التاريخ والقانون”، وفى فقرة أخرى “إن القرار رقم (2758) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو وثيقة سياسية تلخص مبدأ الصين الواحدة وقد تم الاعتراف بها فى جميع أنحاء العالم.
كما ذكر الكتاب أنه “لتحقيق إعادة التوحيد السلمى يجب أن نعترف بأن البر الرئيسى وتايوان يتباينان من حيث النظام الاجتماعى والأيدولوجية، ويعد مبدأ دولة واحدة ونظامان هو الحل الأمثل والأكثر شمولاً لهذه المشكلة، وأن الاختلافات فى النظام الاجتماعى ليست عقبة أمام إعادة التوحيد ولا مبررا للانفصالية”.
جاءت زيارة نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى لتايوان فى إطار سلسلة الانتهاكات الصارخة والاعتداءات الأمريكية على سيادة الدول والتدخل فى شئونها الداخلية منذ انفراد الولايات المتحدة الأمريكية فى تسعينيات القرن الماضى بالهيمنة والسيطرة (كقطب واحد استعمارى رأسمالى متوحش) على دول العالم الثالث أو النامى لنهب ثرواتها، وفرض شروطها التى تهدد الأمن والسلام العالمى، وإشعال الصراعات والفتن والحروب بين الدول وداخل الدولة الواحدة من أجل مصلحتها ومن أجل حماية أمن الكيان الصهيونى المحتل لفلسطين.
إن زيارة بيلوسى لتايوان الصينية تُشَّكِل استفزازاً خطيراً لدولة الصين كما تشجع القوى الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان، ولقد أكد وزير الخارجية الصينى وانج يى على أن أمريكا ارتكبت 3 أخطاء بهذه الزيارة، الخطأ الأول هو التدخل الأمريكى الجسيم فى الشئون الداخلية للصين، والخطأ الثانى دعم استقلال تايوان، والخطأ الثالث هو رغبة أمريكا فى تقويض السلام فى المنطقة من خلال زيادة وجودها العسكرى هناك.
هذه الزيارة الاستفزازية لتايوان (التى هى جزء من جمهورية الصين الشعبية باعتراف دول العالم ووفقا للاتفاق الأمريكى الصينى حول صين واحدة) جاءت ضمن اجراءات أمريكا المتتالية باعتبار الصين خصم لدود لها بل وعدو، بجانب اعتبار روسيا أيضا عدو.
هذه السياسات العدوانية تقوم بها أمريكا منذ بدايات صعود القطب الصينى اقتصاديا وعسكريا فى السنوات الأخيرة مع صعود القطب الروسى على المستوى الاستراتيجى العسكرى.
ومع اشتداد الأزمات الأمريكية (الأزمة الاقتصادية كالعجز فى الميزان التجارى، وزيادة الديون، وزيادة نسبة البطالة، وزيادة الحوادث الناجمة عن العنف والعنصرية وانخفاض شعبيه الحزب الديمقراطى قبل الانتخابات) يقفز الرئيس جو بايدن فى محاولة لتحقيق بعض الانتصارات الخارجية من وجهة نظره بتهديد الأمن القومى لدولة روسيا عن طريق أوكرانيا وحلف الناتو، وتهديد الصين الواحدة بتشجيع رئيسة تايوان على الانفصال مما يهدد الأمن والسلام والملاحة التجارية الدولية فى بحر الصين الجنوبى.
ان الشعب المصرى يقف مساندا وداعما لدولة الصين الصديقة ضد الاعتداء الأمريكى على سيادتها ووحدة أراضيها وضد التدخل المستمر فى شئونها ومهاجمتها وفرض عقوبات اقتصادية عليها منذ عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب وحتى الآن. كما تقف القوى والأحزاب المصرية مع الصين فى الدفاع عن أمنها القومى وعن وحدة أراضيها وسلامة شعبها.
إننا متأكدون من حكمة تعامل الرئيس الصينى شى جين بينج مع هذه الأزمة وكلنا ثقة فى رد الصين الحكيم والقوى من أجل استقرار وسلام وأمن “الصين الواحدة” ومن أجل صيانة السلام والاستقرار الإقليمى والعالمى. ولقد نوه الكتاب الأبيض فى إحدى فقراته على ذلك “سنعمل بأكبر قدر من الإخلاص ونبذل قصارى جهدنا لتحقيق إعادة التوحيد السلمى، لكننا لن نتخلى عن استخدام القوة، ونحتفظ بخيار اتخاذ جميع الإجراءات، للوقاية من التدخل الخارجى والأنشطة الانفصالية، ولايستهدف ذلك إخواننا الصينيين فى تايوان، وسيكون استخدام القوة هو الملاذ الأخير الذى يُتخذ فى ظل الظروف القهرية”.
إننا نتطلع لعالم جديد متعدد الأقطاب يقوم على التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة، يقوم على احترام سيادة الدول مع عدم التدخل فى شئونها، عالم خالٍ من العنف والحروب، يسوده السلام ويحل أزماته بالطرق السلمية، عالم متعدد الأقطاب التى تعمل معا وتتعاون من أجل نهضة وبناء وتقدم الدول النامية.
وقبل أن أنهى مقالى لابد من أن اشير إلى تأكيد جميع الحضور فى كلماتهم على الوقوف مع الصين للدفاع عن مبدأ (صين واحدة)، وعلى أن الصين دولة محبة للسلام، وصانعة للسلام، كما أجمعوا على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الصين ومصر.