“الشعب في المقام الأول”..طريق تنمية الصين

اجنادين نيوز / ANN

بقلم الصحفية  الصينية وانغ مويي

إن الثقافة هي روح الأمة ومصدر إبداعها، وهي من الركائز الأساسية في بناء الأمة ونهضتها. ومن المعروف أن الحضارة الصينية تعدّ واحدة من أقدم الحضارات في العالم والتي مازالت باقية حتى الآن بعد مرور أكثر من خمسة آلاف عام، فهي حضارة وثقافة متواصلة ومستقرة ولم تندثر كما اندثرت الحضارات الأخرى في تاريخ البشرية. بل ظلت الصين أهم دولة فاعلة وحاضرة في شرق آسيا ويشكل الصينيون ثقافة غنية ومتميزة تتسلح بها الأمة الصينية في رحلة تقدمها وتطورها.
تتجذر فكرة “وضع الشعب في المقام الأول” في الثقافة الصينية منذ الزمن القديم، فكانت هناك كثير من الأقوال الصينية القديمة تتحدث عن العلاقة بين الحاكم والشعب، مثل “لحوكمة الدولة قواعد شائعة، وجوهرها وضع مصالح الشعب في الأقام الأول”، و”الشعب هو أساس الدولة، وستحافظ الدولة على أمنها واستقرارها إذا كان أساسها ثابتا”، كما قال منسيوس الفيلسوف الصيني إن “الشعب هو أهم والمجتمع هو الثاني والملك هو الأقل أهمية”، كلها يحتوي على قيم الثقافة الصينية المتمثلة في “وضع الشعب في المقام الأول”. أما في عصرنا، فقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن “جعل حياة الشعب سعيدة، هو أولوية البلاد”، وطرحت الصين مفهوم تنموي وهو “وضع الشعب في المقام الأول” لدفع إنجازات الإصلاح وتنمية البلاد ليعود بالمنافع على جميع أبناء الشعب الصيني بشكل أكثر عدلا وإنصافا.
إذا لم يحصل الحزب الحاكم على دعم جماهير الشعب الغفيرة، ولم يعمل لتحقيق رفاهية الشعب، فيصعب حوكمة الدولة بشكل مستقر ولمدة طويلة. في بداية تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح (عام 1978)، كان مستوى معيشة الشعب الصيني منخفضا، فحوّل الحزب الشيوعي الصيني أولوياته إلى البناء الاقتصادي، وهذا التحول تماشى مع المطالب الملحة لجماهير الشعب الغفيرة آنذاك، وأصبحت جماهير الشعب الغفيرة هي المستفيدة من نمو اقتصاد الصين استفادة حقيقية. فارتفع نصيب الفرد من الدخل السنوي المتاح للصينيين من 171 يوانا صينيا فقط في عام 1978 إلى 35.1 ألف يوان صيني (حوالي 4889 دولار أمريكي) في عام 2021. وتم تحسين معيشة الشعب الصيني في شتى المناحي.
يعدل الحزب الشيوعي الصيني سياساته لمواكبة العصر، فقد أكد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني (عام 2017) على أن التناقض الاجتماعي الرئيسي الحالي قد تحول إلى التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية. فخلال العقد الماضي، من جهة، عملت الصين جاهدة لجعل “الكعكة” أكبر، ومن جهة أخرى، سعت إلى تقسيم “الكعكة” بصورة أفضل وأكثر عدالة. في عام 2021، بلغ نصيب الفرد من الدخل المتاح لسكان الحضر 47412 يوانًا صينيا (حوالي 6599 دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 96.5% عما في عام 2012؛ وبلغ نصيب الفرد من الدخل المتاح لسكان الريف 18931 يوانًا صينيا (حوالي 2635 دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 125.7% عما في عام 2012. في الفترة من عام 2013 إلى عام 2021، كان متوسط معدل نمو الدخل السنوي لسكان الريف أسرع بمقدار 1.7 نقطة مئوية عن سكان الحضر. وخلال العقد الماضي، انخفض فارق الدخل بين المقاطعة ذات الدخل المتاح الأعلى والمقاطعة الأدنى من 4.5 إلى 3.54، وتجاوزت أعداد متوسطي الدخل 400 مليون نسمة، ليشكل أكبر مجموعة من متوسطي الدخل في العالم. رغم الصعوبات التي تواجهها، تعزم الصين تقليص فجوة الثروة بين مختلف المناطق ومختلف الفئاة الاجتماعية.
مع تحسين مستوى معيشة الشعب، أصبحت متطلبات المواطنين للبيئة أعلى. فخلال السنوات العشر الماضية، واصلت الصين زيادة الاستثمار في مجالات حماية البيئة، وتم تخصيص ما مجموعه 100 مليار يوان صيني (حوالي 13.9 مليار دولار أمريكي) في الميزانية المركزية لدعم بناء البنية التحتية البيئية، وحققت الصين تحسنا في جودة البيئة بشكل ملحوظ، وخلال السنوات العشر الماضية، زادت مساحة الغابات في الصين بنسبة 7.1% لتصل إلى 227 مليون هكتار، وزادت نسبة استخدام الطاقة النظيفة من 14.5% إلى 25.5%، وارتفعت نسبة المسطحات المائية الممتازة في البلاد بمقدار 23.3 نقطة مئوية لتصل إلى 84.9%، وهي نسبة قريبة من مستوى الدول المتقدمة. لتصبح البيئة المعيشية لأبناء الشعب الصيني أكثر ملاءمة للعيش خلال هذه السنوات.
“وضع الشعب في المقام الأول” لأن الصين تدرك دور الشعب في تنمية البلاد ومصير الأمة، فوضع الشعب كهدف أساسي لتنمية البلاد، لتكون التنمية من أجل تحقيق رفاهية الشعب، هذا ما يعد أحد أسرار استمرار الحضارة الصينية حتى اليوم ونجاح الحزب الشيوعي الصيني في حوكمة الدولة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى