المؤتمر الـ20: تداخل وانسجام بين الوطني والأُممي
اجنادين نيوز / ANN
الأكاديمي مروان سوداح
الناشر : وكالة اجنادين الإخبارية العراقية إحدى وسائل الإعلام العربية المتحالفة مع الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين
المُلاحَظ في المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، أن مجموع المندوبين الحضور يعملون كرَجُلٍ واحدٍ ، إِنِ اشتكَى رَأسَهُ ، تَدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بِالْحُمَّى والسهرِ، وعقل واحد مُتَّحِد في مختلف القضايا، أكانت فكرية أو سياسية أو غيرها، وتجمعهم وَحْدَة الأهداف والمَرامي بشأن الوضع الصيني الداخلي وسياسات الصين الخارجية، وهذه لعمري ظاهرة سياسية نادرة الحدوث في أحزاب مختلف الأقطار، إذ غالباً ما يختلف الحضور من المؤتمرين في الدول الأخرى، وتشتد في أوساطهم المُلاسنات والمواجهات، بخاصةٍ بين مجموعات الضغط واللُّوبِيَّات الحزبية المتعددة، فلكل منهم ومنها خططه وتطلعاته، وهي تؤدي غالباً إلى خلافات عميقة، تقود أحياناً إلى انشقاقات في الأحزاب والمنظمات السياسية ومنها الشيوعية، كما كان أمرنا في الحزب الشيوعي الأُردني، الذي سبق وانقسم على نفسه، وصار لدينا ثلاثة أحزاب شيوعية! فقد كان أول انقسام خلال قيادة الرفيق المجيد والمرحوم فؤاد نصار الأمين العام للحزب، فهو المناضل والسلاح في يديه يردع به الفلتان الصهيوني في فلسطين، وهو الذي كان محور الحزب وصورته وجوهره، إلا أن ذلك لم يُنقذ الحزب الذي خرج مِنه مَن خرج لتأسيس الحزب الشيوعي الأُردني – الكادر اللينيني –، برئاسة الرفيق فهمي السلفيتي، والحزب الشيوعي الأردني “الآخر” بقيادة الرفيق عيسى مدانات، رحمهما الله. كان مدانات النائب المنتخب عن محافظة الكرك، في الانتخابات التي تلت الانفتاح السياسي عام 1989.
لقد عشتُ فعلياً كل هذه الإنقسامات بتداعياتها ومشكلاتها وانعكاساتها، فقد عاش فؤاد نصار وزوجته البلغارية “ليلى” في بيتنا لمدة كافية، وكنت أطَّلِع من خلال الأدبيات الحزبية وغيرها التي يختزنها، على مختلف القضايا السياسية والدولية، وبعد مغادر فؤاد نصار البلاد للخارج، غدوت عضواً في “الكادر اللينيني”، الذي كان يسيطر على “جمعية الصداقة الأردنية السوفييتية”.
على مدار عشرات السنين من علاقاتي الطيبة مع الصين، ومعرفتي عن قُرب للقيادات الصينية ومؤسسات الصين، لاحظتُ بإعجاب وتقدير كم عميقاً هو تقديس الحزب الشيوعي الصيني للإلتزام الحزبي الصارم في إطار التنظيم الهرمي وخارجه في الفضاءات التي يتواجد فيها هذا الحزبي، ليعكس أهمية حزبه، ودوره القيادي في المجتمع الذي يرنو للوصول إلى مرحلة الكفاية، ونقل هذا الهدف الشريف وآليات نجاحه للمجتمعات الأخرى لإنقاذها من الفَقر والفَقر المُدقع، والفَاقَة، والتخلف التقني والاقتصادي وغيرها. وبالتالي، ضرورة أن ينطق جميع الأعضاء في القيادات والقواعد، ومروراً بالحلقات الوسطى، بلسان واحد لأن من شأن ذلك فقط إفساح المجال وسيعاً أمام الحزب ومؤسسات الدولة لترجمة كل خططتها على أرض الواقع بكل يُسر ودِقَّة، والفوز بصورة ولا أحسن أمام الأنظمة السياسية المختلفة، لتأكيد صحيح النهج الصيني، وبالتالي، جَمع الثِمار اليانعة من إزدهارها ونجاحاتها لخير الحزب والشعب الصيني الذي يفوق تِعداده ملياراً ونصف المليار نسمة، ولأجل صورة بارزة للصين في مدارات البسيطة، وفاعلية تُيَسِّر علاقاتها مع الآخرين، وإتاحة سُبل مساعداتها السخية لهم وللآخر الإنساني، بغض النظر عن توجُّهات هذا الآخر، فالصين ترى في شعوب الكون عائلة واحدة، وتُظهِر مهامها بتأكيدها جسراً صَلداً يمكنه حماية هِبة الحياة المقدسة ومصالح الأُمم. ذلك أن الصين هي الدولة الرئيسية والأولى المُنتجة للسلع في الدنيا، وهي أيضاً الاقتصاد الأول في الدنيا باعتراف تقرير سابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية متوافر على شبكة الإنترنت، إذ مَنحَت العولمة للصين ثماراً مرئية وواضحة تماماً، وتمكَّنت بكين من التوظيف الكامل للفرص التي أتيحت لها، بتفعيل العلوم الطليعية والممارسة الاقتصادية الصينية التقدمية برمتها.
نتطلع للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني الحليف لأن يكون من ضمن أولوياته مزيداً من تفعيل سياساته الخارجية، والمساهمة في حَلِّ مختلف الأزمات الدولية على اختلاف مشاربها وتسييد السلام الشامل، ولتثبيت الصِّلات المتميزة بين بكين وعواصم المَعمورة. والأهم هنا هو، أننا نتطلع إلى إزدياد تكريس مواقف الأمين العام للحزب ورئيس الدولة الرفيق شي جين بينغ في ملفات السياسة الخارجية، لتقود الصين السلام العالمي سوياً مع حلفائها الآخرين الساعين إلى الآمان الدولي والنهضة الشاملة، ومنهم روسيا بوتين، وكوريا زوتشيه وسونغون كيم جونغ وون وفيتنام غيرهم، وعموماً ترسيخ تحالفات الصين أممياً، لأن المناخ العام الحالي في شتى القارات إنَّمِا يتطلب تأكيد ذلك بالسرعة المُمكِنة، فكما هو الشعب الصيني ملتف حول شي جين بينغ، زعيمه الوطني تماماً كما أظهر ذلك وأبرزه المؤتمر الحزبي الـ20، سيلتف ناس الكون مِن أصحاب النوايا الحسنة من حوله أيضاً لتعبيد الطريق إلى كوكب أرضي بطلعة جديدة، تُعلي فِعلاً قِيم الصداقة والأُخوَّة والإنسانية والتضامن البشري في كل الملفات والأنشطة.