بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد
اجنادين نيوز / ANN
بقلم الصحفية الصينية فيحاء وانغ شين
في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي، التي عقدت في يوليو 2020 اتفق الجانبان الصيني والعربي على عقد القمة الصينية العربية الأولى التي سيتضمن جدول أعمالها مسألة بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد. في الوقت نفسه، تتطلع الصين والدول العربية إلي عقد الدورة العاشرة لالجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي في الصين في عام 2022.
إن رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية جزء مهم من رابطة المصير المشترك للبشرية. تمثل الصين والدول العربية قوتين سياسيتين مهمتين على الساحة الدولية، وينبغي أن يستمر التعاون الثنائي في التطور في موجة التنمية والتقدم العالميين وفي وتيرة التاريخ البشري. وعلى خلفية الوضع الدولي الذي يشهد تطورات متسارعة وتغييرات كبيرة وتحولات ضخمة، يصبح بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية أكثر أهمية.
يقول العرب إن الصداقة شجرة جذورها الوفاء وأغصانها الوداد وثمارها الاتصال. تاريخيا كان هناك تبادلات اقتصادية وتجارية وثقافية مكثفة بين الصين والدول العربية وترتبط مصائر الجانبين ارتباطا وثيقا، ما وفر أساسا تاريخيا قويا لبناء رابطة المصير المشترك بينهما. على الرغم من البعد الجغرافي بين الصين والدول العربية، فإن شعبيهما متقاربان مثل عائلة واحدة. ومن خلال التبادلات عبر الزمان والمكان يتعامل الشعبان الصيني والعربي مع بعضهما البعض في الصدق والإخلاص. ونشأت بينهما صداقة مخلصة على طريق الحرير القديم، وتقاسما السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، وساعد كل منهما الآخر في رحلة بناء بلدانهم. تتمتع الصين والدول العربية بعلاقات جيدة على الدوام فالصينيون والعرب شركاء وإخوة في السراء والضراء. والثقة المتبادلة بينهما غير قابلة للكسر ولا يمكن شراؤها بالمال.
في الوقت الحالي لا يزال وباء كوفيد 19 ينتشر في كافة أرجاء العالم، والوضع الوبائي في المناطق والدول المختلفة معقد للغاية ولا يمكن التنبؤ به. لقد أصبح مفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية أكثر أهمية وقيمة في هذه اللحظة المظلمة. منذ تفشى كوفيد 19 اتخذت الصين والبلدان العربية معا إجراءات بشكل سريع لمعالجة الوباء وتعزيز التعاون الثنائي في مجال الصحة وهذا تجسيد حي للمصير المشترك بين الصين والدول العربية.
الأمن والاستقرار شرطان أساسيان للتنمية الوطنية وهما مرتبطان ارتباطا وثيقا بالمصالح الأساسية لجميع بلدان العالم. والدعم المتبادل للمصالح الجوهرية والدفاع عن العدالة الدولية ملمحان مميزان للعلاقات الصينية العربية والجوهر الأساسي لبناء رابطة المصير المشتركة بين الجانبين. تقف الدول العربية دائما بجانب الصين في القضايا التي تتعلق بالمصالح الجوهرية لها مثل قضايا شينجيانغ والتبت وهونغ كونغ وغيرها. كما اقترحت الصين مبادرات جديدة بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية والاتفاق النووي الإيراني وأمن الخليج والقضية السورية وتسعى جاهدة لإشراك جميع الأطراف في الشرق الأوسط لا سيما الأطراف المتنازعة، والتفاوض على إقامة حوار أمني وآلية تعاون مقبولة لجميع الأطراف.
يعيش العالم اليوم في عصر التغيرات والتحديات والفرص المضطربة في ظل الوضع الجديد ونقطة الانطلاق الجديدة، كيف يمكن للصين والدول العربية مواصلة تعزيز بناء شراكة استراتيجية شاملة لإفادة شعبي الجانبين بشكل أفضل؟
ينبغي لكل من الصين والدول العربية التركيز على بناء رابطة المصير المشترك المتطورة والمزدهرة بينهما. يعتبر بناء رابطة المصير المشترك للبشرية مشروعا منهجيا ومبادرة الحزام والطريق هي منصة عملية مهمة لبناء رابطة المصير المشترك للبشرية. الدول العربية شريكة طبيعية لمبادرة الحزام والطريق لموقعها الجغرافي الذي يقع عند تقاطع الحزام والطريق. لم يتسبب وباء كوفيد 19 في توقف التعاون بين الصين والدول العربية بل قام الجانبان بتنشيط التعاون في إطار الحزام والطريق وتم إطلاق العديد من المشروعات الرئيسية بالنجاح. على سبيل المثال تم الانتهاء من الهيكل الرئيسي لأطول برج في إفريقيا في منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر كما تم الانتهاء من مشروع بناء الملعب الرئيسي لكأس العالم 2022 في قطر. مما يساهم بشكل ملموس في الاستقرار الاجتماعي والانتعاش الاقتصادي وإفادة الناس في المنطقة.
في هذا العصر، تسير كل من الصين والدول العربية قدما على طريق النهضة الوطنية، وتعد التنمية المشتركة أكثر تطلعات الجانبين حماسة. يتعين على الصين والدول العربية تعميق مواءمة استراتيجيات التنمية، وتعزيز تقارب المعايير والقواعد في مختلف المجالات، والمساعدة في تنشيط تنمية الدول العربية، وتحقيق حلم نهضة الأمة في الصين والدول العربية معا. ويجب العمل معا من أجل البناء العالي الجودة للحزام والطريق وتعميق التعاون التقليدي في مجال الطاقة والقدرة الإنتاجية وتوسيع التعاون في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء وخلق أقطاب نمو جديد في التعاون الرقمي والصحي والأخضر.
تعتبر الصين والدول العربية من الدول النامية ويمثل مجموع مساحة أراضيهما سدس مساحة الأرض في العالم ويمثل مجموع سكانها ما يقرب من ربع إجمالي سكان العالم وتشكل اقتصاداتها ثمن إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي ولأن الصين والدول العربية تتمسكان بمفهوم الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين وتصران على تقاسم ثمار التنمية المشتركة، تعمقت وتعززت الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين.
يقول مثل صيني قديم: صداقة الأمم تكمن في العلاقة بين الشعب، والعلاقة بين الشعوب تكمن في تآلف قلوبهم. في ظل الشراكة الاستراتيجية الوثيقة المتزايدة بين الصين والدول العربية فإن التكامل الوثيق للمصالح الاقتصادية وحدها لا يكفي لتلبية الحاجة إلى تنمية وازدهار رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.
لدينا أسباب قوية للاعتقاد بأن نجاح القمة الصينية العربية الأولى سيترك بصمة غير عادية في تاريخ العلاقات الصينية العربية وسيساهم بالضرورة في قضية بناء رابطة المصير المشترك للبشرية.