تقرير عن التعاون الصيني العربي في العصر الجديد

اجنادين نيوز / ANN

أصدرت وزارة الخارجية بجمهورية الصين الشعبية تقريراً عن التعاون الصيني العربي في العصر الجديد 

المقدمة

تقع الدول العربية في منطقة التلاقي بين قارتي آسيا وإفريقيا، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 13.26 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها الإجمالي حوالي 415 مليون نسمة. تتمتع الدول العربية بعدد كبير من السكان وثقافة عريقة وتاريخ ممتد وطاقة وموارد وافرة وإمكانيات هائلة للتنمية، ولها تأثير مهم في الشؤون الإقليمية والدولية.

تضرب العلاقات بين الصين والدول العربية بجذورها في أعماق التاريخ، التي ترجع إلى طريق الحرير القديم قبل أكثر من 2000 سنة. منذ ذلك الحين فصاعدا، ظل السلام والتعاون والانفتاح والشمول والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك عنوانا رئيسيا لتاريخ التواصل بين الصين والدول العربية. على مدى أكثر من 70 سنة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تآزرت وتساندت الصين والدول العربية بكل صدق وإخلاص وبروح الفريق الواحد في سبيل تحقيق الاستقلال الوطني ونهضة الأمة، وتضامنت وتعاونت للدفاع عن الحق وتحقيق الكسب المشترك في المحافل الدولية سياسيا واقتصاديا، وحقق التعاون الودي بين الجانبين طفرة تاريخية من حيث النطاق والعمق، وأصبح قدوة يحتذى بها لتعاون الجنوب والجنوب.

في ظل التغيرات غير المسبوقة التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة، تواجه الصين والدول العربية فرصا وتحديات تاريخية متشابهة، فهي تحتاج بشكل أكثر إلى تكريس الصداقة التاريخية وتعميق التعاون الاستراتيجي فيما بينها، والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وخلق مستقبل أجمل للعلاقات الصينية العربية سويا.

أولا، الصداقة الصينية العربية الممتدة لآلاف السنين

في مسيرة التاريخ الطويلة، ظلت الصين والدول العربية والدول العربية في مقدمة الركب للتواصل الودي بين شعوب العالم في الأزمنة القديمة. وظل السلام والتعاون والانفتاح والشمول والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك عنوانا رئيسيا للتواصل الصيني العربي.

(1) التواصل التاريخي منذ أسرة تشين الملكية وأسرة هان الملكية

بدأ التواصل بين الأمتين الصينية والعربية قبل أكثر من 2000 سنة، حيث انطلق طريق الحرير البري من مدينة تشانغآن عاصمة أسرة هان الملكية، مرورا بآسيا الوسطى ومنطقة الرافدين، حتى امتد إلى سورية ومصر والمناطق الأخرى. أما طريق التوابل الذي تم شقه لاحقا، فانطلق من مدن قوانغتشو وتشوانتشو ويانغتشو وهانغتشو ومينغتشو (مدينة نينغبو اليوم) وإلخ، مرورا بمضيق الملقا ومضيق هرمز، حتى وصل إلى العراق وعُمان واليمن وسورية ومصر والمناطق الأخرى.

أصبح طريق الحرير البري وطريق التوابل البحري شريانين أساسيين للتواصل بين الحضارتين الشرقية والغربية، حيث انتقلت صناعة الورق والبرود والطباعة والبوصلة من الصين إلى العالم العربي، ومن خلاله إلى أوروبا، الأمر الذي عزز التطور والتقدم الثقافي والتكنولوجي في العالم العربي وأوروبا والمناطق الأخرى. كما انتقلت علوم الفلك والتقويم والطب والصيدلة والرياضيات من العالم العربي إلى الصين، الأمر الذي أثرى إنجازات الصين في هذه المجالات. كما نالت المباني والملابس والرسوم بالأسلوب العربي إعجاب الشعب الصيني.

وبدأ تاريخ التواصل الصيني العربي الذي سجل رسميا في أسرة هان الملكية الشرقية، حيث أوفد بان تشاو مفوض الصين العسكري في المناطق الغربية نائبه قان ينغ إلى روما القديمة، فوصل الأخير إلى “تياوتشي” (اسم المنطقة العربية في سجل أسرة هان الملكية)، مما ترك أقدم سجل لسفر الموفد الحكومي الصيني إلى العالم العربي. قبل أكثر من 1200 سنة، وصل البحار العربي أبو عبيد إلى مدينة قوانغتشو على متن سفينة انطلقت من ميناء صحار العماني، مما ترك أقدم سجل للملاحة من شبه الجزيرة العربية إلى الصين. وسجل المؤرخ الجغرافي العربي أبو الحسن المسعودي مشاهد التواصل البحري بين الصين والدول العربية في كتابه “مروج الذهب”.

شهدت أسرة تانغ فترة الازدهار لطريق الحرير، وهي أيضا فترة الازدهار في تاريخ التواصل الصيني العربي، التي صار تبادل الأفراد بين الجانبين فيها أوثق. قال رسول الله محمد: “اُطلب العلم ولو في الصين.” بعد رحيله، أرسلت الإمبراطورية العربية مبعوثيها إلى أسرة تانغ الملكية لعدة مرات، حيث تم تسجيل في “تاريخ تانغ القديم”: “مبعوث دولة داشي (المنطقة العربية حاليا) إلى أسرة تانغ الملكية يقدم هدايا بلاده إلى الإمبراطور”. كما أرسلت الدولة الأموية مبعوثها إلى الصين، الذي منحه الإمبراطور الصيني في أسرة تانغ الملكية منصب “معاون جنرال” و”ثوب أرجواني وحزام ذهبي”. وفقا لما ورد في المؤلفات التاريخية مثل “تس فو يوان قوي” و”تسي تشي تونغ جيان”، تم إرسال المبعوثين العرب إلى أسرة تانغ الملكية لـ40 مرة في الفترة ما بين عامي 651 و798م. وصف سليمان السيرافي، تاجر عربي زار الصين في أسرة تانغ الملكية، في كتابه تحت عنوان “رحلة السيرافي”، وصف الصين بأنها “أرض جميلة وجذابة”، وأن “الصينيين هم أكثر براعة في الرسم والفن الحرفي وغيرها من الأشغال اليدوية”. في هذه الفترة، زار عديد من الرحالة والتجار الصينيين المنطقة العربية، حيث وصل الرحال دوهوان في أسرة تانغ الملكية إلى دا شي (المنطقة العربية حاليا) وسجل المشاهد المزدهرة فيها واصفا بأن “أراضيها تنتج كافة الأنواع من المحتاجات” وأنها “تقع في نقطة التلاقي للمواصلات، وتمتلئ أسواقها ببضائع بكافة أنواعها وأسعارها مثل الحرير والمطرزات واللآلئ والمجوهرات”.

في أسرة سونغ الملكية، ازداد عدد التجار العرب في الصين، وهم مكثوا في فانفانغ (مجمعات سكنية مخصصة للأجانب) في قنوانغتشو وغيرها من المدن الساحلية في جنوب شرقي الصين. وعينت حكومة أسرة سونغ الملكية التجار العرب مدراء لفانفانغ للتعامل مع شؤونهم.

في أسرة يوان الملكية، تعمق التعارف بين الجانبين الصيني والعربي، حيث وصل الملاح الصيني وانغ دايوان إلى المنطقة العربية، أي مصر والسعودية واليمن والصومال وغيرها من الدول العربية في الوقت الحالي، ووصل إلى المكة المكرمة، واصفا إياها في كتابه “داو يي تشي ليويه (سجلات الجزر)” بأنها “تتميز بمناظر طبيعية جميلة وطقس معتدل في الفصول الأربعة، ولها حقول خصبة تزرع فيها الأرز بكثافة، ويعيش أهلها بالأمان والرخاء.” وسجل العالم الجغرافي العربي أبو عبدالله محمد بن محمد الإدريسي في مؤلفه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” أن “الصين بلد مترامي الأطراف ذو سكان كثر”، وأن “موانئها مكتظة بالسكان ومزدهرة بالتجارة”.

في أسرة مينغ الملكية، سافر الملاح المسلم تشنغ خه إلى “البحار الغربية” لعدة مرات، وزار في رحلاته ظفار العمانية وعدن اليمنية ومكة المكرمة ومقديشيو الصومالية وغيرها من المناطق العربية، مما عمق معرفة الجانب الصيني للعالم العربي. وتم الإشادة بالعالم العربي حسب ما ورد في “تاريخ أسرة مينغ الملكية” بأنه “بلد السعادة” الذي يعيش أهله الطيبون في الأمان والتناغم بدون انزعاج. وألف المرافقون لتشنغ خه في الرحلات البحرية، وهم ما هوان وفي شين وقونغ تشن، كتبا تحت عنوان “شينغيا شنغلان (الرحلات إلى ما وراء البحر)” و”شينغتشا شنغلان (رحلات الأسطول)” و”شييانغ فانقوه تشي (عن الدول في الغرب)” كل على حدة، وكلها تضم سجلات عن الدول العربية. وأرسلت بعض الدول العربية مبعوثيها إلى الصين ضمن طقم أسطول تشنغ خه، سحب ما ورد في “تاريخ أسرة مينغ”، “في العام الـ14 لعهد الإمبراطور يونغله، بعثت بلاد آدان (عدن حاليا) مبعوثا لتقديم رسالة الملك وهداياه إلى الإمبراطور. بعد مغادرة المبعوث، أمر الإمبراطور تشنغ خه بسفر إلى آدان، لإهداء الحرير الملون إلى الملك. بعد ذلك، قام مبعوثو بلاد آدان بأربع زيارات إلى الصين لتقديم الهدايا”.    

إن التواصل بين الجانبين على مدى أكثر من 2000 سنة عبر الزمان وعلى رغم البعد الجغرافي، زاد من التعارف والثقة المتبادلة بين الشعب الصيني والشعوب العربية، وعزز تدفق السلع والتواصل الحضاري بين طرفي قارة آسيا، وقدم مساهمة مهمة في التطور والتقدم للبشرية، مما سجل فصلا رائعا في تاريخ التواصل الحضاري العالمي.

(2) العلاقات الصينية العربية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية

1. التقاسم في السراء والضراء في النضال من أجل التحرر القومي.

تأسست جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وحققت الدول العربية استقلالها على التوالي في خمسينات القرن الماضي. ظلت الصين الجديدة والدول العربية تتبادل الدعم في النضال من أجل الدفاع عن كرامة الأمة وسيادة البلاد، الأمر الذي فتح عهدا جديدا للتواصل الودي بين الصين والدول العربية.

في عام 1955، فتح مؤتمر باندونغ الباب لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية، حيث قام رئيس مجلس الدولة تشو أنلاى الذي حضر هذا المؤتمر على رأس الوفد الصيني، بتواصل واسع النطاق مع الممثلين من مصر والسعودية واليمن ولبنان والأردن والسودان وليبيا وغيرها من الدول العربية، مؤكدا على الدعم لنضال مصر من أجل تأميم قناة السويس وإدراج القضية الفلسطينية في جدول أعمال المؤتمر، والدعوة إلى حل قضية اللاجئين العرب في فلسطين، ودعم نضال الشعوب في شمال إفريقيا لكسب الاستقلال، ومؤكدا على “أن الشعب الصيني يتعاطف ويدعم بشكل كامل نضال الشعوب في الجزائر والمغرب وتونس من أجل تقرير مصيرهم وتحقيق استقلالهم ونضال الشعوب العربية في سبيل حقوق الإنسان في فلسطين”.

في عام 1956، أقامت الصين العلاقات الدبلوماسية مع مصر، مما أطلق الذروة الأولى لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية. لغاية عام 1965، تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وكل من سورية واليمن والعراق والمغرب والجزائر والسودان والصومال وتونس وموريتانيا وغيرها من الدول. في عام 1971، تم استعادة المقعد الصيني الشرعي في الأمم المتحدة، مما أتى بالذروة الثانية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية. لغاية عام 1978، تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وكل من الكويت ولبنان والقمر والأردن وعمان وليبيا وغيرها من الدول. في نهاية عام 1978، بدأت الصين تنفذ سياسة الإصلاح والانفتاح، مما دفع بالذروة الثالثة لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية. لغاية عام 1990، تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وكل من جيبوتي والإمارات وقطر وفلسطين والبحرين والسعودية وغيرها من الدول. إلى هنا، تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية.

ظلت الصين تدعم نضال الشعوب العربية ضد الإمبريالية وكسب الاستقلال القومي والحفاظ عليه، وتدعم حكومات الدول العربية لانتهاج سياسة عدم الانحياز والمسالمة والمحايدة، وتدعم تطلعات الشعوب العربية إلى تحقيق التضامن والوحدة بطرق اختارها أنفسهم، وتدعم الدول العربية لتسوية النزاعات بينها عبر التشاور السلمي، وتدعو إلى ضرورة احترام سيادة الدول العربية من قبل جميع الدول الأخرى، وترفض الاعتداء والتدخل من أي طرف، الأمر الذي نال ثقة الدول العربية وشعوبها، وأرسى أساسا سياسيا متينا للتطور المستمر والسريع للعلاقات الصينية العربية.

2. النضال كتفا بكتف على الساحة السياسية الدولية.

خلال الحرب الباردة، نشأت وتطورت حركة عدم الانحياز التي بادر إليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس يوغوسلافيا جوزيف بروز تيتو ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو. تهتم الصين بتطوير وتعزيز العلاقات مع حركة عدم الانحياز، وتعميق التعاون مع الدول النامية الغفيرة بما فيها الدول العربية، الأمر الذي فتح عهدا جديدا لوحدة الدول النامية، ودفع عملية تعددية الأقطاب والعولمة الاقتصادية إلى الأمام.

قدمت الدول العربية دعما قويا للصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة ومسألة تايوان وغيرها من المسائل. في عام 1971، تم اعتماد مشروع القرار المطروح من قبل الجزائر وألبانيا بأغلبية ساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث صوتت 76 دولة بما فيها 13 دولة عربية لصالح مشروع القرار، مما أعاد المقعد الشرعي إلى جمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة منذ ذلك الحين الذي يعد لحظة مفصلية خالدة في تاريخ العلاقات الدولية.

منذ ثمانينات القرن الماضي وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، تعمل الصين والدول العربية على دفع تعددية الأقطاب للقوى الدولية ودمقرطة العلاقات الدولية، وتعمل سويا على الدفع بإقامة نظام جديد أكثر عدلا وديمقراطية، والتركيز على الدعوة إلى احترام ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأخرى المعترف بها في العلاقات الدولية، والتمسك بمبدأ مساواة السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحق جميع الدول في المشاركة المتساوية في الشؤون الدولية مهما كانت كبيرة أو صغيرة، قوية أو ضعيفة، فقيرة أو غنية؛ ودعم حقوق كافة الشعوب لكسب الحرية والاستقلال والسيادة على جميع أراضيها وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. إن هذه الرؤى التي تعكس المطالب السائدة للدول النامية ساهمت في صيانة المصالح المشتركة للدول النامية وتدعيم القضية العادلة للسلام والتنمية في العالم.

3. التعاون والكسب المشترك في بناء الوطن وموجة العولمة الاقتصادية.

تتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وبدأ التبادل التجاري بين الجانبين قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية. تتمتع الدول العربية بالموارد والطاقة الوافرة. حسب “التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2021” الصادر عن صندوق النقد العربي، يشكل حجم احتياطي النفط في الدول العربية 55.7% من احتياطي النفط المثبت في العالم. مع تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، نما حجم التبادل التجاري بين الجانبين بسرعة، وازدادت نسبة التجارة النفطية بين الجانبين من إجمالي التبادل التجاري. في فترة العقود الأربعة من عام 1970 إلى عام 2010، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بأكثر من 620 ضعفا، وازدادت الواردات النفطية الصينية من الدول العربية بحوالي 30 ضعفا في فترة العقدين من بداية التسعينات إلى عام 2010.

بعد انتهاء الحرب الباردة، شهدت العولمة الاقتصادية تطورا معمقا، وشهد التعاون بين الصين والدول العربية في كافة المجالات تطورا سريعا وشاملا، حيث أصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل. ويتعمق التعاون العملي المتركز على النفط الخام والبتروكيماويات بين الجانبين، مما أقام علاقات الشراكة الاستراتيجية المستقرة والموثوق بها بينهما في مجال الطاقة. مع التطور المتسارع للعملية الصناعية في الدول العربية، يتقدم التعاون الصيني العربي في مجالات الاستثمارات الصناعية والتواصل والترابط والمقاولات الهندسية على نحو معمق، إذ أن المشاريع التي بنتها الصين، بما فيها مسجد الجزائر الأعظم وإستاد لوسيل في قطر ومبنى بنك الكويت المركزي الجديد وسد مروي ومشروع تعلية سد الروصيرص ومجمع أعالي عطربة في السودان، حققت منافع اقتصادية واجتماعية جيدة، وطُبعت صور هذه المشاريع في العملات الوطنية لهذه الدول.

(3) التواصل بين الصين وجامعة الدول العربية

1. لمحة عن جامعة الدول العربية.

تأسست جامعة الدول العربية في يوم 22 مارس عام 1945، ويقع مقرها في القاهرة المصرية، وتكون مقاصدها تكثيف التعاون بين الدول الأعضاء وتنسيق النشاطات السياسية وتعزيز التعاون بينها في مجالات الاقتصاد والمالية والنقل والمواصلات والثقافة والصحة والخير الاجتماعي والقضاء وغيرها، ولدى الجامعة 22 عضوا، وهي مصر والأردن وسورية ولبنان وفلسطين والسعودية والعراق واليمن والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان والجزائر والمغرب وتونس وليبيا والسودان وموريتانيا وجيبوتي والصومال والقمر.

2. العلاقات بين الصين وجامعة الدول العربية.

تربط الصين وجامعة الدول العربية علاقات الصداقة. بدأت الصين الاتصال بجامعة الدول العربية بعد إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع مصر في عام 1956. وفتحت الجامعة مكتبها في الصين في عام 1993. ووقعت وزارة الخارجية الصينية مذكرة التفاهم بشأن إنشاء آلية المشاورات السياسية مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في عام 1999. وعينت الصين السفير الصيني لدى مصر مندوبا صينيا لدى جامعة الدول العربية في أكتوبر عام 2005. وأقامت وزارة الخارجية الصينية آلية الحوار السياسي والاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في يونيو عام 2015.

تبقي الصين وجامعة الدول العربية على التواصل المكثف على المستوى الرفيع. في عام 1996، قام أمين عام جامعة الدول العربية آنذاك أحمد عصمت عبد المجيد بزيارة رسمية إلى الصين. في إبريل عام 2002، التقى رئيس مجلس الدولة الصيني آنذاك تشو رونغجي بأمين عام جامعة الدول العربية آنذاك عمرو موسى خلال زيارته لمصر. في يناير عام 2004، زار الرئيس الصيني آنذاك هو جينتاو مقر جامعة الدول العربية، حيث طرح المبادئ الأربعة حول التعاون الصيني العربي. في نوفمبر عام 2009، زار رئيس مجلس الدولة آنذاك وين جياباو مقر جامعة الدول العربية، حيث ألقى الخطاب تحت عنوان “احترام تنوع الحضارات”. في مايو عام 2012، قام أمين عام جامعة الدول العربية آنذاك نبيل العربي بالزيارة إلى الصين. في أغسطس عام 2014، زار وزير الخارجية وانغ يي مقر جامعة الدول العربية. في يونيو عام 2015، زار مستشار الدولة آنذاك يانغ جيتشي مقر جامعة الدول العربية. في مارس عام 2016، زارت نائبة رئيس مجلس الدولة آنذاك ليو ياندونغ مقر جامعة الدول العربية. في يوليو عام 2018، زار أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الصين وحضر الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي. في يناير عام 2019، التقى الممثل الخاص للرئيس شي جينبينغ عضو المكتب السياسي مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يانغ جيتشي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال زيارته لمصر. في يناير عام 2020، التقى مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال زيارته لمصر. في يوليو عام 2021، التقى مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال زيارته لمصر، وأصدر الجانبان “بيانا مشتركا بين وزارة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية”، وهو يعد أول بيان مشترك أصدره أمين عام جامعة الدول العربية مع وزير الخارجية الزائر من دولة خارج المنطقة.

يولي الرئيس شي جينبينغ اهتماما بالغا للعلاقات مع الدول العربية وجامعة الدول العربية. في يناير عام 2016، قام الرئيس شي جينبينغ بزيارة لمقر جامعة الدول العربية، حيث ألقى كلمة مهمة تحت عنوان “التشارك في خلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية”. في نوفمبر عام 2022، بعث الرئيس شي جينبينغ ببرقية التهاني إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، وأعرب فيها عن تهنئته بعقد الدورة الـ31 لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.

(4) تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي وتطوره

1. لمحة عن المنتدى.

في سبتمبر عام 1999، طرح أمين عام جامعة الدول العربية آنذاك أحمد عصمت عبد المجيد لأول مرة فكرة تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي. في مارس عام 2000، تم اعتماد قرار في مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري أوصى بتأسيس “منتدى التعاون العربي الصيني”. في يوم 30 يناير عام 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي بإصدار “بيان مشترك بشأن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي”. في يوم 14 سبتمبر عام 2004، عقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في مقر جامعة الدول العربية، الأمر الذي رمز إلى انطلاق أعمال المنتدى رسميا.

يضم منتدى التعاون الصيني العربي الصين و22 عضوا في جامعة الدول العربية، وهدفه هو تعزيز الحوار والتعاون وتدعيم السلام والتنمية. بعد 18 سنة من التطور، لقد تمت إقامة 17 آلية تعاون في إطار المنتدى تشمل الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين والحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين وندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية ومؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمارات ومؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة ومهرجان الفنون العربية/ مهرجان الفنون الصينية وندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام ومؤتمر الصداقة الصينية العربية وملتقى المدن الصينية العربية ومنتدى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو ومنتدى المرأة الصينية العربية ومنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة وملتقى التعاون الصيني العربي في مجالات الإذاعة والتلفزيون واجتماع الخبراء الصينيين والعرب في مجال المكتبات والمعلومات ومؤتمر التعاون الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والإبداع. قد أصبح منتدى التعاون الصيني العربي محركا مهما يدفع تطور العلاقات الصينية العربية، وهو نصب نموذجا ناجحا للتعاون العابر الأقاليم على الساحة الدولية.

2. الاجتماعات الوزارية المتعاقبة للمنتدى.

قد عقدت 9 دورات للاجتماع الوزاري للمنتدى لغاية اليوم. في يوم 14 سبتمبر عام 2004، عقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في القاهرة المصرية، حيث تم اعتماد وثيقتين ختاميتين، أي “إعلان منتدى التعاون الصيني العربي” و”برنامج عمل منتدى التعاون الصيني العربي”. رأى الجانبان بالإجماع أن المنتدى باعتباره آلية جديدة لتعزيز الحوار والتعاون الجماعيين بين الصين والدول العربية، يسهم في إثراء مقومات العلاقات الصينية العربية والارتقاء بمستوى التعاون على نحو شامل. كما توصل الجانبان الصيني والعربي إلى التوافق حول إقامة علاقات الشراكة القائمة على المساواة والتعاون الشامل.

في الفترة ما بين يومي 31 مايو و1 يونيو عام 2006، عقدت الدورة الثانية للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بيجينغ، حيث تم اعتماد 3 وثائق ختامية، أي “بيان الدورة الثانية للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2006-2008″ و”مذكرة التفاهم بشأن عقد مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب لمنتدى التعاون الصيني العربي”. واتفق الجانبان الصيني والعربي على إقامة آلية استضافة ندوة صينية عربية للاستثمار بالتناوب، ودفع بنشاط إقامة آلية الحوار للتعاون الصيني العربي في مجال الطاقة.

في الفترة ما بين يومي 21 و22 مايو عام 2008، عقدت الدورة الثالثة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في المنامة البحرينية، حيث تم اعتماد على 4 وثائق ختامية، أي “بيان الدورة الثالثة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2008-2010″ و”البيان المشترك بين حكومة جمهورية الصين الشعبية وجامعة الدول العربية بشأن التعاون في حماية البيئة” و”مذكرة التفاهم بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية بشأن آلية ندوة الاستثمارات”. واتفق الجانبان الصيني والعربي على تسريع وتيرة عملية المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.

في الفترة ما بين يومي 13 و14 مايو عام 2010، عقدت الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في مدينة تيانجين، حيث تم اعتماد 3 وثائق ختامية، أي “الإعلان المشترك حول إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية في إطار منتدى التعاون الصيني العربي” و”البيان الختامي الصادر عن الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2010-2012″. واتفق الجانبان الصيني والعربي على إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية التي تتسم بالتعاون الشامل والتنمية المشتركة في إطار منتدى التعاون الصيني العربي.

في يوم 31 مايو عام 2012، عقدت الدورة الخامسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في الحمامات التونسية، حيث تم اعتماد وثيقتين ختاميتين، أي “بيان الدورة الخامسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2012-2014″. وتبادل الجانبان وجهات النظر بشكل معمق حول تبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر ومكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال وفي مجالات الطاقة وحماية البيئة ومكافحة التصحر والزراعة والسياحة والموارد البشرية والحوار بين الحضارات والتعليم والتكنولوجيا والصحة والإعلام والرياضة وغيرها، وتوصلا إلى التوافق المهم في هذا الصدد.

في يوم 5 يونيو عام 2014، عقدت الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بيجينغ، حيث حضر الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح الجلسة الافتتاحية لها. واعتمد الاجتماع 3 وثائق ختامية، أي “إعلان بيجينغ للدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”الخطة التنموية العشرية لمنتدى التعاون الصيني العربي خلال الفترة 2014-2024″ و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2014-2016″. وأعرب الجانب العربي خلال الاجتماع عن تقديره لاقتراح الجانب الصيني بشأن التشارك في بناء “الحزام والطريق”.

في يوم 12 مايو عام 2016، عقدت الدورة السابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في الدوحة القطرية. وبعث كل من الرئيس الصيني شي جينبينغ وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني برسالة التهنئة إلى الاجتماع، وتم اعتماد وثيقتين ختاميتين فيه، أي “إعلان الدوحة للدورة السابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2016-2018″. واتفق الجانبان الصيني والعربي على إقامة “منتدى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو” في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، وتسريع وتيرة المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي.

في يوم 10 يوليو عام 2018، عقدت الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بيجينغ، حيث حضر الرئيس الصيني شي جينبينغ وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الجلسة الافتتاحية، وتم اعتماد 3 وثائق ختامية فيه، أي “إعلان بيجينغ للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2018-2020″ و”الإعلان التنفيذي الصيني العربي الخاص ببناء ‘الحزام والطريق’”. وأعرب الجانبان الصيني والعربي عن التقدير العالي لمبادرة التعاون في بناء “الحزام والطريق”، واتفقا على الارتقاء بالعلاقات بين الجانبين إلى “علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل”.

في يوم 6 يوليو عام 2020، عقدت الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي بشكل افتراضي، وبعث الرئيس الصيني شي جينبينغ برسالة التهنئة إلى الاجتماع. حضر الاجتماع وزراء الخارجية أو ممثلوهم من 21 عضوا لجامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة، حيث تم اعتماد 3 وثائق ختامية، أي “إعلان عمّان” و”البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2020-2022″ و”البيان المشترك لتضامن الصين والدول العربية في مكافحة وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد”. واتفق الجانبان الصيني والعربي على عقد القمة الصينية العربية، وتبادلا وجهات النظر على نحو معمق حول بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك وتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر والدفع ببناء “الحزام والطريق” وتعزيز التعاون في مكافحة الجائحة واستئناف العمل والإنتاج، وتوصلا إلى توافق مهم في هذا الصدد.

ثانيا، العلاقات الصينية العربية في العصر الجديد

في عام 2012، عقد الحزب الشيوعي الصيني المؤتمر الوطني الـ18 له، حيث دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد. كما دخلت الدول العربية إلى مرحلة من استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة وتحقيق استقرارها وتنميتها وتحولها. منذ عام 2012، حققت علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية تقدما مستمرا وارتفع التعاون في بناء “الحزام والطريق” إلى مستويات جديدة.

(1) التعمق المستمر للثقة الاستراتيجية المتبادلة

1. إقامة مجموعة من علاقات الشراكة الاستراتيجية.

إن العالم العربي منطقة أقامت الصين فيها علاقات الشراكة الاستراتيجية المكثفة. إذ أقامت الصين والدول العربية علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، وأقامت الصين علاقات الشراكة ذات الطابع الاستراتيجي مع 12 دولة عربية على صعيد ثنائي، بما فيها علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والدول الأربع، أي مصر (عام 2014) والجزائر (عام 2014) والسعودية (عام 2016) والإمارات (عام 2016)، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الثماني، أي قطر (عام 2014) والعراق (عام 2015) والأردن (عام 2015) والسودان (عام 2015) والمغرب (عام 2016) وجيبوتي (عام 2017) وعمان (عام 2018) والكويت (عام 2018).

2. تبادل الدعم للحفاظ على المصالح الجوهرية للجانب الآخر.

تدعو كل من الصين والدول العربية إلى احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي، وترفض التدخل الخارجي والهيمنة وسياسة القوة بكافة أشكالها، وتدعو إلى احترام ودعم كافة الدول في اختيار طرقها التنموية بإرادتها المستقلة وفقا لظروفها الوطنية ومقدراتها الوطنية. بعد حدوث الاضطرابات السياسية في بعض الدول العربية في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011، دعمت الصين بثبات الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة وتحقيق الاستقرار والتنمية في أسرع وقت ممكن، وهي عارضت تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية وتغيير النظام فيها تحت شعار ما يسمى بـ “الديمقراطية”. من جانبها، تقدم الدول العربية دعما ثابتا وقويا ودائما للجانب الصيني في المسائل المتعلقة بتايوان وشينجيانغ وهونغ كونغ وحقوق الإنسان وغيرها من المسائل التي تهم مصالحه الجوهرية وهمومه الكبرى.

3. الدفاع سويا عن قواعد العلاقات الدولية.

ظلت الصين والدول العربية تحافظ بحزم على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ وتدعم سويا تعددية الأطراف وتعزز التعاون المتعدد الأطراف وترفض الأحادية وسياسة القوة؛ وتدعو سويا إلى دمقرطة العلاقات الدولية وتدعم الدول النامية للحصول على تمثيل أكبر وصوت أعلى في الحوكمة العالمية للحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية وتعزيز القضية العادلة للسلام والتنمية للبشرية.

(2) بذل الجهود الحميدة لدفع المفاوضات في سبيل صيانة السلام

في وجه النزاعات والصراعات المتشابكة والمعقدة في منطقة الشرق الأوسط، تلعب الصين بنشاط دورها كدولة مسؤولة كبيرة، وتطبق بجدية المفهوم الجديد للأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، وتعمل على تعزيز التواصل والتنسيق مع الدول العربية، بغية تضافر الجهود للدفع بإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة.

1. القضية الفلسطينية

تهم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية جذرية للشرق الأوسط، السلام والاستقرار في المنطقة والعدالة والإنصاف الدوليين والضمير والأخلاقية للبشرية. تدعم الصين بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتدعم إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتقدم بنشاط مساعدات إنسانية إلى الشعب الفلسطيني. تدعم الصين جهود جامعة الدول العربية والدول الأعضاء لها في القضية الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز الشعور بالإلحاح، وإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية في الأجندة الدولية، وتحث الأطراف المعنية على الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة و”مبادرة السلام العربية” ومبدأ “الأرض مقابل السلام” وغيرها من التوافقات، ودفع مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس “حل الدولتين”، بغية الدفع بإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر.

يولي الرئيس شي جينبينغ اهتماما بالغا للقضية الفلسطينية، وهو بعث ببرقيات التهاني إلى مؤتمر الأمم المتحدة لإحياء “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” لـ10 سنوات متتالية. في مايو عام 2013 ويوليو عام 2017، عقد الرئيس شي جينبينغ جلسة المباحثات مع نظيره الفلسطيني محمود عباس لمرتين، حيث طرح فيهما الرؤية ذات النقاط الأربع لحل القضية الفلسطينية لمرتين، التي يكون جوهرها ضرورة الدفع بثبات بالحل السياسي على أساس “حل الدولتين”، والالتزام بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، وحشد جهود المجتمع الدولي لدفع مفاوضات السلام وتعزيز السلام من خلال التنمية. في عام 2002، عينت الحكومة الصينية مبعوثها الخاص للشرق الأوسط، منذ ذلك الوقت، قام المبعوثون الخاصون الخمسة بزيارات عديدة إلى فلسطين وإسرائيل وغيرهما من الدول المعنية، بغية بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام. ستواصل الصين باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي ودولة كبيرة مسؤولة، بذل جهود دؤوبة لاستئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في يوم مبكر، وتحقيق التعايش السلمي بين الدولتين فلسطين وإسرائيل وبين الأمتين العربية واليهودية.

2. المسألة السورية

أتت الأزمة السورية التي استمرت لأكثر من 10 سنوات بمعاناة شديدة على الشعب السوري، وشكلت صدمة خطيرة على أمن المنطقة واستقرارها، فإن خروج سورية من الأزمة واستعادة استقرارها لأمر يتفق مع المصالح العامة والبعيدة المدى لدول المنطقة والمجتمع الدولي. ظلت الصين تلعب دورا إيجابيا وبناء لإيجاد حل ملائم للمسألة السورية. عينت الحكومة الصينية مبعوثها الخاص للمسألة السورية عام 2016، الذي عمل على الاتصال مع الأطراف المعنية بالمسألة السورية وبذل جهودا حميدة كبيرة لدفع مفاوضات السلام، مما أسهم بالحكمة والحلول الصينية في حل المسألة السورية. تولي الصين اهتماما بالغا للمسألة الإنسانية في سورية، وقدمت دفعات عديدة من المساعدات الإنسانية للشعب السوري بمن فيه اللاجئون السوريون خارج البلاد. ستواصل الصين جهودها الدؤوبة لإيجاد حل شامل للمسألة السورية، وتستمر في تقديم المساعدة للشعب السوري بقدر إمكانها.

3. القضية اليمنية

منذ اندلاع الحرب في اليمن، تدعم الصين بثبات الجهود الرامية إلى الحفاظ على سيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، وتدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني لأداء مهامه، وتدعم حل القضية اليمنية عبر الطرق السياسية، وتدعم الأمم المتحدة للعب دور عادل ومتوازن كالقناة الرئيسية للوساطة، وتدعم المطالب المشروعة لليمن وغيره من الدول العربية في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل المتعددة الأطراف. تأمل الصين من الأطراف المعنية في اليمن في تغليب مصالح الدولة والشعب، والدفع بتحقيق الهدنة الدائمة، والتوصل إلى حل سياسي مقبول لدى كافة الأطراف عبر الحوار السياسي الشامل، واستعادة السلام والاستقرار والنظام الطبيعي في اليمن في يوم مبكر. قدمت الصين ما في وسعها من المساعدات إلى الشعب اليمني عبر الطرق الثنائية، وبذلت جهودا إيجابية في تخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.

4. مسألة العراق

تدعم الصين بثبات حق الشعب العراقي في اختيار طريق تنموي يتناسب مع ظروفه الوطنية بإرادته المستقلة، وتدعم جهود العراق للحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه وأمنه واستقراره، وتدعم مساعي العراق لإعادة الإعمار الاقتصادي ومحاربة الإرهاب، وترفض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للعراق. تدعم الصين الأطراف العراقية لمواصلة العمل على تسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور وتعزيز التضامن والتعاون، بما يحقق الأمن والأمان الدائمين والازدهار والتنمية للعراق في يوم مبكر. تدعم الصين قضية السلام والتنمية في العراق بخطواتها الملموسة، إذ أنها استأنفت الأعمال الطبيعية لسفارتها لدى العراق بعد فترة وجيزة من تولي الحكومة العراقية المؤقتة مقاليد السلطة. وقدمت الصين كمية كبيرة من المستلزمات واللقاحات إلى العراق في وقتها لمواجهة الجائحة، الأمر الذي ساهم بفعالية في مساعدة العراق على مواجهة الجائحة. ستواصل الصين تمسكها بالصداقة تجاه العراق، وتدعم إحلال السلام الدائم والتنمية الطويلة المدى في العراق في يوم مبكر.

5. القضية الليبية

شهدت عملية الانتقال السياسي في ليبيا تعرجات وتقلبات، واندلعت الاشتباكات المسلحة فيها بشكل متكرر، وتكون الأوضاع الأمنية فيها متوترة. ظلت الصين تدعم عملية الحل السياسي القضية الليبية، وتشارك بنشاط في المؤتمرات الدولية والإقليمية للوساطة في القضية الليبية، وتحافظ على الحقوق والمصالح المشروعة لليبيا في مجلس الأمن الدولي وغيره من المحافل الدولية. تدعو الصين المجتمع الدولي إلى تدعيم العملية السياسية بقيادة وملكية الشعب الليبي، وتقديم مساعدة بناءة مع تجنب فرض حلول من الخارج، ومكافحة القوى الإرهابية والمتطرفة في داخل ليبيا.

6. مسألة السودان

يمر السودان بمرحلة الانتقال السياسي، ويواجه صعوبات في مجالي الاقتصاد ومعيشة الشعب، ويشهد الصراعات القبلية المتكررة في بعض مناطقه، وتبرز المشاكل الأمنية فيه. تدعم الصين جهود السودان لدفع عملية الانتقال السياسي، وتبذل جهودا حثيثة لدى الأطراف السودانية المعنية لتسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور، وتحافظ على الحقوق والمصالح المشروعة للسودان في مجلس الأمن الدولي وغيره من المحافل المتعددة الأطراف. تدعو الصين إلى ضرورة حل مسألة السودان من قبل الشعب السوادني، ويجب على المجتمع الدولي استئناف الدعم الاقتصادي للسودان ورفع العقوبات المفروضة عليه في أسرع وقت ممكن، بما يوفر طاقة إيجابية للانتقال السياسي في السودان.

(3) التعاون العملي المفعم بالحيوية

1. تألق روح طريق الحرير في العالم العربي.

طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة “الحزام والطريق” عام 2013، التي تتمسك بمبادئ التشاور والتشارك والتنافع، وتهدف إلى دفع تناسق السياسات وترابط المنشآت وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتفاهم الشعوب، وحظيت بدعم واسع النطاق ومشاركة نشطة من قبل المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية.

تعد الدول العربية التي تقع في منطقة التلاقي لـ”الحزام والطريق”، مشاركا مهما في حضارة طريق الحرير في التاريخ وشريكا طبيعيا لبناء “الحزام والطريق”. وتستكمل معادلة التعاون الصيني العربي في بناء “الحزام والطريق” بشكل مستمر، وحقق هذا التعاون النتائج العديدة. في يونيو عام 2014، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة للتعاون الصيني العربي في بناء “الحزام والطريق” في الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، وإقامة معادلة “1+2+3” للتعاون التي تتخذ مجال الطاقة كمحور رئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة الاستثمار كجناحين وثلاثة مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الصناعية والطاقة الجديدة كنقاط اختراق.

في يناير عام 2016، قام الرئيس شي جينبينغ بزيارة إلى مقر جامعة الدول العربية وألقى كلمة مهمة فيه، حيث طرح خطة العمل للتعاون الصيني العربي في بناء “الحزام والطريق” التي تشمل أربعة محاور، أي إعلاء راية السلام والحوار واتخاذ إجراءات لتعزيز الاستقرار، وتدعيم التعديلات الهيكلية واتخاذ إجراءات للتعاون المبدع، والدفع بالعملية الصناعية للشرق الأوسط واتخاذ إجراءات لتحقيق المواءمة في مجال الطاقة الإنتاجية، والدعوة إلى التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات واتخاذ إجراءات لتعزيز الصداقة.

في مايو عام 2017، حضرت 13 دولة عربية وأمانة عامة جامعة الدول العربية الدورة الأولى لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي. وفي إبريل عام 2019، حضرت 17 دولة عربية الدورة الثانية لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي.

في يوليو عام 2018، أكد الرئيس شي جينبينغ في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، على ضرورة الإمساك بالترابط والتواصل كـ”القاطرة” ودفع التعاون في مجالي النفط والغاز والطاقة المنخفضة الكربون كـ”العجلتين” وتطوير التعاون في مجالي المالية والتكنولوجيات الحديثة والمتقدمة كـ”الجناحين”. ووقعت الصين وجامعة الدول العربية على “الإعلان التنفيذي الصيني العربي الخاص ببناء الحزام والطريق” في هذه الدورة للاجتماع الوزاري، الذي يعد الأول من نوعه بين الصين ومنظمة إقليمية.

ساهم التعاون في بناء “الحزام والطريق” في تطوير العلاقات الصينية العربية على نحو شامل، حيث قام الجانبان بربط بناء “الحزام والطريق” بالظروف الواقعية للمنطقة، وربط العمل الجماعي بالتعاون الثنائي، وربط تدعيم التنمية بالحفاظ على السلام، لتحقيق تكامل المزايا والكسب المشترك، مما خلق مشهدا مزدهرا وحيويا في كل الأماكن التي تطبق مبادرة “الحزام والطريق” فيها. قد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء “الحزام والطريق” مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية. وينفذ الجانبان الصيني والعربي أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، وتعود نتائج التعاون بالنفع على شعوب الجانبين البالغ عددهم ما يقارب ملياري نسمة.

2. ارتفاع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى مستوى جديد.

تتمسك الصين والدول العربية بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك في التعاون بينها، وتعمل على تعزيز تسهيل التجارة والاستثمار، الأمر الذي ساهم في زيادة حجم الاستثمار المتبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين بأضعاف. في عام 2021، بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين الصيني والعربي 27 مليار دولار أمريكي، بزيادة 2.6 ضعف عما كانت عليه قبل 10 سنوات؛ وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.5 ضعف عما كان عليه قبل 10 سنوات. في الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 319 مليار و295 مليون دولار أمريكي، بزيادة 35.28% عما كان عليه في نفس الفترة للعام الماضي، ويقارب الحجم الإجمالي في عام 2021.

3. التعمق المستمر للتعاون في مجال الطاقة.

تعمل الصين والدول العربية على إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة، وتبذل جهودا مشتركة لإقامة معادلة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة التي تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرع. في مجال الطاقة التقليدية، يتطور نمط “النفط والغاز بلاس” للتعاون بين الجانبين، ليشمل سلسلة الصناعة بأكملها التي تغطي التنقيب والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل للنفط والغاز، وتم إنجاز حزمة من المشاريع النموذجية مثل مصفاة ينبع في السعودية. في عام 2021، استوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يعادل 51.47% من إجمالي الواردات الصينية من النفط الخام في نفس الفترة. وفي مجال الطاقة الجديدة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها، وتم إنشاء مركز التدريب الصيني العربي للطاقة النظيفة والمعمل الصيني المصري المشترك للطاقة المتجددة، وتم تنفيذ كثير من مشاريع التعاون مثل مشروع محطة الخرسعة الكهروضوئية في قطر، ومشروع المحطة الكهروضوئية بقدرة 186 ميجاوات بمجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر، ومشروع EPC للمحطة الكهروضوئية (التيار المستمر) بقدرة 165 ميجاوات في مصر.

4. الاختراقات للتعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحديثة.

ينفذ الجانبان الصيني والعربي سويا خطة عمل “الحزام والطريق” للابتكار التكنولوجي في إطار الشراكة التكنولوجية الصينية العربية، للاستفادة الكاملة من المزايا التكنولوجية الصينية وتوظيف الدور التحفيزي للتكنولوجيا المتقدمة والحديثة. في عام 2015، انعقد مؤتمر التعاون الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والابتكار في مقاطعة نينغشيا، حيث تم الإعلان رسميا عن إنشاء المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا و5 مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا خارج البلاد. في مجال الجيل الخامس للاتصالات، أصبحت الشركات الصينية شركاء محوريين للدول العربية في مجال الجيل الخامس للاتصالات، وهي تحتل حصة سوقية كبيرة في مصر والسعودية والإمارات وعمان والبحرين وغيرها من الدول. وفي مجال الطاقة النووية، وقعت الشركات الصينية على الاتفاقيات بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية مع كل من الإمارات والسعودية والسودان وغيرها من الدول، وتوصلت معها إلى نية التعاون في مجالات التنقيب عن اليورانيوم وإمداد الوقود النووي وتشغيل وصيانة محطات الطاقة النووية. وفي مجال الفضاء والأقمار الصناعية، أنشأت الصين والدول العربية منتدى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية كآلية للتعاون، وتم افتتاح مركز التميز الصيني العربي لنظام بيدو/ GNSSفي تونس كأول مركز خارج البلاد لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية. كما وقعت الصين على العديد من وثائق التعاون مع الجزائر والسودان ومصر والسعودية وغيرها في مجال الفضاء والأقمار الصناعية، ونجحت في إطلاق القمر الصناعي الجزائر الكوم سات-1، والقمرين الصناعيين السعوديين سات-5A وسات-5B، والقمر الصناعي السوادني للاختبارات العلمية إلى الفضاء.

(4) التواصل الثقافي والإنساني المتنوع

1. توسيع التبادل الثقافي والإنساني وتعزيز تقارب الشعوب.

أجرى الجانبان الصيني والعربي تعاونا متنوعا في مجالات الشباب والأديان والأحزاب والإعلام والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والتلفزيون، مما وسع التبادل الإنساني والثقافي وعمق تفاهم الجانبين.

منذ عام 2013، قامت الصين بتدريب 25 ألف كفء من مختلف التخصصات للدول العربية، وقدمت حوالي 11 ألف منحة دراسية حكومية لها، وأرسلت 80 فريقا طبيا متكونا مما يقرب من 1700 فرد. لغاية أكتوبر عام 2022، قد أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصليْ كونفوشيوس في 13 دولة عربية. في الفترة ما بين عامي 2018 و2019، تجاوز عدد المسافرين العرب إلى البر الصيني الرئيسي 340 ألف فرد سنويا، وتجاوز عدد الطلاب الوافدين العرب في الصين 20 ألف فرد في كل عام دراسي.    

وأنشأ الجانبان آليات مختلفة للتواصل الإنساني والثقافي في إطار منتدى التعاون الصيني العربي مثل مهرجان الفنون العربية/ مهرجان الفنون الصينية وندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام ومنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة ومؤتمر الصداقة الصينية العربية وملتقى المدن الصينية العربية ومنتدى المرأة الصينية العربية وملتقى التعاون الصيني العربي في مجال الإذاعة والتلفزيون واجتماع الخبراء الصينيين والعرب في مجال المكتبات والمعلومات، وقد تم إقامة 24 فعالية للتواصل الثقافي والإنساني في إطار هذه الآليات منذ عام 2013.

2. التمسك بالاستفادة المتبادلة بين الحضارات والحفاظ على التنوع الحضاري.

رغم أن الحضارتين الصينية والعربية لكل منهما منظومة وخصائص مميزة، إلا أن كلتاهما تشملان المفاهيم والتطلعات المشتركة التي تتراكم في عملية تقدم البشرية، وتهتمان بالقيم مثل الوسطية والاعتدال والإخلاص والتسامح والانضباط الذاتي، وتسعيان إلى الحوار بين الحضارات، وتدعوان إلى التسامح والاستفادة المتبادلة. كانت الحضارتان الصينية والعربية تتفاعلان وتتبادلان في التاريخ، مما خلق قصة رائعة حول تحقيق الإنجازات المشتركة والشمول والاستفادة المتبادلة. أما اليوم، فتدعو الصين والدول العربية إلى تعزيز الحوار والشمول والتسامح بين الحضارات والشعوب والأديان المختلفة، وتعارض “نظرية صراع الحضارات” و”نظرية التفوق الحضاري” و”الإسلاموفوبيا”، وترفض ربط الإرهاب بأي عرق أو دين أو دولة أو حضارة بعينها. ويعمل الجانبان الصيني والعربي على الاستفادة من الحكمة والثروة لحضارة الجانب الآخر، وقد تم إقامة 9 دورات لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية بنجاح. في عام 2022، شاركت الصين في رعاية مشروع القرار الذي يحدد يوم 15 مارس لكل عام كاليوم العالمي لمحاربة الإسلاموفوبيا، وأيدت اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي يجسد موقف الصين الدائم لدعم الحوار بين الحضارات ورفض الصراع بينها.

(5) القرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري التي تعبر عن الصداقة تجاه الصين

تتمسك جامعة الدول العربية بالصداقة تجاه الصين. وتبنى مجلس الجامعة على المستوى الوزاري القرار المتعلق بالصين في كل دوراته منذ الدورة الـ118 سبتمبر عام 2002. وتحتوي الأغلبية العظمى من القرارات المتعلقة بالصين الصادرة عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري منذ دورته الـ125 مارس عام 2006 على دعم مبدأ الصين الواحدة. وتطرقت جميع القرارات المتعلقة بالصين الصادرة عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري منذ دورته الـ149 مارس عام 2018 إلى التعاون في بناء مبادرة “الحزام والطريق”. وثمنت جميع القرارات المتعلقة بالصين الصادرة عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري منذ دورته الـ156 سبتمبر عام 2019 الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الصينية في منطقة الشرق الأوسط.

في سبتمبر عام 2022، تبنى مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرارا جديدا متعلقا بالصين في دورته الـ158، ينص على ما يلي:

بعد اطلاعه على مذكرة الأمانة العامة وعلى تقرير الأمين العام عن نشاط الأمانة العامة فيما بين الدورتين، وإذ يؤكد على قراراته السابقة في هذا الشأن وآخرها القرار 8757 د.ع (157) بتاريخ 9\3\2022 بشأن العلاقات العربية مع جمهورية الصين الشعبية، وفي ضوء نتائج اجتماع المجلس على مستوى المندوبين الدائمين يومي 4 و5\9\2022، يقرر:

1. الإعراب عن حرص الدول الأعضاء على تعزيز علاقاتها مع جمهورية الصين الشعبية في مختلف المجالات، وكذلك في إطار “مبادرة الحزام والطريق”، والتأكيد مجددا على دعم الدول العربية لمبدأ الصين الواحدة.

2. تثمين الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الصينية لدعم القضايا العربية لإيجاد حلول سلمية للأزمات القائمة في المنطقة، بما يعزز السلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.

3. الترحيب مجددا باستضافة المملكة العربية السعودية للقمة الصينية العربية الأولى، المزمع عقدها يوم 9 ديسمبر\ كانون أول 2022، بما يساهم في الدفع بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، ويخدم المصلحة المشتركة للجانبين، والارتقاء بآليات منتدى التعاون العربي الصيني، وتكليف الأمانة العامة بالتنسيق مع الجهات المعنية في كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، في إطار اللجنة التحضيرية الثلاثية، للإعداد لهذه القمة الهامة وإنجاح أعمالها، وعرض هذا الموضوع على الدورة (31) لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.

4. الترحيب مجددا برغبة الجمهورية التونسية في استضافة الدورة الحادية عشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني عام 2024.

5. التأكيد على أهمية المشاركة العربية الفعالة في مختلف أنشطة وفعاليات منتدى التعاون العربي الصيني، ودعوة الأمانة العامة لمواصلة جهودها بالتنسيق مع الجهات العربية والصينية المعنية للإعداد للأنشطة والفعاليات المزمع عقدها في إطار البرنامج التنفيذي للمنتدى، خلال الفترة 2022-2023، بما في ذلك ما يلي:

الدورة السادسة لمؤتمر الصداقة العربية الصينية في دولة قطر، والدورة الثالثة لملتقى المدن العربية والصينية في الصين، والدورة الخامسة لندوة التعاون العربي الصيني في مجال الإعلام في الصين، والدورة السابعة لمؤتمر التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة في الصين، والدورة الخامسة لمهرجان الفنون العربية في الصين يومي 26 و27\9\2022 بمدينة جينغدتشن، والدورة الرابعة لمهرجان الفنون الصينية في الدول العربية، والدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات في المملكة العربية السعودية، والدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربي الصيني في مجال الصحة في جمهورية مصر العربية، والدورة العاشرة لندوة العلاقات العربية الصينية والحوار بين الحضارتين العربية والصينية في إحدى الدول العربية، والدورة الخامسة لمؤتمر التعاون العربي الصيني لنقل التكنولوجيا والإبداع، والدورة الخامسة لاجتماع الخبراء العرب والصينيين في مجال المكتبات والمعلومات، والدورة السادسة لملتقى التعاون العربي الصيني في مجال الإذاعة والتليفزيون، والدورة الرابعة لمنتدى التعاون العربي الصيني في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية “بيدو”، والاجتماع الوزاري العربي الصيني في مجال السياحة.

6. الترحيب بمواصلة التعاون بين الجانبين العربي والصيني في مجال مكافحة تداعيات وباء كوفيد-19.

7. تكليف الأمانة العامة بمتابعة هذا الموضوع والعرض على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دروته العادية المقبلة.

ثالثا، التطور السريع والمستمر للتعاون الصيني العربي في ظل التغيرات المتشابكة

تتشابك وتتداخل التغيرات غير المسبوقة في العالم منذ مائة سنة وجائحة القرن والأزمة الأوكرانية في العقد الثالث من القرن الـ21، مما أدخل العالم إلى جولة جديدة من الاضطرابات والتحولات. في وجه الظروف الدولية التي تشهد التغيرات والاضطرابات المتشابكة، أصبحت عزيمة الصين والدول العربية على تطوير علاقات الصداقة القائمة بينها أكثر ثباتا، وأصبحت خطواتها لدعم الدفاع عن المصالح الجوهرية للجانب الآخر أكثر قوة، مما لعب دورا مهما في تعزيز السلام والتنمية للعالم وصيانة مصالح الدول النامية.

(1) التضامن والتآزر في مكافحة الجائحة

تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث جائحة فيروس كورونا المستجد، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، مما نصب قدوة يحتذى بها للتعاون العالمي في مكافحة الجائحة، وذلك يعد تجسيدا حيا لتشارك الصين والدول العربية في المستقبل المشترك.

كان جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أول زعيم أجنبي أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس شي جينبينغ تعبيرا عن دعمه للجهود الصينية في مكافحة الجائحة؛ كانت جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية مهمة أصدرت مع الصين وثيقة حول التضامن في مكافحة الجائحة، وثمنت إنجازات الصين في مكافحة الجائحة بشكل جماعي؛ وكانت الدول العربية تقف بثبات إلى جانب الصين بشأن مسألة تتبع الفيروس وترفض تسييسها؛ وأضيئ برج الخليفة الإماراتي وهو أعلى مبنى في العالم بشعارات ضخمة مثل “شد حيلك يا ووهان”، وأضيئت المعالم المصرية الثلاثة المدرجة في قائمة التراث الثقافي العالمي باللون الصيني الأحمر؛ وفتحت الخطوط الجوية القطرية “الممر الأخضر” للصين في مكافحة الجائحة.

من جانبها، قدمت الصين للدول العربية عددا كبيرا من المساعدات لمكافحة الجائحة، وساعدتها على شراء الأدوية والأجهزة التنفسية والمعدات لإنتاج الكمامات وغيرها من المواد لمكافحة الجائحة؛ وأرسلت فرق خبراء طبيين تضم قرابة مائة خبير إلى الدول العربية، وقدمت التوصيات للدول المعنية بشأن مكافحة الجائحة عن طريقة التشخيص والعلاج عن بعد. وحقق التعاون الصيني العربي في مجال اللقاح نتائج مهمة، إذ أجرت الصين وكل من الإمارات والبحرين المرحلة الثالثة للتجربة السريرية الدولية للقاح المعطل التي تعد الأولى من نوعها في العالم، وأنجزت الصين بالتعاون مع مصر أول خط الإنتاج المشترك للقاحات ضد فيروس كورونا المستجد في إفريقيا، وأجرت الصين التعاون مع الجزائر والمغرب وغيرهما من الدول في توطين إنتاج اللقاحات وبحث الأدوية وتطويرها، وقدمت الصين اللقاحات إلى اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسورية ولبنان كالمساعدات عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. لغاية أكتوبر عام 2022، قد قدمت الصين أكثر من 340 مليون جرعة من اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد إلى الدول العربية.

(2) الدفاع عن العدالة في ظل التغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة

1. تدعم الصين بثبات الاستقلال الاستراتيجي والتضامن وتقوية الذات للدول العربية.

في وجه ما يسمى بـ”فراغ السلطة في الشرق الأوسط” الذي قامت بعض الدول بتضخيمه، ترى الصين دائما أنه لا يوجد ما يسمى بـ”فراغ السلطة” في الشرق الأوسط، إن شعوب الشرق الأوسط هي سيد المنطقة لتقرير مستقبلها ومصيرها، ويجب على المجتمع الدولي أن يحترم مكانة دول المنطقة وشعوبها كسيد المنطقة. ظلت الصين باعتبارها شريكا استراتيجيا وصديقا مخلصا لدول المنطقة، تلعب دورا بناء فيها، ولم تسع يوما وراء أي مصلحة جيوسياسية. وظلت الصين تلتزم بـ”الدعمين”، أي دعم مساعي دول المنطقة لحل القضايا الأمنية الإقليمية عبر التضامن والتعاون، ودعم جهود شعوب المنطقة في استكشاف الطرق التنموية الخاصة بها بشكل مستقل، ويكون جوهر مساعي الصين هو دعم دول المنطقة وشعوبها للتحكم في مصيرها بنفسها.

2. تدعم الدول العربية بثبات جهود الصين في صيانة سيادتها وسلامة أراضيها.

فيما يخص المسائل المتعلقة بشينجيانغ، قدمت الدول العربية دعمها للصين في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة واللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرهما من المحافل المتعددة الأطراف من خلال توجيه رسائل مشتركة أو كلمات مشتركة أو كلمات منفردة. في شهر أكتوبر عام 2020، قام وفد السفراء العرب لدى الصين بزيارة منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، حيث أعربوا عن تقييمهم الإيجابي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطور قضية حقوق الإنسان وإنجازات نزع التطرف التي حققتها شينجيانغ تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ودحضوا الأكاذيب المتعلقة بشينجيانغ التي فبركتها الدول المعنية. في أكتوبر عام 2022، طرحت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى مشروع القرار المتعلق بشينجيانغ في الدورة الـ51 لمجلس حقوق الإنسان، محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية الصينية باستغلاله. كانت الدول العربية تقف إلى جانب العدالة، وقدمت دعما ثابتا للجانب الصيني. 

فيما يخص مسألة تايوان، تدعم الدول العربية مبدأ الصين الواحدة. في أغسطس عام 2022، قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكية ناسي بيلوسي بزيارة تايوان. أكدت جميع الدول العربية الـ22 مجددا على مبدأ الصين الواحدة، وأعربت حكومات من 18 دولة عربية عن الدعم للجانب الصيني بشكل علني. وأصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانا أكدت فيه على ضرورة الالتزام بمبدأ الصين الواحدة ورفض التصرفات التي تخالف القرارات المعنية للأمم المتحدة وتخرب السلام والاستقرار في المنطقة. كما أعربت جامعة الدول العربية عن دعمها لسيادة الصين وسلامة أراضيها والالتزام الثابت بمبدأ الصين الواحدة.

في فبراير عام 2022، استضافت الصين الدورة الـ24 للألعاب الأولمبية الشتوية بنجاح. في حين لوحت بعض الدول بمقاطعة أولمبياد بيجينغ الشتوي، حضر القادة من مصر والإمارات وقطر افتتاح الألعاب الأولمبية تلبية للدعوة، الأمر الذي يعكس بجلاء ولمرة أخرى أن الصداقة التاريخية بين الصين والدول العربية راسخة لا تكسر.

(3) التقدم يدا بيد لإنعاش الاقتصاد

1. التعاون في بناء “الحزام والطريق” بالجودة العالية، لتقوية قدرة المنطقة على التنمية.

منذ حدوث جائحة كورونا المستجد، تمضي الصين والدول العربية قدما بخطوات متزنة لبناء “الحزام والطريق” بالجودة العالية رغم تداعيات الجائحة. على سبيل المثال، وقعت الصين مع المغرب على الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، سعيا إلى المواءمة بين مبادرة “الحزام والطريق” والتخطيطات التنموية للدول العربية. وتتقدم المشاريع تقدما متزنا وحققت نتائج مهمة، وهي تشمل مشروع القطار المكهرب بمدينة العاشر من رمضان في مصر ومشروع منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني-المصري (تيدا) ومشروع المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية ومشروع الملعب الرئيسي لمونديال قطر ومشروع الفوسفات في شرق الجزائر. وتتقدم المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي بشكل مستمر. ويشهد التعاون بين الصين والدول العربية تطورا سريعا في مجالات الجيل الخامس للاتصالات والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وغيرها من التكنولوجيا العالية والمتقدمة، التي أصبحت نقاط نمو جديدة للتعاون الصيني العربي.

2. العمل على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وتخفيف المأزق المعيشي في المنطقة.

تبتلع جائحة فيروس كورونا المستجد نتائج التنمية التي حققها العالم طوال سنوات طويلة، وتمر قضية التنمية العالمية بمرحلة حاسمة، ويواجه تعافي الاقتصاد العالمي صعوبات متزايدة، وظهرت الأزمة في أمن الغذاء والطاقة. وتواجه الدول النامية بما فيها الدول العربية تحديات خطيرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عام 2030. في هذا السياق، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة التنمية العالمية في المناقشة العامة للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 21 سبتمبر عام 2021، ولاقت هذه المبادرة تجاوبا إيجابيا ودعما من قبل المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية. لغاية أكتوبر عام 2022، قد أعربت أكثر من 100 دولة بما فيها 17 دولة عربية عن دعمها لمبادرة التنمية العالمية، وانضمت أكثر من 60 دولة بما فيها 12 دولة عربية إلى “مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية”.

في يونيو عام 2022، أعلن الرئيس شي جينبينغ عن 31 خطوة مهمة سيتخذها الجانب الصيني لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية في اجتماع الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية بحضور قيادتي مصر والجزائر وغيرهما من قادة الدول. ستعمل الصين يدا بيد مع الدول العربية على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وبلورة توافقات حول التنمية والتمسك بالتركيز على العمل وتحقيق المزيد من الحصاد المبكر، بما يساعد الدول العربية على تحسين معيشة الشعب ورفع قدرتها على التنمية الذاتية وتحقيق أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2030.

(4) الالتزام بالعدالة في القضايا الساخنة

في يوم 21 إبريل عام 2022، طرح الرئيس شي جينبينغ في الجلسة الافتتاحية للاجتماع السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي مبادرة الأمن العالمي، التي تدعو إلى التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام والتمسك باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بالاهتمام بالهموم الأمنية المشروعة لكافة الدول، والتمسك بإيجاد حلول سلمية للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار والتشاور، والتمسك بحماية الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، وتجيب هذه المبادرة بوضوح على سؤال العصر، أي كيفية تحقيق الأمن المشترك لدول العالم، وهي تكتسب دلالات واقعية ومهمة لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لذا، لاقت هذه المبادرة تفهما وقبولا على النطاق الواسع من الدول العربية.

إن ما تحملها مبادرة الأمن العالمي من الروح المهمة يوجه جهود الصين الحميدة لدفع التصالح والتفاوض في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. في يوم 24 مارس عام 2021، طرحت الصين المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، التي تشمل الدعوة إلى الاحترام المتبادل، والالتزام بالعدالة والإنصاف، وتحقيق عدم الانتشار النووي، والعمل معا على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التعاون الإنمائي. في يوم 17 يوليو عام 2021، طرحت الصين الرؤية ذات النقاط الأربع لإيجاد حل سياسي للمسألة السورية، التي تؤكد على أنه لا يجوز انتهاك مبدأ استقلال السيادة، ولا يجوز التأخر في تخفيف الأزمة الإنسانية، ولا يجوز التراخي في مكافحة الإرهاب ولا يجوز الانحراف عن مسار التسامح والتصالح. في يوم 18 يوليو عام 2021، طرح الجانب الصيني الأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ “حل الدولتين” بشأن القضية الفلسطينية، داعيا إلى تعزيز نفوذ السلطة الوطنية الفلسطينية، ودعم الفصائل الفلسطينية لتعزيز التضامن، وتشجيع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على استئناف مفاوضات السلام على أساس “حل الدولتين”. بعد اندلاع الاشتباكات الشديدة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في مايو عام 2021، قامت الصين بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي، بدفع المجلس لمراجعة القضية الفلسطينية لخمس مرات حتى أصدر المجلس بيانا صحفيا رئاسيا.

ظلت الصين تبذل جهودا حثيثة من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. نظمت الصين أربع دورات لندوة الشخصيات الفلسطينية والإسرائيلية المحبة للسلام، وتدعو إلى عقد مؤتمر سلام دولي على نطاق أوسع وبمصداقية أكبر وتأثيرات أكثر، بما يدفع عملية حل القضية الفلسطينية بخطوات ملموسة. وتشارك الصين بنشاط في المفاوضات بشأن إحياء الاتفاق الشامل لملف إيران النووي، وتدعم تعزيز التواصل والحوار بين الدول في منطقة الخليج لتسوية الخلافات بشكل ملائم، مع الدعوة إلى عقد اجتماع الحوار المتعدد الأطراف لمنطقة الخليج، والتباحث في إقامة آلية الثقة في الشرق الأوسط، وبما يسهم في بناء الهيكل الأمني المشترك والشامل والتعاوني والمستدام في الشرق الأوسط بشكل تدريجي. وتشارك الصين بشكل بناء في القضايا الساخنة للعراق وليبيا والسودان واليمن وغيرها من الدول، لدفع بإيجاد حلول مقبولة لدى كافة الأطراف عبر الحوار السياسي الشامل. كما تشارك الصين بنشاط في إعادة الإعمار الاقتصادي والاجتماعي في الدول المعنية، وتقدم ما في وسعها من المساعدات إلى الدول العربية التي تعاني من الحروب والاضطرابات السياسية، للمساهمة في القضية الإنسانية وإعادة الإعمار في هذه الدول، دعما لاستعادة الاستقرار والتنمية فيها في يوم مبكر. منذ عام 2019، أقامت الصين دورتين لمنتدى أمن الشرق الأوسط على التوالي، حيث تم التباحث حول التحديات الأمنية في الشرق الأوسط على نحو معمق، مع الدعوة إلى إقامة الهيكل الأمني الجديد المشترك والشامل والتعاوني والمستدام في الشرق الأوسط، مما أسهم بالحكمة الصينية في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

رابعا، بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك

في الوقت الراهن، تطرأ تغيرات على العالم والعصر والتاريخ بشكل غير مسبوق. من ناحية، يمثل السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك تيارا تاريخيا لا يقاوم، ومن ناحية أخرى، تأتي تصرفات الهيمنة والتنمر وسياسة القوة، بما فيها التنمر على الضعفاء وكسب المصالح الأنانية بالنهب والاحتيال واللعبة الصفرية، بأضرار خطيرة، ويتفاقم العجز في السلام والتنمية والأمن والحوكمة، مما فرض تحديات غير مسبوقة على مجتمع البشرية. ويقف العالم مرة أخرى أمام مفترق طرق في التاريخ، ويتوقف اتجاه تطوره على خيارات شعوبه.

في أكتوبر عام 2022، عقد الحزب الشيوعي الصين المؤتمر الوطني العشرين له بنجاح، حيث تم طرح أن أهم مهمة للحزب الشيوعي الصيني هي الاتحاد مع الشعب الصيني من كافة القوميات وقيادته لبناء دولة اشتراكية قوية حديثة على نحو شامل وتحقيق الهدف المئوي الثاني، والدفع بالنهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط. في المسيرة الجديدة، تلتزم الصين دوما بمقاصد سياستها الخارجية المتمثلة في الحفاظ على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، والعمل على الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية؛ وستتمسك الصين بانتهاج السياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتطوير التعاون الودي مع كافة الدول على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتتمسك بالسياسة الوطنية الأساسية للانفتاح على الخارج، وتشارك بنشاط في إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، وتكرس القيم المشتركة للبشرية، بما يوفر فرصا جديدة لدول العالم بما فيها الدول العربية بالتنمية الجديدة في الصين .

(1) إطلاق صافرة العصر ونصب معلم التعاون

طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ بناء المجتمع الصيني العربي للمصالح المشتركة والمجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك لأول مرة عند حضوره للجلسة الافتتاحية للدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي عام 2014، الأمر الذي وجد تجاوبا إيجابيا من قبل الدول العربية. في عام 2018، طرح الرئيس شي جينبينغ مرة أخرى بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك والإسهام في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، الأمر الذي وجد تجاوبا حارا من قبل الدول العربية. في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقدة في عام 2020، اتفق الجانبان الصيني والعربي على إدراج العمل على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في “إعلان عمان”، وعرض ذلك على القمة الصينية العربية المقبلة، وذلك يعني أن الجانبين الصيني والعربي توصلا إلى التوافق الإيجابي بشأن بناء مجتمع المستقبل المشترك.

حينذاك، سيقوم قادة الصين والدول العربية بتخطيط التعاون بين الجانبين في المستقبل والدفع بالارتقاء بنوعية ومستوى العلاقات الصينية العربية، وبلورة مزيد من التوافق بين الجانبين في الحوكمة العالمية والتنمية والأمن والحوار الحضاري وغيرها من القضايا الهامة. ستكون هذه القمة معلما فارقا في تاريخ العلاقات الصينية العربية بكل التأكيد، وترمز إلى دخول الصداقة الصينية العربية إلى مرحلة جديدة، وستفتح آفاقا أرحب لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية وتقود الصين والدول العربية للمضي قدما في طريق بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك بخطوات واسعة.

(2) تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة والحفاظ على المصالح المشتركة

ستواصل الصين التزامها بتطوير العلاقات مع الدول العربية على أساس المبادئ الخمسة المتمثلة في الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمنفعة المتبادلة والمساواة والتعايش السلمي، واحترام خيارات الشعوب العربية ودعم حق الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية وتبادل الدعم الثابت فيما يتعلق بالمصالح الحيوية والهموم الكبرى للجانب الآخر.

ستحافظ الصين على زخم التواصل والحوار على المستوى الرفيع مع الدول العربي، وتقوم بالتفعيل الكامل للدور القيادي للقاءات القادة في تطوير العلاقات الصينية العربية. ستعمل الصين على زيادة تعزيز بناء آليات المشاورات والحوار بين الحكومة الصينية وحكومات الدول العربية، والتفعيل الكامل للدور التخطيطي والتنسيقي للحوار الاستراتيجي والمشاورات السياسية وغيرهما من الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف. ستواصل الصين العمل على بناء وتطوير منتدى التعاون الصيني العربي، وتفعيل الدور الريادي لآلية الاجتماع الوزاري لمواصلة إثراء مقومات التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية في كافة الأبعاد.   

ستعمل الصين مع الدول العربية سويا على تنفيذ تعددية الأطراف الحقيقية، والتمسك سويا بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والحفاظ على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، والدفاع عن القابلية العامة لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من القواعد الأساسية للعلاقات الدولية. ستتبادل الصين والدول العربية الدعم للمطالب المشروعة والآراء المعقولة للجانب الآخر في إصلاح الأمم المتحدة وتغير المناخ وأمن الغذاء والطاقة وغيرها من القضايا الدولية الهامة، وتحافظ بثبات على المصالح المشتركة للدول النامية الغفيرة.

(3) التمسك بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، والعمل سويا على تحقيق التنمية والازدهار

ستواصل الصين التعاون مع الدول العربية في بناء “الحزام والطريق” بالجودة العالية انطلاقا من مبدأ التعاون والكسب المشترك، والعمل يدا بيد على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية ومواءمة الاستراتيجيات التنموية للجانبين وتوظيف المزايا والإمكانيات الكامنة لكل منهما، وتوسيع نطاق التعاون العملي في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة والاستثمار والتمويل والتكنولوجيا الحديثة والمتقدمة وغيرها، بما يحقق التقدم المشترك والتنمية المشتركة، ويعود بثمار التعاون على مزيد من شعوب الجانبين.

ستدعم الصين دخول المزيد من المنتجات العربية غير النفطية إلى السوق الصينية لتحسين هيكل التجارة باستمرار، وتعمل على تحقيق التطور المستمر والمتزن للتجارة الثنائية. ومن الأهمية تعزيز التواصل والتشاور بين الجهات الاقتصادية والتجارية للجانبين الصيني والعربي، والتوقيع على اتفاقية بشأن منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية في أقرب وقت ممكن.

ستدفع وتدعم الصين التعاون الصيني العربي في مجالي النفط والغاز الطبيعي، وخاصة التعاون الاستثماري في تنقيب النفط واستخراجه ونقله وتكريره، وتعزيز المواءمة من حيث الخدمات الهندسية والفنية للحقول النفطية وتجارة المعدات ومعايير القطاع، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والطاقة الريحية والكهرومائية.

وستشجع وتدعم الصين الشركات والمؤسسات المالية الصينية لتوسيع نطاق التعاون مع الدول العربية في مجال البنى التحتية مثل السكك الحديدية والطرق العامة والموانئ والطيران والكهرباء والاتصالات، وتوسيع التعاون في تشغيل المشاريع وإدارتها بشكل تدريجي، بما يرتقي بمستوى البنى التحتية في الدول العربية باستمرار.

ستشجع وتدعم الصين شركات الجانبين لتوسيع الاستثمارات المتبادلة وتحسينها على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والتعاون والكسب المشترك، وتدعم قيام المؤسسات المالية المستوفية للشروط للجانبين بفتح الفروع لدى الجانب الآخر، وإجراء التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى تعزيز التعاون النقدي بين البنوك المركزية للجانبين، والبحث في توسيع نطاق التسويات التجارية العابرة للحدود بالعملات المحلية والترتيبات لتبادل العملات المحلية.

ستواصل الصين تقديم ما في وسعها من المساعدات إلى الدول العربية وفقا لاحتياجاتها وعبر القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف، وذلك من أجل مساعدة الدول العربية على تحسين معيشة الشعوب وتعزيز قدرتها على التنمية الذاتية. وستدفع الصين ببناء طريق الحرير الصحي، وتعمل مع الدول العربية على تدعيم التعافي والنمو في الفترة ما بعد الجائحة، وتوسيع نطاق التعاون في قطاع الصحة وفي مجال الصحة العامة والوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها.

(4) تعزيز السلام والاستقرار للتمتع معا بالأمن والأمان الدائمين

ستدفع الصين بتنفيذ مبادرة الأمن العالمي، وتعمل مع الدول العربية على التمسك بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، والتمسك بإيلاء الاهتمام للهموم الأمنية المشروعة لدى كافة الدول، والتمسك بحل الخلافات والنزاعات بين الدول عبر طرق سلمية، ومعارضة السعي إلى الأمن لدولة معينة على حساب الأمن القومي للدول الأخرى. وستعمل الصين على حماية الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، وتضافر الجهود لمواجهة الإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني وغيرها من القضايا العالمية.

ستدفع الصين بإيجاد حلول عادلة ومعقولة للقضايا الساخنة في الشرق الأوسط عبر الحوار والتشاور، وإقامة منظومة أمن جماعي تراعي الهموم المشروعة لكافة الأطراف، بما يحمي الأمن والأمان الدائمين في المنطقة. وتدعم الصين قيام الدول العربية بدور أكبر في الشؤون الإقليمية، وتدعم جهود الدول العربية لتسوية القضايا الساخنة في المنطقة بالحكمة العربية. وسيعمل الجانبان معا على دفع إيجاد حل شامل ودائم وعادل للقضية الفلسطينية على أساس “حل الدولتين” وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبدأ “الأرض مقابل السلام” وغيرها من التوافقات الدولية.

ستتبادل الصين والدول العربية الدعم للجهود في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف، وتقوم بمقاطعة “ازدواجية المعايير”، وتضافر الجهود لمكافحة المنظمات الإرهابية المصنفة على قائمة مجلس الأمن الدولي. وتعمل سويا على تنفيذ “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات”، والحفاظ على فضاء سيبراني سلمي وآمن ومنفتح وتعاوني ومنتظم. وستواصل الصين مشاركتها النشطة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الشرق الأوسط، وتقدم الدعم للجانب العربي في مجال التدريب لحفظ السلام.

(5) توسيع التواصل الحضاري والدعوة إلى التعايش المنسجم

ستواصل الصين تبادل الخبرات مع الدول العربية حول الحكم والإدارة، وتواصل تعزيز التعاون الإنساني والثقافي في مجالات العلوم والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والتلفزيون والسينما، وتواصل إقامة فعاليات التواصل في إطار المنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية ومؤتمر الصداقة الصينية العربية ومنتدى المرأة الصينية العربية وبرنامج السفراء الشباب للصداقة الصينية العربية وملتقى المدن الصينية العربية وإلخ، وتعزيز التعاون في مجالي التعليم العالي والتعليم المهني، وتعميق التفاهم بين شعوب الجانبين، وتعزيز التمازج بين الثقافتين الصينية والعربية.

ستعمل الصين مع الدول العربية على تكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء التي تتمثل في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ورفض “الإسلاموفوبيا”، ورفض “نظرية صراع الحضارات”، ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه. وسيسعى الجانبان معا إلى تجاوز الفوارق الحضارية والصراع الحضاري والتفوق الحضاري بالتواصل والتنافع والتعايش بين الحضارات، بما يساهم في تعزيز التفاهم والتقارب بين شعوب العالم وحماية التنوع الحضاري في العالم.

الخاتمة

إن الصين والدول العربية أعضاء هامة في صفوف الدول النامية، وقوى سياسية مهمة على الساحة الدولية. ظلت الصين تنظر إلى العلاقات الصينية العربية من منظور استراتيجي، وتعتبر الدول العربية شركاء مهمين لها في السير الثابت على طريق التنمية السلمية وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

وفي ظل الظروف التاريخية الجديدة، من المهم أن يتطور التعاون الصيني العربي باستمرار في ظل التيار العالمي للتطور والتقدم، ويتقدم إلى الأمام باستمرار مواكبا لخطوات تاريخ البشرية، إن الجانبين الصيني والعربي في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز التعاون لتجاوز الصعوبات والتقدم إلى الأمام يدا بيد.

تحرص الصين على انتهاز فرصة القمة الصينية العربية الأولى للعمل مع الدول العربية على تكريس الصداقة الصينية العربية التاريخية، ومواصلة إثراء وتعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، بما يعود بالخير على الشعب الصيني والشعوب العربية، ويعزز التضامن والتعاون بين الدول النامية، ويحافظ معا على قضية السلام والتنمية في العالم.

الدول النامية، ويحافظ معا على قضية السلام والتنمية في العالم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى