القمة الصينية العربية تفتح صفحة جديدة للعلاقات الإستراتيجية
اجنادين نيوز / ANN
بقلم الصحفية الصينية وانغ مويي
سيحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية العربية الأولى وقمة الصين – مجلس التعاون الخليجي في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، ويقوم بزيارة دولة إلى المملكة العربية السعودية في الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر الجاري تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
بكل تأكيد سوف تؤسس القمة بداية مهمة واستثنائية في مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية..
إن الاتفاق على عقد القمة الصينية العربية ليس وليد اليوم، فقد اتفقت الصين والدول العربية علي عقد القمة في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في يوليو 2020. شدد بيان صدر بعد اجتماع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، مع عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي الزائر لمصر، على “إجراء الاستعدادات لأول قمة صينية – عربية” وفي يوليو 2021.
ظلت الصين والدول العربية تعمل على إقامة الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والفوز المشترك والمنفعة المتبادلة. وحتى الآن تم إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية ذات الطابع الاستراتيجي بين الصين و12 دولة عربية على صعيد ثنائي، بما فيها علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأربع الدول العربية وهي الجزائر ومصر والسعودية والإمارات.
يحافظ الجانبان الصيني والعربي دائما علي الثقة السياسية المتبادلة وتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر. مثلا في أغسطس عام 2022، عندما قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكية ناسي بيلوسي بزيارة تايوان. أصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانا فوريا أكدت فيه على ضرورة الالتزام بمبدأ الصين الواحدة وأكدت جميع الدول العربية الـ22 مجددا على مبدأ الصين الواحدة عبر قنوات مختلفة.
وفي فبراير عام 2022، حين استضافت الصين الدورة الـ24 للألعاب الأولمبية الشتوية لوحت بعض الدول بمقاطعتها، إلا أن القادة من مصر والإمارات وقطر حضروا الي بكين للمشاركة في افتتاح الألعاب الأولمبية، الأمر الذي يعكس العلاقة المتينة بين الصين والدول العربية.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن الصين تدعم وتتضامن بثبات مع القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وبعث الرئيس الصيني شي جين بينغ ببرقيات التهاني إلى مؤتمر الأمم المتحدة لإحياء “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” لـ10 سنوات متتالية، وطرح الرؤية ذات النقاط الأربع حول تسوية القضية الفلسطينية لتلعب الصين دورها البناء في حل القضية الفلسطينية وعودة السلام في المنطقة باعتبارها قضية مركزية في منطقة الشرق الأوسط.
وتدعم الصين بثبات حق كافة الدول العربية في اختيار نظمها الاجتماعية وطرقها التنموية بإرادتها المستقلة، وتعارض بشدة تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتلعب دورا إيجابيا وبناء لإيجاد حل ملائم للمسائل السورية والعراقية والليبية واليمنية وتدفع لحل الخلافات وتسوية النزاعات عبر الحوار والتشاور السلمي.
بالإضافة إلي ذلك، تطورت العلاقات الاقتصادية الصينية العربية، حيث يشهد حجم التبادل التجاري بين الجانبين نموا سريعا، والصين حاليا هي أكبر شريك تجاري للدول العربية. وفي عام 2020، بالرغم من تأثير الوباء، بلغ حجم التجارة بين الجانبين 239.8 مليار دولار أمريكي ، وقفز هذ الرقم إلى 330 مليار دولار أمريكي عام 2021، بزيادة 37% على أساس سنوي. وتجاوز حجم التجارة بين الصين وسبع دول عربية 10 مليار دولار أمريكي وهي السعودية والإمارات والعراق وعمان والكويت ومصر وقطر، وتتصدر السعودية في حجم التجارة الذي تجاوز 80 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع ان تساعد القمة الصينية العربية في تعزيز وزيادة التجارة الثنائية، وضخ الزخم في الانتعاش الاقتصادي الثنائي في حقبة ما بعد الوباء.
وتعتبر الدول العربية من أهم موردي الطاقة للصين، حيث تمثل نصف واردات الصين من النفط الخام لفترة طويلة، وتم الاتفاق بين الجانبين علي شراكة استراتيجية للطاقة لتبقي مستقرة وموثوقة، وظهرت هذه العلاقة خاصة في خلفية أزمة الطاقة العالمية حاليا. ففي عام 2021، بلغت واردات الصين من النقط الخام من الدول العربية 264 مليون طن، تمثل 51.47% من إجمالي وارداتها للنفط الخام، بينما احتلت السعودية المرتبة الأولى كأكبر مورد النفط للصين.
تتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وفي هذه السنوات، تسعى الدول العربية خاصة الدول الخليجية إلى استشراف مسار جديد للتنويع الاقتصادي وتطوير قطاعات التصنيع، مما يوفر آفاق أوسع للتعاون بين الجانبين الصيني والعربي. وحتى الآن تم انضمام 20 دولة عربية إلى مبادرة “الحزام والطريق”، ويعمل الجانبان على ربط مبادرة “الحزام والطريق” برؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، رؤية الكويت 2035، رؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية عمان 2040 وغيرها من الخطط لتحقيق التنمية وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتوسيع التعاون بين الجانبين إلى المجالات مثل الطاقة النظيفة والطب الحيوي واستكشاف الفضاء والأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي والتجارة الرقمية وما إلى ذلك..
ومن المقرر أن يوقع الجانبان الصيني والعربي عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الطاقة والأمن والاستثمار والبنية التحتية وغيرها. وسيكون إنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي أحد محاور القمة أيضا، وبمجرد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، سيتم إلغاء معظم التعريفات الجمركية الثنائية للمنتجات، مما يوفر تسهيلا للتجارة الثنائية وتعزيز التنمية الاقتصادية لكلا الجانبين، وهي ستصبح ثاني أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم بعد اتفاقية “الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة” (اتفاقية(RCEP
في ظل ظروف دولية تشهد اضطرابا كبيرا، تواجه الصين والدول العربية فرصا وتحديات تاريخية متشابهة، فهي تحتاج بشكل أكثر إلى تكريس الصداقة التاريخية وتعميق التعاون الاستراتيجي فيما بينها، وتوفر القمة الصينية العربية فرصة هامة لتعزيز بناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك ورفع مستوى التعاون وتعزيز الثقة الاستراتيجية ودفع العلاقات إلى مستوى جديد.
بقلم وانغ مويي صحفية صينية