العرب والصين شراكات جديدة في عالم متعدد الأقطاب

اجنادين نيوز / ANN

باسم فضل الشعبي

عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين /  اليمن

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام

بدت زيارة رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى المنطقة، وتحديدا إلى المملكة العربية السعودية، كما لو كانت تعيد صياغة عقد جديد من الشراكات المتعددة بين العرب والصين، في حاضر مليء بالتحديات، يستمد قوته وعنفوانه في بناء العلاقات والشراكات الجديدة، من تاريخ موغل في القدم كان للعرب والصين فيه شراكات تجارية مثمرة وناجحة.

في عالم متعدد الأقطاب، يتطلع العرب إلى علاقات وشركات قوية ومتينة مع الصين، وهو أحد الأقطاب العالمية الكبيرة والمؤثرة في الساحة الدولية، اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، وذلك بعيدا عن هيمنة القطب الواحد، الذي بدأ يفقد الكثير من تماسكه وتأثيره، كما تشير التحولات والأحداث على المسرح العالمي.

من الطبيعي أن تثير زيارة الرئيس الصيني تشي بينغ إلى منطقة الشرق الأوسط، مخاوف وقلق امريكا والغرب، خصوصا وان هذه المنطقة المهمة جيوسيسيا والغنية بموارد الطاقة، ظلت حكرا على النفوذ الأمريكي ردحا من الزمن، ويبدو أنها اليوم تعيد تصميم مشروعها الخاص للانسلاخ من هيمنة هذا النفوذ الانتهازي والمصلحي، للذهاب بعيدا نحو الصين الحليف المستقبلي الاكثر اهتماما بتنمية المصالح المشترك والمتبادلة، والاكثر ترفعا عن التدخل في الشئون الداخلية للدول الحليفة.

هذا التوجه العربي صوب الصين سيعود بالنفع على العرب بكل تأكيد، خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي التي وقعت عقود شراكات اقتصادية بعشرات المليارات مع الصين، في مجالات الطاقة والاستثمار، فاقت بأرقام عديدة ما وقعته مؤخرا مع امريكا والغرب.

ويمكن لنا الملاحظة ايضا أن زيارة الرئيس الصيني إلى العاصمة السعودية الرياض، قد حظيت باهتمام واستقبال وحفاوة كبيرة، على عكس زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي زار العاصمة نفسها قبل خمسة أشهر تقريبا، وهذا يدل دلالة كبيرة على أن السعودية ومعها الخليج والعرب قد سئيموا من السياسات الأمريكية في المنطقة القائمة على الابتزاز والخداع والأكاذيب، وحان الاوان لشق طرق جديدة لبناء علاقات قائمة على الاحترام والمنافع المتبادلة.

هذه الزيارة المهمة للرئيس الصيني للمنطقة سيكون لها ما بعدها من النجاحات والانجازات، إذا أحسنت دول المنطقة استثمارها جيدا، كما أنها تعد مؤشرا للتاكيد بأن العالم بدأ يتغير في تحلفاته وشراكاته وسلوكه وممارساته، الا امريكا وحدها لا تريد أن تفهم ذلك، أو تؤمن بأن هذا التغيير صار حتميا، وهي تحاول أن تتجاهل ذلك عمدا، لتوهم حلفاؤها بأنها ما تزال القطب الأوحد، بينما كل الشواهد تؤكد أن البساط يسحب من تحتها.

على العرب وعلى وجه الخصوص اليمن والخليج، أن يكونوا حلفاء وشركاء صادقين مع الصين من أجل المستقبل، مع ضرورة الاهتمام في أن يكونوا شركاء ضمن المشروع الصيني العملاق (طريق الحرير) الذي يضم لحد الان نحو 68 دولة حول العالم، وبذلك سيكونوا قد ضمنوا حليفا جديدا أكثر مصداقية واحتراما لتعهداته والتزاماته، ويسير بثقة صوب القمة العالمية، وضمنوا ايضا مستقبلا امنا لبلدانهم وشعبوهم، بعيدا عن الهيمنة والاملاءات والابتزاز والتدخلات السافرة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى