العَالَم والصين في الأردن سياحياً..
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: عدنان السرابي
ـ عضو في الفرع الأردني للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
سوق السياحة الأردني يستقبل السياح الصينيين والعالميين.
شدَّ هذا العنوان اللافت في حقل من حقول العلاقات الأردنية الصينية والأردنية الدولية المزدهرة بتطورها وتوسعها سياحياً، الكثير من وكالات ومكاتب تنظيم السياحة الدولية العاملة في الأردن والصين والدول الغربية صوب الأردن، إذ أن أعداداً كبيرة من السياح الصينيين والغربيين بدأوا بزيارة المملكة، لا سيما وأن الأردن بدأ يقفز قفزات واسعة في سماء السياحة التي ترتكز بجذبها وجاذبيتها على تواصل تألق الحضارات والثقافات القديمة التي شهدتها أرض الأردن عبر ألفيات عديدة، ما أفضى إلى اعتبار المملكة سوقاً جاذباً للسياحة والأعمال بحق، إذ يتوسط الأردن المنطقة الجغرافية التي ينتمي إليها، ناهيك عن مكانته الجيوسياسية المتميزة، فهو يَبرز شامخاً في قلب العالم القديم والقارات الأقدم، وهو ما من شأنه أن يُسَهِّل وصول السياح والزوار إلى الأردن خلال ساعات قليلة، ليتمتعوا بأشعة الشمس والدفء الثابت شتاءاً، مضاف إليها صيف ممتع يفيض بمختلف أصناف الفاكهة والخضار والأطعمة “الأوسطية” ذات الشهرة الطاغية دولياً، ناهيك عن متعة الرحلات الداخلية في ربوع المملكة ذات الصبغات الدينية والثقافية، ولاستكشاف الترابطات التي جمعت بين الدول وثقافاتها منذ عصور طويلة خلت، ليتقارب بنو الإنسان على الإنسانية الكفيلة لتجذير مشاعر المحبة والاحترام المتبادل بين البشر، فازدهار المجتمعات وانفتاح العقول والأفكار على بعضها البعض، ما يقود إلى محطات إبداعية في أجواء سلام وتفاهم أممي شامل.
وكالة أنباء “شينخوا” الصينية الشهيرة نشرت مقالة خاصة، أكدت خلالها بأن العاملين في قطاع السياحة في الأردن قد أعربوا عن أملهم في استئناف السياح الصينيين زياراتهم للأردن بزخم تميز بالضخامة قبل جائحة كورونا، إذ توقفت الرحلات السياحية الصينية خلال تفشي الفيروس.
المواطن الأردني عبد الرزاق أبو محيسن، صاحب ورشة لصناعة الخناجر التراثية التقليدية، قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخراً، إنه بعد أن قررت الصين رفع حظر السفر عن مواطنيها، نأمل في عودة السياح الصينيين الى الأردن، حيث سيكون لذلك تأثيراً إيجابياً في انتعاش قطاع السياحة الذي تكبد خسائر كبيرة خلال تفشي الجائحة، مشيراً إلى أن لديه ورشة بالقرب من المدرج الروماني في عمّان، وهو مَعلم سياحي مشهور وسط العاصمة، وأن زيارات السياح الصينيين تساهم بشكل كبير في تقوية العلاقات الشعبية بين الأردن والصين، مشيراً إلى أنه رغم البُعد الجغرافي بين البلدين إلا أنه لم يمنع السياح الصينيين من زيارة الأردن للاطلاع على المَعَالِم الأثرية والحضارية في بلدنا. وتابع “عند تفشي الجائحة، كانت ورشتي فارغة بسبب قلة الزوار والسياح، لم يمر علينا يوم مثل تلك الأيام. كان الحرفيون عاطلين عن العمل، وعانوا من أيام صعبة، ولكن لم يكن لديهم سوى الانتظار حتى تزول الجائحة ويتم التغلب على الوضع الصعب”.
تعد السياحة ركيزة أساسية للاقتصاد الأردني، حيث أن الأردن يتميز بعوامل جذب معروفة، من بينها مدينة البتراء الأثرية القديمة، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة – الجديدة، والبحر الميت المُصنف بأخفض بقعة على وجه الأرض، والصحراء الوردية والحمراء في وادي رم بجنوب الأردن، ذلك بالإضافة إلى المَعَالِم الأثرية الإسلامية والمسيحية والرومانية في مدينتي جرش وعجلون شمال الأردن.
وفي 2022، بدأت صناعة السياحة في الأردن تتعافى بشكل تدريجي مع تحسن الوضع الوبائي، حيث بلغت عائدات السياحة الأردنية في الفترة ما بين شهري يناير ونوفمبر 2022، 5.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 115 بالمائة، وذلك مقارنة بنفس الفترة من عام 2021، كما تضاعف عدد السياح الأجانب الزائرين تقريبًا على أساس سنوي، حسبما أفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية ((بترا)).
وتستقبل مدينة البتراء الأثرية المعروفة باسم “المدينة الوردية” في الأردن، وهي منطقة ذات مناظر خلابة، عودة السياح من جميع أنحاء العالم، حيث استقبلت في عام 2022 أكثر من 900 ألف سائح، بزيادة سنوية قدرها 284 بالمائة، ليصل عدد السياح إلى 80 بالمائة من عددهم المُسجل في 2019 قبل تفشي الوباء، وفق ما ذكرته إدارة الموقع.
والجدير بالذكر أنه تم إدراج مدينة البتراء الأثرية القديمة في قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو في عام 1985. ووفقاً لخبراء في علم التاريخ والآثار، كانت البتراء عاصمة المملكة النبطية في القرن الأول قبل الميلاد. وهي إحدى “عجائب الدنيا السبع الجديدة”. ومن أجل جذب المزيد من السياح وتعزيز فهمهم لتاريخ وثقافة مدينة البتراء القديمة، تعمل إدارة الموقع على إثراء الأنشطة الثقافية تدريجياً، بما في ذلك تقديم جولة ليلية فريدة من نوعها تُعرف بـ “ليلة البتراء”.
وقد رأى مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) في الموقع أن الأضواء الملونة المتشابكة مع نقاط من ضوء الشموع، تزين مدينة البتراء القديمة تحت ضوء الليل الخافت، حيث يجلس السياح من جميع أنحاء العالم أمام بقعة ذات مناظر خلابة تُسمَّى “بيت الكنز”، يستمعون إلى البدو المحليين، وهم يعزفون على الآلات الموسيقية العربية التقليدية، ويتلون الأساطير القديمة للأنباط.
وفي السياق ذاته، قال محمد الفرجات، مدير الفعالية، إن مدينة البتراء القديمة تتطلع إلى استقبال المزيد من السياح، ولاسيما السياح الصينيين، وتتوقع أن يمشوا عبر السيق المزين بضوء الشموع، ليشعروا بروح الأنباط الذين عاشوا ذات يوم في هذا المكان، ويُجربوا الأجواء الفريدة لـ “ليالي البتراء”. وأردف حسين أنه من أجل الترحيب بالسياح الصينيين بشكل أفضل، قام الأردن بتطبيق سلسلة من التسهيلات، بما يشمل تسهيل إجراءات التأشيرة وتدريب المزيد من المرشدين السياحيين الناطقين باللغة الصينية وموظفي الخدمة في المطاعم والفنادق. واختتم حسين حديثه بأن الأردن يُعرف باسم “واحة السلام في الشرق الأوسط” ويتميز بشعبه المِضياف، ومناظره الطبيعية التاريخية الفريدة، قائلاً: “إننا نرحب بالسياح الصينيين لزيارتنا في أقرب وقت ممكن”.
وضمن هذا السياق، وبفتح البتراء أمام السياح الصينيين، بدأت قوافل متلاحقة من السياح من مختلف الأقطار والدول، وبخاصة البلدان الأمريكية والأُوروبية، تصل إلى الأردن، وبالذات إلى المواقع التاريخية والأثرية الأكثر شهرة كالبتراء، وجرش، و وادي رم، والعقبة التي تشهد هذه الأيام تلاحق السفن الضخمة التي تحمل كل واحدة منها على متنها أكثر من أربعة آلاف سائح على أقل تقدير، وقد عمل هذا الأمر على فتح أبواب الأردن على اتِّساعها لاستقبال محبي المملكة مِن كل حدب وصوب.