السفير إيلدار سليموف: الأُممي الذي يَنشد الحرية والإستقلال لوطنه ولكل الشعوب (2)

اجنادين نيوز / ANN

كتب الأكاديمي مروان سوداح: مؤسس ورئيس (اللوبي العربأذري) للصحفيين والإعلاميين وأنصار أذربيجان وحقوقها التاريخية والإنسانية.

طالعتُ واحدة من عشرات المقالات التي نشرها سعادة السفير إيلدار سليموف مُمَثِّل جمهورية أذربيجان الشقيقة لدى بلدنا الحبيب الأردن. شخصياً، أنا مُعجب كثيراً بمقالات السفير الأذربيجاني الهمّام، لأنه يضع النقاط على الحروف، ولكونه وطنياً بإمتياز، مُحِبٌّ لِوَطَنِهِ، ويعمل على تخليد اسم بلاده ومكانتها في القلوب والعقول، وأشعر شخصياً خلال مطالعتي لمقالاته المتواصلة الصدور وطنيته الطاغية، فالوطن في عقله وفكره ومشاعره هو البيت والطفولة والأصدقاء والجيران والأقارب والكرامة والعزة، ومن أجل الوطن يكتب السفير عن استشهاد أعداد لا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى من مواطنيه رحمهم الله وأسكنهم فسيح جنانه، مِمَن أحرزوا الحرية والانعتاق لشعبهم من ربقة الاستعمار الأرميني، ليغدو استقلال أذربيجان، كل أذربيجان ضمن ذلك منطقة “قره باغ”، واقعاً ملموساً، وليصبح الاستعمار والعدوانات الخارجية من الماضي السحيق، وليغدو المستقبل فضاء الحرية الكاملة، وثبات الاستقلال الناجز، وقد تم تعزيز كل ذلك بدماء العظماء مِمَّن سقطوا شهداء لأجل الوطن والمواطنين، فالشهادة هي القيمة الكبرى والمُثلى، وبذلك منح شهداء أذربيجان العالم كله مِثالاً يُحتذى لمعنى الاستقلالية، ولمَفْهُوم ومعنى رص الصفوف لصيانة التراب والماء والهواء والحدود الأذربيجانية التي صارت قلعة صلدة لا يمكن النيل منها، لا من “جيران” ما، ولا من غريب مُتجبِّر لحقت به هزيمة تاريخية كبرى، وَلَّى بعدها هَارِباً إلى زوايا معتمة، لينجو بجِلدِه ودمه من سفح أكيد، فهذا السفح الذي يُسيِّل الدماء هو المَسفوح المُراق المُحرَّم عقائدياً، كونه النجاسة بعينها.
السفير سليموف، بَاسِل، مِقْدَام، جَواد، وصِنْدِيد, وجَرِيء في كل كلمة يَخطّها على الورق، وفي مواقفه العلانية وتحركاته، وإخلاصه لوطنه في كتاباته وعلاقاته، بحيث يَنال أعمق الإعجاب من المتحدثين والصاغين إليه.
في واحدة من كتاباته، خَطَّ السفير على الورق وفي الصحف، أن شعبه البطل لم يَنج من آلات وأدوات القمع الخارجي التي اعتدت على وطنه وهاجمته ببشاعة الشياطين، بهدف الحيلولة دون نيله التحرر الإجتماعي – السياسي والإقتصادي الذي كان الشعب الأذربيجاني يتطلع إليه بشوق ولهفة، رداً على المجازر التي تعرَّض إليها من قادة سوفييت، كانوا استولوا على السلطة بقدرة قادر، وواصلوا خيانة شعبهم وكل الشعوب وقضاياها العادلة.
شخصياً، أنا أذكر الخونة والشياطين غوباتشوف ويلتسين لا رحمهما الله وزمرتيهما، فهما تصارعا بعنف للقبض على زمام السلطة بدعم خارجي وإسناد من الخونة الداخليين.
يقول سعادة السفير سليموف: لقد كانت القيادة المركزية السوفييتية وعلى رأسها الأمين العام للحزب الشيوعي ميخائيل غورباتشوف، وغيره، تضمر للشعب الأذربيجاني شراً تجلّى في العنف المُفرط الذي لم تتقزز منه قوات الجيش السوفييتي في شوارع باكو في الـ من20 يناير عام 1990.. إذ ارتكبوا الفظائع غير الإنسانية بحق المدنيين العزل، ونعود للتسلسل الزمني الذي قاد الى مأساة 20 يناير، فنكتشف أن ما يُسمَّى قضية “قره باغ” التي طرحها من جديد القوميون الأرمن وأنصارهم في القيادة المركزية السوفييتية، إستهدفت إنتهاك وحدة التراب الأذربيجاني، وإحتلال أراضينا، وتهجير مئآت آلاف الأذربيجانيين من أراضيهم الأم. وقد كان هذا الصراع الذي نشب فيما بين جمهوريتي الإتحاد السوفييتي السابق، المرحلة التالية من سياسة توطين الأرمن المتواتر في الأراضي الأذربيجانية، و التطهير العرقي والمذابح المًمَنهجة بحق شعبنا خلال المئوية العشرين والحادية والعشرين.
ويستطرد السفير بألم بالغ نشاطره به: إن دعم القيادة السوفييتية المباشر وغير المباشر لمزاعم جمهورية أرمينيا الإشتراكية السوفييتية على أراضي جمهوريتنا، وإذكاء المشاعر الإنفصالية من قِبل القوميين الأرمن، وأعمال العنف الجماعي تجاه مواطنينا، بل والتقاعس الإجرامي لقادة أذربيجان حينئذ، وخطواتهم المناهِضة للمصالح الوطنية، قد دفع بشعبنا للنهوض من أجل حماية وحدة أراضي الجمهورية، الأمر الذي أدّى الى الإنتفاضة الشعبية ذات الطيف الإجتماعي الواسع التي وفَّرت الأجواء لمسيرة تطورات وتحول تدريجي، أوصلت إلى الحركة التحررية الوطنية، وردَّاً على الإجرام والعداء لأذربيجان وشعبها، وصل إبن شعبنا العظيم حيدر علييف إلى البعثة الدائمة الأذربيجانية لدى موسكو، وتقدّم ببيان إتهم فيه بشدة السلطات السوفييتية والقيادة الأذربيجانية الفاشلة. كما أدانت القوى العالمية المختلفة هذا الإرهاب القاسي، الذي خضع لدراسة مستفيضة وتقييم صائب لهذه الفاجعة، فقد أصبح متاحاً في عهد الزعيم الوطني حيدر علييف، الذي كان تقدَّمَ بتقييمه السياسي والحقوقي لهذه الأحداث المؤلمة.
وفي كلماته التي تقطر دماً، وعينيه الدامعتين حزناً على شهداء شعبه الأذربيجاني العظيم، يَختتم السفير والصديق سليموف أقواله بالتالي: لقد قدّم الشعب الأذربيجاني في 20 يناير عام 1990 شهداء من أجل حريته وإستقلاله، وما إنكسرت عزيمته، وما تخلخلت ثقته بنفسه وقواه. وقد خطَّ أبناء وبنات الوطن الذين جادوا بحياتهم وأستشهدوا في تلك الإبادة دفاعاً عن المكاسب الوطنية، صفحة مجيدة في ملحمة شعبنا البطولية بتفانيهم الذي لا مثيل له.. ولهذا، يُحيي الشعب الأذربيجاني الذكرى الأليمة لـ20 من يناير من كل عام، كونها يوم الحزن العام والوطني الشديد، ويزور مَمَر الشهداء.
أختتمُ مقالتي هذه بالقول: لقد تعرَّضَ الشعب الأذربيجاني الشقيق لأذى مُفرط على يد العساكر الأرمينيين أعداء الله والإنسان، والمتمردين على كلمة المولى الذي وهبها للبشرية دعوةً منه لأُخوَّة البشر وسلامهم، لكن هذا الشعب الأذربيجاني وعلى رأسه قيادته السياسية الفذة، قهر العدو لأنه تمرَّد على رسالة المولى الروحية وهِبة الحياة المقدّسة وتعاليم الأُخوَّة الإنسانية، فأذل قواه وقهرها، وجعل منه فلولاً هاربة مولية الأدبار في كل اتجاهات المَعمورة، وأخضعهم الله خالقهم ورازقهم وباعثهم ومالكهم للهزيمة.
الشعب الأذربيجان قدير وصلب وغني بكرامته وجمالية روحه الوثابة كالصوان، الذي هو نوع من الأحجار الكريمة في المجوهرات. هذا الشعب المارد هائل وشديد بقدراته المتميزة وإرادته هي إرادة مارد عظيم.

زر الذهاب إلى الأعلى