صورة المرأة في الفكر الفلسفي الإسلامي للإمام الخُميني
اجنادين نيوز / ANN
ـ يلينا نيدوغينا
كاتبة مسيحية روسية – أردنية، ورئيسة تحرير صحيفة ورقية سابقاً.
من الضروري بمكان ولزاماً علي، أن أبدأ هذه المقالة بما قرأته أنا، بقلم الحاجة ليلى شومان من لبنان، وأعجبني جداً، أذ أن الكلمات خاضت في العُمق، ما مكَّنها تقييم فِكر الإمام الخميني رحمه الله، بشأن المرأة كياناً ومكانةً. لقد أدرك الإمام الخميني بفطرته الباهرة، أن الدّور الذي تؤديه المرأة يولِّد الرجال، ومن موقعه کمرجع منفتح مناضل ومعارفه الإسلامية، وتأمله الاجتهادي العمیق في السنة النبوية وتعاليم الائمّة، آمن بدور المرأة والمسؤولية المُلقاة على عاتقها في تأسيس الأسرة، ورعايتها لمدّ المجتمع بأبنائه الواعين المجاهدين، لينعكس ذلك على البلاد بأسرها، وتنقل الحاجة شومان عن الخميني تأكيده بأن: المرأة مربيّة الرّجال، ولهذا فسعادة البلدان وتعاستها منوطة بالمرأة، لأنها بتربيتها الصالحة تصنع الإنسان وبتربيتها السليمة تعمر البلاد. وبالتالي، فانّ هذا الفهم الواعي والعميق لدور المرأة دفع بالنساء الإيرانيات إلى خوض معترك الحياة، والمشاركة الواسعة في الثورة، وأكد هذا على ضرورة متابعة النضال بعد الثورة، والتعامل مع مختلف المناصب على صعيد الدولة، لأنها تبني المجتمع إلى جنب الرجل، والنظام الإسلامي الإيراني يَحتاج الإثنين معاً، ففي النظام الإسلامي، تتمكن المرأة من المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع الإسلامي جنباً إلى جنب وسوياً مع الرجل.
يَعلم المُنصف، أن الإمام الخميني، رحمه الله، ارتقى في مستوى خطابه للمرأة، ورفعها إلى أعلى مصاف الإنسانية، وقدَّمها في رتبة الصالحين والقادة السياسيين الذين خطَّطَوا طوال العقود الماضية، وما زالوا يُخطِّطون لمستقبل الأمم والشعوب وإدارة مصالحها، ونزَّهَهَا وكرَّمَهَا أفضل التكريم، وأعانَهَا وحذَّرَهَا من السوء بأسلوبه الأبوي والبليغ إذ صاغ حروفه في عُمق شخصيته الفذة، وبُعد معرفته المتأصلة والمتجذرة، ونهاها عن الانحراف والاستماع إلى الدسائس والمؤامرات، التي يُحيكها أعداء الإنسانية لطمس المكانة الراقية للمرأة من أجل إبعادها عن دورها الرئيسي في الحياة وعن ساحة القدسية، وحصرها في قُمقم خدمة رأس المال الجشع والتجارة.
وبرغم فكر الإمام الخميني التقدمي تجاه المرأة، إلا أن التاريخ لم يُنصف الإمام. وبرغم من أن الخميني أبدع في الفكر والعقيدة الإسلامية، وفي مجالات اخرى كثيرة، إلا أنه جعل للمرأة مكانة خاصة في تعاليمه التي تتصل بالمجتمع الإسلامي المُعاصِر، ودورها ومستقبلها، لكن معاهد الاستشراق ودراسات “الشرق الأوسط” ابتعدت عَمَّا قدّمَهُ الخميني للبشرية من أفكار تَحظى بالكثير من الاحترام والتقدير في العالمين العربي والاسلامي، ولدى الإنسانية المُنصفة. ولعل تجاهل فكر الأمام تجاه المرأة سيّما في الغرب السياسي الفالت من عقاله أخلاقياً، يعود الى رغبته بتحجيم مكانة إيران الجديدة في العالم، والتعتيم على النجاحات التي تحققها في علوم الاجتماع والأنسنة، والعلاقات الدولية، والعلوم عامة ومنها البيولوجيا والكيمياء والطب.
في فكر الإمام الخميني، نقرأ عرضاً موضوعياً لإنسانية المرأة، طاقاتها التي لا تنضب، والمطالبة بضرورة تفجير إنسانيتها المدفونة، وتفعيل طاقاتها التي وأدتها الجاهلية فكراً وأخلاقاً وممارسةً، لتعود المرأة قلب المجتمع النابض بالكمال، وهو دورها الطبيعي الذي أراده الله تعالى لها ومكّنها فيه .
لكن، كيف ينظر الإمام الخميني إلى المرأة؟ وما هو دورها الذي رآه لها في المجتمع؟
لعل إبنة الخميني زهراء مصطفى روح الله الموسوي الخميني، هي أحق مَن يتحدث عن المرأة في فكرالإمام، أبيها، فهي تقول الكثير الذي لا يعرفه ملايين الناس. ففي أحدى المقابلات الصحفية معها منذ سنوات خلت، لفت انتباهي ما قالته إبنة الإمام الخميني رحمه الله، عن أن مِن حق المرأة أن تكون رئيسة جمهورية، وكذلك، لها الحق برفض زواج المتعة. زهراء – كما تقول المراجع المتاحة عنها – هي أستاذة جامعية تحمل درجة الدكتوراة في الفلسفة والمنطق وعِلم الكلام، وعملت في التدريس بجامعة طهران، كما ترأست إحدى الجمعيات النسائية الإيرانية، وهي زوجة لسفير إيراني سابق وعمل أو ما يزال يعمل رئيساً لقسم حوار الحضارات. لذا، تتحدث إبنة زعيم ايران الاسلامية الأول ومؤسس إيران الحديثة بثقة وعِلمٍ عن أبيها وفكره، وهي تسير عليه وتسترشد به.
كذلك، تقول زهراء، “أبي لم يكن له سوى زوجة واحدة.. لم يتزوج زواج متعة أبدأ، ولم يتزوج بغير زوجته الأولى قط..”. وأيضاً، أولاده (أخواي) أحمد ومصطفى، فعلا كما فعل الوالد.. لقد كان الإمام رحمة الله يتعفّف عن هذه المسائل.. لقد كان على مستوى فكري واجتهادي رفيع”. وتستطرد: بعض العلماء عندنا كانوا يقولون بتحريم الموسيقى، بينما قال والدي بأنها حلال.. وللمرأة حضور في شتى المجالات في الجامعات كأستاذة وعالمة، وفي السياسة وفي البرلمان، وكمستشارة لرئيس الجمهورية، وفي الإسلام عمومًا لا فرق بين الرجل والمرأة في المشاركة في خدمة المجتمع، ولقد تحققت للمرأة في سنوات الثورة نهضة كبيرة، وتلاحظ زهراء: لقد كانت المرأة على عهد الشاه مجرد أُنثى، حضورها كان لا يتعدى النوادي وأماكن اللهو والترفيه، أما “الآن” فهي حاضرة في التعليم والسياسة والاقتصاد وكل ما هو مفيد للمجتمع، وإيران تجربة إنسانية.. تحتمل النقد.. والتقويم”.
الإمام الخميني رحمه الله، نجح في ثورته على الظلم والاستبداد بدعم المرأة ايضاً. لذا، أفرد لها مكانة خاصة في فكره، ويومياته، ولم ينسَ المرأة في كل نقلات حياته السياسية والدينية، بل اعتنى بها، ورفع من شأنها، كي يرفع الظلم الذي لحق بها ولينتشلها من جديد، فبيّن ما لها من حقوق وعليها من واجبات، وهو إذ يتحدث عن النساء – الزوجة، الأم، المرأة، المُرَبِية، العاملة الخ، بيّن خطورة أدوارهنَّ، والمهام العظيمة التي أولاهن اللّه تعالى إياها لهن، إذا نفّذن وصاياه على أكمل وجه.