حقيقة ما وراء الأحداث في إيران
اجنادين نيوز /ANN
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
قبل فترة قصيرة انقَسَمَ العَالم برمته إلى معسكرين إثنين، واحد منهما يُنَاصِر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويَسند نهجها وسياستها المناهضة للتوسع الجيوسياسي والعنصرية الغربية والصهيونية والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الجريحة، والآخر يبذل جهده العِصابي تارة بالأكاذيب وأُخرى بالمؤامرات وغيرها، لتشويه سمعة النظام والشعب الإيراني، وما توقف هذا الآخر عن ذلك منذ عشرات السنين، لكنه لم يتمكن للآن من إحراز أي نتائج تمكنه الاستيلاء على خيرات دول جديدة، وبالتالي فشل العدو التاريخي في عرقلة تطور إيران، سواءً في مشروعها النووي الذي يغيظ العدو الصهيوني، أو في غيره من الحقول، وهو ما أغضب أعداء إيران إيَّمَا غَضب، وحوَّلَهم إلى مجانين ينشرون الأكاذيب عنها هنا وهناك، لكونهم فشلوا في عَملانيَّة تصوير إيران شيطان الأرض، فكسبت إيران محور المقاومة، وحشد الرأي العام إلى جانبها ضد مؤامرات جديدة يُحِيكها الغرب لإيران وللمنطقة العربية برمتها، وهذا المحور الكولونيالي الأخير ثلاثي القواعد، غربي وأمريكي وصهيوني الهوى، فقد رصدنا ردود الأفعال على ما سُمّوه فبركةً وتلفيقاً بِ “انتفاضة نسائية!” في إيران، وتأكدنا بأنه لا وجود لها، وما حدث كان مجرد ابتداع تضخيم إعلامي غربي للتدخل في الشؤون الداخلية لإيران والعالمين العربي والإسلامي، وفي أوساط المسيحيين العرب الحقيقيين لإقصائهم عن إيران.
قضية وتعاليم الاحتشام والطَهَارَة والعِفَّة هي جزء أساسي في كل الأديان السماوية، لكن الغرب يريد القضاء عليها، في مسعى منه لغرس المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي في الأرض الإيرانية والعربية والإسلامية وبين المسيحيين العرب وغير العرب، إذ تَبَيَّنَ بوضوح أن لا علاقة للأحداث المحدودة التي شهدتها أيران بكل ما طرحه الغرب والصهيونية من إدعاءات، أو بغيرها من القضايا الدولية الكُبرى، ففشل العدو فشلاً ذريعاً، حتى صار أضحوكة للصِغار قبل الكِبار، وسبباً لتوليد استهزاء ناس المَعمورة وشعوبها جمعاء بالغرب وأركانه التي تسير نحو الهاوية.
إيران الشقيقة هي ككل دولة أخرى، تتمتع بالسيادة التامة والكاملة والشاملة على نفسها وأرضها، ومن الطبيعي أن لا تسمح للآخرين التدخل في شؤونها السيادية، تماماً ككل الأقطار الأخرى التي تحترم نفسها ووضعها ومكانتها الإقليمية والعالمية والتاريخية ومنجزاتها، وما تقدمه أيران للإنسانية من جديدٍ في مجالات العلوم وغيرها، إنَّمَا تُعلي مكانة البشر واحترام كيانهم الآدمي، وهو مظهر لا يَسر الغرب الذي دخل في مرحلة التعفن، والتراجع السريع، وتعددية الأقطاب، التي أصحى يتملكها الضعف، والتَلَف، والخَلَل، والعَطَب، والعُفُونَة، والفَسَاد، فبدأ يَسعى وبصورة جنونية لا سابق لها لبسط سيطرته على جميع الذين عَرّوا روايته التاريخية الرعناء، تخطيطاً منه لعودةٍ على بدءِ الاستعمار الغربي الجشع، الذي ما توقف يَسعى لليسطرة على مُقدَّرات الدول الإسلامية والعربية، وجغرافيات العالم الفقير، إذ تم طرد هذا الاستعمار شر طردة، ومُسِحَت آثاره الكثيرة من عالمينا الإسلامي والأممي.
يقيناً، أن الغرب السياسي برمته قياداتٍ وتكتيكاتٍ ومؤامراتٍ، فشل فشلاً ذريعاً وبَغِيضاً، وشَنيعاً، وفَظِيعاً، بل مُسْتَهْجَناً ومُعِيباً في إقناع العالم بروايته المفبركة ضد إيران وسيدات وفتيات إيران، اللواتي أكَّدنَ على اخلاصهن لوطنهن وقيادته السياسية، وهو ما أفشل المخطط الغربي التاريخي الموجَّه ضد إيران لجعلها دولة ضعيفة لا تقوَى على محاربة الصهيونيّة، ولا على بناء نفسها كقوة عظمى يخشاها الكيان الصهيوني الغاصب، فكل جهود الغرب في منطقتنا الواسعة التي يُسمِّيها الغرب بِ “الشرق الأوسط”، قد باءت بالفشل الذريع وتم قبرها، وتوقفت الإدعاءات الغربية بعدما تبيّن الغث من السمين، فعادت الأمور بسرعة إلى سابق عهدها، وتم تنظيف وتكنيس الشوارع الإيرانية من قذارات مستوردة، كان يُراد منها وضع إيران في بند الأقطار الثالثية، ومكانة الدولة الضعيفة، لكن إيران بقيت قوية لم تقوَى عليها الأعاصير الخارجية وأدوات الغرب في الداخل الإيراني، وهو ما حَمى منطقتنا الواسعة، ضمنها العربية بالذات، من تمادي التدخل الغربي وتَمَدِّدهِ إلى عواصمنا العربية، التي يُرِيد لها الاستعمار العالمي الفناء بيد غيره من أشياع جهنم، ليتمكن من تأكيد روايته المفبركة ضد القيادة الإسلامية الإيرانية، وضد عددٍ من البلدان العربية التي لا تنصاع لا هي ولا شعوبها للأوامر الخارجية، وهو ما أعاد الأوضاع إلى سابق عهدها هادئةً وثابتةً في المنطقة وما حَوَّلَ إيران عموماً، وبقي نظامها الإسلامي قيادياً، واستمر شعب إيران الشقيق الطيّب بالانتاج والعمل والدفاع عن نفسه ومكاسِبِهِ ونجاحاتِهِ الكثيرة في كل الفضاءات، وما الهدوء والسكينة التي تسود إيران الآن سوى مكسب حقيقي للبلدان العربية وأمنها أيضاً، وبخاصةٍ تِلْكُمُ المحاذية لأيران، وتِلْكُمُ التي ليست بعيدة عنها جغرافياً.
و.. يقيناً، أن الحركة الثورية للشعب الإيراني التي كان بدأها ضد الشاه المقبور، وانتصر عليه وعلى داعميه وأركانه الغربيين، قد نجحت أيضاً في قبر مؤامرات الأنظمة الخارجية والغربية، التي، وللأسف، ما توقفت ترغب بإعادة إيران وشعبها إلى حقبة الشاهنشاهية المُباعَة للأجنبي، لكنها مساعٍ تَبيَّن بجلاء وتأكد لنا بأنها لن تنجح كسابقاتها التي تم دفنها، فالقبر هو المثوى المادي للمؤامرات الغربية، بينما جهنم مثواها الروحي الأبدي، حيث “َيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.”، (مت 13: 42).
انتهى.