اين كنا ..و..اين صرنا ؟!..

اجنادين نيوز / ANN

ا.د.ضياء واجد المهندس

اتصلت سيدة عراقية سبق ان التقينا بها مرارا ” في مؤتمرات مجلس الخبراء العراقي ، وكانت قد حضرت جزء من لقاءاتنا مع لجنة المراة في مجلس النواب خلال العاميين المنصرميين ، وكانت تسأل عن اي قسم في كلية الهندسة يقدم ابنها ؟؟؟!!
لكن النقاش سرعان ما تحول عن مستقبل ابنها الى هموم العراقيين و حال البلد ، فالذين قبله لم يجدوا فرصة عمل و لا خطوة امل في البدء بالحياة ..وسردت لي عديد و اسماء اقاربها الذين لم يجدوا اي فرصة للعمل او اي وظيفة ..
تشير الاحصاءات الى ان نسبة العاطلين عن العمل في العراق تجاوزت ٤٠٪ ، وان معدل مديونية المواطن تجاوزت ال ٤٠٠٠ دولار بعد سوء الادارة المالية للوزارات و وزراء المالية، وان مقدار اعتمادية العراق على بيع النفط تجاوزت ال ٩٠٪، وان مقدار الصادرات العراقية غير النفطية مع اي دولة من دول الجوار لا تزيد عن ٤٪ من حجم التبادل التجاري ، تشكل النسبة العظمى منها للدول المصدرة للعراق.
ازدادت نسبة الامية في العراق الى اكثر من ٣٨٪ ، و المتسربين من المدارس و الجامعات و المعاهد الى اكثر من ٣٢٪، وان معدل انتشار المخدرات بين الشباب وصل الى ٩٪ ،ض و ان معدل انتشار الجريمة ازداد بمعدل ١٦٪ ، وان نسبة الفساد في التعيينات بلغ ٩٢٪ ، وفي المعاملات الرسمية المتعلقة بالكمارك و الضريبة و العقارات تجاوز ٩٧٪ …
لسنا الوحيدين الذين مررنا بمرحلة الانهيار الكلي ، فكوريا منذ بداية القرن الماضي و حتى الحرب الاهلية الكورية بين الشمال الغني بالموارد و الجنوب المتحالف مع امريكا ،في ثلاث سنوات حرب ضروس شارك فيها الكبار وانتهت في ١٩٥٣ ، كانت في انهيار كلي ،لم تبدا بالاصلاح الا بعد ان حكمها العسكر في ١٩٦١ بزعامة الجنرال تشيونغ ، الذي بدا عمله بمحاربة الفساد ، وتنشيط القطاع الخاص و تشجيع الاستثمار ، فتحول دخل الكوري من اقل من ٩٠ دولار سنويا الى اكثر من ٣٠٠٠٠ دولار سنويا ، واصبحت منافسا” قويا” للبلدان الصناعية المتقدمة في مجال الالكترونيات والاتصالات و الصناعات الثقيلة و الاسكان و الصناعات البتروكيمياوية و السيارات و المنتجات الاستهلاكية وووو وهي الدولة الأولى في امتلاك الروبوتات حيث تحتوي على روبوت لكل عشرة آلاف مواطن… ليس بعيدا عنها، استطاعت مجموعة العسكر بقيادة الجنرال لي كوان يو سنة ١٩٥٩ من تحويل سنغافورة من بلد زراعي اقطاعي غارق في الديون والفساد الى بلد صناعي متقدم ، كان معدل دخل الفرد السنوي فيه لايتجاوز ٣٠٠ دولار ليصل الى ٨٥٠٠٠ دولار سنويا”، واصبح الناتج القومي السنوي ٣٠٠ مليار دولار و حجم الاحتياطي ٢ ترليون دولار ، وسنغافورة هي البلد الاول المسجل فيه انعدام الفساد والامية ، بعد ان كانت الامية تزيد عن ٥٠٪ ،و انخفضت نسبة البطالة الى ما دون ١٪ بعد ان كانت اكثر من ١٤٪، و رئيسته الان عربية مسلمة محجبة ،اسمها ( حليمة يعقوب ) متزوجة من رجل يماني .. تعتبر اليوم سنغافورة مرجع للتصانيف الاكاديمية والجامعية، و مركز للصناعات المتقدمة و المشاريع الريادية .. وقد يكون للرئيس الماليزي مهاتير محمد الطبيب الجراح ، صاحب العيادة المجانية في احد ضواحي العاصمة ، و خريج العلوم السياسية من جامعة هارفرد، الفضل الاول في انتشال ماليزيا من قعر الفساد والمديونية الى مصاف البلدان الصناعية المتقدمة في فترة حكمه الذي امتدت ٢٣ عام وحتى استقالته في ٢٠٠٣ ، والذي خفض خلالها معدل الفقر من ٥٨٪ الى ٥٪ ،و قلل نسبة الامية من ٣٩٪ الى ٣٪ ،و زاد الاحتياط النقدي من العملة الصعبة من ٣ مليار دولار الى ٩٨ مليار دولار ، تشكل المردودات من قطاع الصناعة والخدمات اكثر من ٩٠٪…لقد خرجت راواندا في ١٩٩٤، البلد الافريقي الذي سحقت حربها الاهلية اكثر من مليون قتيل بين قبائل التوتسي و الهوتو ، ليتمكن حاكمها ( بول كاغامي )من تحقيق السلم المجتمعي لتكون كيغالي عاصمة رواندا من اجمل العواصم ، واكثر المدن استقبالا للسياح،انخفضت نسبة الفقر من ٦١٪ الى ٣٤٪ ، و انخفضت نسبة الامية من ٥٢٪ الى ٢٤٪ وزاد معدل الفرد السنوي ٣٠ مرة ..
كنا في ١٩٥٠ افضل من كوريا و ماليزيا و سنغافورة و الصين و تايلند و باكستان و ماليزيا و تركياو كل البلدان الافريقية و امريكا الجنوبية ، و في ١٩٦٠ افضل من كوريا و ماليزيا و سنغافورة و تركيا و معظم الدول الافريقية و امريكا اللاتينية ، و في ١٩٧٠ افضل من فيتنام و تركيا و ماليزيا و اندنوسيا و البلدان الافريقية و امريكا اللاتينية ، وفي عام ١٩٨٠ افضل من الامارات و قطر و عمان و تركيا و اندنوسيا و سنغافورة و ماليزيا وكل الدول الافريقية و دول امريكا اللاتينية و في ١٩٩٠ كنا افضل من بورما و سيرلانيكا و تونس والمغرب واليمن و موزمبيق و تنزانيا ، وفي ٢٠٠٣ كنا افضل من راوندا و السودان و جيبوتي و الصومال واليمن و الكونغو . الان نحن مديونون( داخلية وخارجية) ب ١٤٠ مليار دولار ، و صودرت طائراتنا و ممتلكاتنا من قبل بعض الدول بداعي التعويضات ، وبالرغم من اننا نصدر ٤مليون برميل الا ان مليون برميل يهرب من كتل واحزاب سياسية نافذة ، و لازال البنك المركزي العراقي يدفع مبالغ خيالية من نافذة مزاد العملة السيء الصيت ، و استمرت الحكومات بدفع رواتب و مخصصات عالية الى المسؤولين الكبار، و خسرنا مئات المليارات التي تقدر ب ٤٠٠ مليار دون معرفة مصدر صرفها و ابواب انفاقها ، منها ٣٥٠ مليار قيد التحقيق من قبل الامم المتحدة .. تنتشر في العراق ، تجارة الاثار حتى تجاوزت القطع الاثرية المهربة اكثر من ٢٥٠ الف قطعة ،و معظمها تم تهريبها عبر المنافذ الرسمية من مطارات و موانىء و نقاط الحدود البرية و بعلم الحكومة و موؤسستها الفاسدة ، بل ان بعضها قد تم اخراجها على انها تحف صينية و تركية مستهلكة ، و اغرقت اسواق عمان و بيروت و دبي بالتحف العراقية و التي استقرت في الدول الاوربية و امريكا ، و بعضها في الجامعات الامريكية و معارض الاثار والتحف مثل معرض هوبي لوبي..
وازدادت حركة بيع و توزيع المخدرات من الهيروين والحشيشة حتى الحبوب المخدرة و الكريستال بشبكة واسعة تمتد من شمال العراق لجنوبه ،و بحماية الشرطة و بعض الفصائل المسلحة و عصابات الجريمة المنظمة ، واصبح العراق سوقا” رئيسيا” للمخدرات بعد ان كان ممرا” خطرا” و صعبا” .. وليس ببعيد تجارة الاعضاء البشرية و الادوية الفاسدة و المواد الملوثة …
متى نصفر اوضاعنا، و نبدا من الصفر ؟!. متى يشبع سياسيونا ؟!، و يحترم قادتنا انفسهم ليكون العراق من الدول ذات التصنيف المتقدم؟ !.
متى يكون من ولاتنا رجل يحب العراق و لو مثقال ذرة لينتفض و يشرع في نهضة العراق؟ ؟!!. الى متى يبقى البعير على التل؟!!، الى متى يبقى العراق بلا حل؟ !.
اللهم نشكو حالنا، و تسلط الظالمين و الفاسدين علينا.. اللهم انصرنا على اعداءك الكافرين .. انت مولانا و ناصرنا ..انصرنا على الطغاة المتسلطين..

ا.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

زر الذهاب إلى الأعلى