العمل يدا بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين وآسيا الوسطى الذي يتسم بالتساند والتآزر والتنمية المشتركة والأمن للجميع والصداقة المتوارثة عبر الأجيال

— الكلمة الرئيسية لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في قمة الصين-آسيا الوسطى

(يوم 19 مايو عام 2023)

الزملاء المحترمون،

السيدات والسادة والأصدقاء:

مرحبا بكم في مدينة شيآن لحضور قمة الصين-آسيا الوسطى، والتباحث سويا حول سبل التعاون بين الصين ودول آسيا الوسطى الخمس.

إن مدينة شيآن التي تحمل اسم “تشانغآن” في العصور القديمة هي من أهم المهود للحضارة الصينية والأمة الصينية، وهي أيضا نقطة الانطلاق الشرقية لطريق الحرير القديم. قبل أكثر من 2100 سنة، انطلق الموفد الصيني تشانغ تشيان في عهد أسرة هان الملكية من تشانغآن في رحلته إلى المناطق الغربية، مما فتح باب التواصل الودي بين الصين وآسيا الوسطى. على مدى آلاف السنين، ظل أبناء الشعب الصيني والشعوب من مختلف القوميات في آسيا الوسطى يدفعون بالنهوض بطريق الحرير وتحقيق ازدهاره، الأمر الذي قدم مساهمة تاريخية في التواصل والتمازج بين حضارات العالم وإثرائها وتطويرها. كان الشاعر لي باي في أسرة تانغ الملكية يقول في شعره: “لقاء مجدد في تشانغآن أغلى من الذهب”. فمن الأهمية البالغة أن نجتمع اليوم في شيآن لتعزيز صداقتنا الممتدة لآلاف السنين وخلق مستقبل جديد.

طرحت مبادرة بناء “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” عام 2013 أثناء زيارتي الأولى لآسيا الوسطى بعد تولي منصب رئيس الدولة. على مدى 10 سنوات مضت، ظلت الصين ودول آسيا الوسطى تعمل يدا بيد على دفع النهوض الشامل بطريق الحرير، وتبذل قصارى جهدها لتعزيز التعاون المعمق والمتجه نحو المستقبل، مما أدخل العلاقات بين الجانبين إلى عصر جديد.

إن الطرق والخطوط مثل الطريق العام العابر لجبال تيانشان الذي يربط بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان والطريق العام الذي يربط بين الصين وطاجيكستان مرورا بهضبة بامير وخط أنابيب النفط الخام القائم بين الصين وكازاخستان وخط أنابيب الغاز الطبيعي القائم بين الصين وآسيا الوسطى اللذين يخترقان الصحراء الشاسعة، هي بمثابة “طريق الحرير” المعاصر؛ والرحلات التي لا تتوقف لقطارات الشحن التي تسير بين الصين وأوروبا والشاحنات التي تسير في الطرق والخطوط الجوية، هي بمثابة “القوافل” المعاصرة؛ ورجال الأعمال الذين يبحثون عن فرص التجارة والعاملون في المجال الطبي والتمريضي الذين ساهموا في مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد والعاملون في المجال الثقافي الذين ينقلون صوت الصداقة والطلاب الوافدون الذين يدرسون بجد واجتهاد، هم بمثابة رسل الصداقة في عصرنا.

تتميز العلاقات بين الصين ودول آسيا الوسطى بحيوية قوية ونابضة في العصر الجديد، لما لها من الروابط التاريخية العميقة والاحتياجات الواقعية الواسعة النطاق والأسس الشعبية المتينة.

أيها الزملاء!

في الوقت الراهن، تتسارع وتيرة التغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة، وتطرأ تغيرات على العالم والعصر والتاريخ بشكل غير مسبوق. تقع آسيا الوسطى في مركز أوراسيا، وتعد تقاطع الطرق الذي يربط الشرق والغرب والشمال والجنوب.

ما يحتاج إليه العالم هو آسيا وسطى مستقرة. لا بد من الحفاظ على السيادة والأمن والاستقلال وسلامة الأراضي لدول آسيا الوسطى، ولا بد من احترام الطرق التنموية التي تختارها شعوب آسيا الوسطى بإرادتها المستقلة، ولا بد من دعم جهود آسيا الوسطى الرامية إلى تحقيق السلام والوئام والأمان.

ما يحتاج إليه العالم هو آسيا وسطى مزدهرة. إن آسيا وسطى مفعمة بالحيوية والازدهار ستحقق تطلعات شعوب دولها للحياة الجميلة، وستضفي ديناميكية قوية على انتعاش الاقتصاد العالمي ونموه.

ما يحتاج إليه العالم هو آسيا وسطى متناغمة. يقول المثل في آسيا الوسطى: “إن الصداقة بين الإخوة أغلى من أي ثروة”. إن الصراع العرقي والنزاع الديني والفوارق الثقافية لا تمثل تيارا سائدا في آسيا الوسطى، بينما التضامن والتسامح والتناغم هي ما تسعى إليه شعوب آسيا الوسطى. لا يحق لأي أحد أن يزرع الخلاف وإثارة المجابهة في آسيا الوسطى، ناهيك عن تحقيق المطامع السياسية من خلال هذه التصرفات.

ما يحتاج إليه العالم هو آسيا وسطى مترابطة. تتمتع آسيا الوسطى بمزايا جغرافية متميزة، ولها الأسس والظروف والإمكانية لتصبح محورا مهما للتواصل والترابط في أوراسيا وتقدم مساهمتها في تبادل السلع والتواصل الحضاري وتطوير العلوم والتكنولوجيا في العالم.

أيها الزملاء!

أعلنا سويا عن بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين وآسيا الوسطى في القمة الافتراضية لإحياء الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ودول آسيا الوسطى الخمس في العام الماضي، وذلك يعد خيارا تاريخيا اتخذناه انطلاقا من المصالح الأساسية والمستقبل المشرق لشعوبنا في ظل العصر الجديد. من الضروري أن نتمسك بالنقاط الأربع لبناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين وآسيا الوسطى.

أولا، التمسك بروح التساند والتآزر. علينا أن نعمق الثقة الاستراتيجية المتبادلة، ونتبادل دائما الدعم الواضح والقوي لبعضنا البعض في القضايا المتعلقة بالسيادة والاستقلال والكرامة الوطنية والتنمية الطويلة المدى وغيرها من المصالح الجوهرية، ونعمل سويا على بناء مجتمع مشترك يتسم بالتساند والتآزر والتضامن والثقة المتبادلة.

ثانيا، التمسك بالتنمية المشتركة. علينا أن نواصل السير في طليعة التعاون لبناء “الحزام والطريق”، ونعمل على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية والتفعيل الكامل لإمكانيات التعاون في المجالات التقليدية مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة الإنتاجية والطاقة والمواصلات، وإحداث نقاط النمو الجديدة في مجالات المالية والزراعة والحد من الفقر والقطاعات الخضراء والمنخفضة الكربون والرعاية الطبية والصحة والابتكار الرقمي، ونعمل سويا على بناء مجتمع مشترك يتسم بالتعاون والكسب المشترك والتمكين المتبادل.

ثالثا، التمسك بالأمن للجميع. علينا أن نطبق بشكل مشترك مبادرة الأمن العالمي ونعارض بشكل قاطع أعمال القوى الخارجية من التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة والتحريض على “الثورة الملونة” فيها، ونواصل تطبيق سياسة صفر تسامح لـ”القوى الثلاث”، ونركز الجهود في كسر المأزق الأمني في المنطقة، ونعمل سويا على بناء مجتمع مشترك بعيد عن الصراع ويسوده السلام الدائم.

رابعا، التمسك بالصداقة المتوارثة عبر الأجيال. علينا أن نطبق مبادرة الحضارة العالمية، ونورث الصداقة التقليدية، ونكثف تبادل الأفراد، ونعزز تبادل خبرات الحوكمة والإدارة، ونعمق الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، ونعزز الفهم المتبادل، ونرسخ حجر الأساس للصداقة المتوارثة عبر الأجيال بين الشعب الصيني وشعوب دول آسيا الوسطى، ونعمل سويا على بناء مجتمع مشترك يتسم بالتعارف والتقارب وروح الفريق الواحد.

أيها الزملاء!

إن هذه القمة توفر منصة جديدة وتفتح آفاقا جديدة للتعاون بين الصين وآسيا الوسطى. إن الجانب الصيني على استعداد لانتهاز فرصة استضافة هذه القمة لتكثيف التعاون مع كافة الأطراف، بغية تخطيط التعاون بين الصين وآسيا الوسطى وتعزيزه وتطويره بشكل جيد.

أولا، تعزيز البناء المؤسسي. لقد أنشأنا آليات الاجتماع على الأصعدة الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والجمركية ومجلس الأعمال بين الجانبين. وبادر الجانب الصيني إلى إنشاء آليات الاجتماع والحوار في مجالات القطاعات والاستثمار والزراعة والمواصلات وإدارة الطوارئ والتعليم والأحزاب، بما يبني منصة واسعة النطاق لإجراء التعاون الشامل الأبعاد والمتبادل المنفعة بين الدول.

ثانيا، توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية. سيقوم الجانب الصيني بإصدار مزيد من الإجراءات لتسهيل التجارة، وترقية الاتفاقيات الثنائية للاستثمار، وفتح “الممرات الخضراء” للتخليص الجمركي السريع للمنتجات الزراعية والجانبية في جميع المعابر الحدودية بين الجانبين، وتنظيم فعالية البث المباشر لترويج منتجات آسيا الوسطى، وبناء مركز التداول للسلع الأساسية، بما يرتقي بحجم التجارة إلى مستوى جديد.

ثالثا، تعميق التواصل والترابط. سيعمل الجانب الصيني على زيادة حجم البضائع المنقولة عبر الحدود على نحو شامل، ودعم بناء ممر النقل الدولي العابر لبحر قزوين، وزيادة السعة المرورية للطرق العامة بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان وبين الصين وطاجكستان وأوزبكستان، ودفع التنسيق والتشاور بشأن مشروع السكك الحديدية بين الصين وقيزغيزستان وأوزبكستان. والإسراع في تطوير وتحديث المعابر القائمة، وفتح معبر بيديل الجديد، وتعزيز الجهود لفتح أسواق النقل الجوي، وتطوير الشبكة اللوجستية الإقليمية، وتدعيم بناء المحاور لقطارات الشحن بين الصين وأوروبا، وتشجيع المؤسسات المتفوقة على بناء مستودعات خارجية في دول آسيا الوسطى، وإنشاء منصة الخدمات الرقمية المتكاملة.

رابعا، توسيع التعاون في مجال الطاقة. بادر الجانب الصيني إلى إقامة علاقات الشراكة التنموية بين الصين وآسيا الوسطى في مجال الطاقة، والإسراع في بناء خط (د) لأنابيب الصين-آسيا الوسطى للغاز الطبيعي، وتوسيع حجم تجارة النفط والغاز بين الجانبين، وتطوير التعاون في كافة الحلقات من سلسلة صناعة الطاقة، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة الجديدة والاستخدام السلمي للطاقة النووية.

خامسا، تدعيم الابتكار الأخضر. يحرص الجانب الصيني على التعاون مع دول آسيا الوسطى في مجالات مثل معالجة وتطوير الأراضي المالحة والقلوية والري الموفر للمياه، والعمل سويا على بناء مختبر مشترك للزراعة في المناطق الجافة، والعمل على حل الأزمة الأيكولوجية في بحر آرال، ودعم إنشاء مؤسسات التكنولوجيا المتقدمة والحدائق الصناعية لتكنولوجيا المعلومات في آسيا الوسطى. يرحب الجانب الصيني بمشاركة دول آسيا الوسطى في برامج التعاون الخاصة في إطار “الحزام والطريق” التي تشمل تكنولوجيا التنمية المستدامة والابتكار وريادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات الفضائية.

سادسا، رفع القدرة على التنمية. سيضع الجانب الصيني برنامج التعاون الخاص بالحد من الفقر تكنولوجياً بين الصين ودول آسيا الوسطى، وينفذ “برنامج الصين-آسيا الوسطى لتطوير التقنيات والمهارات”، وينشئ مزيدا من ورشات لوبان في دول آسيا الوسطى، ويشجع المؤسسات الصينية العاملة في آسيا الوسطى على توفير مزيد من فرص العمل للمحليين. ومن أجل تدعيم التعاون بين الصين ودول آسيا الوسطى والتنمية لدول آسيا الوسطى، سيقدم الجانب الصيني دعما تمويليا ومساعدات بدون مقابل بقيمة إجمالية 26 مليار يوان صيني لدول آسيا الوسطى.

سابعا، تعزيز الحوار الحضاري. يدعو الجانب الصيني دول آسيا الوسطى للمشاركة في برنامج “طريق الحرير الثقافي”، وهو سينشئ مزيدا من مراكز الطب التقليدي في آسيا الوسطى، ويسرع في تبادل إنشاء المراكز الثقافية، ويواصل توفير المنح الدراسية الحكومية لدول آسيا الوسطى، ويدعم انضمام جامعات دول آسيا الوسطى إلى “تحالف الجامعات لطريق الحرير”، وينظم على نحو جيد فعاليات العام الثقافي والفني للشعب الصيني وشعوب دول آسيا الوسطى وفعاليات الحوار والتواصل الرفيع المستوى بين وسائل الإعلام للصين وآسيا الوسطى، وينظم فعاليات اختيار “العواصم الثقافية والسياحية للصين وآسيا الوسطى”، ويشغل القطارات الخاصة بالسياحة الثقافية والإنسانية الموجهة نحو آسيا الوسطى.

ثامنا، الحفاظ على السلام في المنطقة. إن الجانب الصيني على استعداد لمساعدة دول آسيا الوسطى في تعزيز بناء القدرات في مجالات الأمن وإنفاذ القانون والشؤون الدفاعية، ودعم مساعيها المستقلة للحفاظ على أمن المنطقة ومكافحة الإرهاب، وإجراء التعاون معها في مجال الأمن السيبراني، ومواصلة تفعيل آلية التنسيق بين دول الجوار لأفغانستان، والعمل سويا على تدعيم السلام وإعادة الإعمار في أفغانستان.

أيها الزملاء!

انعقد المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني بنجاح في أكتوبر الماضي، مما حدد المهمة المحورية المتمثلة في إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل وتحقيق أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط، ورسم الخطوط العريضة الطموحة للتنمية المستقبلية في الصين. نحن على استعداد للعمل مع دول آسيا الوسطى على تعزيز التواصل حول مفاهيم التحديث وتطبيقاته، ودفع المواءمة للاستراتيجيات التنموية، وإتاحة فرص أكثر للتعاون، وتنسيق الجهود لدفع عملية التحديث للدول الست.

أيها الزملاء!

يقول المثل الشعبي في مقاطعة شنشي الصينية: “من يزرع بجد يحصد ذهبا”. كما يقول المثل لآسيا الوسطى “من جد وجد ومن زرع حصد”. لنكافح كتفا بكتف وندفع بنشاط بتحقيق التنمية المشتركة والرخاء المشترك والازدهار المشترك، ونحتضن سويا مستقبلا أفضل للدول الست !

شكرا لكم.

زر الذهاب إلى الأعلى