الصين وفلسطين… دعم حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق التنمية
اجنادين نيوز / ANN
بقلم الإعلامية والباحثة الصينية وانغ مو يي
يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس الصين تلبية لدعوة من نظيره الصيني شي جين بينغ في الفترة من 13 إلى 16 يونيو الجاري. وتأتي الزيارة بمناسبة مرور 35 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهي المرة الخامسة التي يزور فيها الرئيس محمود عباس الصين منذ عام 2005، حيث كانت الزيارة الأولى في مايو 2005، وزيارة في العام 2010 لحضور قمة منظمة شانغهاي للتعاون، وزيارتا دولة في عامين 2013 و2017. والرئيس الفلسطيني هو أول رئيس عربي تستقبله الصين هذا العام مما يدل على متابة العلاقة بين البلدين، ومكانة فلسطين عند الصين التي تدعم بحزم وبشكل دائم القضية العادلة للشعب الفلسطيني.
إن القضية الفلسطينية هي محور قضية الشرق الأوسط، وهي تتعلق بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والإنصاف والعدالة في العالم. خلال المحادثات مع الرئيس عباس، طرح الرئيس شي جين بينغ مقترحات من ثلاث نقاط لتسوية القضية الفلسطينية، قائلا إن الحل الأساسي للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة فلسطين المستقلة التي تتمتع بسيادة كاملة على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفا أنه يتعين تلبية الاحتياجات الاقتصادية والمعيشية لفلسطين ويجب على المجتمع الدولي زيادة المساعدة الإنمائية والمعونة الإنسانية لفلسطين، معربا عن أمله في التزام الأطراف المعينة بالاتجاه الصحيح لمحادثات السلام واحترام الوضع الراهن الناتج عن الأسباب التاريخية في القدس باعتبارها أحد الأماكن المقدسة وتجنب الأقوال والأفعال المفرطة والاستفزازية وعقد مؤتمر سلام دولي واسع النطاق وأكثر موثوقية وتأثيرا من أجل تهيئة الظروف لاستئناف محادثات السلام.
توقفت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2014، وكانت عملية السلام في مأزق. تتزامن زيارة عباس للصين مع تسارع “تيار المصالحة” في الشرق الأوسط. منذ إعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية برعاية الصين في مارس من هذا العام، تشهد منطقة الشرق الأوسط بزوغ فجر التنمية السلمية، وتتوقع دول الشرق الأوسط بشكل عام تقديم الصين المزيد من الإسهامات لتعزيز السلام والازدهار في المنطقة. كما قال الرئيس عباس إن فلسطين تدعم مبادرة الأمن العالمي ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الرئيس شي، وأشاد بالمحادثات التي توسطت فيها الصين بين السعودية وإيران، شاكرا الصين على طرح عدد من المبادرات بهدف تحقيق تسوية مبكرة وعادلة للقضية الفلسطينية.
واصلت الصين مساندة فلسطين في المحافل الدولية وعلى رأسها الجمعية العامة ومجلس الأمن. فمثلا صوتت الصين لصالح فلسطين في القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة في 30 نوفمبر الماضي وأهمها قرار إحياء ذكرى النكبة الخامسة والسبعين في قاعة الجمعية العامة في 15 مايو من هذا العام، وهي المرة الأولى منذ عام 1948 تجيز الأمم المتحدة ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني في مقرها في نيويورك. وعلى إثر اقتحام المسجد الأقصى دعت الصين والإمارات العربية المتحدة إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما دعت الشهر الماضي، إلى جانب فرنسا والإمارات، مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ لبحث العملية العسكرية الإسرائيلية التي شنت على قطاع غزة.
بالإضافة إلى الدعم السياسي، تقدم الصين أيضا لفلسطين المساعدات المالية والإنسانية، حيث نفذت الصين وأكملت على التوالي أكثر من 30 مشروعا للمساعدات في فلسطين، وقدمت المساعدات المالية والإنسانية إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى والحكومة الفلسطينية، وقامت بتدريب آلاف المواهب الفلسطينية في مختلف المجالات لدعم بناء القدرات الفلسطينية. في عام 2022، وقعت الصين وفلسطين مذكرة تفاهم بشأن البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”، وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الجانبين 158 مليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 23.2% على أساس سنوي.
يذكر في البيان المشترك الموقع بين الجانبين هذه المرة أنهما ستواصلان تعزيز التعاون في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق” وأن الصين ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لفلسطين ودعمها في تنفيذ مشاريع سبل العيش والتنمية.
ترتبط التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية بالسلام والاستقرار والإنصاف والعدالة في المنطقة. ستواصل الصين الالتزام بالعدالة والانصاف مثلما فعلت في مواجهة القضايا الأمنية الأخرى في الشرق الأوسط، وتبذل الجهود لتجنب تهميش قضية فلسطين في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المعقدة والمتغيرة باستمرار، وستساعد في تعزيز تسوية القضية خطوة بخطوة. خلال زيارة عباس للصين هذه المرة، أعلنت الصين وفلسطين عن إقامة شراكة استراتيجية، الأمر الذي أصبح معلما هاما في تاريخ العلاقات الثنائية. ستنتهز الصين هذه الفرصة لمواصلة تعزيز الدعم والثقة المتبادلة، لتكون داعما قويا ومدافعا عن القضية العادلة للشعب الفلسطيني وتكون داعما نشطا لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط.