صناعة البخور في يونغتشون… قصة التفاعل والتعلم بين الحضارتين الصينية والعربية

اجنادين نيوز / ANN

بقلم فاتن دونغ، صحفية صينية

إن تنوع الحضارة الإنسانية هو مصدر مهم لتعزيز التقدم البشري. هناك أكثر من 200 دولة ومنطقة وأكثر من 2500 مجموعة عرقية والعديد من الديانات في عالمنا. وإن اختلاف التاريخ والظروف الوطنية والمجموعات العرقية والعادات يولد حضارات مختلفة ويجعل العالم متنوعا. إن التنوع يحفز التفاعل بين الحضارات، وهو ما يعزز بدوره التعلم المتبادل ويزيد من تنميتها.
ساهم كل من طريق الحرير في الماضي ومبادرة الحزام والطريق في الحاضر في تعزيز التبادلات والاتصالات والدمج بين الحضارتين الصينية والعربية، مما عزز التطور المستمر للإنتاجية والتقدم المستمر للبشرية.

تقع مدينة تشيوانتشو في شرق الصين وهي من إحدى نقاط الانطلاق المهمة لطريق الحرير القديم، تتقاطع هنا ثقافات العالم على مدى آلاف السنين. تعرف محاظفة يونغتشون التابعة للمدينة بـ “عاصمة البخور الصينية” وهي من أربع قواعد رئيسية لإنتاج البخور في الصين. ترتبط تنمية ثقافة البخور هنا ارتباطا وثيقا بالدول العربية.
بدأت ثقافة البخور الصينية خلال الفترة من 770 قبل الميلاد إلى 476 قبل الميلاد واستمرت في التطور. وفقا لبو ليانغ قونغ، وريث مهارات صناعة البخور في يونغتشون، إن أسلافه كانوا من تجار البخور العرب، وقد جاؤوا إلى يونغتشون عبر طريق الحرير البحري القديم، وجلبت عائلة بو مكونات البخور من مختلف البلدان الواقعة على طول طريق الحرير البحري إلى الصين، وأدخلوا التقنية العربية المتقدمة حينها في صنع البخور إلى يونغتشون ثم اندمجت مع ثقافة البخور الصينية التقليدية، مما شكلت تقنية يونغتشون الفريدة في صنع البخور.
أما اليوم، فبفضل مبادرة الحزام والطريق، حيث فتح الباب أمام البلدان الواقعة على طول الخط لتبادل الفرص، تدخل مكونات البخور إلى السوق الصينية من البلدان العربية والهند وسنغافورة، وتقوم شركات الإنتاج بتعزيز التنوع في السوق من خلال الابتكار باستمرار. توجد في يونغتشون حاليا حوالي 300 شركة منتجة للبخور والتي لا تزود السوق المحلية فقط بل أيضا تنتشر منتجاتها في المنازل والمعابد في جميع أنحاء العالم. إن واحدا على الأقل من كل ثلاثة أعواد بخور في جنوب شرقي آسيا تنتجه منطقة يونغتشون. جلب تطور التجارة الخارجية في صناعة البخور لمزيد من الفرص للسكان المحليين.
في نفس الوقت، قادت مبادرة الحزام والطريق الشركات الأجنبية للدخول إلى الصين، فعززت التنمية بشكل كبير في سلسلة الصناعة المحلية. قال مدير مبيعات شركة “دقة قديمة” السورية، المختصة بالزيوت والأعشاب الطبية العطرية، إن العديد من المنتجات السورية تصدر وتعرض في السوق الصينية، وتزيد نسبة مبيعات المنتجات بالسوق الصينية، خاصة منتجات الوردة الدمشقة وصابون الغار السوري ومنتجات العناية بالبشرة الطبيعية، وساهمت بدوره في تطوير هذه الصناعات بسوريا.
اقتبس الرئيس الصيني شي جين بينغ مقولة صينية قديمة، تقول “إن الحساء اللذيذ يصنع من خلال الجمع بين مكونات مختلفة”، بالإمكان ربطها بصناعة بخور يونغتشون، حيث جاء البخور العربي إلى الصين كـ”رسول” ثقافي في القدم، فاندمج مع البخور الصيني، ثم انطلق بعدها نحو العالم. وهو ما يدل على أنه من خلال الاحترام المتبادل والتعلم المتبادل ستكون الحضارة الإنسانية أكثر رائعة.

زر الذهاب إلى الأعلى