شنغهاي بوابة الاصلاح والانفتاح بالصين

اجنادين نيوز / ANN

موقع الصين بعيون عربية

عبد الإله جبر المهنا

قبل أربعين عاماً كانت الصين دولة نامية محدودة القدرات الاقتصادية قياساً إلى حجمها السكاني والجغرافي، وهذا الوضع كان محزناً للقيادة الصينية، في ظل تسارع ونمو اقتصادات دول آسيوية، فكان لزاماً على قيادة الدولة والحزب إيجاد بديل لجعل الصين في موقعها الحقيقي، بما يتناسب وحجمها، فكان باب المنافسة الاقتصادية والعلمية مفتوحاً على مصراعيه في العالم، وهنا أصبحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني أمام خيار لا ثاني له، وهو أن تشغل الصين موقعها الاقتصادي والعلمي المتقدم في العالم، ولتجعل من الوطن الصيني رأساً آسيوياً آخر، إلى جانب اليابان، لتكون آسيا برأسين، لا برأس واحدة فقط.

وهنا جاء القرار الجريء الذي اتخذته قيادة الحزب الشيوعي الصيني بالإصلاح والانفتاح، حيث اعتبر من أشد القررات شجاعة على مدى تاريخ الصين خلال العقود الأربعة الماضية، فبدأت عملية الإصلاح أولاً لتطوير وتنظيف كل الأجهزة الإدارية في الصين، لتكون على قدر مستوى الانفتاح الاقتصادي القادم، وهنا جاء قرار اختيار شنغهاي بوابة وحارساً لعملية الانفتاح، لدرء مختلف المخاطر التي قد تتجمّع من حول البلاد أو عليها.

وفعلا تمت العملية بدءاً من المناطق الصغيرة صعوداً للمدن الكبيرة، وهنا يكون دور شنغهاي برفد عملية الانفتاح بالوسائل الكفيلة للنجاح الذي يتطلب عدة أمور أو نقلات جوهرية منها توفير الأموال والاراضي والقاعدة الصناعية والعلمية والمناخ الاقتصادي الخصب، فعملت شنغهاي على رفد عملية الانفتاح بتوفير الأموال ووفق:

ـ أولاً: تحويل معظم أموال الضرائب إلى الخزينة المركزية

ـ ثانياً: تم عرض الأرض للاستثمار مقابل مبالغ لرفد عملية الانفتاح

ـ ثالثاً: السعي للحصول على القروض المالية

ـ رابعاً: السعي إلى تشجيع الشركات والافراد بالاستثمار في المدينة مع توفير الضمانات والتسهيلات كافة.

وبعد فترة من الزمن ظهرت نتائج الانفتاح الاقتصادي بشكل واضح جداً، مع ازدهار الصناعات وارتفاع مستوى دخل الفرد وتحقيق رفاهية الأفراد. ومع النجاح الذي تحقق في شنغهاي، بدأ الأمر ينعكس إيجاباً على عموم الصين بالوقت الذي كانت فيه شنغهاي تنتج ٣٠٪ من الناتج الصناعي للصين، وبالنظر لكون المدينة تمتلك شريطاً ساحلياً طويلاً، ويبلغ عديد سكانها أربعة وعشرين مليوناً ومئة وثمانين ألف نسمة، مع مساحة تبلغ ٦٣٤٠ كم مربع.

هنا برزت مشكلة توفير السكن لشعب المدينة التي تبلغ كثافتها السكانية حدّاً كبيراً، مع مساحة مقدّرة بـ ٢متر مربع “فقط !” لكل مواطن، وكانت هذه مشكلة حقيقية ومؤلمة، مما حدا بإدارة المدينة للقيام بثورة عمرانية ضخمة جداً، وفعلاً تم انجاز أكثر من ألفي برج سكني لحل أزمة السكن.

وبعد إنجاز هاتين المهمتين، وضعت القيادة الصينية استرشاداً بمنهاج الحزب الشيوعي الصيني وبزعيمه شي حين بينغ، أهدافاً أخرى للمدينة، حيث أن المدينة كانت تحقق معدل نمو مستقر يقدر ب ٧٪ سنوياً، فتحقق توفير ٦٠٠ ألف وظيفة، وانحسرت البطالة إلى مستوى أدنى يقدر بـ٤٪، وأصبحت ثاني مدينة في العالم تستقبل عدد الزوار برقم يصل الى ١٠٠مليون زائر.

ونتيجة لهذه المعطيات فقد خُطط للمدينة أن تكون مركزاً عالمياً للاقتصاد ومركزاً بحرياً ومركزاً تكنولوجياً، فغدت المدينة عالمية الوقائع والقدرات وجزءاً فاعلاً للاقتصاد الدولي. وخلاصة القول وليس آخره، أن شنغهاي قد أصبحت هي القاطرة التي تقود عملية الانفتاح والتقدم الصناعي والتكنولوجي في الصين خصوصاً وفي العالم عموماً، استرشاداً بالأُسـس التي وضعها أمين عام الحزب الشيوعي الصيني الرفيق شي جين بينغ، والتي اصبحت مِثالاً لكل دول العالم التي تسعى للنجاح والرقي.

ومع هذا التقدم الصناعي والعلمي لم يغب عن ذهن القياده الصينية الحكيمة المواطن والبيئة، فهما نصب عين القيادة. واليوم تعتبر شنغهاي قِبلة ومحط انظار شعوب العالم أجمع، لا سيّما وخصوصاً الشركات الساعية الى النجاح والانتشار، نظراً لما توفّره المدينة من خدمات ومزايا اقتصادية ومالية، وكذلك للدور الذي ستلعبه هذه المدينة في إطار المبادرة التاريخية للأمين العام للحزب شي جين بينغ، المَوسومة بِـ”الحزام والطريق”، وبما أنها مقر للبنك الذي سيموّل هذا المشروع – المبادرة الكونية التي تصب في خدمة الصين ومختلف شعوب المَعمورة من أقصاها إلى أقصاها.

عبدالإله جبرالمهنا: عضو ناشط في المجموعة الرئاسية العراقية الأُولى – الأول من أُكتوبر2016/ الذكرى الـ67 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ومسؤول متابعة الأنشطة في مجموعة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين، وكاتب ومهتم بالتاريخ والنشاط الصحفي، وناشط في التيار الديمقراطي من أجل الاصلاح.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى