القائد الأُممي بوتين إذ يُصَرِّح..
القائد الأُممي بوتين إذ يُصَرِّح..
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح – الأُردن.
*كاتب وصحفي روسي وأردني الجنسية، ومتخصص في الشأن الروسي، ومؤسس ورئيس “رابطة القلميين العرب أصدقاء وحُلفاء روسيا”.
منذ إطلاقه التصريح الأول لوسائل الإعلام الروسية والأجنبية بما يتصل بالأحداث الأليمة التي يَتَعَرَّض لها حالياً قطاع غزة الفلسطيني الصغير مساحةً والمُحَاصَر، حاز الرئيس فلاديمير بوتين، القائد الأُممي الشهم، على تأييد عربي غَدَت رُقعته تتَّسِع يوماً بعد آخر، إذ لفتت تصريحات بوتين الشجاعة كل عربي وكل أعجمي وشريف في هذا الكون، ليتأكد للكثيرين بأن روسيا بوتين ستبقى حليفة للعرب وشعوب العالم المغلوب على أمرها استعمارياً، وستواصل موسكو نهجها لنُصرة قضاياهم المصيرية – العادلة، تماماً كما كانت روسيا هكذا عبر التاريخين القديم الراحل، والحديث الراهن.
هذه التصريحات البوتينية الشجاعة تقف في صف الإنسانية، وهي تنتصر لحقوق الشعوب المغلوب على أمرها، فقد أكد التاريخ أن روسيا بوتين الكبيرة والعظيمة، والتي تحترمها وتجلها كل الشعوب الواعية، ستبقى صلبة وصلدة بما يخص خدمة بني آدم وحواء ومستقبل البشرية، إذ تم تكريس روسيا تاريخياً على أنها عَلماً يُحتذى به اليوم كما كان بالأمس؛ وفي المستقبل أيضاً؛ أذ بقيت وستبقى “هي هي” كما كانت بلون واحد نضرٍ، تُنَاصِر كل مَن يُعلن عن صداقته الشريفة لها، لتغدو تحالفاً، وخندقاً دفاعياً روسياً عن حقوق تلك الجهات الحليفة لروسيا التي تقف في صف المغلوب على أمرهم في عالمنا المُعَاصِر، إذ يواصل العدو الإمبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من القابعين وراء البحار والمحيطات أيضاً، مُخَطَّطَهم التوسعي لتصفية الإنسانية فيزيائياً، على مِثال ما يحدث اليوم في قطاع غزة النازف دماً، للاستحواذ إمبريالياً على أراضي الغير، ومحتوياتها الثمينة التي تزخر بها بواطِنها، وصولاً لنهب مُقدّراتها المختلفة التي تنعم بها أراضيها منذ غابر الأزمان.
تصريحات الرئيس الفذ فلاديمير بوتين، الشجاعة، والجسورة، والحكيمة والتي عرضتها مختلف وسائل الإعلام الروسية، إنَّمَا تتحدث عن مساندته الحقيقية لحُلفاء روسيا التي تصطف في صَفِهِم، وهؤلاء الحُلفاء يتعرضون هذه الأيام إلى قصف شرس ومُمَنهَج بالقذائف الفوسفورية المُحرَّمَة دولياً، وبكل أنواع وأشكال الأسلحة الأخرى التي أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الجماعي لتل أبيب لأبادة البشر، كونها أسلحة إمبريالية “تتميز!” بتقنيات “عالية القُدرات!”، وتحديداً، في تصفية جسدية للمغلوب على أمرهم من أصحاب الحقوق المَهدورة، وهو أمر يُذكِّرنا هذه الأيام بالمجازر التي كان النظام الأوكراني يرتكبها ببشاعات منقطعة النظير في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وهو أمر جَلَل يُثير الاشمئزاز، ومُخْزٍ، ومُخجِل، وبشاعة يَندى لها جبين الإنسانية.. كل الإنسانية في كل رياح الكرة الأرضية.
وكما إتَّسَمَت الحرب التي شَنَّها الغرب وأوكرانيا بأوامر أمريكية على شعبي لوغانسك ودونيتسك، “هي هي” حرب اليوم في غزة، نسخة طبق الأصل عن الحرب الشعواء التي تشنها القيادات الغربية ذاتها على روسيا وبالأسلحة المحرمة دولياً، حيث تتم ممارسة مُمَنهَجَة لتصفية العنصر العربي الفلسطيني في قطاع غزة المُحَاصَر بقوى ناتوية مناهضة لروسيا، تطل بأسلحتها الفتاكة من جهات عديدة، دون أن يَمنعها قانون دولي أو قرارات أُممية، أو مشاعر إنسانية.
في تصريحات بوتين الجريئة والجسورة نلمس الحزم السياسي البوتيني الذي صار مدرسة سياسية ُوفكرية يُحتذى بها دولياً، إذ غدا دفاع بوتين عن هِبة الحياة المُقدَّسة للبشر مِثَالاً لكل الشرفاء. ولذلك، نلاحظ كيف أن وسائل الإعلام العربية ركَّزت على تصريحات بوتين ونشرتها وَ وَثَّقَتها، مؤكدةً في الوقت ذاته ثقة الجماهير العربية ببوتين، وبأهدافه وإنسانيته وصراحته وعميق درايته بالأحداث ومآلاتها. فبوتين شخصية مُثلى يَندر وجود مثيل لها في الكون، إذ إنه يُسَارِع دوماً وبدون تأخير إلى نُصرة كل قضية عادلة تتوسل دعماً بوتينياً، لكون بوتين شخصية موثوق بها عربياً وعالمياً من طرف الشعوب المغلوب على أمرها وعلى أمر العديد من قادتها أيضاً، بسبب العَسْف الإمبريالي الفالت هذه الأيام مِن عِقاله.
شخصية بوتين تتسم بأهمية كبرى في الأوساط الشعبية، وفي بيوتات ومنظمات المثقفين العرب والأردنيين الذين يتحدثون عنه بكل محبة في اجتماعاتهم، ومنتدياتهم، وحلقات النقاش لديهم، إذ تتلقف وسائط الإعلام العربية تصريحات بوتين لنشرها وتعميمها على الأوساط الشعبية في عالم العرب الآسيوي – الإفريقي، فتصريحات بوتين وخطواته هي سياسية متميزة، يتداولها العرب وأحزابهم بأجمعها لدراستها، إذ إنها مدرسة لنا نحن العرب نَستلهم منها الشجاعة والإقدام، إذ تؤيد هذه الجهات العربية روسيا وبوتين، وتعتبر الرئيس بوتين الحليف الأوحد الموثوق به حالياً على كل الصُعد العربية، فهو يتَّسِم بالشجاعة، وعُمق الإدراك السياسي، والحزم الفكري والعقائدي، ويتحلى بالموضوعية والواقعية، لا سِيَّما عندما يربط الرئيس بوتين ما يجري في غزة من قتل مُمَنهَج لشعب غزة وأطفاله ونسائه، بالحصار الذي يقارنه بحصار النازي – الفاشي – الهتلري على مدينة لينينغراد السوفييتية – (سانت بطرسبورغ حالياً)، المُنتَصِرة على الهتلرية والموسولينية.
لقد شبّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحصار الذي يَفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بحصار ألمانيا النازية الهتلرية على مدينة لينينغراد السوفييتية خلال الحرب الوطنية العظمى للشعب السوفييتي – الحرب العالمية الثانية، إذ دعا في تصريحاته المُتَّزِنة عبر وسائل الإعلام، إلى ضرورة التوصل لحَلٍ للصراعِ من خلال الوساطة، ونحن العرب نثق ببوتين كل الثقة حتى في تقرير مصيرنا، ذلك أنه نصيرٌ لنا، ونثق بإدارته في مسألة قضايانا المصيرية، وبخاصة ضرورة تدخله في مسألة إيجاد حل واقعي للحرب على غزة.. نثق به أكثر من ثقتنا بأي زعيم دولي آخر، فقد أوضح بوتين خلال مؤتمر صحفي في بشكيك عاصمة قرغيزستان، أن الحصار المُحِكَم الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني نسمة “غير مقبول” ونحن نشاطره تماماً هذا الموقف المبدئي.
وأضاف بوتين: يجب علينا التفكير في المواطنين الفلسطينيين الذين يعانون من التصعيد العسكري الإسرائيلي، مُحذِّراً في الوقت نفسه، من أن شن إسرائيل عملية برية في غزة سيؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين، فقد جاء تصريح بوتين هذا، بعدما طلب الجيش الإسرائيلي في يوم جمعة مُنقَضِية، من جميع المدنيين في شمال قطاع غزة – والذين يزيد عددهم على مليون نسمة – الانتقال إلى الجنوب خلال 24 ساعة، فيما تُحشد الدبابات استعداداً لغزو بري للقطاع المَعزول.
لقد أكد بوتين على التالي: إن استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية “محفوف بعواقب وخيمة على جميع الأطراف”، وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الروسي إلى بذل جهود جماعية لضمان وقف مبكر لإطلاق النار واستقرار الوضع على الأرض، مُشدِّدَاً على أن روسيا مُستعِدة للتنسيق مع جميع الشركاء أصحاب النهج البنَّاء.
يُتَابع العرب تصريحات الرئيس بوتين، ويغوصون في معنى كل كلمة يتفوَّه بها بكل دقة وانتباه، ويُحَلِّلون معانيها وأهدافها، بخاصة انعكاساتها على الشعب الفلسطيني المُشرَّد في مختلف زوايا الكون منذ عشرات عشرات السنين. إن تصريحات بوتين تُعتبر على درجة عالية من الأهمية للعرب والشعوب الضعيفة التي تستغلها الإمبريالية، وقد أدّى ذلك إلى زيادة منسوب ومستوى تأييد قضية العرب الكفاحية بفضل بوتين وروسيا البوتينية، إذ ما توقف بوتين يدعو إلى تحقيق دولة فلسطينية، وتطبيق القوانين الدولية، وبخاصة تلك التي تم إقرارها عالمياً بشأن تأسيس دولة فلسطينية سيدة ومستقلة في فلسطين التاريخية وعلى أرض فلسطين بالذات، ولزوم تطبيق قرارات منظمة الأمم المتحدة بشأن فلسطين عموماً، أيضاً، والتي تم إتخاذها منذ عشرات السنين ولم تُطبَّق، ولم يتم تفعيلها منذ عشرات السنين وحتى الآن لأسباب في أولها رفض الغرب الجماعي التوسعي لوجود هذه الدولة، خشية من أن تغدو، وستغدو بالطبع صديقة وحليفة مخلصة لروسيا التي ترتبط مع الأمة العربية منذ قديم الزمان بأواصر الأخوة وطريق حرير روسي – عربي انطلق على مدار الأزمان من روسيا نحو العالم العربي وبالعكس، وبخاصة الجزء الآسيوي منه.