ترنيمة عِزة وكرامة فى محراب الوطن
اجنادين نيوز / ANN
الدكتورة كريمة الحفناوي
يقول الأديب والشاعر السعودى مهذل بن مهدى الصقور
أتظن أنك بعدما أحرقتنى
ورقصت كالشيطان فوق رفاتى
وتركتنى للذاريات تذرنى
كحلاً لعين الشمس فى الفلوات
أتظن أنك قد طمست هويتى
ومحوت تاريخى ومعتقداتى
عبثا تحاول لا فناء لثائر
أنا كالقيامة ذات يومٍ أت
نعم أيها الشاعر إذا مات الإنسان، فالفكرة لاتموت، والإيمان بالحق لايموت، وما ضاع حق وراءه مطالب.
وبعد هزيمة 1967 واحتلال العدو الصهيونى للأراضى العربية فى مصر وفلسطين وسورية انتشرت فى مدن المقاومة المصرية، مدن القناة الثلاثة، بور سعيد والسويس والاسماعيلية، أغانى المقاومة والتى تغنت بها فرقة السمسمية لدعم وتحفيز الجنود المصريين مع بدء حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيونى ومنها غنوة أبويا وصانى لفرقة السمسمية بالاسماعيلية، من كلمات وألحان عبده العثمالى وغناء مصطفى شوقى، تقول كلمات الأغنية:
يادنيا سامعانى أبويا وصانى
ما أخلى جنس دخيل يخش أوطانى
الأرض دى أرضى أحميها أنا وولدى
أفديها بالأرواح وتعيشى يابلدى
أحلف يمين بالله الذل مانرضاه
واللى يعادينا يكتب بإيده شقاه
منصور أنا منصور مالى طريقى نور
من دم شهدائنا أحمى ياقلبى وثور
استيقظ الشعب المصرى والعربى، فى صباح السبت الموافق 3 يونيو 2023 على خبر يهز الكون، ويقول لنا إرفع راسك فوق إنت مصرى، وإرفع راسك فوق إنت عربى، خبر استشهاد جندى مصرى برصاصات الغدر للعدو الصهيونى، بعد أن قتل ثلاثة من جنود الاحتلال وأصاب إثنين. خبر أعاد لنا الفخر والعزة والكرامة، وسط انبطاح أنظمة عربية خانعة تهرول نحو التطبيع مع الكيان العنصرى الصهيونى، الذى يرتكب كل يوم جرائم حرب ضد أهالينا فى فلسطين، وينتهك حرمة مقدساتنا الإسلامية والمسيحية.
ويتردد اسم الشاب ذو الإثنين والعشرين ربيعا من عمره ابن الحى الشعبى فى عين شمس بالقاهرة.
ولد محمد صلاح ابراهيم الدسوقى مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية فى عام 2000 وكان طفلا صغيرا عندما استشهد الطفل محمد الدرة فى عام 2000 وهو فى حضن أبيه برصاصات الغدر على يد الكيان المجرم العنصرى. واستشهد محمد صلاح قبل اغتيال الطفل الفلسطينى محمد التميمى الذى لم يتجاوز عمره سنتين ونصف على يد الصهاينة المتوحشين فى الخامس من يونيو 2023.
لم يقرأ محمد صلاح ولم يسمع أو ربما سمع عن الحركة الطلابية فى السبعينات التى طالبت بالحرب من أجل استرداد أراضينا وكرامتنا، ولم يسمع هتافات المصريين والقوى الوطنية ضد العدو الصهيونى وضد التطبيع
هنرددها جيل ورا جيل بنعاديكى ياإسرائيل
بالقرآن ويا الإنجيل بنعاديكى ياإسرائيل
وحياة دم محمد درة راح تعود القدس حرة
ياحكومات عربية جبانة التطبيع عار وخيانة
بالروح بالدم نفديكى يا فلسطين
وفى ثورة 25 يناير 2011 كان محمد صلاح فى نهاية عامه العاشر وربما لم يعلم بأنه فى 18 أغسطس 2011 عبرت وحدة من جنود العدوالصهيونى الحدود المصرية فى سيناء وقتلوا خمسة جنود مصريين مما أساء استياءً كبيرا لدى المصريين اعتصم على إثره آلاف من المتظاهرين أمام السفارء “الإسرائيلية” وأنزلوا العلم الإسرائيلى وأحرقوه وطالبوا بطرد السفير الصهيونى.
وارتفعت الهتافات
إحرق فى العلم الصهيونى دول قتلونى دول دبحونى
أول مطلب للجماهير قفل سفارة وطرد سفير.
استشهادك يا صلاح يا فخر العرب عودة للروح والعزة والكرامة. ودماؤك الطاهرة التى سالت على أرضنا العربية تسطر بحروف من نور، مع دماء الشهداء الفلسطينيين والشهداء العرب، فصلا جديدا من فصول المقاومة، والدفاع عن الأرض والعرض والشرف والعزة والكرامة.
استشهادك ياصلاح يقول لنا وبصوت عالٍ “درسك ياوطنى المحتل المقاومة هى الحل”، ويثبت لنا أن معادة العدو الصهيونى، رضعها ملايين الأطفال مع حليب أمهاتهم، ويقول لمن لا يعى الدرس الغضب الساطع آت، من كل مكان وعبر الزمان وإننا لمنتصرون.
ياشهيد نام وارتاح واحنا نواصل الكفاح
وحياة دمك ياشهيد بكرة هيطلع فجر جديد
لم يكن الشاب العشرينى محمد صلاح أول شاب يحمل جينات الغيرة على وطنه وأهله وناسه، ولن يكون الأخير فهاهى ملحمة الصمود وسيرة الأبطال، نرويها ونحكيها ع الربابة جيل ورا جيل ورا جيل.
من أحمس لصلاح الدين فى معركة حطين، لسليمان الحلبى قاتل الجنرال كليبر قائد الحملة الفرنسية على مصر فى ذلك الوقت،لآلاف الشهداء على أرض الوطن، دفاعا عن الاستقلال ضد الاستعمار، من الجزائر بلد المليون شهيد، للمقاومة الفلسطينية منذ تدفق العصابات الصهيونية عقب وعد بلفور والانتداب البريطانى على فلسطين منذ أكثر من مائة عام.
المقاومة مستمرة بكافة الوسائل لتضرب المثل على صمود وبطولة الشعب الفلسطينى ودفاعه عن حقه فى التحرير والعودة، وإقامة دولته على كامل التراب الفلسطينى، وعاصمتها القدس الشريف.
ذكّرتنا يا صلاح برموز مصرية شابة ورموز عربية، لم ترض الذل والهوان. ولنتذكر معا ياصلاح معانى الشجاعة والكفاح، ولنحكى معا.
فى عام 1985 كان الجندى المصرى سليمان خاطر فى سلاح حرس الحدود على موعد لتسجيل بطولة من بطولات مصر والعرب. قتل الجندى سبعة جنود من جيش الاحتلال الصهيونى اخترقوا حدودنا وسلم نفسه بعدها ليودع فى السجن العسكرى وانتهت حياته داخل السجن قبل المحاكمة.
وفى عام 1987 وبالتحديد فى 25 نوفمبر كانت هناك معركة أطلق عليها ” ليلة الطائرات الشراعية” حيث انطلق أربعة طيارون على أربع طائرات شراعية من لبنان ونزلوا فى قلب الأرض الفلسطينية المحتلة، واحد تونسى وواحد سورى واثنان فلسطينيان.لم يحالف الفلسطينيان التوفيق. واستطاع المقاتل التونسى قتل خمسة من العدو الصهيونى أما السورى استطاع الدخول الى الأرض المحتلة و دخل فى معركة كبيرة مع جنود العدو الصهيونى واستطاع إسقاط 37 جنديا بين قتيل وجريح .
وفى حكاية ثالثة من حكايات البطولات تمكن ابن مدينة الزقازيق محافظة الشرقية بمصر الشاب أيمن حسن فى نوفمبر 1990 من عبور الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة شمال غرب إيلات وهاجم رتلا عسكريا اسرائيليا، وذلك ردا على إهانتهم للعلم المصرى، وتمكن من قتل 21 عسكريا وأصاب 20 آخرين ورجع وسلم نفسه وقضى فى السجن 12 عاما.
أما حكايتنا الرابعة كان بطلها الجندى الشاب الأردنى أحمد الدقامسة حيث اتريقت عليه مجندات من جيش العدو وأهانته وهو يصلى فقتل سبع مجندات، وحكم عليه بالسجن.
وهنحكى ونغنى مع فرقة ولاد الأرض السوايسية من كلمات وألحان كابتن غزالى
غنى يا سمسمية
لرصاص البندقية
ولكل إيد قوية
حاضنة زنودها المدافع
غنى لكل دارس
فى الجامعة والمدارس
لمجد بلاده حارس
من غدر الصهيونية
غنى لكل عامل
فى الريف وفى المعامل
بيأدى الواجب كامل
وادّيله وردة هدية
إنهم أبطال يعيشون فى وجداننا وعقولنا وقلوبنا والشهداء منهم “أحياء عند ربهم يرزقون”.
محمد صلاح المصرى العربى يكمل حكايات شباب عرين الأسود فى فلسطين وشهداء المقاومة الفلسطينية فى كل بلدات ومدن فلسطين فى غزة والضفة الغربية وأراضى 1948، وحكايات بطولات الأسرى فى سجون الاحتلال ضد التعذيب ومنع الزيارات ومنع الأدوية عن المرضى، وذلك بخوض معارك الأمعاء الخاوية بالإضراب عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم أو الشهادة.
لقد علمنا التاريخ أن النصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلال.