تواصلي مع الصين

اجنادين نيوز / ANN

باسم محمد حسين

تواصلي الأول مع الصين كان عام 1965 حينما زار مدينتي البصرة فريق من شنغهاي لكرة القدم (لا تسعفني الذاكرة هل هو منتخب شنغهاي أم أحد انديتها) ولعب مع منتخب البصرة آنذاك. اصطحبني والدي لملعب نادي الميناء لمشاهدة هذه المباراة، وعند انتهائها بفوز الضيوف 2 – 1 طلبت من والدي أن أتعرف على اللاعبين عن قرب واُبدي اعجابي واحصل على توقيع اللاعب الذي يحمل رقم 10 وكنت حينها أهوى جمع التواقيع. وفعلاً استطعنا الوصول الى غرف تبديل الملابس وكان لي ما طلبت ولكن لم أتعرف على اللاعب رقم 10 لأنني لم استطع تمييزه بين زملائه لتقارب الشبه بينهم. وفي بداية شبابي وظهور ميولي اليسارية كنت أقرأ مجلة الصين الجديدة حيث أقتنيها من مكتبة فرجو الواقعة في شارع الوطني بالقرب من مشغل والدي الخياط آنذاك. ومع التقدم في مراحل العمر اتجهت للاستماع الى راديو الصين (إذاعة الصين الدولية – القسم العربي).
في ربيع عام 2018 تشرفت بزيارة الصين للمرة الأولى بدعوة كريمة من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ضمن وفد الاتحاد الدولي للأدباء والكتاب والاعلاميين العرب اصدقاء (وحلفاء) الصين. الحقيقة أبهرني كل شيء هناك، لا أريد الحديث عن التقدم العمراني أو الصناعي أو الزراعي أو قطاع المواصلات أو الاتصالات أو الخدمات أو التعامل الاجتماعي أو غير ذلك، فكل هذه القطاعات معروفٌ تقدمها عند العالم أجمع تقريباً. وكانت الزيارة الثانية في شهر نوفمبر من ذات العام وبدعوة كريمة من صحيفة الصين اليومية وحكومة جزيرة هاينان المحلية لحضور المنتدى الاعلامي لمبادرة الحزام والطريق بنسخته الخامسة.
الحديث عن تقدم وتطور الصين لا يمكن ان ينتهي في مقالة واحدة أو حتى سلسلة مقالات، ولكن هناك موضوعان هما الأهم (برأيي المتواضع) لم تنجح فيهما الدول والحكومات مثلما نجحت الصين وحزبها الشيوعي العتيد في تطبيق مراحلهما بدقة متناهية وحصد النتائج، وهما 1- تطبيق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية و2- محاربة الفقر والقضاء عليه.
منذ اليوم الأول الذي اختطت فيه أول أسرة بشرية قطعة من الأرض واستملكتها بغية الاستفادة منها، بعدها مباشرة ظهر الفقر والغنى وتطور تدريجياً الى صيرورة الوضع الاقتصادي لحين ظهور ماركس. ماركس الذي اوجد نظاماً اقتصادياً يختلف عن السائد آنذاك، وبعد حين من ذلك أصبح نظامين اقتصاديين في العالم (اشتراكي ورأسمالي) وكلاهما يدعي بأنه الناجح والقادر على الاستمرار والقضاء على الفقر، فالرأسمالي يدعي ذلك من خلال قدراته على تطوير المنتج بشكل مستمر وتصديره الى الأسواق المحلية والعالمية والاستفادة من العوائد المادية، بينما الاشتراكي لا يقبل بأن لا تكون ملكية وسائل الانتاج لغير العاملين الاساسيين و يكون العائد المادي للصالح العام.
بلا شك أن التخلص من الفقر سعي مشترك للأغلبية من دول العالم، وفي نفس الوقت هو حلم جميل للأمة الصينية منذ القدم وهدف رئيسي لكفاح الحزب الشيوعي الصيني منذ التأسيس قبل قرنٍ من الآن.
بين هذا وذاك من النظامين اختطت الصين الشعبية خطاً جديداً بتجربة فريدة كانت مدروسة بشكل دقيق وهي تجربة (الاشتراكية ذات الخصائص الصينية) من خلال مشروع الاصلاح والانفتاح الذي تبنته الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشر للحزب الشيوعي الصيني أيام الرئيس الراحل دينغ شياو بينغ عام 1978 حيث اعتمد الاصلاح في الداخل والانفتاح على الخارج. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الصين بالنهوض المتسارع وتحقيق نسب تنمية غير مسبوقة في جميع الميادين وأولها وقبل كل شيء هو بناء الانسان الذي يستند عليه بقية البنيان. وصولاً الى عام 2012 حيث انعقد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي أقرَّ القضاء على الفقر واعتبار الموضوع مهمة أساسية لبناء مجتمع الحياة الرغيدة للجميع. وبموجب إجراءات سليمة ومدروسة من قبل قيادة الحزب الشيوعي الصيني وكوادره الاستشارية الاخرى كانت العام 2020 هي عام القضاء على الفقر. وفعلاً تحققت انجازات واضحة في هذا المجال بحيث تخلّص أكثر من 850 مليون مواطن صيني من الفقر في تلك السنوات. وهذا النجاح يسجَّل للنظام الاشتراكي الجديد الذي أقرته قيادة الحزب التي تعرف بأن نجاح الاشتراكية يحتاج للإنسان المخلص، وهكذا هم الصينيون، في الحقول وفي المعامل وفي مكاتب البحوث العلمية والمختبرات وفي الجامعات وجميع أماكن العمل.
لم يكن لوباء (كوفيد 19) التأثير الكبير على تأخير الوصول للهدف السامي (القضاء على الفقر عام 2020) بل الجهود الاستثنائية للجنة المركزية للحزب وبقية القيادات المحلية نجحت في تجاوز الأزمة بشكل سريع حيث اتخذت إجراءات حازمة ودقيقة لإعادة الحياة بالتعايش مع الوباء ومن ثم القضاء عليه.
في الاحتفال للقضاء على الفقر يوم 25/2/2021 قال الرفيق الرئيس شي جين بينغ “إن الصين أكملت المهمة الشاقة للقضاء على الفقر المدقع، وسطرت معجزة أخرى في سجلات التاريخ”. كلمات من ذهب نتمنى سماعها في أوطاننا وجميع أرجاء المعمورة كما في الصين. ومن المعلوم بأن الصين ساعية وبشكل دؤوب لمشاركة دول العالم في هذا التوجه الانساني النبيل، وأبسط دليل على ذلك هو تبرعاتها السخية بجرعات اللقاح المضاد لوباء كورونا التي وصلت الى أغلب الدول الصديقة.
المجد لصنّاع الحياة
المجد للحزب الشيوعي الصيني
البصرة 4/4/2021

باسم محمد حسين
009647707057403
البصرة / العشار / حي الزهور – خلف فندق الشيراتون ومقابل فندق المسافر

زر الذهاب إلى الأعلى