في الصين: نشاهد الازدهار.. ونُسعَد بتألق الانسان وضِياء المَكان وآمان العِِمران

اجنادين نيوز / ANN

*بقلم: الاستاذ عبدالقادر الفاعوري: صحفي وكاتب أُردني يعمل في وكالة الأنباء الرسمية الأُردنية “بترا”، وعضو ناشط في “الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العرب أَصدقاء وحُلفاء الصين”.
*تحرير ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح – الأُردن: مؤسس ورئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العرب أَصدقاء وحُلفاء الصين”.


من الضروري أن أؤكد هنا، أنني شعرتُ بسعادةٍ غامرة حين وجِّهَت لي دعوة رسمية لزيارة جمهورية الصين الشعبية الصديقة والحليفة للعالمين العرب والإسلامي والشعوب المقهورة استعمارياً عبر حقب بعضها انتهى، والبعض الآخر ما يزال مُستمراً.
كانت زيارتي إلى الصين العظيمة بهدف الإطلاع المباشر واليومي على حياة الشعب الصيني الصديق، وللاقتراب الحسي من نمط الحياة اليومية للصينيين وفهمها، ولأجل الاستزادة منها، ولملاحظة انتمائها لنمط الحياة الشرقي العريق، الذي يشمل غالبية الدول الآسيوية، إذ إن الصين تنتمي دولةً وشعباً وتقاليد لقارة آسيا، تماماً كغيرها من عشرات الدول المحيطة بها أو البعيدة عنها لكنها المنتمية لهذه القارة الضخمة والغنية ثقافةً وتاريخاً. فالصين كما يبدو لي، تنتهج نظاماً سياسياً واقتصادياً مُتميزاً بإيجابياته المتلاحقة وخدمته للشعب، ومختلفاً في أركانه الإشتراكية عن العديد من الأنظمة التي تسير عليها دول آسيوية وغير آسيوية أُخرى، كما وأن تقاليد الشعب الصيني، وإن كانت تنتمي للملامح والجوهر الشرقي، ألا إنها تشتمل على نقاط نمطية خاصة بها، وهو بحد ذاته إضاءة إيجابية تعني الغِنى الثقافي والحضاري للدولة والشعب تراكمت لدي البلد عبر الحقب المتلاحقة للتاريخ الصيني العريق، بحيث يُدرك الزائر – المشاهِد فوراً أن ما يراه إنَّمَا هو صور ومشاهِد صينية بحت انتجتها الحضارة الصينية العريقة عبر ألوف السنين، وصارت معشوقة الشعب الصيني وشعوب العالم المُحِبَة لتلاقح الحضارات والثقافات والفنون وغيرها من النتاجات الايجابية للحضارات الأُممية، بالرغم من تعدد سمات أنظمتها السياسية المختلفة والتقاليد الدقيقة لشعوبها، إلا أن أفكار وتطبيقات فكرة التآخي هو، وكما أنا لمست يومياً على أرض الصين، السِّمة الأُولى التي يتمتع بها الشعب الصيني، مِمَّا يؤكد صوابية نهج الصين داخلياً وخارجياً، واندغام هذا الشعب الأصيل بالعالم حضارة وثقافة وفي كل مجال أخر، وفي آن واحد احتفاظه بتميزه البارز في حقول عديدة لافتة للقاصي والداني، للزائر للصين وللمتابع لها ولو عن بُعدٍ.
المواطن الصيني غني ويتمتع بالمساوة والاحترام برعاية دولته له، فهو يَشعر يومياً بدوام الأمن والآمان في ظل قيادة سياسية تعمل نهاراً وليلاً من أجل تقديم الأفضل له، وتُغنِيهِ بالمزيدِ مِن بذلِ جهودها لتقديم مختلف التسهيلات لشعبها لضمان حياة كريمة ومكتملة لكل أفراد الأمة الصينية دون أي تفرقة عرقية أو دينية أو لونية، بحيث يكون الجميع متحابين ومتضامنين ضمن بوتقة صينية واحدة، وهم هكذا في هذا الواقع اليوم، وإذ يقود البلد الرفيق الفذ شي جين بينغ – حادي الركب الصيني والقائد الحكيم، نلمس بأنه لم يتوقف لحظة عن التأكيد على شأن ودور الصين الإنساني العالي والمركزي عالمياً وقارياً، والتعريف بذلك من خلال ترجمة صداقتها للشعوب على أرض الواقع اليومي، فمساعدة الصين للأُمم المختلفة واضحة وثابتة ومتواصلة، وأخذها بيد عواصم كثيرة لإنقاذها من التراجع الاقتصادي والحضاري مستمر ولأجل إعلاء مكانة تلك الشعوب، وضرورة مساواتها مع غيرها، وللدفاع عن حقوقها الانسانية المشروعة في مواجهة كل التهديدات الخارجية إن وجدت.
وفي هذا السياق لا بد من أن نتحدث عن الصورة الجميلة والجاذبة للصين عربياً، إذ يجدر بي الحديث عن “إبن بطوطة” الشهير الذي قال وكتب في عصره، بأن بلاد الصين وبرغم بعدها الجغرافي عن أرض العرب، قد ارتبطت في الموروث الشعبي العربي بكثير من الأساطير والقصص الخيالية التي تركت انطباعاً محموداً عن هذه البلاد البعيدة عن ديار الإسلام، فنُسِجت حولها قصص الأساطير مثل قصص “ألف ليلة وليلة”، وقصة “علاء الدين والمصباح السحري”، وقصة “الخياط والأحدب”… وغيرها، وعلى الرغم أن هذا الإرث الثقافي والشعبي صناعة عربية وإسلامية، إلا إنها ارتبطت ببلاد الصين؛ سواء في الأحداث أو أماكنها، وهنا لعبت هذه الموروثات أدواراً متواصلة في تقريب العرب من الصين إلى حد الاندغام في الحياة الصينية من خلال الزواجات المختلطة العربية – الصينية التي تواصل التكاثر والتوسع في أيامنا هذه، إذ يجري ضمن هذا السياق تواصل تعمّق فهم الصين والتلاقح مع الوقائع الصينية ونمط الحياة الصينية، ويزداد بالتالي انتشار المطاعم الصينية والمراكز الثقافية الصينية والمؤسسات الصينية في بلدان العالم العربي وفي المملكة الاردنية الهاشمية أيضاً، ما أوصل العلاقات بين الصين والأُردنيين والعرب إلى هدف عالي الشأن والأبعاد بإيجابياته، ألا وهو تعزيز عملانية التزاوج وإنشاء عائلات مختلطة تلعب أدواراً مهمة في تقريب الأُمتين الصينية والعربية من بعضهما بعضاً لصالح كل ما هو إنساني، وفي العلاقات الثنائية بين الجانبين العربي والصيني، ولا يجب هنا أن ننسى “قضية التآخي مع الصين”، وهي عملية جد مهمة، وتختزن في ذاتها أبعاداً تاريخية مضيئة وجد إيجابية للغاية، سِيّما في سبيل تضامن الشعوب الآسيوية واجتماعها على الجوامع والمشتركات المؤدية إلى مزيدٍ من ازدهارها في كل الفضاءات.
كانت زيارتي الأولى إلى جمهورية الصين متميزة حقاً والذكريات عنها لا تنتهي لدي، وشخصياً بذلت جهدي لأجل خلق بيئة أُردنية وعربية صينية متضامنة مع مَن تحدثت إليهم في بكين في شتى المواقع، وسوف أكرّس كل جهودي، وعقلي، وقلمي لأجل التعريف الموضوعي بهذه الدولة الجميلة، وصولاً إلى تقريب عميق ومتزايد لشعبينا الأُردني والصيني من بعضهما البعض، لتمكيننا من نيلِ، بل ولجمعِ نتائج جد إيجابية قد تكون جديدة بجوهرها على مسرح العلاقات الثنائية، ومضيئة وقابلة للاستنساخ من قِبل دولٍ وشعوبٍ عربية أُخرى.
ـ يتبع – 2.

زر الذهاب إلى الأعلى