المستشفى الميداني الأُردني في قطاع غزة.. نجدة أخوية للغزيين.. وهدف للقصف من الصهيونيين!
اجنادين نيوز / ANN
ـ الأكاديمي مروان سوداح.
كان الأُردن وكانت فلسطين عبر كل تاريخ بلاد الشام وحدة واحدة منفتحة على بعضها البعض دون أية حدود وبلا أية عوائق. كان الناس يتزاورون يومياً، ويسوحون توجهون إلى بعضهم البعض دون تأشيرات وبلا وثائق حتى، فقد كانت الأَرض واحدة لهم، ومتصلة بعرى الأُخوَّة التاريخية عبر ألوف السنين. لقد كان الشعب في الجهتين على جانب النهر المقدس ومازال واحداً، فلا تفرقة من أي شكل بين أُردني وفلسطيني، وبين فلسطين والأردن. ولهذا لم يقوَ المُعتدي على فسخ التواصل العميق بينهما، ولم يوفّق المتربصون بهما في العتمة البرانية بما كان يحشده من أكاذيب بغية فصل الفلسطينيين والأُردنيين عن بعضهم البعض، فبقي هؤلاء وحدة واحدة لا انقسام فيها، إذ إنهم مرتبطون منذ البدء بعرى المصاهرة من خلال التزاوج بينهما، وهو ماصَلَّبَ علاقاتهما ورَّسَخَ محبتهما لبعضهم البعض، إذ غدت هذه المحبة صخرة صلدة تتكسر عليها مؤامرات الأَجنبي الدخيل، الذي تم تعريته من آخر أرديته المُتَّسِخَةِ.
ولهذا، ولعوامل وحقائق كثيرة لا مجال لذكرها هنا في هذه المقالة الصغيرة، فقد سارع الأُردن بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني إلى إرسال أول مستشفى ميداني أردني مع فريق طبي إلى قطاع غزة عبر معبر رفح عند الحدود مع مصر، وكان هذا المستشفى الميداني الأول من نوعه منذ بدأت دويلة الصهيونية عدوانها على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ما معنى مستشفى ميداني؟ هذا المصطلح المنتشر دولياً يعني أنه مَشفَى عسكري، تابع لجيش دولة ما، وهو بالتالي يُستخدَم لأجل تأمين سلامة القوات المقاتلة في الميدان، ومعالجة الجرحى والعسكريين والمواطنين العاديين الذين أصيبوا خلال القتال مع العدو. ولكن يمكن أن يُستخدَم هذا المصطلح أيضاً في أوقات الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، أو الحوادث، أو الثورات، وكذلك مع الطب العسكري التقليدي.
في الأخبار، كشفت القوات المسلحة الأردنية في وقت سابق، أن المستشفى الميداني الأردني في خان يونس بجنوب قطاع غزة تعرَّضَ لأضرار بالغة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل في محيطه، وفقاً لـِ”وكالة أنباء العالم العربي”. ونقل بيان للجيش عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، القول إن أحد العاملين بالمستشفى “تعرض للإصابة خلال الساعات الماضية نتيجة للاشتباكات في محيط المستشفى”. وأشار المصدر إلى أن المصاب، الذي وصف حالته بأنها متوسطة، سيتم (في حينه) نقله جواً إلى الأردن لتلقي العلاج اللازم، لافتاً إلى أن أحد مواطني غزة كان يتلقى العلاج في وحدة العناية المركزة أصيب أيضا بشظية وعيار ناري.
واعتبر المصدر العسكري أن «الاعتداء على المستشفى الميداني الأردني يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة»، وشدَّدَ على أن الحكومة الأردنية ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة جراء هذا “العدوان”. كما، وحَمَّلَ البيان “إسرائيل” كامل المسؤولية عن سلامة العاملين في المستشفى الميداني، مؤكداً على ضرورة امتثال “إسرائيل”، باعتبارها «القوة القائمة بالاحتلال»، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي والامتناع عن مهاجمة المستشفيات.
وفي مجال متصل، تُشير المعلومات المتوافرة، إلى إن عدد المرافق الطبية الأردنية داخل الأراضي الفلسطينية وصل إلى 5 مرافق، وقد تم تجهيز المستشفى الميداني الأردني الأول الذي دخل إلى خان يونس في قطاع غزة بكل ما يلزم من تجهيزات. وإلى جانب مشفاه الأول بالقطاع، والذى تأسس قبل 14عاماً، وإرساله مستشفى ميداني، إلى نابلس (بالضفة الغربية)، يتبع للأردن محطتين جراحيتين في جنين ورام الله.
وللأسف الشديد، ووفقاً لِمَا أعلن عنه الجيش العربي الأردني، فقد أعلن الجيش الأردني عن إصابة 7 من كوادره العاملين بالمستشفى الميداني بغزة، لدى محاولتهم إسعاف فلسطينيين أصيبوا بقصف إسرائيلي.
وتأسس المستشفى الميداني العسكري الأردني الأول في غزة عام 2009، ويتبع للجيش الأردني، ويستقبل من 1000 إلى 1200 مراجع يومياً، ويُدار المستشفى من خلال طواقم طبية وفنية وإدارية تُبدَّل كل 3 أشهر بطاقم جديد، كما يزود المستشفى مع بداية كل مهمة بالمستلزمات الطبية والعلاجية لإدامة عمله، كونه يقدم خدماته مجاناً.
ومنذ 45 يوماً يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 13 ألف شهيد، بينهم أكثر من 5 آلاف و500 طفل، و3 آلاف و500 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، فقد كان سمو ولي العهد الحسين بن عبد اللهقد وصل في وقت سابق إلى مدينة العريش المصرية للإشراف على عملية تجهيز وإرسال “المستشفى الميداني الأُردني الخاص/2” إلى جنوب قطاع غزة. حينها، أكد مدير المستشفيات في قطاع غزة، محمد زقوت، أن المستشفى الميداني الأردني الجديد “سيُقام” “في محيط مستشفى ناصر في خان يونس، في جنوب القطاع، بغية استقبال الجرحى والمصابين”. لذا، كان المستشفى الأُردني أول مستشفى عربي يصل إلى القطاع المَحَاصَر الذي مايزال، حتى كتابة هذه السطور، يتعرض يومياً وفي كل دقيقة لحرب إبادة شاملة للبشر والحجر.
والجدير بالذكر، أن المستشفى الميداني الأردني الأول في مدينة غزة هو مستشفى عسكري أردني تملكه “الخدمات الطبية الملكية في الجيش الأردني”، كان تأسس في 26 يناير 2009، ويقع مقره في حي تل الهوى في مدينة غزة، وتبلغ قدرته السريرية 40 سريراً.
وفي الأخبار التي أَعلن عنها الديوان الملكي الهاشمي، أن سَعة المستشفى هي41 سريراً، ويتكون من أقسام الطوارئ، والباطنية العامة، والعناية الحثيثة، والرجال، والنساء، والخدج بسعة 41 حاضنة، والنسائية والتوليد، إضافة إلى مختبر وصيدلية وتصوير أشعة وغرفة تعقيم، وغرفتي عمليات لإجراء العمليات الجراحية العاجلة، ويضم المستشفى فريقاً طبياً وتمريضياً وإدارياً يتألف من 145 شخصاً، يتولون تخصصات “الجراحة العامة، وجراحة الشرايين، والأعصاب، والصدر، والمَسَالِك، والتجميل، والعِظام، والأَطفال، والوَجه والفَكَّين”. والجدير بالذِكِرِ، أنه وقبل وصول المستشفى إلى غزة، وبتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني، وصلت إليه عن طريق مَعبر رفح 40 شاحنة أُردنية تحمل معدات وأجهزة ومستلزمات طبية لتجهيز المستشفى، برفقة فريق مؤلف من 17 من العناصر الطبية والفنية.
لقد جاء نشر المستشفى الأردني في قطاع غزة في وقت عصيبٍ وخطرٍ للغاية، إذ شهد القطاع قبل وصول المستشفى الأُردني إليه قصفاً بشعاً ومتواصلاً من الطائرات الحربية الصهيونية ومختلف أنواع الأسلحة الصهيونية، وكذلك هجمات القوات البرية الصهيونية، ما قد أدَّى إلى استشهاد 12 مواطناً غزياً كانوا تعرضوا أولاً إلى غارة صهيونية على المستشفى الإندونيسي في شمالي القطاع، ثم تواصل القصف الصهيوني المستمر على الطواقم الطبية وألوف غيرهم من المواطنين المسالمين مِّمَّن رقدوا في مستشفيات أُخرى منتشرة في القطاع المُحَاصَر كانت تعرّضت هي الأخرى للإبادة، وهو ماأعلنت عنه حينها وزارة الصحة في قطاع غزة ومختلف وسائل الإعلام العالمية، عدا الغربية منها..!
والجدير بالذكر، أن إرسال المستشفى الميداني الأردني قد أكد أن إدارته الطبية حملت على عاتقها تقديم رسالة إنسانية لأهالي قطاع غزة، للتخفيف من جراحهم وبأعلى معايير الجودة الطبية، إذ إن المستشفى وكوادره يعملون إلى هذه اللحظة بجد واجتهاد على تزويد أهالي غزة بكل ما يحتاجونه من خدمات طبي.. ويأتي إرسال المستشفى الميداني لغزة استمراراً لدعم الأردن المستمر لصمود الأشقاء في فلسطين الجريحة.
لكن، لم يسلم المستشفى الميداني الأُردني من القصف الصهيوني، إذ صرّح الجيش العربي الأردني أن المستشفى الميداني الأُردني في مدينة غزة، تعرَّضَ لسقوط شظايا وقنابل دخانية، من جراء القصف الإسرائيلي، ففي بيان له ذكر الجيش التالي: “صَرَّحَ مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، بتعرض بعض مرافق المستشفى الميداني الأُردني الخاص/2 جنوب غزة لسقوط شظايا وقنابل دخانية نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة”. وأضاف المصدر بأنه لا أضرار مادية، لكن الجيش الأردني كان أَعلن أن سبعة أطباء عسكريين من كوادر المستشفى الميداني الأردني في غزة جرحوا على مدخل قسم الطوارئ في المستشفى، خلال محاولتهم إسعاف مواطنين فلسطينيين كانوا أصيبوا خلال قصف إسرائيلي. وَبَيَّنَ الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الأُردنية إن الجيش بدأ تحقيقاً رسمياً للوقوف على تفاصيل ما حدث.
كذلك، تَعَرّض عدة آلاف من النازحين الغزيين المسالمين والعزل، مِمَّن التجأوا للحماية من الموت بالأسلحة الصهيونية وأسلحة المرتزقة والجيوش الأجنبية – الغربية الأُخرى داخل أسوار المستشفيات المختلفة، لهجمات صهيوغربية إبادية، فقد كان هؤلاء مواطنون غزيون فقدوا بيوتهم المُدمَّرة وأرزاقهم، وقُتِل أطفالهم بوحشية يَندى لها جبين الانسانية والتاريخ الانساني وكل ذي عَقل ومَشَاعِر.
وبالرغم من كل الضغوط التي مورست صهيونياً ضد المستشفى الميداني الأُردني، إلا إن أنه بقي في غزة، وها هو يبقى هناك للآن لمواصلة عمله الشريف، فقد رفض كوادره العودة للأُردن، وفضَّلوا البقاء في غزة تحت القصف الصهيوني العشوائي واليومي على إبقاء مواطني غزة بلا رعاية صحية أُردنية، وهدفهم كان ويبقى شرف إنقاذ المواطنين الفلسطينيين الغزيين من موت متواصل تُلحِقهُ بهم حكومة الكيان الصهيونية التي تقف منذ تأسيسها غربياً ضد كل القوانين الدولية الداعية لاحترام حقوق الانسان وكرامَة البشر.
يُذكر، ووفقاً للمعلومات المتوافرة، أنه في العام 2022 بلغ عدد المستشفيات العاملة في فلسطين 93 مستشفى، يعمل 58 منها في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، و35 في قطاع غزة. ولَعَمْرِي، فإن وجود المشافي الأُردنية والأطباء العسكريين الأُردنيين في غزة، إنَّمَا هو مآثرة أُردنية عسكرية – نضالية عظيمة يُسجلها التاريخ المحلي والعربي والعالمي للأَجيال المتلاحقة الناطقة بالضاد بأحرفٍ من نورٍ ونارٍ، وهو مايؤكد على إصرار جلالة الملك والمملكة الأُردنية الهاشمية قيادة ودولة وشعباً على نجدة فلسطين وأهلها من كل ما يتعرضون إليه من أزمات ومشاكل بغض النظر عن خطورتها وأهدافها، وهو مايؤكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني يتابع يومياً وبكل دقة تطورات الاوضاع في الاراضي المحتلة ويتخذ مختلف القرارات في سبيل الوصول إلى السلام الشامل وإحقاق الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني الأخ الشقيق للشعب الأُردني.
يتبع.