عيون ميدوزا في العلية (ما يشبه النص او الهذيان او صرع المنامات)
اجنادين نيوز / ANN
م.م. حيدر علي الاسدي
مهداة الى الشاب البصري الجميل ( علاء عزيز الساعدي)
ونحن نقتسم اوجاع الوطن
عيون ميدوزا في العلية ، وانا هنا احدق ، كلانا لكلانا ، من الذاتين تنحدر ايقونة الرعب ، وفنار الموت المخيم يرسم على جدران المدينة لوحات سريالية ، يختفي ويجيء بخطوط سوداء تثير الغثيان على المارقين من امام تلك الجدران ، الجدران تبدو رطبة من مخلفات ليلة ماطرة او ربما من مخلفات النفايات فهذه المدينة تأكل كثيراً ، كثيراً حد الغثيان!! ياللهول لاول مرة اسمع ان سماء هذه المدينة تمطر ، فقد جفت ضروع المدينة كلها ، لا حليب في حيواناتهم ولا حتى اثداء امهاتهم ، الجميع كالحجارة يتصنمون خشية العيون الراقبة في العلية ، المتاخمة لجدران المدينة ، انا هنا من نافذة العنكبوت المضاءة بخفته واجفة ، احدق الاخر باربع عيون زجاجية ساهرة متأرقة ، او ما يشبه المنامات الكابوسية ، بنصف اكتئاب ونصف اخر اكتتاب اراوغ الحروف علها تضاجع الورق ، الورق رغم سوداويته الا انه يأبى ان يطاوع الحروف المتمردة ، كل الحروف هنا متمردة او عبثية ومتحجرة الامر سيان ، فمن يستمع لحكايات الحرية يزداد قرفاً ويصاب بداء الاكتئاب ، هل ثمة داء بهذا الاسم؟ علني قلته سهواً او اخترق ذاكرتي القصيرة من الكتب اللعنة التي تجاور اناملي الهاذية وانا اقنع بحروفي ان تضاجع الورق دونما خوف او خشية ، ومن خلف ستار الحياء احدق ملياً لتلك الجمرتان المتربصتان بي ، وانا محاط بشباك العنكبوت ، لا السينمائي ولا السريالي ، ذلك المتلهث بارجل ممتدة كانها قاذروات مانهولات تلك المدينة ، اعني مدينتي ، رائحتها رثة وقبيحة ، حتى انك لتشم من بعد اميال رائحة الجبن فيها ، قلت الجبن ولم اقل الجب، لم اضف أي حركة تتعلق باللغة تركتها هكذا لظنك المتواري ايها القارئ السري ، اقول سري فاني لا اتعامل في العلن مع هكذا قاذورات ، القاذورات مكانها المانهولات ، العلن مرعب مخيف كانه سكاكين تتربص الفم الادرد ان يتلفظ ما في بلعومه من قيح او بصاق ، اللعنة العلن مرعب مثل الوعي ، الغباء نعمة – ونعمة كبيرة طالما قلتها لعنكبوتي الرابض مثل تمثال امام نافذتي بوجهه القبيح ، اعتدت ان اصاحب الوجوه القبيحة ، هي لا تفرق كثيراً عن الاقنعة الجميلة التي يرتديها الكائن البشري في مدينتي ، مدينتي اللعنة ، اشم منها رائحة البارود والعفن على بعد اميال ، يضاحكني العنكبوت ساخرا : – انتم مدينة جميع انوفكم كبيرة ومدببة ، اللعنة العنكبوت الساخر ملامحه تشبه طفل مزعج جاء للتو لعائلة لم تنجب سوى البنات ، اللعنة في مدينتي كل ما يرد للعائلة فهو نعمة (ربما يحمل رزقه معه) من يدري ربما سيكون رئيساً يوما ما ، او زعيماً لاكبر عصابة او قاتل مهووس بلثام اسود!! ، لا تعرف ماذا يحصل في الغد ، دعهم يعيشون هكذا دون تدخل ، ارمهم في مياه اسنة هي من ستتكفل بانضاجهم ، مياه اسنة ؟! ما الذي تقوله …سيكبرون كما فعل غيرهم ذلك…كلكم ربيتم في مياه اسنة ، كلكم خرجتم من هذه القاذورات…
اللعنة نصف مدينتي تحولت لمياه اسنة ، اينما اولي وجهي تحيط به الوجوه الغريبة ، لم اعد اعرف بهذه المدينة سوى عائلتي واطفال جارتي الحمقاء والتي اصاب عقلها لوثة في لحظة انسحاب الضوء من ازقتنا جعلتها لا تفرق بين اطفالها والحيوانات الاليفة التي يربيها جارنا على بعد عشرة امتار من منزلها!!! اللعنة مرة اخرى مدينتي تتقيء ابنائها دون رحمة وتتجشأ عليهم بقايا اكل مغمس بالكيماوي والحقن المغذية!! اللعنة هذه الفواكه اصبحت مثل شفاه النسوة المتولعات بالحقن!!! الجميع بات يحقن ، ولا نعرف لمن ولماذا …النسوة الباحثات عن الجمال يحقن اجسادهن ، والفلاح يحقن الفواكه ..!! والشباب يحقنون اجسادهم بالــــــــــ… واصحاب البذلات العصرية يحقنون الرؤوس بالكلام المعسول…..الجميع هنا يبحث عن ملاذات مغايرة ، الجميع هنا في مدينتي يكره الضوء لذلك يعشقون النوم في الظلام ، نحن نعيش على هذه الشاكلة منذ نصف قرن ، دون كهرباء ، لم تصلنا بعد أي اكتشافات تتعلق بالكهرباء …انا هنا اكتب من نافذة عيون ميدوزا وهي ترقبني في العلية ، وقبل ان يتحول الحبر لبقع دم ، والقلم والاوراق لحجارة مسمومة حتى اني احيانا اسمع الورقة تهمس باذني كلما اسكنت سن قلمي في قلبها، اسارع الزمن عله يرقد من نومته الكبرى ، اخشى ان ينزلق او يتلاشى بين المارة ، يضيع ويختفي كما فعل ظلي معي….ياللغرابة انا اسير دون ظلي منذ سنتين ….ظلي هو الاخر يخشى ان يتحول لرماد او بقايا…الجميع هنا يخشى ان يتاخر ، الجميع هنا يخشى ان يكون الاخر، الجميع هنا يرغب بالتقدم بعيداً عن العيون…لا احد يريد ان يفك عزلته من دوره كتمثال…ميدوزا في العلية ترقبهم ، وهم يرقبون اوراقي لعل بقع الدم تنفجر عليها وتشظيها الى ذرات منحدرة تتقافز دون الوصول الى العلية …من يعانق العلية ان كانت الرؤوس متحجرة على شكل رأس النعامة المندس في حدقات لوسيفر ..ميدوزا ترقب اوراقي ، عل حبر قلمي يتفجر مثل بقع الدم ويحول ورقتي السوداء الى حمراء تماما كقميص شهيد شاب افلت من عيون ميدوزا لكنه لم يفلت من رصاصة شياطينها هذه الغواية المتمردة ، تتلصص علينا بدوائر لامعة في قبضتها ، متى ما انتهت الورقة السوداء من غواية القلم ، ورفعت جبهتها للعلية ، حتما لن تخطئها رمية ميدوزا القاتلة…..علني استمر بالهذيان فانا باحثاً عن الخلود مذ تفجرت باوردتي عشبة كلكامش …..كلما ضاق النفس تبطئ القلم اصبح اقرب للحجر ، اللعنة كيف اكون كما كنت ….الحجر يجعلني دون حرية….كنخلة مهمولة وسط غابة مرعبة لم تطأها اقدام قط…وانا كائن لا اعيش الا مع ثرثرة وصخب الاخرين…اللعنة تذكرت مدينتي خاوية….لا احد يتحدث فيها سوى الجدران!!!