أوراق من ذاكرة القرى الريفية
اجنادين نيوز / ANN
كتب : عبدالامير الديراوي
من قرى الجنوب العراقي ومن عمق أرياف بصرتنا العزيزة جئت أحمل معي كل عادات أهلي القديمة شرائع الحب وأصول الجلوس في ديوان
العشيرة .
تعلمت إذا تحدث الشيخ
ينصت الجميع فهو يحكم بكل الشرائع الحميدة يحمل هم الجميع ،يسمع من الصغير والكبير ،في الديوان تعلمنا كيف نتخاطب وكيف
نحدث الأكبر منا ،
فالديوان مدرسة التهذيب.
كان أبي يسطحبني معه ليلا عندما يسمع رنة هاون القهوة فهو يعرف أين يجتمع أهل القرية هذه الليلة اما بمضيف بيت الشيخ وادي البندر أو ديوان بيت اليحيوي وكان كبارهم الحاج صالح وحجي شناوة وحجي
عبد الوهاب ومضائف أخرى
ممتدة بإمتداد القرى ، أتذكر إن مضيف حجي حسن العبود من جانب ومن الجانب الآخر مضيف ملا حميد ومضيف حجي تركي الهيجل وصولا الى مضائف العويد .
فبرغم كون الطرق غير معبدة ولاوجود لأعمدة ومصابيح الكهرباء لكننا نقطعها مشيا على الأقدام وبدون أناره ونادرا ما نحمل معنا الفوانيس التي يقول والدي إبعد الفانوس عن جسمك فربما هاجمنا الكلاب أو الخنازير أو أي حيوان يعيش هنا فإنها جميعا تهجم على مصدر النور فإذا كانت يدك بعيدة عن جسمك سوف لا تتعرض للأذى فأخذت بالنصيحة فإن يدي التي أحمل بها الفانوس أجعلها بعيدة .
كان والدي يملك دكان لبيع المواد الغذائية وهي المواد التي لايزرعها أهل القرى وأبرزها السكر والشاي والدهن والتتن وسيكاير اللف والصابون ولديه سجل لتسوق أهل القرية يدون فيه ما يأخذونه من الدكان
على مدار السنه فهم لا يسددون مبالغ ما يشترونه إلا بعد إستلامهم لمبالغ محصول الحنطة والتمر
حياة بسيطة وهادئة يعيشها الناس في تلك القرى فلا أتذكر أن شاهدت
خلافات تقود الى مشادات ومعارك بينهم وإن حدثت فهي بسيطة يحلها الشيخ بعد إستدعائهم للمضيف.
وفي رمضان من كل عام يتوجه أبناء القرية لزيارة بعضهم البعض حيث يتباهى أمام من يزورونه بما يقدم لهم من المأكولات الخفيفة والحلوى وهي ما يسمونها ب [التعتومه].
فيما تتبادل بيوت الجيران
الأطعمة قبل الفطور حيث تتفاخر النساء بما تطبخ خلال الشهر ولذلك ترسل منه للجيران ليتذوقوا طبخها أضافة ما تقدمه العوائل من طعام من آجل الثواب في الشهر الفضيل وخاصة للعوائل الفقيرة التي لا تملك (كادود).
أما جلسات السمر والمحيبس وحضور المجالس الحسينية من الأمور المهمة لدى الأهالي .
وما زالت ذاكرتي تحن الى تلك الأيام والليالي الجميلة رغم بساطتها ، وأتذكر إننا نلتقي كمجموعة من الشباب لنجلس بالقرب من الطرق نساعد كبار السن والنساء على تجاوز القناطر
الموجودة على الأنهر وهي مكونة من جذوع النخيل التي تشطر الى نصفين كي لا تتحرك عند وضعها على النهر .
وفي العيد نرتدي أجمل الملابس لنقوم بمعايدة الأقرباء والجيران ومنهم من (يعطينا عيديه) ومنهم من يغلس أو هو لا يملك ما يوزعه علينا ويكتفي باعطائنا (الكليجة) .
وكانت مجاميعنا الشبابية في القرية تضم مجموعة من الأقارب والآخرين ومنهم راضي مهدي وعبود سلمان وكريم سلمان وستار سلمان ونوري مجيد وعلي وعبدالامير وادي وعبدالنبي خالد ووليد خالد وعبدالأله وادي و جبار وادي ونزار عبدالجليل وعبدالأله وغالي العاشور وحمزة عباس الجشعمي وغليم دهام ومطر عودة وفايز روضان ومحمد راضي محيل وعدنان وحميد قاسم الزوار وسيد محمد سيد جاسم ومحمد عباس السعيد وسلمان جايد وحسوني شهاب وشناوه اليحيوي وعزيز كباشي وسلمان داود النتيش وغازي عبدالباري وحسين حجي علي
وفارس خلف
وعوده وفرحان ناصر خان
وقرطاس عبدالوهاب وعبدعلي وباقر الحاج حسن العبود وسيد كاظم سيد ياسين وعبدالامير هاشم الزوار وسعيد عباس السعيد هؤلاء من جيلنا وأعمارنا متقاربة أتذكرهم جميعا فعلاقات الصبا لا تنسى أبدا .الرحمة والغفران لمن سكن دار البقاء والسلامة ومديد العمر للأحياء.
تلك أوارق قد تكون مطوية
من دفتر الزمن لكنها باقية في الذاكرة .
والى أوراق أخرى قريبا .