الصين ومصر: جِسر علاقات متين ومتميز
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: الاستاذة منال علي
*كاتبة وصحفية إذاعية معروفة في البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية، ومختصة بشؤون دول البحر الأبيض المتوسط و بلدان آسيا، وعضو ناشطة معروفة في قِوام الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
في إطار الاحتفال بذكرى تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مصر و الصين في ال٣٠ من مايو الماضي، حرصت مصر على تهنئة الصين و الهيئات الدبلوماسية الممثلة للصين بتلك المناسبة و استعراض بعض أشكال ذلك التعاون المثمر بين البلدين حيث بذلتا الدولتان جهدا في محاربة الجائحة لحماية مجتمعاتهما من الآثار السلبية لتلك الجائحة، مما عزّز من إمكانية التوحد في التوجه لكل من الصين و مصر و خاصة أن مصر حرصت دوما على إظهار دعما حقيقيا مبني على أساس التأخي و الود لدولة الصين الشعبية.
فمنذ ظهور فيروس كورونا المستجد ( كوفيد/١٩) أسرعت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة المصرية على زيارة العاصمة بكين في مارس ٢٠٢٠، مما عكس حرص مصر على إظهار روح التعاون و المؤازرة و الدعم لدولة الصين الصديقة في مواجهة ذلك الفيروس. و على الجانب الآخر كانت الصين على الموعد و كانت من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب مصر، و بشكل كبير من خلال المساعدات التي قدمتها لمصر في إطار محاربة الجائحة العالمية، و كذا عقد عدة مؤتمرات من خلال الفيديو كونفرانس لتبادل الخبرات حول سبل مكافحة الجائحة برغم التبعات السلبية للجائحة، و أعقب ذلك في التاسع من مايو ٢٠٢١ اعلان الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة المصرية اعتزام مصر تصنيع لقاح سينوفاك الصيني المضاد لفيروس كورونا المستجد( كوفيد/١٩) بداية من شهر يونيو الحالي محليا، من خلال الشركة القابضة المصرية للمنتجات البيولوجية و اللقاحات ( فاكسيرا/ VACSERA)، لتكون مصر هي الدولة الأفريقية الأولى التي سوف تقوم بتصنيع لقاح (سينوفارم)، و تولي مهمة توزيعه داخل قارة أفريقيا، حيث كان لمصر السبق في الاعتراف بأهمية الامصال الصينية التي أثبتت كفاءة عالية في محاربة الفيروس ( كوفيد/١٩) ليأتي بعد ذلك في الاول من يونيو الحالي قرار منظمة الصحة العالمية بمنح لقاح سينوفاك الصيني إجازة الاستخدام كثاني مصل صيني في مكافحة فيروس كورونا المستجد كلقاح مطابق للمواصفات العالمية.
من الجدير بالذكر أنه برغم النتائج السلبية التي تبعت فيروس كورونا، إلا أن ذلك لم يحول دون تحقيق أرقام كبيرة تم تسجيلها في حجم التبادل التجاري بين مصر و الصين و الذي وصل مجموعه ل ٤,١٨ بليون دولار، مما يوضح حقيقة أن الصين أصبحت تعد واحدة من أكبر الدول استثمارًا في العديد من القطاعات داخل الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة للصين ال١٩٠ مليون دولار عام ٢٠٢٠، بإجمالي استثمارات اقتصادية بلغت ١,٢ بليون دولار، أما عن أحدث استثمارات الصين المباشرة في مصر فهي تقدر بما قيمته ٨٣ مليون دولار و تعد تلك النشاطات قفزة كبيرة في مجال الاستثمار الصيني داخل جمهورية مصر العربية.
و على المستوى الثقافي، جاء القرار المصري بضم اللغة الصينية ضمن اللغات الأجنبية التي يتم تدريسها لطلبة المدارس المصرية كواحدة من بين أهم المناهج التعليمية لطلبة المدارس بالمراحل الإعدادية والثانوية. فكما تتقاطع رؤية مصر ٢٠٣٠ مع مبادرة الحزام و الطريق الصيني تتناغم كذلك مساهمات الصين في مجال الإنشاءات و التعمير الصينية، و خاصة في العاصمة الإدارية الجديدة شرق العاصمة القاهرة و التي تبعد فقط ٥٠ كيلومتر عن العاصمة المصرية، و التي تشهد تعاونا كبيرا من خلال شركات الانشاءات الصينية الموجودة بالفعل داخل العاصمة الإدارية الجديدة.
تتطلع كل من مصر و الصين لتحقيق احلامهما معا، بما يتناسب و يليق بحضارتين من أعظم الحضارات، اللتان بزغت عليهما شمس التاريخ، و ترنو كل منهما لشمس المستقبل بما يكفل للشعبين حياة مرفّهة و كريمة.
…