أفضل فرصة في التاريخ لتبادلات الشباب بين الصين والدول العربية
اجنادين نيوز / ANN
مجلة الصين اليوم
تشن يويه يانغ
في تاريخ التبادلات الودية بين الصين والدول العربية، الممتد لأكثر من ألفي عام، كان الشباب من الصين والدول العربية دائما شهودا ومشاركين ومستفيدين من علاقات التعاون الودية بين الجانبين. وفي الفترة التاريخية الجديدة، يُظهر التعاون الشبابي الصيني- العربي نقاطا بارزة جديدة باستمرار، ويقدم مساهمات إيجابية لبناء مجتمع مستقبل مستدام من خلال التعاون العملي.
منصة التعاون الجماعي تعزز التبادلات الشبابية
منتدى التعاون الصيني- العربي هو منصة مهمة للصين والدول العربية لإجراء حوار جماعي وتعاون عملي، والمؤتمر الوزاري هو الاجتماع الأعلى مستوى للمنتدى. وقد وضعت ((الخطة التنفيذية)) التي صدرت بعد المؤتمرات الوزارية السابقة للمنتدى، التبادلات الشبابية في أولوياتها، وتناولت التعاون الشبابي الصيني- العربي عدة مرات، بما في ذلك عقد دورات تدريبية للأكفاء الشبان في مختلف المجالات، وتشجيع إنشاء مراكز ثقافية، وتعليم لغة وأدب وثقافة بعضهما البعض، وتوسيع نطاق التبادل الطلابي بين الجانبين، وبناء منصات أو آليات تعاون لوكالات الشباب الحكومية والمنظمات الشبابية الشعبية بين البلدين.
بفضل عشرين عاما من جهود منتدى التعاون الصيني- العربي وغيره من منصات التعاون الجماعي الصيني- العربي، شكلت التبادلات الشبابية الصينية- العربية سلسلة من الأنشطة المميزة والمؤثرة على المستويين الرسمي والخاص، من بينها أنشطة على هامش المنتدى الصيني- العربي في مجال معين، مثل المنتدى الصيني- العربي لابتكار وتنمية الشباب والمنتدى الصيني- العربي لرواد الأعمال الشباب في إطار معرض الصين والدول العربية. في سبتمبر 2023، نظم المنتدى الصيني- العربي لابتكار وتنمية الشباب نشاط التبادلات والحوارات بين الشباب الصينيين والعرب حول الابتكار التكنولوجي والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون وتنمية الشباب تحت شعار “الشباب الصينيين والعرب يدا بيد للابتكار والمواهب”، لتعميق التعاون بين الشباب الصينيين والعرب وتعزيز التنمية المشتركة بينهم. قامت لجنة إدارة الحديقة الصينية- العربية لريادة أعمال الشباب، بتوجيه من أمانة معرض الصين والدول العربية، بإنشاء حدائق ريادة الأعمال الخارجية للشباب الصينيين والعرب في الأردن والمغرب ومصر والسودان، وإنشاء مختبرات مشتركة في جامعة قناة السويس بمصر وجامعة محمد السادس بالمغرب والجامعة الأردنية وغيرها من أكثر من عشرين جامعة ومؤسسة خارجية. وقد جذب “برنامج عمل العلماء الشباب المتميزين إلى الصين” و”مهرجان الشباب الآسيوي- الأفريقي” و”برنامج تدريب علماء الصينيات الشباب” المذكورة في ((الخطة التنفيذية))، عددا كبيرا من الشباب العرب للمشاركة.
بالإضافة إلى الأنشطة المذكورة أعلاه، هناك أيضا مشروعات مصممة خصيصا للشباب الصينيين والعرب، مثل “برنامج سفراء الشباب للصداقة الصينية- العربية” و”منتدى تنمية الشباب الصيني- العربي”. يتم تنظيم المشروع الأول بشكل مشترك من قبل جمعية صداقة الشعب الصيني مع البلدان الأجنبية وجمعية الصداقة العربية- الصينية منذ عام 2016، وتم إدراجه في الوثيقة الختامية للقمة الصينية- العربية الأولى؛ وعقدت الدورة الأولى من “منتدى تنمية الشباب الصيني- العربي” في هايكو في نوفمبر 2023، بموضوع “تعزيز الشراكة بين الشباب الصينيين والعرب ودفع بناء الاقتصاد العالمي المفتوح”، للدعوة إلى جعل تنمية الشباب الصينيين والعرب أولوية، والبناء المشترك لشراكة الشباب الصينيين والعرب، وتعزيز الأعمال المبتكرة للشباب الصينيين والعرب.
التعاون والتبادلات التعليمية بين الشباب الصينيين والعرب أصبح نموذجا
أصبح التعاون والتبادلات التعليمية بين الشباب الصينيين والعرب نموذجا للحوار بين الحضارتين الصينية والعربية منذ العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر، فقد نشأ “المسافرون الدارسون” على طريق الحرير القديم. بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بدأت الصين والدول العربية في تبادل الطلاب، وشجعت التجارب الدراسية في الدولة المستهدفة هؤلاء الطلاب الشباب على أن يصبحوا مبعوثي الصداقة لتعزيز التعاون والتبادلات بين الصين والدول العربية. وبقيادة منتدى التعاون الصيني- العربي، تم إنشاء سلسلة من آليات التعاون المتعدد الأطراف في مجال التعليم الصيني- العربي مثل “منتدى رؤساء الجامعات الصينية- العربية” و”خطة التعاون 10+10 بين الجامعات الصينية والعربية”. إن تدريب الأكفاء الشبان الصينيين والعرب له أهمية كبيرة في تعزيز تبادل مفهوم القيم بين الجانبين، وتعزيز التبادلات والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والعربية، ودفع حوكمة القضايا الساخنة في الشرق الأوسط وتحويل مفاهيم التنمية. وفي ظل الوضع الحالي، تكتسب التبادلات الشعبية والتعاون الإنساني المستمر بين الشباب قيمة خاصة.
لقد أخذت الدول العربية زمام المبادرة لزيادة نسبة تعليم اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. في الوقت الحالي، أعلنت أربع دول عربية، وهي تونس والسعودية والإمارات ومصر، إدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. حتى نهاية عام 2022، تقدم 158 مدرسة عامة في الإمارات دورات اللغة الصينية، يدرس فيها أكثر من 54000 طالب. وفي السعودية، تطلب الحكومة من جميع المدارس المتوسطة تخصيص حصة الدراسة الرابعة من يومي الأحد والاثنين لتعليم اللغة الصينية، وتطلق سلسلة من الحوافز لتشجيع تعلم اللغة الصينية. بالإضافة إلى المدارس العامة، تقدم المزيد من المدارس الخاصة في الدول العربية أيضا طوعا دورات اللغة الصينية لجعل عدد متزايد من الشباب العرب يفهمون الصين بإدراك إيجابي.
وأمام “الولع باللغة الصينية” المستمر في الدول العربية، قدمت الصين الدعم في مناسبات مختلفة وبأشكال مختلفة، مثل إنشاء حجرات تدريس ذكية للغة الصينية وتوفير فرص لمعسكرات “الجسر الصيني” الصيفية (الشتوية). في الثامن من ديسمبر عام 2022، رد الرئيس شي جين بينغ على رسالة موجهة إلى ممثلي دارسي اللغة الصينية في السعودية، مشجعا جيل الشباب في السعودية الذين يمثلون مستقبل الصداقة الصينية- السعودية والصينية- العربية على زيارة الصين ورؤيتها وزيادة التفاهم مع الشباب الصينيين. وفي القمة الصينية- الخليجية الأولى، قال الرئيس شي في الخطاب الرئيسي الذي ألقاه، إن “المكتبة الثنائية اللغة للتبادلات الثقافية والتعلم المتبادل بين الصين ودول الخليج” نقطة بارزة جديدة ومشروعا رئيسيا في التعاون اللغوي والثقافي.
تعد معاهد كونفوشيوس والمراكز الثقافية نقاطا بارزة جديدة للتبادلات الشبابية الصينية- العربية في إطار التعاون اللغوي والثقافي. حتى أكتوبر 2022، أنشأت خمس عشرة دولة عربية كليات اللغة الصينية، وتم إنشاء عشرين معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في ثلاث عشرة دولة عربية. في الرابع من يونيو عام 2023، أقيم في الرياض حفل افتتاح معهد كونفوشيوس الذي أنشئ بالاشتراك بين جامعة الأمير سلطان وجامعة شنتشن، وهو أول معهد كونفوشيوس مدرج رسميا في السعودية. يعد معهد كونفوشيوس منصة مهمة للعالم لفهم الصين. وفي الوقت الحاضر، أنشأت الصين مراكز ثقافية صينية في مصر والمغرب والأردن والكويت، وأقامت معارض وعروضا سينمائية وتلفزيونية، وسلسلة من المحاضرات حول “الصين في عيون الأجانب”، ومسابقات سرد القصص، وما إلى ذلك، من أجل تلبية الاحتياجات الفعلية للشباب في الدول العربية بشكل فعال، مما لعب دورا إيجابيا في تعزيز صورة الصين في عيون الشباب العرب.
نقاط بارزة جديدة للتعاون الشبابي الصيني- العربي تظهر باستمرار
في السنوات الأخيرة، تظهر التبادلات والتعاون بين الشباب الصينيين والعرب نمطا “شاملا ومتعدد القنوات وحكوميا وشعبيا”، وخاصة منذ القمة الصينية- العربية الأولى، استمرت نقاط التعاون الجديدة في الظهور، والتي تشمل الابتكار التكنولوجي والتنمية الخضراء وغيرها من مجالات تعاون ذات الأولوية، وتتعلق بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتشمل أيضا المجالات التي تهم الشباب مثل السياحة والرياضة الإلكترونية والرسوم المتحركة ومشاهير الإنترنت.
في مايو 2023، استضافت الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الدورة الثانية من المنتدى الصيني- العربي للسياسيين الشباب، حيث تبادل الشباب الصينيون والعرب وجهات النظر حول “التنمية الوطنية ومسؤولية الشباب”؛ وفي يوليو 2023، استضافت جمعية صداقة الشعب الصيني مع البلدان الأجنبية الدورة الثالثة من برنامج سفراء الشباب للصداقة الصينية- العربية، حيث جاء ما يقرب من مائة ممثل شاب من الدول العربية إلى الصين للمشاركة في الحوار الصيني- العربي للرواد الشباب، وبرنامج عمل العلماء الشباب المتميزين إلى الصين، ودورة “حوار تيانقونغ” عبر الإنترنت، والمعسكر الصيفي لـ”الجسر الصيني” في الصين، وتبادل الدبلوماسيون الشباب الصينيون مع الشباب في الدول العربية المضيفة، في إطار عدد كبير من أنشطة التبادل الودية بين الشباب الصينيين والعرب. في سبتمبر 2023، خلال الدورة السادسة لمعرض الصين والدول العربية، افتتح المنتدى الصيني- العربي للابتكار والتنمية للشباب مخيم التبادل الشبابي الصيني- العربي في مدينة ينتشوان بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي، حيث تم إجراء تبادلات وحوارات حول الابتكار التكنولوجي والتمنية الخضراء والمنخفضة الكربون وتنمية الشباب. وفي ديسمبر 2023، أقيمت الدورة الأولى لمنتدى الصين والدول العربية للتنمية الشبابية تحت عنوان “بناء الشراكة الشبابية وتعزيز الابتكار والتنمية العالميين” في مدينة هايكو. إن هذه الأنشطة تتماشى بدرجة كبيرة مع مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” التي اقترحتها الدول العربية في السنوات الأخيرة، ويمكن للشباب من الصين والدول العربية أن يكونوا مستكشفين للتنمية الخضراء، وورثة للمفاهيم الخضراء، ودافعين للتعاون الأخضر معا. ولدى الشباب الصينيين والعرب أساس التعاون أيضا في صناعة الرياضات الإلكترونية التي تحظى بشعبية كبيرة بين الشباب. في ديسمبر 2021، نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية بالشراكة مع وزارة الثقافة والسياحة الصينية “أسبوع التبادل الثقافي الرقمي بين شباب السلطنة وجمهورية الصين الشعبية”، وفي يونيو 2023، عُقد المنتدى الصيني- العربي لصناعة الرسوم المتحركة في سوتشو، لمواصلة تعميق التعاون بين شركات الرسوم المتحركة الصينية والعربية في مجالات مثل حقوق الطبع والنشر للرسوم المتحركة وتدريب الأكفاء والتطوير المشترك للإبداع الثقافي.
التعاون الشبابي الصيني- العربي ليس نموذجا لتعاون الجنوب- الجنوب فحسب، وإنما أيضا نموذج للتعاون بين دول المنطقة وحتى دول “الجنوب العالمي”. بعد مرور أكثر من عام على انعقاد القمة الصينية- العربية الأولى بنجاح، تنفذ جميع الأطراف بنشاط الوثائق الختامية الصادرة عن القمة، وتقدم منصات وآليات للشباب الصينيين والعرب للنمو والتعلم من بعضهم البعض في العصر الجديد، وتعمل على تنشئة قوى صديقة جديدة، وتخدم الجانبين الصيني والعربي في التطور والتقدم. ونثق بأن شباب الصين والدول العربية سيكونون قادرين على حمل عصا الصداقة الصينية- العربية، ونقل الصداقة التقليدية من جيل إلى جيل، وجعل التعاون الودي أقوى مع مرور الوقت، والمساهمة بطاقتهم الشبابية في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد.
———-
تشن يويه يانغ، أستاذة مساعدة في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية ونائبة الأمين العام لمجلس إدارة مركز الدراسات الصيني- العربي للإصلاح والتنمية.