*السِّياسة . . بَيَّن . . النَّجاسة . . والنِّخاسة*
اجنادين نيوز / ANN
ا . د . ضِيَاء وَاجِد المهنْدس
يَقُول ( هَارِي تُرومَان ) : لََا يُمْكِنك أن تَغتَنِي عن طريق السِّياسة إِلَّا إِذَا كُنْت فاسدًا ، وَيقُول اَلأدِيب العالميُّ : ( نجيب مَحفُوظ ) فِي وَصفِه ظُلْم وإجْرَام أَصحَاب السَّرايَا والْقصور فِي مِصْر : هذَا البلد لَو أُقيم فِيه مِيزَان عَدْل كمَا يَنبَغِي ، لَامْتلأتْ السُّجون ، وَخلَت اَلقُصور . . وَيحمِل ( إِدْوارْد غالْباتو ) مسْؤوليَّة السِّياسيِّين والْقيادات الحكوميَّة فِي تَدهوُر الأوْضاع الاقْتصاديَّة والاجْتماعيَّة والسِّياسيَّة بِسَبب فَسادِهم الإداريِّ والْماليِّ ، حَيْث يَقُول : نَحْن لََا نُعَانِي مِن نَقْص فِي الأمْوال ؛ بل مِن زِيادة فِي اللُّصوص . ويعْتَبر ( مارْك تُوين ) صَاحِب أَشهُر الأقْوال فِي وَصْف السِّياسيِّين وَذلِك بِقوْله : السِّياسيُّون مِثْل حفَّاضَات الأطْفال ، يَجِب تغْييرهم دائمًا ولنفْس الأسْباب . . ويسخِّر اَلأدِيب والْفنَّان الإنْكليزيُّ ( بِرْنارْد شُو ) مِن دِيمقْراطيَّة المجْتمع الجاهل بِقوْله : إِنَّ الدِّيمقْراطيَّة لَاتصْلح لِمجْتَمع جَاهِل ؛ لِأنَّ أَغلبِية مِن اَلحمِير ستحدِّد مَصِيرَك . . وأغْرب وَصْف لِصراع المصالح والنُّفوذ بَيْن السِّياسيِّين كَتبَه ( جُورْج أُورْوِيل ) ؛ السِّياسيُّون فِي العالم كالْقرود فِي الغابة ، إِذَا تشاجروا أَفسِدوا الزَّرْع ، وَإذَا تصالحوا أَكلُوا المحْصول . . . ويشخَّص السِّياسيُّ الإيطاليُّ ( مِيكافيلي ) فِي كِتابه ( اَلأمِير ) فِي مَنْح اَلحُرية لِشَعب مُسْتعْبَد بِصعوبة التَّكَيُّف اَلنفْسِي والاجْتماعيَّ ، وَذلِك بِقوْله : دَرجَة الصُّعوبة والْخطورة فِي مُحاولتك تَحرِير شَعْب راضٍ بِعبوديَّته ، هِي نَفسُها عِنْد مُحاولتك اِسْتعْباد شَعْب حُرٍّ . . وعنْدَمَا سُئِل أحد الفقهاء مِن أحد المواطنين الرَّاغبين بِالْعَمل السِّياسيِّ ، أَجَاب : أَبعَد عن السِّياسة ، فَإِنهَا بِمنْزِلة بَيَّن النِّخاسة والنَّجاسة . . فِي أرْبعينيَّات القرْن الماضي ، كان ( صَادِق حَنَّا ) يُدير فُندُق ( متْروبول ) ، الكائن على شَاطِئ دِجْلَة فِي بَغْداد . . وَقتُها كان ( صَادِق حَنَّا ) يُدير مُديريَّات وَشؤُون الدَّوْلة بِفعْل تَواجُد المسْؤولين والسِّياسيِّين والضُّبَّاط ، لِكَون اَلفُندق مَركَز تَتَواجَد فِيه الأجْنبيَّات مِن أُورُوبا وآسْيَا ، كان ( صَادِق حَنَّا ) يجْلبهنَّ لِغَرض اَلمُتعة والْخدْمة وَتخلِيص المصالح . . غضب أمين العاصمة حِينهَا ( أَرشَد العمَريّ ) مِن نُفُوذ وَسطْوَة ( صَادِق حَنَّا ) ، فاسْتدْعاه إِلى مَكتَبِه ، وَقَال لَه بِعصبِيَّة حَادَّة : بَغْداد مَا تَتَحمَّل كُواوِيد اِثْنيْنِ ، العاصمة لَازِم يُديرهَا كَوَاد وَاحِد ) . . ذات مَرَّة ، سُئِل اَلمُمثل اَلمصْرِي مَحمُود مُرْسِي ” لِماذَا لَم تُفكِّر فِي أن تَنضَم لِحزْب سِياسيٍّ ؟ فَضحِك ضِحْكته الشَّهيرة وَقَال : كَيْف أَترُك القصْر اَلكبِير لَأسْكن فِي عُشِّه فَوْق السُّطوح ، أَستطِيع كَفَنان أن أُؤثِّر فِي النَّاس أَقوَى وأسْرع وأكْثر مِن أيِّ سِياسيٍّ ، فالنَّاس تُصدِّق الفنَّان الصَّادق الحقيقيَّ والْموْهوب حَتَّى ولو كان يَكذِب ، ولَا تُصدِّق السِّياسيَّ حَتَّى ولو كان صادقًا ، فالنَّاس تَعشَق اَلفَن ولَا تُحِب السِّياسة ، وأكْبر خطأ لِلْفنَّان أن يَنفَصِل عن النَّاس ، بِالْتصاقه بِفئة أو جَماعَة أو حِزْب : : : : رَبنَا أبْعدْنَا عن النَّجاسة وَسرُور السِّياسة . . وأبْعد عَنَّا اَلهَم والتَّعاسة . . البروفسور د . ضِيَاء وَاجِد المهنْدس مَجلِس الخبراء العراقي