((مياه الشرب في العراق))
((مياه الشرب في العراق))
جمعة الدراجي
تعد مياه الشرب في المجتمعات المعاصرة بوصفها أكثر المهمات البلدية أهمية في إطار خدمة المجتمع وتغطية حاجاته الضرورية من مياه الشرب والاستخدامات المنزلية والإستعمالات في مختلف صناعات الأغذية ، وللمياه أهمية تتعدى قطاعات الزراعة بحماية المجتمعات من أخطار البيئة الطبيعية والأصطناعية ، وتضطلع البلديات بالوظائف التي تؤدي تحملها هذا العبىء من المسؤولة في أعداد برامج متكاملة لتغطية كافة المواقع السكانية بإعتبار الحصول على الماء حق من حقوق الأنسان، ويجب ان يتحلى التوزيع العادل والمنصف بصورته المثلى عند مياه الشرب وذلك بالتخطيط الساعي لتحقيق أفضل إستعمال للموارد المائية المتاحة بإنشاء منظومات تصفية للمياه الصالحة للشرب بالتصفية وتحسين نوعياتها ومعالجتها بالترسيب والترويب والتعقيم .ومن ثم التوزيع بشبكات عالية الكفائة تضاهي حساباتها ندرة المياه،
وبصورة عامة ان المؤسسات الإرتكازية لأدارة المياه في أغلب دول العالم تقوم أساسا على تبني بلديات المدن الكبيرة بمهمة إنتاج المياه النقية الصالحة للشرب بالمعايير الصحية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. ويمر انتاج المياه بمراحل الأنتاج أي استلام المياه من المصدر سواء كانت مياه سطحية (Surface Water) أنهار، بحيرات . او آبار إرتوازية (GroundWater ) ومعالجتها في المنظومات المتخصصة ونقلها وتوزيعها على السكان على قدر كفايتهم من المياه الصالحة للشرب .
لكن المشكلة التي تواجه العراق هو نقص الإطلاقات المائية من دول التشارك المائي كل من الجارتين تركيا وإيران والمصدر الثالث هو حصاد المياه المحلية أي التساقط المطري والثلجي في الأراضي العراقية ومشكلة المصدر الأخير هو عدم وجود بنية تحتية متكاملة لتسليك وتمرير تلك الواردات المائية التي قد تصل الى ثلث حاجة العراق في بعض المواسم الرطبة ، وهذه لا شك تعزز الخزين المائي وتحسين نوعيته . ومع توفر الحد الأدنى من مياه الشرب المؤمن حسب ما يصرح به أطراف من الحكومة العراقية , ولكن هناك مشكلة في النوعية فكلما شحت المياه او تراجعت مناسيب الأنهار تغيرت نوعيتها وخاصة ما يحدث في جنوب العراق حيث ارتفاع درجات الحرارة والتبخر عالي الحدوث المؤدي لغيير كبير في فيزيائية المياه وإرتفاع نسبة الأملاح فيها . هذا من جانب والجانب الأكثر ضررا على مستقبل مياه الشرب بالعراق هو أن المؤسسات الحكومية الكبرى المنتجة للنفايات ومياه الصرف الصحي تطرح في الأنهار الكبيرة دون معالجة مما يزيد من درجة عكورتها ، وهذه تعد إحدى المشكلات التي تعد في المرتبة الأولى في سلم المشكلات الحيوية الملحة في البلد ، ولم تكن لدى وزارة البيئة المعالجات التنموية لهذه المشكلة بإدعاء وصفها وزارة رقابية وإن كان لديها قانون حماية البيئة رقم ٢٧ لسنة ٢٠١٧ إذ يعد هذا القانون إطارا قانونيا مهما لحماية البيئة في العراق . لكنه لا يفرض عقوبات جزائية ضد تلك المؤسسات بوصفها مؤسسات حكومية . ومع ازدياد اعداد السكان وإكتضاض المدن الكبيرة والتوسعة غير المسبوقة بالعراق لا بد من الحاجة الى تغطية واسعة الى بناء مجمعات مياه ذات طاقات إنتاجية كبيرة لتغطية الحاجة الأنية والمستقبلية ، مع ان الحقيقة الواقعة الان ان طبيعة اداء قطاع المياه لم يكن بالمستوى المطلوب لإحاطته بظروف معقدة ومتشابكة افضت الى ضعف كفائة الأنشطة لواقع الخدمات العامة للبلاد ، لمحدودية طاقاتها الإنتاجية . بل أن هناك قرى في العراق لم تصلها مياه الشرب ، بل يكون إعتمادهم على مياه السواقي والانهار الزراعية وتلك الأنهار خاضعة لنظام المراشنة أي المناوبة من قبل وزارة الموارد المائية التي تواجه عوزا مائيا كبيرا و تمسكها بالمحافظة على المياه الخام لأغراض الزراعة . أما مياه الشرب والاستخدامات المنزلية فإيصالها من مسؤلية البلديات للمستخدم ولذلك تبقى القرى والارياف وحتى اطراف المدن غير مخدومة بالمياه الصالحة للشرب ، لتضارب المسؤوليات بين تلك الوزرات . وهذا يعني حرمان الأهالي لجزء من حقوقهم في مبالغ تنمية الأقانيم والأكثر من ذلك هو تأمين الحد الادنى لحق إنساني ملح بتأمين المياه للحد من الهجرة والتغيرات الديمغرافية للسكان .
وقد تفتح آفاق مستقبلية لتحلية مياه البحر لسد شحة مستقبلية اتية لا محال وسط توقعات بتغيرات مناخية متصاعدة ، لمدن الجنوب والمرجو من هذه الأفاق ان لا تضعف مطالبة العراق بحصته من دول المنبع وتمسكه بسياسة التكيف ( Adaptation )التي دأب العراق على نهجها حتى في اشد مواسم الشحة .