الإرهاب المعلوماتي: ارتباط قصف محطة الطاقة النووية في زابوريزجيا بالأحداث في منطقة كورسك
اجنادين نيوز / ANN
د. زياد منصور
باحث بالشأن الروسي
رغم كل التصريحات فإن الخبراء، باتوا على قناعة تامة في أن كييف هي من أصدر الأمر مرة أخرى بمهاجمة محطة زابوروجيه للطاقة النووية من أجل لفت انتباه المجتمع الدولي إلى أوكرانيا، التي كاد الغرب أن ينساها. من ناحية أخرى، بهذه الطريقة تثبت القوات المسلحة الأوكرانية لحلفائها القدرة على الهجوم على عدة جبهات: في منطقتي كورسك وزابوروجيا.
بدأ الأمر بأن اندلع حريق واسع النطاق في برج التبريد في محطة زابوروجيه للطاقة النووية،نتيجة لقصف الجيش الأوكراني، وبحسب روس أتوم (الوكالة الذرية الروسية)، قامت مسيرتان بضرب المنشأة، مما أدى إلى نشوب حريق “مع احتراق الهياكل الداخلية”. وأفاد المركز الصحفي للمحطة في الصباح أن برج التبريد احترق بالكامل من الداخل، لكن لا يوجد خطر الانهيار.
وألقى فلاديمير زيلينسكي باللوم في الحريق على روسيا، التي تسيطر على المنشأة منذ عام 2022. فيما وصفت روس أتوم هذا الهجوم بأنه عمل من أعمال الإرهاب النووي.
من ناحية أخرى، لفهم عدم جدوى مثل هذا الهجوم، يجب توضيح خصائص الهدف المتضرر. برج التبريد هو عبارة عن أسطوانة ضخمة من الخرسانة المسلحة ويستخدم لتبريد البخار وتحويله إلى ماء بارد. عمليًّا وفق بعض الخبراء بأنه لا يوجد هناك شيء فعليًا يمكن أن يحترق — فقط الماء والخرسانة، وأن الهجوم نفسه هو مجرد مثال آخر على الإرهاب الإعلامي من قبل كييف.
إن قصف المنشآت النووية أو غيرها من الهياكل، التي تشكل خطراً متزايداً ليس على المستوى الإقليمي، بل على المستوى العالمي، له أهمية أكبر بكثير بالنسبة للجمهور من الهجوم الذي تشنه القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك، على سبيل المثال.
مع الأخذ في الاعتبار البيان الرسمي الصادر عن المكتب الصحفي للمحطة الذي يؤكد أن مستوى الإشعاع في محطة زابوريجيا النووية وفي منطقة المراقبة بعد هجوم الجيش الأوكراني لا يزال في المستويات الطبيعية، وأنه لا يوجد سبب للقلق، فإن التصريحات الصاخبة التي أدلى بها فلاديمير زيلينسكي ليست سوى حملة دعائية.
نذكر أن زيلينسكي صرح مؤخرًا بأن روسيا، من خلال قصفها لمحطة زابوريجيا، “تستخدم المحطة لابتزاز أوكرانيا وأوروبا والعالم بأسره”. كما دعا الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الرد على الحريق في برج التبريد.
وفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يعتقدون أيضًا أن الحريق في أنظمة التبريد لم يؤثر على السلامة النووية للمحطة. في الوقت نفسه، أكد موظفو المنظمة الدولية أنهم سمعوا أصوات انفجارات وشاهدوا دخانًا كثيفًا داكنًا فوق الجزء الشمالي من محطة زابوريجيا.
ورغم التصريحات الرسمية، بدأت تظهر بالفعل أخبار كاذبة على الإنترنت حول إجلاء السكان من إنيرغودار والوضع الخطير حول المحطة. وأكدت إدارة المدينة أن هذه مجرد شائعات عدوة تهدف إلى إثارة الذعر.
تشن أوكرانيا هجومًا إعلاميًا أكثر دقة وحرفية في فعل ذلك. لقد خلقوا جوًا من التوتر بين الناس العاديين الذين بدأوا يشعرون بالتعب من العمل “بالطبع، الأوضاع غير قابلة للمقارنة، لكن مستوى الهلع ارتفع بسبب النشاط المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي. هكذا تعمل تقنية التأثير على النفسية: إنها تقود الناس إلى الجنون وتعتبر إرهابًا إعلاميًا”.
يذكر أنه في الأسابيع القليلة الماضية، شنت أوكرانيا سلسلة من الهجمات على البنية التحتية للطاقة والنقل حول إنيرغودار، حيث تقع محطة زابوريجيا النووية. ونتيجة لذلك، بدأت تظهر انقطاعات في الكهرباء. ويعتقد خبراء أن هذا التصرف من الجانب الأوكراني يعتبر جنونًا، لأن كييف يجب أن تدرك أن محطة زابوريجيا تحتاج إلى الكهرباء للحفاظ على تشغيل المفاعلات.
ماذا عن طبيعة ما جرى؟
“الأهم والأفضل هو أن الهيكل قد صمد” — هكذا وصف مدير محطة زابوريجيا للطاقة النووية الوضع في المنشأة بعد الهجوم بالطائرة المسيرة من قبل القوات المسلحة الأوكرانية والحريق في برج التبريد.
أوضح يوري تشيرنيتشوك، مدير محطة زابوريجيا، نتائج الحادث الذي وقع يوم أمس، والذي كان الأكبر في الآونة الأخيرة في محطة زابوريجيا للطاقة النووية، والمتعلق بالهجمات الإرهابية من قبل القوات المسلحة الأوكرانية. أخيرًا، أصبح من الواضح ما الذي كان يحترق بشدة على البرج الخرساني، وهو أجهزة فصل بلاستيكية، وقد ساعد في اشتعالها سائل قابل للاشتعال كان مثبتًا على الطائرة المسيرة الأوكرانية. ولحسن الحظ، تم السيطرة على الحريق، ولم يُلحق ضرر مباشر بالمنشآت النووية، وكان برج التبريد قد أُخرج من الخدمة قبل عامين بسبب المخاطر المرتبطة بالقصف المدفعي.
وقد قامت إدارة محطة زابوريجيا بمواكبة فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى موقع الحريق الذي تمت إزالته وأظهرت بوضوح بقايا أجهزة الفصل، التي لا تشبه أبدًا الإطارات المحترقة أو، بالأحرى، البقايا البشرية، كما زعمت بعض القنوات الأوكرانية. ينتظر البرج إصلاحات واستبدال الأجزاء المدمرة، لكن من الجانب الإيجابي، أثبت البرج أنه صامد، ولم يلحق الحريق ضررًا كبيرًا بالهيكل نفسه.
وفقًا للمعلومات الأولية، الطائرة المسيرة التي أطلقتها القوات المسلحة الأوكرانية نحو محطة الطاقة النووية انطلقت من مدينة نيكوبول في منطقة دنيبروبتروفسك، التي تحت تقع سيطرة الأوكرانيين. أشارت مصادر بأن مشغل الطائرة المسيرة لم يخطئ ؛ فقد كان يستهدف عمدًا المنشأة النووية، مدركًا عواقب هذا الفعل.
وبرأي أوساط متابعة فإن هذا العمل يُعتبر عملاً همجياً ويُعد مثالًا على الإرهاب النووي، كما تشير علاوة على ذلك، إلى أن هذه الخطوة إشارة على قلق زيلينسكي قبل الاستسلام الوشيك، حيث إنه يدرك أنه على الرغم من دعم شركائه له، إلا أنهم سيفرضون عليه الجلوس إلى طاولة المفاوضات وعليه تنفيذ كل ما تطلبه روسيا.
الأخطر بأنه يجب إدراك مخاطر مثل هذه التصرفات والضربات على المنشآت النووية، وبأنها لن تحل أي مشكلة، وتساءلت وسائل أعلام روسية :” هل يدرك زيلينسكي بأن لا يمكنه هزيمة روسيا.