حوارات مع المبدعين.. الشاعر والقاص..مالك بن فرحات…….تونس
اجنادين نيوز / ANN
بن فرحات:
كمال الحجامي
ولد الشاعر مالك بن فرحات في الشقيقة (تونس)الخضراء وتخرج من دار المعلمين العليا فيها.فهو الشاعر والناقد والكاتب القصصي.وحصل على الجائزة الأولى في الشعر.عن بيت الشعر التونسي لسنة (2019)عن قصيدته المسماة (سكرة الليل).ويشغل حاليا خطة لتدريس اللغة العربية والأدب العربي بالمرحلة الثانوية في ولاية/بن عروس/تونس الكبرى.وقدنشر مقالاته في الصحف والمجلات الأدبية والثقافية التي تصدر في تونس والوطن العربي وكذلك نشر نصوصا أدبية مابين الشعر والقصة ومقالات نقدية تعنى بالاعمال الادبية والفنية.الا ان الانعطافة الكبرى في مسيرته الأدبية هو ابتكاره لبحرين شعريين جديدين يحملان ايقاعا حديث هما (الاناة)و))(المنطلق). وهذا يعد انجازا قيما وكبيرا في مجال الشعر وتنوعاته في هذين البحرين الجديدين.وايضا للشاعر مجموعتان شعريتان ومجموعة قصصية تحت الطبع.وقدم بن فرحات امتنانه وتقديره للعراق وللقائمين على الشأن الثقافي فيه.حيث أفاد بأن دعمهم اكثر من دعم القائمين على هذا الشأن في بلده (تونس).في حواريتنا هذة نلتقي عبر الاثير مع الشاعر والناقد والقاص (مالك بن فرحات) من الشقيقة تونس الخضراء في هذة الحوارية الشيقة..
حوارات مع المبدعين…الشاعر والقاص /مالك بن فرحات.تونس
كمال الحجامي
تطور الشعر في وقتنا الحاضر تطورا كبيرا في بلاغته و إحساسه.وقد بات مطلوبا من الشاعر في وقتنا الراهن أن يفاجئ القارى بأسلوب شعري يحاكي الجميع بمفهوم قريب من إدراكه الذهني.كيف.ترى تواصلك مع الآخرين بهذا المجال الشعري.؟
أنا أؤمن بقول من قال : إن أجود الشعر ما استحسنته العامة و رضيته الخاصة ، من حق القارئ العامي أن يفهم عن الشاعر ما يقول و يبلغه إحساسه و يتذوق شعره ، و لكن مراعاة ذوق العامة و الحرص على إبلاغهم لا يكون على حساب معايير الجودة التي أقرها النقاد و المختصون ، و لذلك أنا أحرص دوما على أن أوفق بين هذا و ذاك ، فأراعي أفق التلقي العام بأن لا أضع حاجزا بين القارئ و النص ، فلا أعقد تركيب الكلام و لا أورد في شعري الكلام الحوشي و لا أجعل المعنى غامضا إلى حد التعمية كما يفعل الكثير من الشعراء ، و في الآن نفسه أحرص مع بساطة اللفظ و قرب المعنى أن أرقى باللغة إلى مستوى الأدبية و أن أجعل المعنى مدهشا عبر تجويد الصورة الشعرية ، فيكون عند الخاصة مَرضيا. و الحق أن هذا التوفيق آتى أكله، فمن يقرأ شعري من العامة و الخاصة يعبر عن استحسانه، على أن بعض المختصين ينصحونني أحيانا بتعديل بعض الأمور في النص قصد تحسينه و أنا أقبل ذلك و أقدره .
ضمن استنتاجك لمبادئ الشعر وتحولاته وبلاغة مفرداته.كان لديك إبداع موازين جديده في بحوره الشعرية وقد استطعت إضافة/بحرين شعريين جديديين من بحور الشعر.وهذه بادرة تحسب لجنابك في ميزان الشعر ومبادئه في العالم العربي بل في العالم أجمع حدثنا عن هذة الإضافة في هذا المجال الأدبي الكبير. ؟
حبي للغة العربية و حرصي على استمرارها و تألقها بين اللغات هو أبرز ما دفعني إلى هذه الإضافة ، الوزن هو ميزة من ميزات هذه اللغة التي تثبت فرادتها بين اللغات ، لغتنا لغة موسيقية كلماتها قابلة لأن توزن ، و هذا ما لا نجده في اللغات الأوروبية ، و مقاطع لغتنا الصوتية تتنوع من حيث مدة النطق بين مقاطع طويلة و قصيرة ، و تنظيم هذه المقاطع تنتج عنه موسيقى الشعر ، و أنتج أسلافنا من هذا التنظيم الأوزان المعروفة التي أقرها الخليل ، و لكن هذا لا يعني أن اللغة استوفت إمكانية توليد أوزان جديدة فيمكن أن ننظم مقاطع اللغة تنظيما تتنتج عنها أوزان أخرى ، و هذا ما أردت أن أثبته ،فمثلما أن لغتنا لغة حية على مستوى مفرداتها بخاصيتها الاشتقاقية التي تمكنها من توليد كلمات جديدة مراعاة لمستجدات العصر ، فهي حية على مستوى إيقاعها و موسيقاها و تقبل توليد أوزان جديدة ، توليد بحر المنطلق و الأناة كان نتاجا لهذا الوعي و البحر الثالث قادم إن شاء الله تعالى . على أنني لا أجرؤ على الإقرار بنجاح هذه التجربة إلا بأن أشهد الشعراء يقبلون على النظم على هذه البحور .
للشاعر خطاب مباشر مع المشاهد لغرض أن يكون قريبا من الكلمة ونصها الشعري..كيف توضح هذا الخطاب في دلالته ويكون حاضرا في المشهد الأدبي. ؟
أوضحه بأن أتجنب التكلف و التشدق و تعقيد الكلام و أن أميل إلى العبارة البسيطة و المعنى البسيط مع الحرص على جودتهما ، للأسف كثير من الشعراء يعتقدون أن الجودة ترتبط بالتعقيد و باللجوء إلى ما هو صعب ظنا منهم أن غيرهم لا يقدر على هذا الصعب ، و هذا خطأ ، الشعراء الذين أدهشوا القراء هم الذين وفقوا بين البساطة و العفوية و الجودة ، نزار قباني إذا قرأت شعره فهمته و انبهرت به في آن واحد ، أحمد مطر كذلك ، نازك الملائكة ، و غيرهم .. لا تجد في شعرهم عبارات صعبة و لا تراكيب أو صورا معقدة ، و مع ذلك تستحسنه إذا قرأته ، و ما لا يعلمه الشعراء أن التعقيد و وضع الحواجز دون القارئ للفهم علامة على الضعف ، لأن بعض الشعراء لا يستطيع أن ينشئ معنى واضحا و مدهشا فيستعمل الكلام المعقد مستغلا هيبة الغموض ليخفي ضعفه ..
قصيدةالنثرأسلوب شعري جميل.أصبح له رواج كبير بين رواد الشعر.إلا أنه في الفترة الأخيرة كانت هناك أصوات أخذت تخلط بينه وبين الشعر الحر.مامدى قراءتك لهذا النوع من الشعر. ؟
الخلط بين الشعر الحر و قصيدة نثر قديم ، فقد ظهر منذ نشأة الشعر الحر ، و اضطرت نازك الملائكة في كتابها قضايا الشعر المعاصر أن تشرح الفرق بين الشكلين ، و لعل سبب الخلط هو تشابه الشكلين في البناء الخطي مع عدم قدرة العامة على تمييز التفعيلات بالأذن ، و قراءتي لقصيدة النثر منحصرة في فئة معينة من كتابها : أعني الذين لم يلجؤوا إليها اضطرارا لعدم تمكنهم من الوزن كأدونيس مثلا و فتحي النصري في تونس ، فهؤلاء كتبوها اختيارا و برعوا في كتابتها لأنهم جربوا الأشكال الأخرى و برعوا فيها ، و على كل حال هي كغيرها فيها ما يستحسن و فيما ما لا يستجيب لمعايير الجودة ..
تعد الترجمة ميدانا ثقافيا واسعا ومنهلا جميلا للعديد من الشعراء والكتاب.متى نستطيع أن نصل بالمفهوم الأدبي إلى ذائقة المتلقي الغربي بدون تشذيب القصيدة من محتواها اللغوي ومفرداتها اللغوية الرائعة. ؟
الوصول إلى ذائقة المتلقي الغربي و غيره من المتلقين الأجانب مع عدم تشذيب القصيدة من لغتها يتحقق بأن يراعي الشاعر العربي فيما يكتب القيم الإنسانية المشتركة ، عليه أن يسخر طاقته الشعرية مراعيا ما يستحسنه الإنسان من قيم مهما كانت الثقافة التي ينتمي إليها ، مستعملا لغته العربية استعمالا يرقى به إلى أعلى درجات جودتها ، حتى إذا ترجم النص إلى لغة أخرى و نقل إلى ثقافة أخرى لم يكن غريبا على هذه الثقافة لأنه نص يخاطب الإنسان ، و شمول النص لما هو إنساني يجب أن يتجاوز مضمونه إلى أسلوبه ، صحيح أن معايير الجمال الأدبي تختلف من ثقافة إلى أخرى ، لكن هذا لا يمنع من وجود سمات أدبية جمالية مشتركة يستحسنها القراء في العالم ، كتضمن النص لحكم و الحكمة عامة لا تخص زمانا و لا مكانا و تضمنه لصور فنية تدل على خيال كاتبه الواسع، فهذا ما يجب أن يراعى . و النص الجيد يحافظ على جودة أسلوبه و ثراء مضمونه إذا ترجم كما يقال ..
خلال مسيرتكم الأدبية المفعمة بالجمال والإحساس الشعري .هل باستطاعتنا أن نتذوق الشعر وفق معطيات معاصرة تختلف عن الصورة النمطية في الشعر القديم بمفهومها ومعاييرها السابقة. ؟
قطعا يمكننا ذلك ، بل أرى من الضروري أن نقرأه كما ذكرت حتى لا يكون الشعر غريبا في عصرنا، المعايير الجمالية و البلاغية تتبدل ، و الذائقة تتحول من عصر إلى عصر ، و هذا ما يفرض على قراءة الشعر ألا تظل جامدة ، و القراءة المعاصرة من شأنها أن تقرب النص الذي ورثناه عن القدامى من المتلقي المعاصر و تزيل غربة هذا النص ، لأننا سنقرؤه تحت ضوء تطور الفكر الإنساني ، القراءة النمطية عودتنا على أن نحصر اهتمامنا في بلاغة النص لفظا و معنى دون التعمق في مضمونه و مقاصده ، أما القراءة المعاصرة فتمكننا من النفاذ إلى عمق الشاعر النفسي من خلال النص فتفهمنا أن الشاعر بشر مثلنا يشاركنا المشاغل و الهموم ، كما تمكننا من الربط بين النص و البيئة التي نشأ فيها بما تتضمنه من ظروف ، و لكن علينا أن نكون حذرين أن نسقط على النص ما لا ينطبق عليه أو أراد أن ينطق به .
هل لديكم تعاون ثقافي مشترك مع شعراء أو كتاب قصة من الدول الأجنبية لغرض أن يكون القارئ العربي على اطلاع فيما تبدونه من هذا التلاقح الأدبي فيما بينكم. ؟
لا ، و لكني أقرأ من الأدب الغربي بقدر ما أقرأ من الأدب العربي ، خاصة الأدب الانجليزي ، فأقرأ لشارلز ديكنز ، و شيكسبير و مارك توين و إدغار بو ، كما قرأت من الأدب الفرنسي للافونتين و فيكتور هيغو.. و يمكن للقارئ العربي أن يشهد هذا التلاقح فيما أكتب في أمرين ، أولهما تأثير هؤلاء الكتاب على أسلوبي في الكتابة سواء في الشعر أو القصة ، ثانيا ما أكتبه من مقالات تعنى بغير الأدب العربي ، فمن دأبي أن أعقد في ما أكتب مقارنات بين ما يكتب الأجانب و ما يكتب العرب مركزا على أوجه الائتلاف و أوجه الاختلاف.
يقول أبو عثمان الجاحظ في كتابه/الحيوان/إن الشعر لايترجم.إلا أننا قرأنا رباعيات الخيام وغيرها الكثير.هل يأتي النص من الترجمة قاصرا عن إبلاغ عظمة الشعر العربي إلى لغات أخرى.. ؟
هذا يحدده مستوى المترجم ، فمن يريد أن يترجم شعرا من لغة أجنبية إلى العربية لا يكفيه أن يكون مترجما ، بل يجب أن يكون مترجما شاعرا ، و لهذا أرى من الضروري ألا يترجم الشعر إلا شاعر و ألا يترجم الأدب إلا أديب
يتغنى العديد من الشعراء بدور المرأة في صفات الأمومة والغزل والإيثار والمحبةوغيرها من الصفات الأخرى ماذا كتبتم عن سحر المرأة في محراب الشعر وجماله..؟
تغزلت كما تغزل الشعراء ، تارة أحاكي شعراء الغزل القدامى أسلوبا و معنى في الغزل ، و تارة أعبر عن سحر المرأة و جمالها بأسلوب حديث أرفع فيه من شأنها إلى درجة تجريدها من بشريتها ، و لكن كل ذلك لا يعدل ما نظمته في أمي رحمها الله من قصائد أرثيها فيها و أعدد خصالها و صفاتها ، و لا أبالغ في ذلك ، لأنها كانت امرأة فريدة لا تشبه النساء ، و عنها ورثت الحس الأدبي ، فقد كانت إمرأة ذات ذوق فضلا عن كونها دقيقة الإحساس ، و لو كانت متمكنة من اللغة التمكن المطلوب لكانت شاعرة ….
في نهاية هذه الحوارية الجميلة معكم أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذا الحوار معكم.. وكلمة أخيرة للشاعر والقاص التونسي/مالك بن فرحات.
أشكرك على هذا الحوار الممتع، و أود أن أحيي ختاما العراق أرض الحضارة و أهلها ، هذا البلد تعلمت كثيرا من أدبائه، و قد تأثرت بنازك الملائكة و السياب في تجربة تجديد الإيقاع، و أنا أدرسهما للتلاميذ في المدرسة و أقرأ لهما.. و أتوقع أن ينهض العراق و يكون له شأن بين الأمم القوية كما كان في السابق لأنه يدعم العلم و العلماء ..