العلاقات العراقية-الصينية: شراكة استراتيجية في السياسة والاقتصاد والتنمية
اجنادين نيوز / ANN
العراق/ البصرة / علي سلمان العقابي
عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
عضو لجنة الاعلام في الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل
المقدمة:
شهدت العلاقات العراقية-الصينية تحولاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مع توسع هذه العلاقات لتشمل مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتُعتبر الصين اليوم واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للعراق، فيما يلعب العراق دوراً محورياً في مشروع طريق التنمية، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة.
تسعى الصين، من خلال علاقاتها مع العراق، إلى تعزيز علاقاتها في الشرق الأوسط، في حين يعتمد العراق على الصين كشريك استراتيجي لدعمه في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
1. التطور السياسي:
العلاقات السياسية بين العراق والصين تطورت بشكل تدريجي منذ فترة طويلة، إلا أن المرحلة الحالية تميزت بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين، فالعراق يعتبر الصين حليفاً مهماً على الساحة الدولية، في حين ترى الصين في العراق بوابة لدخول أسواق الشرق الأوسط ومركزاً رئيسياً للطاقة.
الاتفاقيات السياسية: تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية التي تعزز التعاون في مجالات مختلفة. وتشمل هذه الاتفاقيات تعزيز العلاقات الدبلوماسية ودعم مشاريع التنمية والاستثمار، إلى جانب التعاون في القضايا الإقليمية والدولية.
التحالفات الاستراتيجية: الصين دعمت العراق في مختلف المحافل الدولية وأبدت استعدادها للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار بعد سنوات من الحرب والصراعات.
2. التعاون العسكري:
العلاقات العسكرية بين العراق والصين شهدت نمواً، حيث قامت الصين بتزويد العراق بأنواع مختلفة من المعدات العسكرية، بما في ذلك طائرات دون طيار وأسلحة متقدمة. العراق اعتمد بشكل جزئي على التكنولوجيا العسكرية الصينية لتعزيز قدراته الدفاعية.
التدريب العسكري: بالإضافة إلى الإمدادات العسكرية، قامت الصين بتوفير برامج تدريب للجيش العراقي لتمكينه من استخدام التقنيات العسكرية الحديثة.
التعاون في مجال مكافحة الإرهاب: كانت الصين أيضاً شريكاً مهماً للعراق في مجال مكافحة الإرهاب، حيث دعمت الجهود العراقية لتحقيق الاستقرار والأمن.
3. التعاون الاقتصادي والاجتماعي:
الصين أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للعراق، حيث تستورد الصين كميات كبيرة من النفط العراقي، وتقوم بالاستثمار في العديد من المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية في العراق.
مشاريع النقل والبنية التحتية: تشمل مشاريع النقل الكبرى في العراق بناء الطرق والجسور والموانئ والمطارات بمشاركة الشركات الصينية، مما يعزز دور العراق في مشروع طريق التنمية، وهو جزء من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
الاستثمارات الصينية: استثمرت الصين في مجالات متعددة، بما في ذلك النفط والغاز والبنية التحتية والاتصالات. هذه الاستثمارات تساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد العراقي وتوفير فرص عمل محلية.
4. الدور الاجتماعي والثقافي:
الثقافة الصينية بدأت في الانتشار بالعراق من خلال التبادل الثقافي والبرامج التعليمية التي تمولها الحكومة الصينية. هناك تعاون أكاديمي بين الجامعات العراقية والصينية، بالإضافة إلى برامج تعليم اللغة الصينية في العراق.
تبادل الخبرات: يتم تنظيم ورش عمل وبرامج تبادل طلابي بين البلدين، مما يعزز التواصل الثقافي والاجتماعي.
المساعدات الإنسانية: الصين قدمت مساعدات إنسانية للعراق في عدة مناسبات، سواء أثناء الأزمات الصحية أو الطبيعية، مما ساهم في تعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعبين.
5. أهمية العراق في طريق التنمية:
العراق يلعب دوراً محورياً في مشروع “طريق التنمية” الصيني، حيث يُعتبر مركزاً استراتيجياً بين آسيا وأوروبا. هذا المشروع الذي يهدف إلى بناء بنية تحتية ضخمة يمر عبر العراق، مما يجعله نقطة وصل بين الأسواق الآسيوية والأوروبية.
التجارة والنقل: وجود العراق على هذا الطريق يعزز من قدراته كمركز للنقل والتجارة، ويوفر له فرصاً كبيرة للاستفادة من التدفقات التجارية والاستثمارات الأجنبية.
التكامل الإقليمي: عبر طريق التنمية، يمكن للعراق تعزيز دوره في التكامل الإقليمي، وتحقيق فوائد اقتصادية هائلة من حيث تحسين البنية التحتية وتطوير القطاعات الصناعية.
الخاتمة:
العلاقات العراقية-الصينية تعتبر نموذجاً للشراكة الاستراتيجية متعددة الجوانب التي تخدم مصالح البلدين. في الوقت الذي تعتمد فيه الصين على العراق كمصدر رئيسي للطاقة وموقع استراتيجي في مشروع الحزام والطريق، يسعى العراق إلى الاستفادة من هذه الشراكة لتعزيز اقتصاده، تطوير بنيته التحتية، ودعم مسيرة إعادة الإعمار والتنمية. هذه العلاقة المتنامية تعكس تحولاً كبيراً في العلاقات الدولية، حيث يشكل التعاون العراقي-الصيني ركيزة أساسية للتنمية في المنطقة.