المنتدى التاسع للتعاون الصينى الإفريقى
اجنادين نيوز / ANN
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى
*دكتورة كريمة الحفناوى- كاتبة مصرية وباحثة في الشؤون الصينية، عضو الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.
فى يوم الأحد الموافق الثانى والعشرين من شهر سبتمبر 2024، عقد السيد لياو ليتشيانج سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة، مؤتمراً صحفياً خاصا” ب “قمة بكين لمنتدى التعاون الصينى الإفريقى”، وسط لفيف من السادة السفراء، وممثلى جمعيات الصداقة الصينية المصرية، وممثلين عن الأحزاب المصرية، وحشد من الإعلاميين والصحفيين.
فى بداية كلمته أكد السفير لياو ليتشيانج على تطوير وتعزيز العلاقات الصينية العربية، والصينية الإفريقية، وبالنسبة لمصر قال “تتقدم مصر نحو هدف بناء الجمهورية الجديدة وتسعى إلى التنمية والنهضة، وإننى على يقين بأن الصين ومصر ستسجلان فصلا جديدا للصداقة والتعاون”.
وأشار سفير الصين بالقاهرة إلى أن كل من الصين والقاهرة أعلنا عام 2024، “عام الشراكة المصرية الصينية”، وأكدا على ضرورة دفع العلاقات الثنائية، من أجل بناء مجتمع المستقبل المشترك، كما أكد وعلى أن الصين تحرص على تكثيف التنسيق مع مصر فى محافل متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاى للتعاون، ومجموعة البريكس، ومنتدى التعاون الصينى الأفريقى، للحفاظ على العدالة الدولية، والمصالح المشتركة للدول النامية، مع زيادة التبادل السياحى بين مصر والصين وتسهيل إجراءات التجارة بين البلدين وتسويتها بالعملات المحلية، وتعزيز التعاون فى مجالات الإعلام والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والبحوث العلمية والذكاء الاصطناعى.
وأضاف السيد السفير ليتشيانج، “انطلقت فى العاصمة الصينية بكين، قمة “منتدى التعاون الصينى – الإفريقى”، على مدى ثلاثة أيام من 4 إلى 6 سبتمبر 2024، المعروفة اختصارا باسم “فوكاك”، تحت عنوان “التكاتف من أجل تعزيز التحديث، وبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا”، وسط حضور قادة الصين ودول لإفريقيا، وممثلى المنظمات الإفريقية والدولية”
وفى كلمته أثناء حضوره الجلسة الافتتاحية لقمة بكين، أشار الرئيس الصينى شى جين بينج إلى أن الصين والدول الإفريقية عليها أن تسعى إلى تحقيق التحديث الذى يتسم بالعدالة والإنصاف والانفتاح والنفع للجميع والتنوع والشمول ويضع الشعب فوق كل الاعتبارات ويكون صديقا للبيئة.
وأضاف الرئيس الصينى ” إن التوافق السياسى بين الجانبين الصينى والإفريقى، سيترك تأثيرات هامة وعميقة بكل التأكيد على قيادة الجنوب العالمى لتسريع وتيرة التحديث ودفع التحديث فى العالم”.
وفى هذه القمة شهد كلا من الرئيس الصينى شى جين بينج، ورئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى، توقيع مجموعة من الاتفاقيات، ومذكرات التفاهم، والعقود المتعلقة باستثمارات جديدة أو قائمة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وأيضا فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما تم توقيع عقود إنشاء مشروعات بين الصين ومصر بإجمالى استثمارات تتخطى 1 مليار دولار.
تأسس المنتدى الصينى الأفريقى فى بداية هذا القرن عام 2000، ويعتبر المنتدى منبراً هاماً للحوار الجماعى، وآلية فعالة للتعاون الصينى الأفريقى، يقوم على أساس علاقات الصين المبنية على الصداقة والاحترام والثقة، والمنفعة المتبادلة، والمصير المشترك، واحترام سيادة الدول.
ولقد أشار وزير الخارجية الصينى وانج يى خلال مؤتمره الصحفى الذى عُقِد على هامش دورة الهيئة التشريعية الوطنية الصينية، فى مارس 2024، إلى وجود تقليد تجاه إفريقيا، بأن يختار وزراء خارجية الصين إفريقيا، لتكون المحطة الأولى فى زياراتهم السنوية للخارج، وأشار إلى أن هذا التقليد متبع منذ 34 عاما.
وأضاف ” إفريقيا والصين تجمعهما الأخوة، ولقد التقيا معا كتفا بكتف ضد الاستعمار العالمى، ومن أجل الدفاع عن العدالة والسلام، وتحقيق التنمية فى عالم متغير.
وتحرص الصين على التكامل الاقتصادى الإفريقى، ولذا دعمت الصين بناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتى تم الإعلان عنها عام 2019، وتهدف لخفض التعريفة الجمركية، وإزالة الحواجز التجارية، وتعزيز وتنمية التجارة والاستثمار داخل المنطقة، وتحقيق التدفق الحر للسلع والخدمات ورأس المال داخل القارة الإفريقية، وتسهيل الوصول للأسواق الإقليمية، وتعزيز سلاسل الإنتاج الصناعى داخل القارة، ليساهم فى المنافسة العالمية.
إن نمو حجم التبادل التجارى بين الطرفين جعل الصين أكبر شريك تجارى لإفريقيا، ووفقا لمؤشرالتجارة الصادر عام 2023، ارتفعت قيمة التجارة البينية بين الصين ودول لإفريقيا، من أقل من 14 مليار دولار أمريكى عام 2000، إلى 263 مليار دولار أمريكى عام 2022، ووصل إلى 282 مليار دولار أمريكى عام 2023.
وترتكز الواردات الصينية من أفريقيا على المكسرات والزهور والخضروات والفواكه، أما صادرات الصين إلى إفريقيا، سيارات كهربائية وبطاريات الليثيوم، ومنتجات كهرو ضوئية، هذا بجانب الاستثمارات الصينية فى مشروعات البنية الحتية، والطاقة والمشروعات التكنولوجية.
ويهمنى قبل أن أنهى المقال أن أشير إلى أن العلاقات الإفريقية الصينية تطورت بشكل كبير على مدى العقود القريبة الماضية فى جميع المجالات الاقتصادية والتجارية، بجانب التبادلات الثقافية والتعليم والإعلام وتعليم اللغة الصينية وذلك لتعزيز قوة الصين الناعمة فى إفريقيا. هذا بجانب مبادرة الحزام والطريق التى انضمت لها العديد من الدول الإفريقية وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين الاتصال والتجارة من خلال تطوير البنية التحتية.
وبالنسبة لتطور العلاقات الصينية المصرية عملت مصر فى السنوات الأخيرة على التعاون بينها وبين الصين فى عدد من المشروعات التنموية فى منطقة قناة السويس، منها الطاقة المتجددة، ومشروعات فى البنية التحتية، ووسائل النقل، كما ساهمت الصين فى المجال العقارى فى العاصمة الإدارية الجديدة، واستفادت مصر من الخبرات الصينية، فى مجال تكنولوجيا المعلومات والمدن الذكية والذكاء الاصطناعى وتم إنشاء كليات جديدة فى المجال التكنولوجى المتقدم بالتعاون مع الصين.
وانضمت مصر لمبادرة الحزام والطريق التى اطلقتها الصين وبدأت فى تنفيذها مع معظم دول العالم ومن المعروف أن لهذه المبادرة دورا كبيرا فى محور التنمية بقناة السويس، وتنمية طرق التجارة بين الشرق والغرب.
إن المنتدى التاسع سيكتب فصلا جديدا من التعاون الصينى الإفريقى، ومن التفاهم المتبادل، والتقارب والصداقة بين شعبى الصين وأفريقيا، وسيرسل رسالة قوية مفادها مشاركة إفريقيا والصين فى إصلاح الحوكمة العالمية.
إننا نأمل أن يدفع المنتدى إلى مزيد من التعاون من أجل خير الشعوب ونُشيد بدور الصين الكبير تجاه القضية الفلسطينية، برفض التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم، والإبادة الجماعية التى يقوم بها الكيان الصهيونى العنصرى، والعمل على الإنفاذ الفورى والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وأيضا دور الصين فى مجلس الأمن والأمم المتحدة، فى دعم ومساندة الشعب الفلسطينى، ودورها فى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
إننا نتمنى استمرار التعاون الصينى العربى والإفريقى من أجل صالح شعوب دول الجنوب ومن أجل الاستقرار والأمن والسلم العالمى.