بين التوتر الأمني وحرب شاملة: هل تستطيع إسرائيل مواجهة حزب الله؟
اجنادين نيوز / ANN
سمير باكير
في ضوء الأحداث الأخيرة، من الممكن تحليل مستقبل الصراع بين إسرائيل وحزب الله عبر عدة جوانب تؤثر بشكل مباشر على تطور هذا النزاع في المنطقة.
1. الوضع الحالي في غزة وتأثيره على الصراع مع حزب الله:
الحرب المستمرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة تشكل عاملاً رئيسياً في تحديد ملامح المواجهة بين إسرائيل وحزب الله. على الرغم من الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل لحماس، لم تستطع حتى الآن تحقيق هدفها الاستراتيجي بإضعاف حماس أو القضاء عليها. هذا الواقع يدفع إسرائيل نحو محاولة تمديد الحرب في غزة وتجنب الدخول في مفاوضات سياسية عاجلة.
تأثير على حزب الله:
حزب الله، كداعم قوي للمقاومة الفلسطينية، قد يتحرك في الوقت المناسب لزيادة الضغط على إسرائيل. ومع ذلك، فإن الحزب يتمتع بقدرة على موازنة تحركاته بعناية، حيث يمكن أن يدعم غزة دون أن يتورط مباشرة في مواجهة شاملة مع إسرائيل، إلا إذا تخطت إسرائيل خطوطاً حمراء تعتبرها المقاومة مقدسة. هذا يمنح حزب الله قوة استراتيجية في استمراره كقوة داعمة للمقاومة الفلسطينية، دون أن يتحمل خسائر مباشرة.
2. استراتيجية نتنياهو في مواجهة حزب الله:
بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يعتمد على تكتيك إطالة أمد الصراع في غزة، بهدف تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية قد تساعده على مواجهة حزب الله بشكل أكثر حدة لاحقاً. ومع ذلك، فإنه يبدو أن نتنياهو يدرك جيداً أن فتح جبهة شاملة مع حزب الله قد يكلف إسرائيل ثمناً باهظاً، حيث إن حزب الله يمتلك قدرات عسكرية نوعية يمكن أن تشكل تهديداً حقيقياً للبنية التحتية والأمن الإسرائيليين.
قدرة حزب الله على الرد:
حزب الله أثبت على مدار السنوات أنه ليس فقط حركة مقاومة تقليدية، بل هو قوة عسكرية واستخباراتية تمتلك قدرات متقدمة على مستوى الصواريخ بعيدة المدى، وحرب الأنفاق، والتكنولوجيا الحديثة. وبالتالي، فإن أي تصعيد من جانب إسرائيل قد يدفع الحزب إلى الرد بشكل يفرض معادلة ردع جديدة تضع إسرائيل في موقف دفاعي. هذا التعزيز لقوة الحزب يجعله لاعباً محورياً في المنطقة، قادر على تغيير قواعد اللعبة في أي لحظة.
3. الدور الأمريكي والدولي:
الولايات المتحدة تظل الحليف الأساسي لإسرائيل، وهي تسعى للحفاظ على دعمها السياسي والعسكري لتل أبيب. ولكن، ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، قد تمارس واشنطن بعض الضغوط على إسرائيل لتجنب تصعيد النزاع إلى مستوى حرب شاملة في لبنان، خشية أن يؤثر ذلك على مصالحها في المنطقة أو على نتائج الانتخابات.
حزب الله ودوره الدولي:
حزب الله، بفضل تحالفاته الإقليمية القوية، ولا سيما مع إيران وسوريا، يمتلك شبكة علاقات دولية تمكنه من ممارسة ضغوط مضادة. إضافة إلى ذلك، فإن المقاومة اللبنانية قد تستفيد من التحولات السياسية الدولية لفرض شروط جديدة على إسرائيل، بما في ذلك توازنات القوة في الميدان، التي لا تسمح لإسرائيل بالتصرف بحرية تامة دون حسابات دقيقة.
4. السيناريوهات المستقبلية:
في المدى القريب، من المرجح أن تظل المواجهة بين إسرائيل وحزب الله محدودة نسبياً، حيث تفضل إسرائيل شن عمليات أمنية واغتيالات تستهدف قادة الحزب أو تدمير بنيته التحتية في لبنان. ومع ذلك، يجب التذكير أن حزب الله يمتلك القدرة على الرد بعمليات عسكرية نوعية قد تغير المعادلة سريعاً.
تعزيز قدرات حزب الله:
على مر السنين، استطاع حزب الله تعزيز قدراته العسكرية والتكتيكية بشكل ملحوظ، مما يجعله جاهزاً لأي سيناريو تصعيدي. فإذا ما دفعت إسرائيل باتجاه توسيع العمليات، سيكون الحزب قادراً على الرد بشكل يفرض توازناً جديداً للقوى، خصوصاً في ظل احتفاظه بقدرات صاروخية بعيدة المدى وقوات نخبة متمرسة في حروب المدن وحرب العصابات.
5. الاحتمالات المستقبلية للصراع:
بالنظر إلى الوضع الحالي، من غير المرجح أن تدخل إسرائيل وحزب الله في حرب شاملة على المدى القريب، خاصة أن حزب الله يسعى إلى الحفاظ على قوته وموارده لدعم المقاومة في غزة واستمرار التصدي للعدوان الإسرائيلي. لكن يجب التنبه إلى أن أي خطأ استراتيجي من إسرائيل قد يشعل فتيل مواجهة أكبر، حيث يمتلك حزب الله زمام المبادرة لفتح جبهات جديدة قد تجعل إسرائيل في موقف أكثر ضعفاً.
يظل حزب الله قوة رئيسية في معادلة الصراع في المنطقة، ولا يمكن تجاهل قدراته العسكرية والإستراتيجية. إسرائيل قد تحاول تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع الحزب في الوقت الحالي، إلا أن أي تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة غير محسوبة العواقب. حزب الله، المدعوم من محور المقاومة، يبقى مستعداً لأي تطور ميداني، حيث تتيح له إمكانياته المتطورة فرصة فرض شروط جديدة على إسرائيل في حال اختارت التصعيد.