العنف ضد المرأة: بين المفاهيم الخاطئة والحلول الجذرية
اجنادين نيوز / ANN
وفاء الغراوي
استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “رفقًا بالقوارير”، نتناول في هذا المقال ظاهرة مؤلمة تتزايد بشكل ملحوظ في مجتمعنا العراقي، بل وتتفاقم في العديد من المجتمعات العربية والغربية، وهي العنف ضد المرأة. هذه الظاهرة البغيضة تتطلب منا وقفة جادة لتحليل أسبابها ووضع حلول حقيقية لمعالجتها.
تشير آخر الإحصاءات إلى أن نسبة النساء المعنفات في العراق بلغت مستويات مقلقة، مما يبرز الحاجة الملحة للتوعية واتخاذ إجراءات حازمة للحد من هذه الانتهاكات. وفي هذا السياق، نرى أن هناك العديد من الفئات التي تتعرض للعنف بأشكاله المختلفة، ولكل فئة أسباب وظروف خاصة تستدعي دراسة متأنية.
الفئات المتضررة من العنف
1. النساء المتزوجات: تعتبر فئة المتزوجات من أكثر الفئات تعرضًا للعنف، وغالبًا ما يكون السبب الرئيسي هو سوء فهم بعض الرجال لمفهوم الرجولة. بعض الرجال يظنون أن الرجولة تقتضي فرض السيطرة على المرأة باستخدام العنف، سواء كان ذلك بالصراخ أو الضرب، حين تخالفهم الرأي. هذا الفهم الخاطئ يعكس تصورًا غير صحيح للمرأة، وكأنها جارية ملزمة بخدمة أهل الزوج ومتطلباتهم، وحين تتعب أو تمل من الروتين، تُعامل بعدم الرحمة، ويُعتقد أن العنف هو وسيلة “تأديب” لها.
2. الفتيات المعنفات من قبل الإخوة: تتعرض العديد من الفتيات للعنف على أيدي إخوتهم الذكور، وذلك نتيجة سوء فهم لمعاني الحماية والغيرة والشهامة. بعض الإخوة يعتقدون أن السماح لأخواتهم بممارسة أبسط حقوقهن، مثل الخروج للتبضع، قد يؤدي إلى فسادهن. هذا الفهم المغلوط يتسبب في إلحاق الأذى بالفتيات، بل إن بعضهن يتعرضن للضرب منذ سن مبكرة تحت ذريعة “الحماية”.
3. الموظفات اللاتي يتعرضن للاستغلال: هناك أيضًا فئة من الموظفات اللواتي يُجبرن على تسليم رواتبهن الشهرية لأفراد الأسرة بحجة الاستحقاق أو التربية. وإن امتنعت المرأة عن تسليم الراتب، تتعرض للتهديد أو العنف الجسدي، في حين أن هذه الأموال غالبًا ما تُستخدم في الإنفاق على أمور غير مشروعة كالخمر وغيرها.
نقد المنظمات النسوية
في مقابل هذه المعاناة، ظهرت منظمات حقوق المرأة التي تدعي الدفاع عن النساء وحقوقهن. لكن للأسف، يلاحظ أن بعض هذه المنظمات تخفي وراء مظهرها الداعم للمرأة أهدافًا أخرى، مثل تفكيك الأسر، والمتاجرة بقضايا النساء. كما أن بعض الحركات النسوية تسعى إلى إبعاد المرأة عن دينها وتقاليدها، بحجة أن الدين هو سبب العنف ضدها. هذا التوجه لا يسعى إلى دعم المرأة بصدق، بل يهدف إلى تشويه صورة الدين الإسلامي والعادات الأصيلة.
الحلول المقترحة
للحد من العنف ضد المرأة، يجب أن نعمل على حلول شاملة وفعالة:
1. إعادة ربط المجتمع بالدين الإسلامي وقيمه العليا: من الضروري إعادة إحياء القيم الإسلامية التي تكرم المرأة وتعزز من مكانتها. فالإسلام كان أول من نادى بحقوق المرأة وحمايتها.
2. احترام المرأة وتعظيم دورها: ينبغي أن يعود المجتمع إلى ثقافته الأصيلة التي كانت ترى في المرأة مكانة سامية، وخاصة تذكير الناس بمكانة الأم في الإسلام وما لها من منزلة عظيمة.
3. نشر الوعي بأحاديث النبي وأهل البيت عن المرأة: لا بد من نشر القصص والأحاديث التي تعزز احترام المرأة وتوضح كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته مع النساء برفق واحترام.
4. تفعيل خط ساخن للمرأة المعنفة: يجب أن يتم توفير خط ساخن للنساء المعنفات، مرتبط بجهات حكومية أو دينية، ليكون مكانًا موثوقًا لتلقي المساعدة بعيدًا عن أي تأثيرات أو استغلال من قبل منظمات مشبوهة.
ختامًا، العنف ضد المرأة قضية تستدعي منا جميعًا العمل بجدية لإيجاد حلول مستدامة تحمي حقوق النساء وتعيد لهن مكانتهن الحقيقية في المجتمع. نحن بحاجة إلى تعاون مجتمعي شامل لتغيير المفاهيم الخاطئة والقضاء على هذه الظاهرة المؤلمة.