التحرر من جاهلية العصر الحديث هو طريق النصر والتمكين في الارض
اجنادين نيوز / ANN
باسم فضل الشعبي / صحفي وكاتب من اليمن
كان العرب في قديم الزمان ايام الجاهلية الاولى، يصنعون وينحتون الأصنام والاوثان من الأحجار والرخام والتمر ليعبدوها من دون الله الحق العظيم، اما اليوم وفي زماننا هذا فإن امريكا والغرب والصهيونية، هي من تصنع للعرب والمسلمين اصنامهم واوثانهم من البشر، ومن الأحزاب والمكونات والجماعات والمشايخ ليعبدونهم من دون الله، فصار الناس يمجدون هولاء الشياطين ويتعصبون لهم ويتقاتلون من أجلهم، وينتظرون منهم الرزق والنفع، ويخافون من غضبهم وضررهم، في عملية تصل إلى مرحلة الشرك بالله، من حيث يعلم هولاء الناس أو الشعوب أو لا يعلمون.
وحينما خرج الناس في ثورات سلمية لإسقاط الأصنام والاوثان والاستبداد، والمطالبة بالتغيير، تم اجهاض هذه الثورات، وإعادة تنصيب أصنام واوثان جديدة أسوأ من التي قبلها، والانتقام من الشعوب بتدمير دولهم بالحروب والصراعات والفتن، وتدمير الاقتصاد ونشر المجاعة والاذلال، والهدف هو السيطرة على هذه الشعوب ومنعها من التفكير مرة أخرى بالتغيير أو بالثورات للتحرر من الاستبداد والظلم،وتخويف الناس أن هذه الثورات مؤامرات خارجية، وان من يدعون لها مجرد خونة وعملاء، كي تظل الشعوب أسيرة للاستبداد، ومستغرقة في عبادة الأصنام والاوثان التي تأتي بهم امريكا واسرائيل،بشكل مباشر أو عبر دول اخرى، والذين يبيعون للناس الوهم والأكاذيب ويكيلون لهم الوعود البراقة، ويسرقون ثرواتهم وخبزهم اليومي وحاضرهم ومستقبلهم، بينما تعيش الشعوب في فقر وإذلال وظلم وهوان، ووهم مستمر.
اننا جميعا اليوم نعيش جاهلية جديدة، ليس فقط من خلال عبادة الأوثان والاصنام الجديدة، ولكن من خلال انحدار الأخلاق والقيم وسيادة شريعة الغاب، وانتشار الفساد والتقطع والنهب والجبايات، وانتشار القتل بسبب وبدونه، وكذا تنامي ظاهرة العصبيات المناطقية والأسرية والدينية والحزبية والسياسية، وغيرها، من مظاهر التخلف والجهل التي كان عليها العرب والمسلمين في الجاهلية الأولى قبل أن يشرق نور الاسلام.
لا يريدون لهذه الشعوب أن تتحرر وان تذق طعم الحرية، وانما يريدوها أن تظل تحت الاستعمار الخارجي أو الاستبداد الداخلي طوال الوقت، لان الحرية والتحرر بالنسبة لهم خطر كبير يهدد مصالحهم غير المشروعة، واطماعهم الخطيرة في المنطقة، وما نراه اليوم في غزة وفلسطين ولبنان هو صورة من صور الانتقام الغربي والصهيوني ضد كل من يطالب بالحرية والتحرر.
إن أول الطريق نحو الحرية ايها الناس، هو العودة الحقيقية إلى الله، والتخلص من عبادة الأصنام والاوثان الجديدة، ومن عبادة المادة والدنيا، لا نكم بذلك تقعون في الشرك دون أن تعلمون، فيعاقبكم الله في الدنيا دون أن تعلمون ايضا أو تعلمون، وعقاب الله له صور مختلفة، منها الذل والهوان والضعف والخوف وغياب الرحمة والبركة، والفساد والفقر والحروب والمجاعات والترف غير الحميد،وعدم الاستقرار، والمشاكل التي لا تنتهي، ويسلط عليكم الظالمين والظلمة من شياطين الجن والانس وهكذا، ما دمتم بعيدون عن الله، وذلك لعلكم تبصرون وتعتبرون وتعقلون وترجعون إلى طريق الحق والصراط المستقيم، وهناك قصص وايات عديدة في القران الكريم تشير إلى ذلك بإمكانكم العودة إليها وتدبرها.
سيقول البعض أن الغرب ودول أخرى غير مسلمة وغير مؤمنة بالله تطورت وازدهرت، نقول إن هؤلاء قد ذاقوا طعم الحرية وتحرروا من عبادة الأشخاص والافراد والكهنة والدجالين، واصبحوا يؤمنون بقيم إنسانية انزلها الله في كتابه العزيز، وفي الكتب السماوية الأخرى، وهي قيم العدالة والمساواة والتعايش والمواطنة وغيرها، ثم إن هناك قائمة تنزل كل عدة سنوات فيها تصنيف للدول التي تطبق تعاليم الإسلام في واقع حياتها، ونكتشف باستمرار أن في مقدمة هذه الدول دولا غربية أوروبية، مثل فنلندا مثلا وغيرها،بينما لا توجد أي دولة عربية أو مسلمة ضمن العشرين الدول الاولى في هذه القائمة على الاقل، هناك دولة سنغفورة ثم ماليزيا ضمن القائمة ولكن في الوسط وليست في المقدمة، وبإمكانكم العودة للبحث في الانترنت للاطلاع على هذه القائمة المذكورة.
إن الحرية الفردية والمجتمعية الإيجابية، هي الطريق لمعرفة الله والتحرر من الأصنام ومن الاستبداد السياسي والديني ، والطريق إلى التطور والرفعة والسمو والسيادة، وهذا ما جاء به الإسلام الحنيف، الذي حرر الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة الله وحدة لا شريك له، فكان للإسلام دولة ورجال وحضارة اشرق نورها في الأرض والكون كله.
ولن يعود زمن العزة والكرامة والسيادة للعرب والمسلمين الا بالتحرر من جاهليات العصر الحديث، وكل أدواتها ورموزها واوثانها ومغرياتها، والعودة الحقيقية والصادقة إلى الله، والاعتماد والتوكل عليه، ونصرة الحق ومحاربة الباطل،ونشر الخير والمحبة بين الناس، ثم انتظروا العطايا والتوفيق من الله ثم التمكين في الارض باذن الله وقدرته.
قال الله تعالى في محكم التنزيل” وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” صدق الله العظيم.