حوار مع الشاعر فراس الناهي أجراه الصحفي داود الفريح

اجنادين نيوز / ANN

فراس خليل فرحان الناهي، شاعر وقاص ومؤلف بصري، تميز بإبداعاته الأدبية التي مزجت بين سحر الكلمة ورقيّ المعنى، فهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، وقد شغل مناصب متعددة في المجال الأدبي والصحفي، منها عضوية بيت الصحافة العراقي، يحمل دبلوم معهد المعلمين وبكالوريوس من كلية الآداب، ويعمل مدرساً في وزارة التربية العراقية، له إسهامات بارزة في تصحيح اللغة وتدقيق النصوص، بالإضافة إلى ديوان شعري صدر تحت عنوان “الأحرف الرسولة”، كما لديه مجموعة من الكتب التي لم تُطبع بعد، تميز الشاعر فراس الناهي بمشاركاته في المحافل الأدبية، وتوّجت مسيرته بحصوله على المرتبة الأولى في مسابقة ملتقى الإبداع الشعري التي أقامتها المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام في المملكة المتحدة.

مرحبا بك استاذ فراس

مراحب سماوية عالية

1. بداية، حدثنا عن بداياتك الشعرية، كيف كانت شرارة الانطلاق الأولى في عالم الأدب؟

ـ في المتوسطة ، وربما في ثاني مراحلها بالضبط كنت أشعر بشيء ما يتحرك في داخلي لا أدري ما هو ولا أستطيع التعبير عنه ، وسرعان ما انفجر بعد حادثة استشهاد السيد محمد الصدر ونجليه ، انفجر باللغة العامية ، ثم بدأ التفاصح يسري في لغتي شيئا فشيئا ، ومما حفز على ذلك وأججه أن فتاة كانت معنا في الصف ليست جميلة جدا لكنها متفوقة ورقيقة فكان يسيل لها قلبي ، ويسيل معه الشعر ، لكنه بكل تأكيد كان شعرا بدائيا جدا ، لا يعدو كونه خلجات نفسية وخواطر منظومة في سطرين وقافية لو رآها الفراهيدي لعبس وتولى أن جاءه الأعمى .

2. ديوانك “الأحرف الرسولة” يحمل عنوانًا ملفتًا، ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلال هذا الديوان؟

– كنت أعيش أيام كتابة الديوان تجربة روحية ساحرة منحتني الكثير من الصفاء والجلاء والحب فكان الشعر يهبط إلي كأنه الوحي في نقائه وصفائه ، وظللت على ذلك مدة اكتمل لي خلالها ما يمكن أن يكون ديوانا فطبعته كي أنقل تلك التجربة إلى القراء ليجدوا فيه إضافة إلى المتعة ما يؤثر في نفوسهم تأثيرات تجعلهم ألطف ذوقا وأرفع أخلاقا .
ومن ثمرات هذا الكتاب ومحاسنه وأياديه عليّ خاصة أني بعد أن خرجت من تلك التجربة الروحية صرت أقل صفاء ونقاء ، وصرت أعاود قراءة بعض ما كتبت كي أنهل منه ما يعيد إلي بعض ما فقدت من محاسن ما كنت عليه من الصفاء والنقاء .
علما إنه لم يكن يخلو من بعض الغضب والتمرد تلك الطبيعة الراسخة في نفسي والتي لا يمكنني الفكاك منها مهما حاولت .

3. لديك كتب أخرى لم تُطبع بعد، هل بإمكانك أن تخبرنا عن محتواها وما الذي يميزها عن ديوانك الأول؟

– في الحقيقة إنني أرى نفسي مفكرا أكثر من كوني شاعرا ، وجل وقتي وفكري واهتمامي في غير الشعر ، لذا فقد صدر لي مؤخرا كتاب تحت عنوان (أشعة من الإعجاز الكوثري . سورة الكوثر سطر السماء المعجز ) استطعت فيه بفضل الله أن أجعل فيه إعجاز سورة الكوثر أمرا محسوسا وملموسا إلى حد بعيد ، وقد قرأه الكثيرون من أهل الاختصاص ونال إعجابهم . وأتممت أيضا في الفترة الأخيرة كتابا تحت عنوان (فيتبعون أحسنه) وهو كتاب تنظيري تأصيلي في الفكري الديني يدعو إلى الإخوة والوحدة والاستقامة والوسطية لكنه لم ينشر بعد ، كما كتبت في القصة القصيرة ما يربو على العشرين قصة يمكن أن تطبع في كتاب مستقل ، ولدي مشروع سردي يشبه الرواية لكنه لا يصنف على أنه رواية قيد الإنجاز .

وأعود إلى الشعر ، فقد صدر لي (الأحرف الرسولة) وقد كتبت بعده ثلاثة دواوين كلها أعلى منه وعيا وفنا وشاعرية لكنه أقل سماوية ، فمن ضمنها ديوان في فن الهجاء أنتظر الوقت المناسب لإخراجها للناس .

4. كيف أثّرت تجربتك كمدرس ومصحح لغوي على أسلوبك الشعري والنثري؟

– بحكم كوني مدرسا فإن أول ما يجب أن أحرص عليه في عملي هو إيصال الفكرة إلى أذهان الطلاب بعذوبة وسلاسة ، وبحكم كوني مصححا لغويا فإني وجدت أن الأدب المكتوب بلغة تخالف مقاييس اللغة غير مفهوم كذلك ، وكم أعاني وأنا أمارس عملي كمصحح من صعوبة فهم العبارات غير المصوغة صياغات صحيحة لغويا ، وقد أثر هذا في أسلوبي في الكتابة إن شعرا وإن نثرا فجعلني حريصا على أن يكون أدبي بينا واضح الدلالة لا يتعب قراءه في فهمه والتمتع به ، فأنا ابن مدرسة الوضوح ، وعدو مدرسة الغموض والرمز وما شاكل ، لكن قد أضطر أحيانا إلى الإغماض والإيماض ، مراعاة لمقتضيات الأحوال ، خاصة ونحن في مجتمع لا يؤمن بحرية الفكر وتعدد الآراء .

5. كونك عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، كيف ترى دور هذا الاتحاد في دعم الأدباء الشباب؟

-إذا بلغ الشاب مرتبة من الأدب استحق معها أن ينال هوية الاتحاد وحصل عليها فهذا قد صنع نفسه قبل الاتحاد ولا فضل للاتحاد عليه ، ويستطيع أن يكمل مشواره في الاتحاد بشكل سليم لأنه كامل الأهلية لذلك ، الرجاء أن يحصل احتضان واهتمام بالطاقات الشابة التي لم تدخل رواق الاتحاد بعد بالوقوف معها ورعايتها وتعليمها وإنضاجها ثم الترحيب بها إذا صارت جزءا من الاتحاد .

أتمنى أن يتم الترحيب بكل وجبة جديدة تعطى الهويات ، وتجرى معها لقاءات ، وتقام الندوات كي يشعر العضو الجديد بأنه ليس مجرد رقم لا قيمة له ولا يشكل أي إضافة لصرح الاتحاد .

6. نلت المرتبة الأولى في مسابقة ملتقى الإبداع الشعري بلندن، ماذا يعني لك هذا الإنجاز، وكيف أثر في مسيرتك الأدبية؟

– منحني كثيرا من السعادة والثقة بالنفس ، خاصة وإن بعض الشعراء المبدعين المتميزين المشهورين الذين حصدوا كثيرا من الجوائز كان مشاركا معي في المسابقة وحصل على المرتبة الثانية ، وحصلت أنا على المرتبة الأولى .

7. كيف ترى المشهد الأدبي في العراق حاليًا، وما هي أبرز التحديات التي تواجه الأدباء الشباب؟

لا أرى مشهدا أدبيا ألبتة ، أرى شعراء وكتابا مبدعين إلى حد بعيد ، بعضهم وصفته بالعالمية ولكن بلا جمهور ولا قراء ، فالأديب العراقي يعيش عزلة كبيرة عن المجتمع ووحدة قاتلة ، وقد كان القراء بالأمس يبحثون عن الأدباء فصار الأدباء يبحثون عن القراء فلا يجدون ، فعن أي مشهد أدبي نتحدث ، حتى في مهرجان المربد وهو أكبر مهرجان أدبي في الوطن العربي لو تفحصت جمهور الحاضرين لن تجده إلا هو نفسه من الأدباء ، فالأدباء يكتبون لأنفسهم ، ولأنفسهم يستمعون ، فأين هو المشهد الأدبي ؟
ثلاثة آلاف أديب في العراق أين هم ؟ وأين إنجازاتهم ؟ كل واحد لديه مجموعة من الإنجازات لا يتمكن ماديا من نشرها ، ولو تمكن فلن يجد له قراء إلا من زملائه الأدباء ، ولا أدري ما هي المشكلة ، أكتاباتنا غير مؤثرة أم الجمهور هجر القراءة ؟

8. هل تأثرت بأدباء أو شعراء معينين خلال مسيرتك الأدبية، ومن هم؟

– في أول الأمر كنت متأثرا شعريا بشعراء المهجر وعلى رأسهم إيليا أبو ماضي واصطبغ شعري بصبغته ، حد أن اتهمت مرة في أحد المنتديات بأني سرقت قصيدة له ونسبتها لنفسي ، وبعد التحقيق ثبتت براءتي وكنت أفخر بذلك وأقول بأن معنى هذا هو أن مستواي صار يوازي مستوى أبي ماضي هذا الشاعر الخالد العظيم ، وحين قدم الأديب البديع علاء المرقب لديواني الأحرف الرسولة كان عنوان مقالته ( فراس الناهي إيليا الجنوب ) وهذا أفرحتي ، ثم إنني بعد ذلك ارتأيت بأن الشاعر يجب أن تكون له شخصيته المستقلة وبصمته الخاصة فتركت القراءة لأبي ماضي وإخوته من المهجريين حتى يذهب تأثيرهم بي ونوعت قراءاتي حتى لا آخذ صبغة شاعر معين وتكون لي صبغتي الخاصة .
نعم ، ومن أعظم الشعراء الذين أحبهم من الماضين المتنبي ، ومن المعاصرين تميم البرغوثي .

9. كيف توفق بين عملك كمدرس وبين شغفك بالأدب والإبداع؟

– لا شك أن الأديب المتفرغ المتعبد في محراب الأدب سيكون أكثر إنتاجا وإبداعا ، لكن التدريس أيضا رسالة لا بد من أدائها بالشكل الصحيح الذي نشعر معه برضا الله ورضا الضمير . بعد انشغالي في المدرسة وما يتمدد منها ويعلق بها من أعمال احتاج أن أنجزها في البيت ، وبعد عملي في التصحيح اللغوي ، لا يتبقى لدي من الوقت ما يكفي لأنجز ما احلم به من مشاريع أدبية وفكرية ، ولكن بحمد الله وبوسط زحمة الأعمال استطعت أن أكتب وأنجز وهذا شيء يشبه المعجزة .

10. ما هي مشاريعك المستقبلية في مجال الكتابة، وهل هناك إصدار جديد في الطريق؟

ـ سيصدر لي قريبا كتاب تحت عنوان (فيتبعون أحسنه ) تحدثت عنه في بعض أجوبة الأسئلة السابقة .

11. ما النصيحة التي تقدمها للأدباء الشباب الذين يرغبون في السير على نفس النهج؟

– أن يهتموا بدراسة اللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها ومعجمها ، وأن يقرأوا التراث الأدبي العربي ، لكي تكون لغتهم سليمة ورصينة ، ثم فليقراوا بعد ذلك ما شاءوا ، ويكتبوا ما يشاءون ، ولا يستعجلوا النشر ، لأنهم في مرحلة التكون والنضوج .

12. كيف ترى دور الأدب في نشر السلام وترسيخ قيم التسامح، خاصة أنك نلت جائزة من منظمة تعنى بذلك؟

– تأثيره قليل إلا أن يحول إلى أفلام ومسلسلات وبرامج مرئية فإن عدد القراء قليل ، ومشاهدي التلفزيون والسوشيل ميديا كثير .

في الختام كلمة لكادر تحرير صفحة أخبار الأدباء

– أحبكم .

زر الذهاب إلى الأعلى