القاص هادي المياح في ضيافة وكالة اجنادين الاخبارية
اجنادين نيوز / ANN
حاوره داود الفريح
في عالم الأدب العربي، برز العديد من الأسماء التي أسهمت في إثراء الساحة الأدبية بقصص تجمع بين الأصالة والإبداع، ومن بين هؤلاء يبرز اسم القاص العراقي هادي المياح، الذي تميز بإصداراته القصصية المتعددة، والتي حملت في طياتها مشاهد من الحياة وتفاصيل إنسانية مؤثرة، قدم هادي المياح مساهمات أدبية تنوعت بين الإصدارات الفردية والقصص المشتركة، كما أن له بصمة واضحة في النقد الأدبي، حيث قدم قراءات نقدية في أعمال روائيين وقصاصين عراقيين وعرب، مما جعله محل اهتمام النقاد والأدباء على حد سواء، وفي هذا الحوار الصحفي، نفتح آفاق الحديث مع المياح حول مسيرته الأدبية، ورؤيته للعالم الأدبي، وتحدياته، وآماله للمستقبل
مرحبا بك
1. بدايةً، كيف كانت بداياتك مع الكتابة القصصية؟ وما هي العوامل التي أثرت على أسلوبك في الكتابة؟
اهلا بك صديقي وشكرا على استضافتك.
أن تبدأ عليك ان تسابق الزمن كلما شعرت أن بك قوة على فعل شئ ما قولا أو كتابة ولا تؤجله إلى حين..
الكتابة لكونها ابداعية ، من يشعر بوحيها قريبا منه ، عليه أن يقوم بمصافحته على الفور. وحتى نكون موضوعيين علينا أن نقنع انفسنا بأن وحي الكتابة قد لا ينزل على الدوام. مهما اشتهرنا وقطعنا مراحل متقدمة في الكتابة.
-كنت في مراحل مبكرة من دراستي اعشق الكتاب وما يحوي بين دفتيه من مضامين سواء كانت أدب أو غير ذلك . لكن هوايتي للأدب وخاصة القصة والرواية قد تفوقت كثيرا على باقي أنواعه وأجناسه. منذ تلك المراحل .
بداياتي في الكتابة لا يمكن تحديدها باليوم والشهر، فهي مثل دوامة لفت حولي بغتة في زمن ما وانتشلتني من مرحلة القراءة إلى كتابة قصة قصيرة في درس الانشاء للمرحلة المتوسطة. وقد حزت فيها على أعلى الدرجات مع الاشادة الكبيرة من قبل مدرس المادة.
العوامل التي أثرت على اسلوبي لاحقا كثيرة : فقد كنت واعيا لما أقرأ وأهتم بتمييز المفيد مما يكتب اضافة الى القيام بعمل ملخصات لبعض ما اقرأه من القصص الطويلة والروايات آنذاك.. كنت وما زلت أطارد القصة أينما وجدت كما لو كانت فريستي ..
2
. إصداراتك تتنوع بين مجموعات قصصية فردية وأعمال مشتركة مع كتاب آخرين، كيف تصف تجربتك في العمل الجماعي مقارنة بالكتابة الفردية؟
-من الصعب توصيف تجربتي لان التقييم كما أعلم يخص المتلقي.
بشكل عام تجربتي جاءت مثل تحدي كبير لذاتي التائهة سنينا طويلة ما بين الحروب والظروف القاهرة. وهو ما يؤكد تأخري في الكتابة والطباعة والنشر.أما التنوع ما بين مجموعات قصصية فردية والمشاركة. فهو أمر معتاد في الأدب وبين الأدباء منذ القدم . تقرأ مثلا لخورخي بورخيس مشاركة لبعض قصصه في كتب أخرى . أنا أعتبر هكذا مشاركات مفيدة للتوسعة والانتشار. كذلك تسويق الكتب إلى دول أخرى أو ترجمتها هو أمر0 مهم أيضا في هذا المجال .
3. “أسف فوق البحر”، “حينما تتنفس الأشياء”، و”أرواح هلامية” هي من أبرز أعمالك، ما القصة وراء كل عمل، وما الرسائل التي حاولت إيصالها من خلالها؟
-اسف فوق البحر باكورة اعمالي كتبتها 1916 و نشرت عام 1917 تضمنت عدة قصص بثيم مختلفة ومعالجات فنية مختلفة أيضا. وحرصت في هذه المجموعة على تجنب التكرار والاخطاء . أما المغزى فهو مأخوذ من واقعنا ومعاناة المجتمع بكل الفئات والشرائح. وهنا لابد من الاشارة الى ان قصصي في غالبيتها يبرز فيها البطل شخصية واحدة من خلالها أقوم بإسقاط ما يبوح من أفعال وردود أفعال على معاناة البيئة المجتمع وكل من يتعلق بهما.
أما الرسائل والأهداف فلكل قصة مغزى شمولي يهم المجتمع والانسان.. الانسانية وتسليط الضوء على هفواتها وانكساراتها وكل ما من شأنه أن يرتقي بالانسان ويصحح مساره.هي شغلي الشاغل.
4. شاركت في عدد من الإصدارات العربية المشتركة، مثل “ضفاف الرافدين” و”موسوعة فضاءات الجياد”كيف ترى تأثير هذه المشاركات على تجربتك الأدبية؟
اعتقد أشرت إلى هذا المضمون في الفقرة السابقة ، وأضيف إلى أن هذه المشاركات تفسح المجال للتعرف على مستوى ثقافة اكبر عدد من الأدباء في العراق او في البلدان والشعوب العربية. وحتى ألامس الواقع:
نحن الأدباء المتأخرين في الظهور تأتينا شهرتنا من الخارج أكثر من الداخل و ينطبق علينا المثل القائل “مطربة الحي لا تطرب”.
–
5. نلاحظ أن لديك اهتماماً بالنقد الأدبي، حيث كتبت قراءات نقدية في أعمال زملاءك من الأدباء، كيف تقيم تجربة النقد؟ وهل أثرت على أسلوبك كقاص؟
-النقد الأدبي بالنسبة للنص برأيي مثل الجذوة التي تشعل فتيل النص خاصة النص العميق او المستغلق أو العصي على الفهم. وقد خصصت سنتين للاطلاع على الكتب النقدية وما زلت أواصل قراءة كل ما يقع في يدي منها .. احيانا استمتع بقراءة النقد والبحث عنه أكثر من بحثي عن القصة.
6. صدر لك آخر أعمالك “جاري المجهول” عام 2022 ما الذي يميز هذا العمل عن أعمالك السابقة؟
-هذا العمل رغم أن تسلسله الرابع في مؤلفاتي وكتبته على عجاله، فقد جاء يحمل توجهاتي المتباينة في الكتابة ، وللتوضيح أكثر ،هناك من يقول ان على الكاتب أن يثبت على منهج واحد أو توجه أدبي محدد ، وأنا من خلال هذا اللقاء بودي أن أعلن انني لا أميل إلى هذا الرأي في الكتابة، لا وجود لاتجاه أو منهج بالذات في الكتابة الابداعية. ذلك لأنك سوف تحرم من تناول ما تريده أو ترغب به من دون قيود أو حدود. أنا اعتبر الأدب والكتابة الابداعية مثل شلال ماء جارف يروي كل الشعاب وديانًا كانت أو تلال.
7. ما هو التحدي الأكبر الذي واجهك ككاتب قصصي في العراق، وكيف استطعت التغلب عليه؟
معروف ان الكتابة وخاصة الابداعية تزدهر بوجود الوعي المجتمعي وتحرره..ومن بين المواجهات والتحديات هي أنك لا يمكنك أن تكتب كل ما يدور بذهنك وعواطفك إلا إذا كنت غير ملتزماً بعلاقاتك الاجتماعية او الاسرية أو ما تخشى كشفه من من المواضيع الحساسة التي لها صلة في التغيير او النقد خاصة وأنت تخوض في واحد او اكثر من التابوهات التي يقال عنها محرمة بحكم خطورتها المتأتية من الخوض فيها بحرية تامة كما في بعض الاتجاهات الأدبية كالسوريالية على سبيل المثال لا الحصر. وبمضي الوقت صار من السهل تناول أي موضوع بطريقة ايحائية سليمة وغير فاضحة. ولا انسى ان للرمز والرمزية دور هام في التخفي وتجنب الخطورة وتربص المتربصين..
8. كيف ترى مستقبل القصة القصيرة في العالم العربي؟ وهل ترى أنها تحظى بالاهتمام الكافي؟
في العالم العربي يوجد كتّاب قصة ومنظّرين ونقاد ويمكن أن تأخذ القصة مكانها المناسب . لكن سبب افتقارنا للاحتراف في الكتابة بشكل عام وكتابة القصة بشكل خاص، بدت القصة وكل الفنون تعاني من التعثر وتسير ببطء إذا لم نقل بانها تراوح في مكانها مما دعا محبيها من القراء الى الجنوح في تفضيل الكتاب والكتب الاجنبية على التأليف العربية . وبالرغم من أن المعالجة سهلة بالدعم والتحفيز من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية.
9. ما رأيك في توجه القراء اليوم؟ هل ترى أن الأدب القصصي لا يزال يحتفظ بجاذبيته في ظل تطور الأنماط الأدبية؟
-تطور الأنماط الأدبية جاء نتيجة حتمية شملت كل شيء بما فيه رغبة وتوجه القراء! وظهور القصة القصيرة جدا والرواية القصيرة جدا هو حصيلة حاصل للتطور الحاصل وتسارع الزمن ،وتبعا لذلك أصبحنا نحن مضطرين للحاق بركب العالم المتطور .
في العراق يبدو لي القراء كثر وإن كان ذلك بواسطة الموبايل..اما الادب بالذات فإنه يحتاج إلى حب ودافع ذاتي لا يفرض عليه بالقوة.
10. ما النصيحة التي تقدمها للكتاب الشباب الذين يرغبون في دخول عالم القصة القصيرة؟
–
ادعم الشباب وخاصة ممن يمتلكون الرغبة وأصحاب المواهب . اسعد كثيرا كلما أجد شابا مميزا ومتفوقا في الكتابة والإبداع.
نصيحتي لكل شاب ان يتابع القراءة ويعطيها حقها فإذا وجد في نفسه رغبة أكيدة بالكتابةعليه أن يستبق الزمن، وإذا كتب عليه أن يكتب باتزان وتعقل. وأن لا يغرّه الغرور بكل ما كتب وما يكتب. فكل من كان يمتهنها يبقى طالبًا وإن تقدم عن غيره.
11. أخيراً، ما هي مشاريعك الأدبية القادمة؟ وهل هناك فكرة لقصة جديدة تراودك حاليًا؟
–
مشاريعي هي البحث والالتقاط والإمساك بما هو جديد ومختلف في كل ما يهم القصة القصيرة ومحاولة اقتناء أكبر قدر ممكن من الكتب الادبية المهمة والنادرة حتى لو كانت صعب المنال.
بطبيعتي أن لا أعتمد على كتابة قصة وابقى بانتظار حتى تكمل لأكتب غيرها. هذه الطريقة كلاسيكية. إنما انا اكتب بمساعدة الوحي الذي يمنحني الجو المناسب للكتابة . فقد أشرع بكتابة عدة موجزات لأكثر من قصة في آن واحد.
12. كلمة أخيرة لجمهورك الأدبي
احيي جميع القراء والمتابعين وأشد على أيديهم. واحب ان اوجه لهم نصيحة بأن لا يضيعوا وقتهم بقراءة كتب غير مفيدة ويكون اختيارهم دقيقا للكتاب الذي ترتاح إليه أنفسهم وتهواه.