فلسفتنا في الصحافة
اجنادين نيوز / ANN
علي الامارة
….. و لسنا صحفيين بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة وانما نحن ادباء اتينا الى الخبر من باطن الكلمة من دواخلها واسرارها وظلالها الكثيفة لا من عراءات الخبر وتجريداته والاكتفاء بنقله وانما نريد ان نعبر حدوده الخبرية فلسنا جريدة يومية او ساعاتية تعتمد سرعة نقل الخبر وسبقه فالاخبار في غالبها صارت متاحة واغلب الصحف صارت تستخدم طريقة النسخ واللصق حتى صارت نسخا من بعضها .. ما يهمنا نحن فضاء ما بعد الخبر سبر غوره وتحريك اعماقه الساكنة بفعل الكسل والاستسلام لهيمنة الخبر نحن لا نستسلم للخبر وانما نصارعه بافكارنا نحن المرآة التي يرى فيها الخبر نفسه ، نحن خبر الخبر .. ! لا نتعب المتلقي بالتفاصيل ولكننا نغمره بالخلاصات نعينه على مواجهة سيل الاخبار المتدفق عليه من شاشة او اذاعة او صحيفة ونساعده على فك حصار الاخبار التي تحيط به من كل جانب فنخرجه من اغترابه الخبري .
نعم ان المتلقي اليوم في حالة اغتراب امام كثرة الاخبار وتناقضاتها وتداعياتها على بعضها ان المتلقي اليوم يقف امام عواصف الاخبار وحيدا نريد ان نقف معه في هذه المواجهة الصعبة فنحن جزء من العاصفة الخبرية انقلب على العاصفة وصار ضدها واختار الوقوف مع المتلقي في محنته او بالاحرى نحن متلقون دخلنا في فضاء الخبر .. وبما ان الخبر نص فنحن منتجي النص الادباء احرى بتحريره وتمريره وتخليصه من سراب كلماته الذي اتعب المتلقي بالركض خلفه من اجل ماء الحقيقة الغائب المكنون في اعماق الخبر والمختفي بين سطوره نريد ان نساعد المتلقي على ان يقرأ ما بين السطور .. حتى الصور لا يسحبنا بريقها فنوازن بين الضوء والظل في فضاء الصورة ونختار لها خلفية نقية بيضاء مثل قلب ام عراقية لكي يفضح بياض الحقيقة ما عداه الذي يحاول ان يسلب نقاء الحقيقة ونصاعتها الماسية ولكن الماس ماس الحقيقة مثلما هو شفاف ونقي فهو قاس و حاد وعلى حده تتكسر الملامح الدخيلة على فضاء الصورة والمنطقة الفاصلة بين ضوئها وظلها نحن معنيون بهذا المنــطقة البرزخية بيـن حقيقة الصــورة و لا حقيقتها بن شيئها و لا شيئها فالصورة تجميد للحظة و محاولة لاصطياد غزالة الزمن نحن صيادو اللحظة العابرة ومثيرو غبار الدهشة ننتزع خلاصة الصورة من أعماقها البعيدة فمثلما كنا خبر الخبر فنحن صورة الصورة .. نحن كصحفيين أدباء جئنا من بستان الكتابة وتساقطنا من شجرة الأسئلة ثمارا مرّة ممزوجة بلذة النص وما ورائياته ، فاحياناً نعلق على الخبر بشكل مباشر واحياناً نقدمه شيئاً اخر مهضوماً ومعكوساً على مرآتنا الثقافية .
مقال افتتاحي في جريدتي ( ملتقى النهرين)