حوار مع الشاعر: كاظم اللايذ

اجنادين نيوز / ANN

أجراه الصحفي : داود الفريح

في رحاب البصرة وعبق تاريخها، برزت شخصيات أدبية أثرتْ المشهد الثقافي والشعري وأحيتْ تراث المدينة، وكان للشاعر والأديب كاظم اللايذ دور كبير في هذا.
ولد الشاعر في البصرة عام 1946 وتخرج من جامعة البصرة، وعملَ في التدريس لأكثر من ثلاثة عقود، تميز بأعماله الأدبية وإصداراته الشعرية التي تغنت بالبصرة ومجتمعها، وعكست روحه العميقة وارتباطه بمدينته. أصدر عشرة مجاميع شعرية كانت موضوعاَ لدراسات جامعية للماجستير في ثلاث جامعات في بغداد والبصرة وطهران ، وهو مستمر في إبداعه حتى يومنا هذا .
في هذا اللقاء الصحفي، نحاول أن نغوص في أعماق تجربته الشعرية ونطلّع أكثر على رؤيته للشعر، وتطوراته، وتأثير بيئته الثقافية عليه .
مرحبا بك في صفحة أخبار الأدباء .
س1/ بداياتك كانت في بيئة البصرة الغنية بالتراث . كيف ساهمتْ نشأتُك في تكوين شخصيتك الأدبية ؟
ج / ولدتُ في محلة شعبية صغيرة من محلات البصرة تقع على الطريق بين العشّار وضاحية المعقل ، هي محلة ( الحكيمية ) وهي جزء من محلة اكبر هي محلة الرباط . ولم تكن هذه المحلة كما تراها هذه الأيام بقصورها وعماراتها وشوارعها المعبّدة .. لقد كانت أقرب الى القرية : بيوتها من الطين أو اللبن أو القصب والقليل منها من الطابوق ، بأزقة ترابية غير معبدة تتحول الى مخاضات من الطين بعد هطول المطر ، تطل في شرقها على الطريق العام الوحيد الذي يربط المدينة بمينائها الرئيس في المعقل أما ظهرها فقد كان غابات من النخيل والبساتين والأنهار المتشابكة تمتد الى مساحات شاسعة لم نكن نحن الصغار نعرف نهاياتها. سكانها من مشارب قبلية شتى وهم في غالبيتهم من الفقراء والعمال والكسبة والمهاجرين من أرياف البصرة ومن خارجها والعاملين في مكينة الســـــــــــــوس( شركة ماكندروس اند فوربس) وهي شركة بريطانية تجمع نبات السوس من محافظات الجنوب وتكبسه على شكل مكعبات وتصدره إلى انكلترا . والخلاصة ان ولادتي في محلة تجمع خصائص المدينة و خصائص الريف . فتكويني الأول هو خليط من هاذين الوسطين : الريفي والمدني .
وقد كان أول تعشيق لي مع لغة الأدب – قبل فترة دخولي المدرسة – هو المجالس الحسينية في المحلة ومع قصة مقتل الأمام الحسين (ع) برواية ( أبي مخنف الأزدي) . وهي رواية ملحمية يجتمع فيها الشعر والنثر فيها ما يميز الملاحم من الخيال الجامح والنفس الأسطوري وتمجيد الفداء والبطولة ، وهي مروية بلغة عربية فصيحة متينة هي غير اللغة التي ألفنا سماعها في البيت والشارع والحياة العامة . وقد ترسّب في أعماقي وفي وقت مبكر من هذه اللغة الشعرية الكثير . وكان للوالد في البيت مكتبة ولكني لم اتفاعل معها فقد كانت في أغلبها بطباعة حجرية مزدحمة وأغلفة جلدية سميكة تضم كتباً في التفسير والمعاجم والتاريخ واللغة والنحو ، أمضيت طفولتي بعيداً عنها ، لم تستهوِني ولم أقترب منها إلاّ بعد أن شببتُ عن الطوق وصرتُ رجلاً .
س2/ تجربة العمل في الجزائر بعد التخرج . ماذا اضافت الى رؤيتك الشعرية ؟
ج / مكثت في جمهورية الجزائر خمس سنين ابتداء من العام 1970 وقد كانت نقلة مفصلية في حياتي و وكنت أعمل مدرساً في العاصمة الجزائرية التي يسمونها ( بتي باري ) أي باريس الصغيرة ، كنت فيها مثل شاب من الريف ينتقل إلى العيش في مدينة عصرية ضاجّة صاخبة ، لقد كان كلّ شيء هناك جديداً وباهراً وجميلاً ومفعماً بالحياة ، صرفتني عن الشعر وما يلازمه من حزنٍ وألمٍ وحسرات ، وغمستني بحياة جديدة ولذائذ كانت بعيدة عني وحررتني من عُقدي وأطلقتني من عبودية تربيتي الأولى ومن خجلي البصري وروحي الزاهدة الساذجة البسيطة .
كانت الجزائر يومذاك هي جزائر الرئيس الراحل (هواري بومدين ) ، عاصمة العرب جميعاً وأمّهم ، يدخلونها من غير تأشيرة دخول ، وكانت الملجأ الآمن ليساريي الشرق العربي عندما تغضب عليهم حكوماتهم ، تضجّ بالملتقيات الأدبية والمؤتمرات والمحاضرين يقصدونها من كل حدب وصوب ، وقد وفّــر لي سكني في وسط العاصمة فرصة أن أكون في صميم هذه اللقاءات وعرّفني على الكثير من الشخصيات الثقافية ، لقد رأيت الجواهري أول مرة في الجزائر ورأيت سعدي يوسف وشفيق الكمالي ومحمود درويش وأحمد دحبور والفيتوري وشوقي بغدادي وفوزي كريم وعاتكة وهبي الخزرجي واستمعت الى محاضرة باللغة العربية للمستشرق الفرنسي الشهير ( جاك بيرك ) عن اللهجات العربية .
س3 /تعتبر قصائدك انعكاساً لروح البصرة، كيف تختار موضوعات قصائدك ؟ وما أهم مصادر الهامك؟
ج/ كنت مغرماً بالتاريخ منذ صباي ، اطلاعي على تاريخ البصرة زاد من تعلقي واعتزازي بهذا التاريخ الحافل الغني المتعدد التوجهات وجعلني أكثر اهتماماً بها وأكثر تتبعاً لسير أعلامها وأخبارهم من شعراء وكتّاب ولغويين ومتكلمين وفلاسفة ومتصوفين وزنادقة ، وحسبتُ ذلك مسؤوليتي كإنسان ينتمي الى هذه المدينة العريقة ، وتشبعت عواطفي برجالاتها وألهموني الكثير مما كتبت ابتداءً من الحسن البصري والجاحظ وبشار بن برد والسيد طالب النقيب والشيخ خزعل والقتيل صالح بن عبدالقدوس .
وتسألني عن مصادر الهامي فأقول هي ثلاثة : التاريخ ، والطفولة ، والسفر .
س4/ كيف ترى انتقالك من كتابة القصيدة العمودية الى قصيدة النثر ؟
طبعاً . البداية كانت مع قصيدة العمود .. لكنني حينما بدأت الكتابة في الستينات كانت الانعطافة الكبرى التي ابتدأها السياب ونازك والتي سميت حركة ( الشعر الحرً) قد بلغت شأوها وتصدرت المشهد الأدبي وامتدت الى أجزاء الوطن العربي ونالت الاعتراف الكامل رغم كثرة المناوئين ، انغمست أنا وأبناء جيلي بهذه الحركة ، وصرنا من مناصريها والمتحمسين لها . ومضينا نكتب بها عازفين عزوفاً كلياً عن العمود . وعندما بدأ نجم قصيدة النثر يعلو في الأفق كنت انا من المناوئين الأشداء لها فقد كنت لا استسيغ الشعر من غير الموسيقى والوزن ، وأرى في التفعيلة روح الشعر العربي وسحره .
وبعد النجاحات التي حققتها قصيدة النثر وأثبتت جدارتها في الميدان ، وظهر في الساحة الأدبية من يمثلها بجدٍّ , واستطاعتْ أن تنتزع الحداثة من جماعة التفعيلة ، وجدت نفسي أقترب منها على استحياء ، ثم وجدتني بعد ذلك منغمساً فيها وواحداً من كتبتها ، بعد أن وجدت فيها من الحرية بعد التخلص من أعباء الوزن القافية ما يتيح للشاعر أن يعبر بها عن أعمق المشاعر الإنسانية وأعقدها ويخوض في الغائر والدفين في لاوعي الانسان . وأن يكون قريباً من عصره الذي يعيش . لكنني لم أهجر قصيدة التفعيلة وحتى قصيدة العمود ، فكثيراً ما أعود اليهما حينما يستدعي الأمر حضورهما .
ولأنني أعيش في المنطقة الوسط بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر ، فقد حاولت في قصائدي أن أسحب شعر التفعيلة الى قصيدة النثر وأسحب قصيدة النثر الى شعر التفعيلة ، ممثلاً الوسطية بين التيارين . أرى ان هذه الأشكال الشعرية الثلاثة ممكن أن تتعايش مع بعضها ، فكلها أشكال في التعبير، ولكل منها خصوصيته وفضائله . كما أن لكلٍّ منها عيوبه أيضاً .
س5/ من خلال ديوانك ( الطريق الى غرناطة ) كيف تعكس علاقتك بالتراث العربي الأندلسي ؟
أنا من المهتمين بالتاريخ والتراث – كما قلت – وكنت أقرأ عن الأدب العربي في الأندلس عن ابن زيدون وولادة بنت الخليفة المستكفي وابن رشد وابن خفاجة الأندلسي وابن هانئ ,استمع الى الموشحات الأندلسية وأقرأ عن قصر الحمراء ، فأتشوف الى رؤيتها ، حتى سنحت الفرصة لذلك فوقفت هناك أمام بقايا العرب في غرناطة وقرطبة واشبيلية , وقتها كنت بعيداً عن الكتابة وان كنت في غمرتها وجوداً واحساساً . كتبت عن غرناطة وظهرت في ديواني الأول ( الوصول الى غرناطة) :
” دخلنا غرناطة قبل طلوع الفجر
وسجّلنا الحراسُ عل بوابتها : سيّاحاً
خاطبت الدركيَّ المنكبَّ على مكتبهِ :
لسنا سيّاحاً
غرناطةُ بلدتُنا
ولنا فيها أطيانٌ وبساتين .
ولجدي قبرٌ خلفَ السورِ
تضلّلهُ أشجارُ التين ” .
س6 / نظرتك الى قصيدة الومضة كتعبير عن عصر السرعة ، كيف تفسر تأثير التكنولوجيا على
الشعر لحديث ؟
بعد أن تخلتْ قصيدة النثر عن الوزن ، فإنها تكون قد فقدتْ أهم عناصر التأثير في القارئ ، إذاً ، عليها أن تعوّض هذه الخسارة ببدائل تأثيرية أخرى ، فظهرت الومضة و ( التوقيعة ) وظهرت المفارقة وشاعت قصيدة الهايكو وستظهر على الدوام صرعات جديدة مبتكرة تحت تأثير حاجة الشاعر للإتيان بفتح جديد وباهر يستأثر بالمتلقي ، ويستحوذ على اهتمامه . أنا شخصياً لجأت الى الفكاهة و (النكتة) كنوع من الجذب والى اللعب باللغة ذاتها . وتفجيرها من داخلها ، آخرون لجأوا إلى الشتيمة أو إلى الإيروتيكية .. وهكذا …
وبشكل عام أنا ارى ان الفن الشعري مع اندفاع القطار المتسارع للتكنولوجية ، هذا الخرتيت الذي لا نعلم الى أين يقودنا ! هو فن آيل للزوال . وسيكون زواله أولاً عند الشعوب الأكثر تمدناً ثم ينتقل الى الأدنى فالأدنى ، لأن البشرية بحكم التطور العلمي سائرة نحو الابتعاد عن طفولتها وعفويتها وشاعريتها وحتى عن انسانيتها .
س7/ قمت بتدريس اللغة العربية لأكثر من ثلاثة عقود. ما الأثر الذي تركه هذا على أعمالك الشعرية؟
لاشك ان اتصالي باللغة العربية دراسةً وتدريساً ، قد جعلني قريبا من نصوصها مطلعاً على خفاياها موغلاً في خضمها الواسع العريض ، وحينما تكون اللغة هي وسيلتك للعيش ومصدر خبزتك وعنوانك في الناس والحياة تصبح جزءاً من شخثيتك ووجودك وعلامة على حضورك . وفي وسطك الاجتماعي عندما تكون مرجعاً يلجأ اليه من تشكل عليه مسألة من مسائلها تكون أمام مسؤولية تدفعك الى التزود من معارفها أكثر ، وكإنسان يكتب الشعر جنبتي دراستي اللغوية الأخطاء النحوية والإملائية والهفوات اللغوية وما يشيع كثيراً بين الكتاب من اغلاط . وأي مهنة يزاولها الإنسان في حياته تنعكس على شخصيته وتكوينه الفكري ، وترسم مستقبله . واعتقد انني لو لم أكن مدرساً للغة العربية لما كنت شاعراً .
س8/ في رأيك ما الفرق بين تفاعل جمهور الشعر التقليدي والشعر الحديث .
الجمهور التقليدي ، هو جمهور صوتي غنائي يبحث عن الإطراب أولاً ، ويميل الى الجعجعة الصوتية والمغامرات اللغوية ، وفي ذهنه دائماً النماذج العالية التي يحفظها عن المتنبي والمعري والجواهري وايليا ابو ماضي ، أي أنه جمهور منبري ، أما جمهور الشعر الحديث ، فهو جمهور عقلاني معتزلي يبحث عن الفكرة ويتشوف الى الجديد المبتكر لا تهمه القشرة بقدر ما يهمه اللب . الجمهور التقليدي يعتبرك شاعراً بقدر اقترابك من نماذج الشعراء العرب الكلاسيكيين ، والجمهور الحديث يعتبرك شاعراً بقدر تمردك على هذه النماذج ، ويطلب منك أن تكون منسجماً مع عصرك .
س9 / هل ترى ان الأدب العراقي يلقى اليوم ما يستحقه من الاهتمام على الساحة العربية والدولية ؟
ج/ اذا كنت تقصد الشعر ، فالشعراء العراقيون هم في الطليعة دائما ، ومن الأنواع الأدبية كان الشعر أكثر تعبيراً عن مزاج الانسان العراقي من الأنواع الأخرى . فالجواهري شاعر العرب الأكبر وحركة الشعر الحديث انبثقت من العراق بأمرائها الأوائل : بدر شاكر السياب ونازك الملائكة والبياتي ثم انتقلت الى العالم العربي ، وصار الشعراء العرب يهتدون بالنموذج العراقي ، وكان لقصائد مظفر النواب المكتوبة باللغة الفصيحة صدى واسع في العالم العربي في سبعينات القرن الماضي . وقد ظلت أمارة الشعر بيد العراقيين حتى رحيل الشعراء الكبار : السيّاب ونازك والبياتي وسعدي والبريكان ومظفر النواب . ولم يظهر من يأخذ مكانهم حتى الآن . إمارة الشعر الآن ليست في العراق ، فاختة الشعر الآن سائبة تحوم على أقطار العالم العربي ولا تعرف : في أي بلد تحطّ ؟ .
س11 / بعد مسيرتك الطويلة مع الشعر . ما النصيحة التي تقدمها للشعراء الشباب ؟
ج/ تستطيع أن ترصد في انتاج الأدباء الشباب ظاهرتين : الأولى : الاستعجال في النشر. والثانية : الهفوات اللغوية والأخلاط النحوية والإملائية – وطبعاً هناك استثناءات قليلة – وهذا أمر طبيعي عند كل مبتدئ ، نحن أيضاً في بداياتنا كنا نقترف مثل هذه الآثام ، أتمنى على الشباب أن يدرسوا النحو وقواعد الأملاء ويطلعوا على حسن الأداء اللغوي ، فاللغة هي عدة الاديب مثلما المنشار والمطرقة والمسمار هي عدة النجار ، كما أنصح من يريد أن ينشر كتاباً أو قصيدة أو قصة أن لا يستحي من عرض ما يكتب على أديب آخر أعلم منه باللغة . فرب قصيدة جميلة رائعة أسقطها خطأٌ نحويّ واحد ، وربّ كتاب مهم مفيد عصفتْ بقيمتهِ أخطاءٌ لغوية أو إملائية .
س12/ كيف تتعامل مع عملية ترجمة أعمالك الشعرية ؟ وهل ترى أن الشعر العربي يصل الى القارئ الغربي كما ينبغي ؟
لم تترجم لي الاّ القليل من الأعمال ، الى الإنكليزية والفرنسية ، ولا أعرف مدى دقّة هذه الترجمات لمحدودية معرفتي باللغة الأخرى .
أعتقد أن ترجمة الشعر العربي القائم على نظام الشطرين : الصدر والعجز ووحدة القافية ، والذي تظهر فيه القصيدة بهذا المعمار الجمالي الفائق الدقة والسبك ، سوف يفقد هذه الفضائل الجمالية بعد أن يترجم ويتحول الى كلام عادي أحيانا لا قيمة له ، لأن هم القصيدة العمودية هو الهيكل الخارجي للقصيدة من وزن وتفعيلات وقافية ، ولذلك الشعر العربي المترجم لم يحضَ باهتمام الأمم الأخرى . التعويل الآن على قصيدة النثر بطروحاتها وانغماسها في المعاني الإنسانية العميقة . وولوجها في عالم المعنى ومعنى المعنى . وأكيد أن ما يكتبه شعراء قصيدة النثر سيثير الاهتمام . فالإبداع اليوم ليس حكراً على أمّة دون أخرى وشعبٍ دون شعب .
س13 / هل لديك خطط لأعمال شعرية جديدة وأفكار ترغب في تطويرها مستقبلاً :
لقد أصدرت عشرة دواوين وأعكفُ الآن على اصدار ديواني الحادي عشر ( مقهى المعتزلة ) . وبعد أن جرفتني قصيدة النثر وأَنستُ إليها ، وبسبب خلفيتي العمودية التفعيلية ، فأنا أحاول أن اختطّ طريقاً وسطاً بين المدرستين وأزجّ بعناصر أخرى مثيرة تعوض قصيدة النثر ما فقدته بعد أن تخلت عن الموسيقى . قصيدة النثر التي أكتبها هي ليست في قطيعة مع التفعيلة والايقاع .
س14/ ما الدور الذي تلعبه( القبة) اليوم في دعم المشهد الأدبي في البصرة ؟
مكتبة القبة بموقعها في وسط المدينة عند ساحة (أم البروم) هي ملتقى الأدباء وعنوانهم ومستودع أسرارهم وبريدهم والمحطة التي تلتقي عندها نتاجاتهم . ثم تتوزع مرة أخرى ، يقصدها من يريد أن يصل إلى أحد أدبائها من المحافظات الأخرى أو الخارج . وقد شاع في زمن الحرب اسم ( الخلفي) والمقصود بالخلفي مقر الكتيبة العسكرية الخلفي ، أما مقرها الأصلي فهو جبهة القتال الأمامية عادةً . القبة هي (خلفي) أتحاد الأدباء . ومكان تجمعهم حينما يريدون أن يقصدوا مجلس عزاءٍ أو مقصف مسرّة ، وهي منطلق تفاهمات الحملات الانتخابية للاتحاد ، على كراسيها اختلفت ظلال الأدباء الراحلين : محمود عبدالوهاب وحسين عبداللطيف ومجيد الموسوي و أحمد جاسم محمد ومحمود الظاهر و جاسم العايف وجبار النجدي وصلاح شلوان ومجيد الاسدي وعزيز الساعدي وعبدالله خليل الحرباوي وعبدالصمد حسن وباسم الشريف والدكتور فهد محسن فرحان والدكتور ناصر الأسدي وغيرهم . لهم الرحمة جميعا.
س15 / في ختام اللقاء كيف تحب أن يتذكرك جمهورك الأدبي :
ج/
” انحدرُ
إلى حضيضِ الثمانين ..
مثلما ينحدرُ تيسٌ عجوزٌ
من أعلى الجبل
……
لي من الوقت ما يكفي
أنْ أتفرجَ على الحياة
من شرفة الثمانين
فأرى فداحةَ الوهم
وانطلاءَ الأكاذيب
وعبثَ الأقدار ..
وأراقبَ احتشادَ المضارب العربية بالخونة والعبيد ..
وامتلاء الوديان
بالجِراء التي تأكل أثداءَ أمهاتِها …
وبقلبٍ باكٍ
أتفرج على ضياع أمةٍ عريقة كبيرة
عديدُها :
الرملُ والحصى والتراب …

اشكر الأديب الواعد والمتصدّي داود الفريح ، ومشروعهِ : ( أخبار الأدباء ) الذي يحاول فيه أن يستنطق الأدباء المنسيين الذين آثروا الاعتكاف ، ومباغتتهم بأسئلته ، وهم في معتكفاتهم وصياصيهم المغلقة ..

زر الذهاب إلى الأعلى