“رجال الله… أبناء العزّة والصمود”
اجنادين نيوز / ANN
سمير السعد
في فجرٍ تغشاه أصوات الانفجارات، وتكتنفه رائحة البارود، عند الرابعة بتوقيت الرجولة، أطلّت الإجابة التي انتظرتها طويلاً. كان السؤال في داخلي منذ سنوات، سؤالاً يتردّد في أعماق قلبي البائس ذات يوم: “من لكم يا أبناء فاطمة؟”
لكنّ التاريخ لا ينسى، والإرادة لا تُهزم. عندما وقف رجال الله، أبناء المقاومة، في الميدان، أدركتُ أن العزة والكرامة لها رجال صدقوا عهدهم مع الله. أولئك الذين إذا استشهد قائدهم في أول المعركة، حملوا الراية وكملوا المسير حتى النصر.
لولا قوّتهم وإرادتهم، لَما ردعوا عدوّاً لا يعرف رحمة، عدوّاً يقتلع كل جميل في طريقه. لكنّهم كانوا هناك، رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا حُصوناً من الكرامة، وشُعلة أمل تتّقد بين الظلام.
إنّهم أبناء نصر الله الشهيد، شهيد الإسلام وعزّته. منهم تعلمنا معنى التضحية، وأدركنا أن العزّة لا تُشترى، بل تُنتزع بدماء الأحرار.
في لحظات الفجر تلك، بين أزيز الطائرات ودوي المدافع، ولدت الإجابة: “لنا رجال إذا قالوا فعلوا، وإذا وُعدوا وفوا، وإذا حملوا الراية لم يتركوها حتى يرتفع نداء النصر”.
هكذا، أنتم يا أبطال ، منارة المجد وشمعة الأمل في عتمة الأيام.
في كلّ معركة، يُسطّر أبنائه ملاحم البطولة والصمود، يكتبون تاريخاً يُخلّد في ذاكرة الأجيال. هم ليسوا مجرّد مقاتلين، بل رمزٌ لحكاية أمةٍ ترفض الذل، وأسطورة مقاومةٍ لا تُهزم أمام الطغيان.
بينما كان العالم يتفرّج، وبينما كانت العواصم تتواطأ بالصمت أو التشفي، وقفوا هم وحدهم في وجه آلة القتل والتدمير. لم يهابوا قصفاً ولا حصاراً، ولم تثنِهم خسارة الأحبة ولا ألم الجراح. فقد أدركوا أنّ المعركة ليست مجرّد حرب على الأرض، بل معركة وجود، معركة قيم، معركة بقاء أمة بأكملها.
أبنائك لم يحملوا السلاح فقط، بل حملوا في قلوبهم يقيناً أنّ النصر وعدٌ من الله للصابرين. كانوا يعلمون أنّ الدم الذي يُراق على الأرض لن يذهب سدى، وأنّ كل قطرة منه ستزهر كرامةً وعزاً وصموداً للأجيال القادمة.
هذه هي الحقيقة التي تُرعب العدو، الحقيقة التي لا يستطيع كسرها أو تطويعها. لأنّها ليست مجرّد قوة سلاح، بل قوّة إيمان، قوّة أمة نهضت من تحت الركام لتقول: نحن هنا، نحن باقون.
في لحظة الانتصار، حين تعالت أصوات التكبيرات وزُرعت رايات النصر في أرض المعركة، شعرت بأنّني وجدتُ الإجابة كاملةً. “من لكم؟” لكم الله الذي وعدكم بالنصر، ولكم رجال صدقوا العهد، ولكم إرادة لا تُقهر، وكرامة لا تُشترى.
أبناء نصر الله، أنتم عنوان الفخر والكرامة، أنتم الأمل في زمنٍ اشتدّت فيه المحن، أنتم الأوفياء لدماء الشهداء، وأنتم من سيكتب للأمة فصلاً جديداً من المجد والانتصار. سلامٌ عليكم يوم وقفتم، ويوم صمدتم، ويوم انتصرتم.
وهكذا، يبقى أبناء نصر الله الشهيد السعيد شعلةً مضيئة في درب الحق، مسيرتهم مرصّعة بوهج العقيدة الحسينية ووهج كربلاء المقدسة. لقد ورثوا من الإمام الحسين عليه السلام معنى الصمود في وجه الطغيان، ودرسوا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام كيف تكون التضحية هي درب الخلود.
إنّ كل قطرة دم أُريقت على أرض المعركة كانت تروي شجرة الولاء، وكل صرخة “لبيك يا حسين” كانت تُعيد للأذهان ذلك النداء الخالد الذي صدح به سبط الرسول في يوم عاشوراء: “هيهات منّا الذلّة!”
بإيمانهم العميق، وصمودهم الذي لا يلين، أثبت أبنائك أنّ كربلاء ليست ذكرى تنطوي مع الزمن، بل هي منهج حياة، ونبراس يقودهم نحو الانتصار في كل ميدان. لقد وقفوا على خطى الشهداء الأوائل، عاهدوا الله والإمام الحسين بأنّهم لن يفرّطوا بالحق مهما اشتدّت الخطوب، ولن ينكسروا مهما تعاظم الطغيان.
سلامٌ على تلك القلوب المؤمنة التي لا تعرف الخوف، وسلامٌ على تلك السواعد التي تحمل سلاح العزة كما تحمل عقيدة الولاء. إنّهم بحق أبناء نصر الله الشهيد، أبناء كربلاء، حماة العقيدة، وصنّاع النصر في زمان الذل والخضوع. سيبقون أوفياء للعهد، حاملين راية الإسلام المحمدي الأصيل، حتى يُكتب لهذا العالم نصرٌ جديد يعيد للحق مجده، وللإنسانية كرامتها.